الضربات التركية على سوريا... هل تعد فرصة ثمينة لعودة داعش؟
عن إمكانية تنفيذ أنقرة هجومًا بريًا على شمالي سوريا، قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والتنظيمات المتطرفة، الدكتور حسن أبو هنية، إن حديث الرئيس التركي في هذا السياق، لن يحدث، كون أنقرة تتحفظ على إرسال جنود إلى الخارج، ضمن استراتيجية الدفاع الوطني.

السياق
بعد أعوام من انحسار تنظيم داعش الإرهابي، إثر دحره في المناطق التي اتخذ منها تمركزًا لولايته المزعومة، التي سرعان ما انهار بينانها على يد القوات العراقية وقوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، تحول التنظيم الإرهابي إلى استراتيجية «الذئاب المنفردة»، في انتظار فرصة العودة.
تلك الاستراتيجية، التي اتخذت من المناطق الحدودية في العراق وسوريا وليبيا وجنوب الصحراء في الجزائر ومالي وموزمبيق، منطلقًا لها، جعلت احتمالات عودة التنظيم الإرهابي إلى حيث نشأته الأولى، قائمة، بعد التطورات الأخيرة التي «ألهبت» تلك المنطقة.
تمثلت تلك التطورات، في الضربات الجوية التركية، على معاقل المسلحين الأكراد، ردًا على اتهامات ينفيها حزب العمال الكردستاني، بتدبير تفجير اسطنبول، الذي أدى إلى قتلى وجرحى.
وعلى وقع تلك الضربات، التي ألحقت أضرارًا جسيمة بالبنية التحتية للمنطقة الواقعة شمالي سوريا، أصبحت قوات سوريا الديمقراطية التي تعمل مع التحالف الدولي لقتال «داعش»، هدفًا لها، ما دفعها إلى إيقاف عملياتها العسكرية ضد التنظيم، بحسب قائد قوات سوريا الديمقراطية الكردية، مظلوم عبدي.
تلك التطورات أثارت مخاوف بشأن الأمن الإقليمي، خاصة أنها فرصة «ذهبية»، لتنظيم داعش، لإعادة تمركزه في تلك المنطقة، بعد توقف العمليات العسكرية الموجهة ضده، وتخفيف القبضة الأمنية الخانقة عليه.
وبحسب مراقبين، فإن تلك التطورات أثارت تساؤلات من قبيل: هل تستخدم القوات المتداخلة في تلك المنطقة ورقة «داعش» فزاعة لتلك المنافسة لها؟ وهل يمكن أن تؤدي إلى عودة التنظيم الإرهابي مرة أخرى؟
ورقة ضغط
إلى ذلك، قال الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والتنظيمات المتطرفة، الدكتور حسن أبو هنية، في تصريحات لـ«السياق»، إن العملية التركية التي سمتها أنقرة «مخلب السيف»، ردًا على تفجير اسطنبول، نفذت عشرات الضربات الجوية المسيرة.
وعن إمكانية تنفيذ أنقرة هجومًا بريًا على شمالي سوريا، قال أبوهنية، إن حديث الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في هذا السياق، لن يحدث، كون أنقرة تتحفظ على إرسال جنود إلى الخارج، ضمن استراتيجية الدفاع الوطني.
أما عن أسباب إيقاف العمليات ضد «داعش»، فأكد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية والتنظيمات المتطرفة، أن الأكراد يعون أنهم المكون الأساسي للقتال، الذي تعتمد عليه أمريكا وقوات التحالف الدولي، في مواجهة التنظيم الإرهابي، لذا يحاولون الضغط على حلفائهم لزيادة الإمداد، بما يضمن الحفاظ على وجودهم.
وأوضح أبوهنية، أن إيقاف قوات سوريا الديمقراطية العمليات ضد داعش «جزئي»، وأمر معتاد، إلا أنه لا يحدث على الأرض، مشيرًا إلى أنها مساومة من أجل الحصول على مكاسب أكبر، وإمدادات أوسع.
«لعبة» يدركها «داعش» جيدًا، ما يجعله ليس في عجلة من أمره، بحسب الخبير في شؤون الجماعات المتطرفة، الذي قال إن التنظيم الإرهابي، قد يستغل الأوضاع وانشغال الأكراد وتركيا في صراعات سياسية لإعادة بناء نفسه.
احتمالات قائمة
الأمر نفسه، أشار إليه مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية الدكتور غازي فيصل حسين، في تصريحات لـ«السياق»، قال فيها إن «تنظيم داعش في العراق والشام تحول بعد هزيمته عام 2017 على أيدي قوات التحالف الدولي في سوريا، إلى استراتيجية الذئاب المنفردة».
وبينما قال إن «داعش» ينتظر الفرصة للعودة مرة أخرى، إلا أنه قال إن التنظيم يفتقد قيادة مركزية على الأرض، بعد أن تحول إلى بؤر بالصحراء الغربية في العراق وجنوب الموصل وكركوك، ما يشكل قاعدة مهمة له.
من جهة أخرى، قال مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إن هجمات تركيا التي تتعلق بوضع أو بناء منطقة محايدة ومعزولة بين الأراضى السورية والتركية، تمتد من غرب سوريا إلى شرقها بعمق 30 كيلو مترًا، يمكن فهمها في إطار الحروب الاستباقية، ما يفسر تحرك أنقرة نحو تنفيذ عمليات برية لمسافة جغرافية محددة، ضمن المنطقة الآمنة، ولضمان عدم تسلل المنظمات الإرهابية، سواء حزب العمال الكردستاني أم «داعش».
توافقات محتملة
ورغم طلب واشنطن من أنقرة وقف العمليات شمالي سوريا، فإن مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، أشار إلى ما وصفها بـ«توافقات» بين البلدين، نتيجة التحالف الاستراتيجي بينهما، وعضويتهما في حلف الناتو، الذي يشكل إطارا مهمًا للشراكة.
وعبَّـر الدكتور غازي فيصل عن أمله بأن يكون الهدف الأساسي من العملية العسكرية التركية، تجريد «داعش» من أية فرصة للعودة في منطقة الشرق الأوسط، كقوة تهدد الأمن والاستقرار.
ورغم ذلك، فإنه قال إن المنطقة تحتاج إلى سياسات عقلانية لحماية الأكراد من أي ظرف أمني أو علاقات بين قوى عسكرية غير متوازنة، بما يضمن عودة اللاجئين السوريين، الذين يبلغ عددهم 3.5 مليون تقريبًا إلى بلادهم.