هل تخشى إدارة بايدن فرض عقوبات على روسيا؟
إدارة بايدن، تغض الطرف عن الممارسات العدائية الروسية، التي تستهدف تقويض الشراكة عبر الأطلسي، وتحدي الدول الغربية من خلال استخدام الغاز الطبيعي كورقة ضغط على دول شرق أوروبا، وافتعال أزمة المهاجرين على الحدود البيلاروسية، والتهديد بغزو أوكرانيا

ترجمات - السياق
قالت مجلة فورين بوليسي الأمريكية، إن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، تغض الطرف عن الممارسات العدائية الروسية، التي تستهدف تقويض الشراكة عبر الأطلسي، وتحدي الدول الغربية من خلال استخدام الغاز الطبيعي كورقة ضغط على دول شرق أوروبا، وافتعال أزمة المهاجرين على الحدود البيلاروسية، والتهديد بغزو أوكرانيا.
وتناول التقرير "قمة الديمقراطية" التي دعت إليها إدارة بايدن ديسمبر الماضي، مع الإشارة إلى أن هذه القمة حازت اهتمامًا إعلاميًا كبيرًا، بينما في المقابل، تجاهل البعض إصدار البيت الأبيض وثيقة مهمة هي "استراتيجية الولايات المتحدة لمكافحة الفساد"، في سابقة هي الأولى من نوعها في واشنطن.
وفي هذا الصدد، ترى المجلة، أن الوثيقة التي أطلقها البيت الأبيض لمكافحة الفساد، تقود لجعل مكافحة الفساد مبدأ أساسيًا ومحددًا رئيسًا للسياسة الخارجية الأمريكية، في ضوء تصريحات بايدن، بشأن خطورة الفساد، التي أكد خلالها أن الفساد يهدد الأمن القومي للولايات المتحدة، والمساواة الاقتصادية، ومكافحة الفقر، وجهود التنمية العالمية، والقيم الديمقراطية.
خطورة بوتين
وأوضحت "فورين بوليسي" أنه بالتزامن مع إطلاق الاستراتيجية الأمريكية لمكافحة الفساد، واصل الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حشد القوات والمعدات على الحدود مع أوكرانيا، مهددًا بالتصعيد وغزوها وتكرار سيناريو شبه جزيرة القرم عام 2014، وأكدت أن مثل هذه التطورات دفعت البعض إلى دعوة الإدارة الأمريكية لفرض عقوبات على الدائرة المحيطة بالرئيس الروسي بسبب اتهامات لها بالفساد، مشيرة إلى أن هذه الدعوات اتسقت مع إدراك إدارة بايدن لأهمية مكافحة الفساد، كأداة رئيسة للسياسة الخارجية الأمريكية.
وحسب المجلة، بدلاً من فرض عقوبات على الكرملين والنخبة الروسية التي تتهمها واشنطن بالفساد، ظهرت تقارير تفيد بأن كبار المسؤولين في الإدارة الأمريكية مارسوا ضغوطًا على الكونغرس، لرفع حزمة من العقوبات طويلة الأمد مفروضة على مشروع خط "نورد ستريم 2" المدعوم من الكرملين، في خطوة مشابهة لقرار "بايدن" في مايو الماضي برفع العقوبات المفروضة على الرئيس التنفيذي للشركة المسؤولة عن افتتاح الخط "ماتياس وارنيج"، وهو ضابط استخبارات سابق في ألمانيا.
وأشارت، إلى أن كل ذلك تزامن مع الفيديو الشهير الذي نشره المعارض الروسي أليكسي نافالني، والذي يكشف فيه حجم الفساد الكبير داخل روسيا.
غض الطرف
وأمام كل هذه التحديات، أوضحت "فورين بوليسي" أن إدارة بايدن، تغض الطرف عن الممارسات العدائية الروسية، التي تستهدف تقويض الشراكة عبر الأطلسي، وتحدي الدول الغربية من خلال استخدام الغاز الطبيعي كورقة ضغط على دول شرق أوروبا، وافتعال أزمة المهاجرين على الحدود البيلاروسية، والتهديد بغزو أوكرانيا.
