القمة الفرانكوفونية... التوترات تشق طريقها إلى جربة التونسية 

انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون روسيا، متهمًا إياها بتغذية دعاية مناهضة لفرنسا، وبممارسة نفوذ متوحش في الدول الإفريقية المضطربة.

القمة الفرانكوفونية... التوترات تشق طريقها إلى جربة التونسية 

السياق

«المنظمة الدولية للفرانكوفونية، يجب أن تكون مساحة للمقاومة، وعليها أن تستعيد دورها»، تصريحات للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، على هامش اجتماع القمة الفرانكفونية التي طوت أعمالها الأحد.

إلا أن تلك القمة اجتمعت خلالها الدول الناطقة بالفرنسية في العالم، على الأراضي التونسية، السبت والأحد، لإجراء محادثات ركزت على التعاون الاقتصادي، تسللت السياسة إليها من الأبواب الخلفية، وعكرت صفو أرجائها.

وتقول صحيفة المونيتور، في تقرير لها، إنه في مواجهة دعوات لبذل المزيد من الجهود لحل الأزمات العالمية، التقى قادة العالم الناطقون بالفرنسية في تونس الأحد، لمناقشة تنامي عدم الاستقرار والاستياء الشعبي في إفريقيا الناطقة بالفرنسية.

 

توترات

لكن التوترات تسللت إلى مؤتمر المنظمة الدولية للفرانكوفونية (IOF) نفسه عندما رفض رئيس وزراء جمهورية الكونغو الديمقراطية، جان ميشيل سما لوكوندي، التقاط صورة بجوار بول كاغامي، رئيس رواندا.

وتتهم جمهورية الكونغو الديمقراطية رواندا، بدعم متمردي حركة 23 مارس، الذين سيطروا على مساحات شاسعة من الأراضي في منطقتها الشرقية، ما أدى إلى تشريد عشرات الآلاف وإثارة التوترات الإقليمية، بحسب الصحيفة.

وقبيل القمة التي عُقدت في جزيرة جربا، قالت الأمينة العامة للمنظمة الرواندية لويز موشيكيوابو: «التحدي الذي نراه بين الشباب في إفريقيا الناطقة بالفرنسية يأتي من خيبة الأمل السياسي والإحباط من الحياة اليومية».

وتهدف المؤسسة الدولية للفرانكوفونية، التي تأسست عام 1970، إلى تعزيز اللغة الفرنسية وتطوير التعاون الاقتصادي والمساعدة بالتوسط في النزاعات الدولية.

وأعرب العديد من القادة الأفارقة عن استيائهم من استجابة الغرب السريعة للحرب في أوكرانيا، على عكس الصراعات في بلدانهم، إلا أن لويز قالت: «كل مناطق الصراع كانت موضع نقاشات طويلة».

ومع ذلك، قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إن «إعلانًا لجميع الأعضاء ذكر موقفًا واضحًا للغاية بشأن الحرب التي شنتها روسيا في أوكرانيا».

وقد اتُهمت المنظمة، التي تقل ميزانيتها السنوية عن 100 مليون يورو، بأنها «عاجزة» في مواجهة الانتخابات المزورة وعمليات الاستيلاء على السلطة والانقلابات في العديد من الدول الأعضاء فيها.

وركز الاجتماع الذي استمر يومين، والمنتدى الاقتصادي المصاحب له رسميًا، على التكنولوجيا والتنمية، لكنه يمثل أيضًا فرصة للقادة الغربيين والأفارقة، لمناقشة قضايا مثل العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا.

وحضر نحو 30 رئيس دولة وحكومة، بمن فيهم رؤساء ست دول إفريقية ورئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، القمة المنعقدة في منتجع جزيرة جربة جنوب تونس.

واجتمع القادة الناطقون بالفرنسية في تونس –الأحد- لمناقشة تصاعد الاضطرابات وعدم الاستقرار في إفريقيا الناطقة بالفرنسية، استجابة لطلباتهم ببذل المزيد من الجهود لمواجهة التحديات العالمية.

ونزح عشرات الآلاف، واندلعت التوترات في المنطقة، وفقًا لجمهورية الكونغو الديمقراطية، التي تتهم رواندا بمساعدة متمردي حركة 23 مارس، الذين سيطروا على مناطق واسعة في الناحية الشرقية.

وقالت موشيكيوابو للصحفيين: «العصيان الذي نراه بين الشباب في إفريقيا الناطقة بالفرنسية ينبع من خيبة الأمل السياسية ومشكلات الوجود اليومي قبل القمة في جزيرة جربة التونسية».

