مشاورات تونس بشأن ليبيا.. تحذير برلماني ومصير غامض

يرفض البرلمان الليبي المشاركة في مشاورات تونس، لأنه يعدها مسارًا موازيًا للإعلان الدستوري الثاني عشر، الذي أصدره في فبراير الماضي، مع منحه الثقة لحكومة فتحي باشاغا.

مشاورات تونس بشأن ليبيا.. تحذير برلماني ومصير غامض

السياق

بعد أيام من بدئها في العاصمة التونسية، وسط مقاطعة برلمانية رسمية، يكتنف الغموض مصير المشاورات الليبية، التي ترعاها الأمم المتحدة، لتشكيل قاعدة دستورية، لإجراء الانتخابات في البلد الإفريقي.

فالمفاوضات التي انطلقت الثلاثاء الماضي، في العاصمة التونسية، هرول ما يعرف بـ«المجلس الأعلى للدولة» لحضورها، بينما غاب عنها البرلمان الليبي، الذي عدَّها مسارًا موازيًا للإعلان الدستوري الثاني عشر، الذي أصدره في 10 فبراير الماضي.

ومع فشل المحاولات المستمرة، لإقناع البرلمان الليبي بالحضور إلى العاصمة التونسية، لإكمال المشاورات، أعلنت البعثة الأممية في ليبيا، أن رئيسها بالإنابة ريزدون زنينغا، التقى مجموعة من أعضاء مجلسي النواب والأعلى للدولة، لمناقشة الوضع السياسي الراهن والجهود الرامية لتفعيل العملية الانتخابية.

وأعرب الحضور عن قلقهم من الانسداد السياسي، مشددين على ضرورة إعداد قاعدة دستورية للانتخابات في أسرع وقت ممكن، بحسب بيان للبعثة الأممية، أكدت فيه أن زنينغا شدد على ضرورة أن تركز الأمم المتحدة والمستشارة الخاصة للأمين العام ستيفاني وليامز على إجراء الانتخابات في أقصر إطار زمني ممكن، بناءً على قاعدة دستورية موثوقة وإطار قانوني متوافق عليه، عبر عملية وآليات ليبية.

 

ما الذي دفع البرلمان لعدم المشاركة؟

يرفض البرلمان الليبي المشاركة في مشاورات تونس، لأنه يعدها مسارًا موازيًا للإعلان الدستوري الثاني عشر، الذي أصدره في فبراير الماضي، مع منحه الثقة لحكومة فتحي باشاغا.

ونص الإعلان الدستوري الثاني عشر على نقاط عدة، أبرزها: تشكيل لجنة من 24 عضوًا من الخبراء والمختصين ممثلين بالتساوي للأقاليم الجغرافية التاريخية الثلاثة، يختارهم مجلسا النواب والدولة مناصفة مع مراعاة التنوع الثقافي، تتولى مراجعة المواد محل الخلاف في مشروع الدستور المنجز من الهيئة التأسيسية، وإجراء التعديلات الممكنة عليه.

إلا أن المبادرة الأممية، التي رعتها ونادت بها المبعوثة الأممية، القاضية بتشكيل لجنة من 12 عضوًا تتولى إعداد قاعدة دستورية تجرى على أساسها الانتخابات الليبية، تنسف الإعلان الدستوري الصادر عن البرلمان، وهو ما يرفضه الأخير.

ورغم أن مصادر برلمانية أكدت لـ«السياق»، أن رئيس البرلمان عقيلة صالح، ليس لديه أي مانع من المشاركة في المشاورات، فإنها قالت إن أعضاء مجلس النواب، هم الذين رفضوا المشاركة بشكل رسمي، وإن كان البعض شارك بصفة شخصية.

وبين الرفض البرلماني ومشاركة «الأعلى للدولة» الذي يسيطر عليه تنظيم الإخوان المسلمين، بات مصير المشاورات معلقًا، من دون نتائج تحسمها، ولا إعلان رسمي لانتهائها.

وفي غضون ذلك، حاولت الولايات المتحدة حث مجلس النواب على المشاركة في المشاورات، بعد الاتصالات التي أجراها رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب يوسف العقوري عبر الإنترنت بنائب السفير الأمريكي لدى ليبيا ليزلي اوردمان.

وبحسب بيان البرلمان، فإن العقوري أكد ضرورة احترام العملية الديمقراطية ودور البرلمان، الذي يمثل إرادة الشعب الليبي في اختيار حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، تمثل جميع الأطراف الليبية، حرصًا على أن تحظى الحكومة بالإجماع، الذي يؤهلها للتحضير للانتخابات وإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.

 

شرط وتحذير برلماني

وبينما حذر البرلمان من أن تجاهل القوى الدولية للاعتراف بحكومة باشاغا، سيؤدى إلى «آثار خطيرة» على المسار الديمقراطي والتبادل السلمي للسلطة، أكدت مصادر ليبية لـ«السياق»، أن البرلمان وضع الاعتراف الدولي وتنحي الدبيبة شرطًا لمشاركته في المشاورات المعلقة بتونس.

وأكد العقوري ضرورة أن تعمل ستيفاني ويليامز على التنسيق مع لجنة خارطة الطريق، التي اختيرت من مجلس النواب، للاتفاق على القاعدة الدستورية للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، في إشارة إلى موقف البرلمان الرافض للمشاركة في مشاورات تونس.

وشدد على ضرورة الاستماع إلى وجهات النظر من كل مناطق ليبيا، وكذلك منح الأولوية للعمل المشترك للاهتمام بالجنوب الذي يعاني ظروفًا سيئة، مرحبًا باستمرار التعاون في الاقتصاد والهجرة والتنمية المحلية.

بدوره، أكد نائب السفير الأمريكي لدى ليبيا «حرص بلاده على دعم الاستقرار في ليبيا، وضرورة استمرار التنسيق وتبادل وجهات النظر، وأن تكون الأولوية لتنظيم الانتخابات وإعداد الظروف المناسبة لنجاحها وفقًا للقاعدة الدستورية».

 

احتجاج برلماني

من جانبه، حذر حسين مفتاح المحلل السياسي الليبي، في تصريحات لـ«السياق»، من خطورة تجاوز الخطوات التي أجراها مجلس النواب، بمنحه الثقة لحكومة باشاغا، في ظل انتهاء فترة حكومة الدبيبة، مشيرًا إلى أن هذا التحذير احتجاج على ممارسات البعثة الأممية، متجاوزة الخطوة البرلمانية.

وأوضح المحلل السياسي الليبي، أن البعثة الأممية حاولت القفز بمبادرتها على كل الأجسام الموجودة في ليبيا، مشيرًا إلى أن مجلس النواب قد يتخذ موقفًا محددًا من التدخلات الأجنبية في ليبيا، من قِبل السفارات الغربية، التي تحاول تحويل الأزمة الليبية إلى مناطق تصب في مصالحها.

وأكد أن التحذير الذي جاء في وقت متأخر، محاولة من البرلمان للرد على ممارسات البعثة الأممية وستيفاني ويليامز، لأن تجاوز الأجسام التشريعية وممارسة دور الوسيط على الشعب الليبي، سيزيدان تأزيم الوضع الليبي.

وأشار إلى أن حكومة الدبيبة -التي فشلت فشلًا ذريعًا- جاءت بعد أن أنتجها الحوار الذي كانت تقوده الأمم المتحدة، مؤكدًا أن التجربة أثبتت أن المنظومة الدولية لا يهمها مصالح الليبيين.