ورغم هذه الممارسات العدائية، التي من المفترض أن تدفع واشنطن لتعزيز العقوبات المفروضة على روسيا، ورجال الأعمال الفاسدين المقربين للكرملين، أشارت المجلة في تقريرها، إلى ظهور دعوات عدة إلى "التفكير بشكل استراتيجي"، بمعنى بذل الجهود من أجل حشد دعم حلفاء واشنطن لمواجهة الصين، باعتبارها تُمثل التهديد الأكبر للولايات المتحدة، وليس روسيا.
وإلى جانب ضرورة تشديد العقوبات على الكرملين والدوائر المحيطة به من الساسة ورجال الأعمال، أضافت "فورين بوليسي" أن محاربة الفساد تقتضي التخلص من أموال النخب الفاسدة في النظام المالي الأمريكي، الأمر الذي يتطلب إرادة سياسية لمعاقبة النخب الأجنبية الفاسدة، والمؤسسات الأمريكية التي تتعامل معهم، فالعديد من الأنظمة تستخدم الشركات متعددة الجنسيات لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، وممارسة النفوذ والتأثير في الدول الأخرى، فضلًا عما تمتلكه تلك الأنظمة من تأثير في رجال الأعمال وجماعات الضغط لخدمة مصالحها.
ترقب صيني
وتؤكد المجلة الأمريكية، أن الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، يراقب محاولات واشنطن لدعم الديمقراطية في العالم، ليرى ما إذا كانت الولايات المتحدة جادة في استراتيجيتها لمكافحة الفساد، ومن الواضح أنها -أي بكين- مرعوبة من كل هذا الحديث عن الديمقراطية ومكافحة الفساد.
وذكرت أن سفيري الصين وروسيا في الولايات المتحدة، كتبا مقال رأي يشيد بالديمقراطية، ردًا على "قمة الديمقراطية" الأمريكية، مشيرة إلى أن ذلك كان انتصارًا واضحًا للمعسكر المؤيد للديمقراطية، ما أدى إلى إغراء هذين النظامين الاستبداديين بالجدل بأن الديمقراطية هي المعيار المشروع الوحيد للحكم.
وأمام ذلك، ترى "فورين بوليسي" أن مكافحة الفساد يمكن أن تفعل الشيء نفسه (أي تزيد القلق الصيني الروسي من الديمقراطية)، مشيرة إلى أنه كلما سعت الولايات المتحدة إلى اتباع سياسة مكافحة الفساد ، زاد عدد الأنظمة الاستبدادية التي تخشى ذلك في التحول إلى الديمقراطية شيئًا فشيئًا.
ونهاية المطاف -حسب المجلة- ستعني محاربة الفساد حقًا التخلص من أموال الأوليغارشية (حكم الأقلية) من النظام المالي الأمريكي، مشددة على أن ذلك يتطلب الإرادة السياسية لمعاقبة النخب الأجنبية القوية، وكذلك التعامل مع المؤسسات التي تمكنهم.
وتضيف: كما يتطلب الأمر اعترافًا بأن الحزب الشيوعي الصيني والكرملين والعديد من الديكتاتوريين الآخرين، يستخدمون المؤسسات العابرة للحدود، لتحقيق أهداف سياستهم الخارجية وممارسة النفوذ.
وذكرت "فورين بوليسي" أن استراتيجية مكافحة الفساد التي أطلقتها الإدارة الأمريكية في ديسمبر الماضي، تُعد خطوة مهمة على طريق مكافحة الفساد محليًا ودوليًا، لذلك يتعين دعم هذه الاستراتيجية بالتزام أمريكي بمحاربة الشركات والمؤسسات العابرة للحدود، وجماعات الضغط، وكل ما من شأنه دعم مصالح الأنظمة الديكتاتورية، في ضوء تزايد التهديدات التي تواجه الديمقراطيات العالمية، التي بات أمنها على المحك.