 

مهاجمة روسيا

من جهة أخرى، انتقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون روسيا، متهمًا إياها بتغذية دعاية مناهضة لفرنسا، وبممارسة نفوذ «متوحش» في الدول الإفريقية المضطربة، خاصة بعد أن عانت باريس نكسات عسكرية وخسارة أوسع في النفوذ خلال السنوات الأخيرة، لصالح القوات الروسية هناك.

ورد الرئيس الفرنسي على التصريحات، التي تدعي أن فرنسا تستغل العلاقات الاقتصادية والسياسية التاريخية في مستعمراتها السابقة لخدمة مصالحها، قائلًا: «يغذي الآخرون هذا التصور، إنه مشروع سياسي(...) أنا لست أحمق، فالعديد من المؤثرين، الذين يتحدثون في بعض الأحيان ببرامجكم، يدفع لهم الروس. نحن نعرفهم».

الرئيس الفرنسي قال إن عددًا من القوى التي تريد نشر نفوذها في إفريقيا تفعل ذلك لإيذاء فرنسا والإضرار بلغتها وزرع الشكوك، لكن قبل كل شيء تسعى وراء مصالح معينة.

وتتمتع فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة في معظم دول غرب ووسط إفريقيا، بعلاقات عسكرية طويلة الأمد على امتداد إفريقيا الفرانكوفونية، وتمركزت القوات الفرنسية في مالي عشر سنوات، كجزء من عملية لمكافحة الإرهاب.

 

خسارة فرنسية

وتتنافس فرنسا على النفوذ مع روسيا، التي نشرت مجموعة المقاولات العسكرية الخاصة «فاغنر غروب» في العديد من البلدان، بما في ذلك جمهورية إفريقيا الوسطى ومالي، واستحوذت على الكثير من النفوذ هناك، ما أضعف مكانة فرنسا، في الدول التي كانت مستعمرة فرنسية.

إحدى نتائج هذا التنافس، كانت خيبة الأمل التي مُنيت بها باريس، بعد أن اضطرت إلى سحب قواتها في مالي، عقب تولي جيش الدولة الإفريقية السلطة في انقلاب عام 2020 وسط انهيار العلاقات، ليطلب بعدها القادة العسكريون «فاغنر» بالمساعدة في معركة استمرت عشر سنوات ضد الإرهابيين في البلاد.

العام الماضي، قال تقرير للأمم المتحدة إن مدربين عسكريين روسًا وقوات محلية في جمهورية إفريقيا الوسطى، استهدفوا المدنيين بالقوة المفرطة والقتل العشوائي واحتلال المدارس والنهب على نطاق واسع.

تأسست المنظمة الدولية للفرانكوفونية عام 1970 للنهوض باللغة الفرنسية، وتعزيز التعاون الاقتصادي، والمساعدة في حل النزاعات الدولية.

وفي محاولة لاستعادة نفوذ بلاده، قال ماكرون إن استخدام اللغة الفرنسية في شمال إفريقيا، انخفض خلال العقود الماضية، مضيفًا: «اللغة الإنجليزية لغة مشتركة جديدة يقبلها الناس(...) الفرنسية هي اللغة العالمية للقارة الإفريقية».

 

اجتماع دوري

وعادة ما يعقد الاجتماع كل عامين، إلا أنه تم تأجيله عام 2020 بسبب جائحة  كورونا، وتأجل مرة أخرى العام الماضي، بعد أن أقال الرئيس التونسي قيس سعيد الحكومة وعلق البرلمان وحل المجلس التشريعي.

واحتفلت القمة بالذكرى الخمسين لتأسيس المجموعة المؤلفة من 88 عضوًا، التي لا يتحدث أعضاؤها جميعًا، مثل أرمينيا وصربيا، بالفرنسية.

ويبلغ عدد الناطقين بالفرنسية في العالم قرابة 321 مليون شخص، ومن المتوقع أن يصل إلى 750 مليونًا عام 2050.

وقالت لويز موشيكيوابو، الأمينة العامة للمجموعة ووزيرة خارجية رواندا السابقة، إن الكتلة «وثيقة الصلة أكثر من أي وقت مضى، وقادرة على إضافة حلول إلى معظم مشكلات العالم».

وأشارت إلى أنها ستطلب من الدول الأعضاء «مضاعفة جهودها»، في مواجهة تراجع استخدام اللغة الفرنسية بالمنظمات الدولية، مؤكدة أن تعزيز «السلام والديمقراطية وحقوق الإنسان، جزء من مهمة المنظمة الدولية للفرانكفونية».