جبهة القتال الافتراضية بين روسيا وأوكرانيا.. هل تتحول إلى حرب عالمية سيبرانية؟
الحرب الافتراضية، كانت سابقة لتحرك الجيش الروسي وتوغله في عمق أوكرانيا، فهجمات إلكترونية أطلقت قبل 24 فبراير الماضي، رآها كثير من المحللين -حينها- مؤشرًا على قرب الحرب.

السياق
جبهة قتال أخرى يتحارب فيها الروس وموالوهم، والأوكران ومِن خلفهم القوى الغربية، ساحة المعركة الفضاء السيبراني والعالم الرقمي، وأسلحتها هجمات إلكترونية وعمليات قرصنة، تحدث خسائر مالية ضخمة وتخرب البنى التحتية، وأبعد من ذلك، الاستيلاء على معلومات حساسة وسرية، كما أنها تلعب دورًا بارزًا في الحرب النفسية، لما تسببه من إرباك وحرج.
حرب الاستنزاف السيبرانية
الحرب الافتراضية، كانت سابقة لتحرك الجيش الروسي وتوغله في عمق أوكرانيا، فهجمات إلكترونية أطلقت قبل 24 فبراير الماضي، رآها كثير من المحللين -حينها- مؤشرًا على قرب الحرب.
منتصف يناير من هذا العام، تعرضت المواقع الإلكترونية الخاصة -بعدد من وزارات الخارجية والتعليم والسفارات الأوكرانية- لهجوم إلكتروني شامل أوقفها عن العمل، منها وزارتا الخارجية والتعليم وسفارات الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والسويد، وعرض المهاجمون عبارة "انتظروا الأسوأ" على مواقع تلك المؤسسات قبل سقوطها.
"أيها الأوكرانيون كل بياناتكم الشخصية محمّلة على الشبكة العامة للإنترنت، وهذا بالنسبة لماضيكم، وحاضركم، ومستقبلكم".
حسب "بي بي سي" فإن هذه الرسالة ظهرت أيضًا على المواقع المستهدفة بثلاث لغات: الأوكرانية، والروسية، والبولندية. وقالت وقتها هيئة أمنية أوكرانية، إنها تصدت في تسعة أشهر فقط لنحو 1200 هجوم إلكتروني
19 فبراير اتهمت واشنطن موسكو بتنفيذ هجمات سيبرانية، استهدفت مواقع عسكرية ومصارف أوكرانية.
آن نويبرغر مستشارة البيت الأبيض لعمليات القرصنة المعلوماتية، رجحت وقتها أن روسيا شنت هذه الهجمات السيبرانية ضد الجيش الأوكراني، للحصول على معلومات، تساعدها في تحضيراتها لـ “اجتياح عسكري".
وحسب تقرير لموقع "ناشيونال إنترست" الأمريكي فإن "قراصنة روسًا" شنوا هجمات لتدمير البيانات التابعة لوكالات إنفاذ القانون الأوكرانية، والاتصالات السلكية واللاسلكية، والمواقع الحكومية.
وقبل الحرب بيوم واحد، أعلنت كييف تعطل مواقع إلكترونية تابعة لها، بسبب هجوم سيبراني واسع النطاق، استهدف مواقع البرلمان ومجلس الوزراء ووزارة الخارجية، وأحدث خللًا في مواقع وزارتي الداخلية والدفاع.
وأشارت "واشنطن بوست" -في تقرير لها- إلى أن روسيا لديها خبرة مهمة وأدوات متطورة في عمليات القرصنة الإلكترونية.
التزييف العميق
وقبل أيام انتشر بشكل واسع على مواقع إخبارية، فيديو للرئيس الأوكراني فولدومير زيلينسكي يقول فيه:
"اتضح أنه ليس من السهل أن تكون رئيسًا وأن جهود جيشنا في الحرب باءت بالفشل، نصيحتي لكم أن تلقوا أسلحتكم وتعودوا إلى عائلاتكم... الأمر لا يستحق الوفاة في هذه الحرب... نصيحتي أن تظلوا على قيد الحياة، وأنا سأقوم بالأمر نفسه".
ليتبين أن الفيديو مفبرك باستخدام خاصية "التزييف العميق"deep fake ونشره قراصنة يحسبون على روسيا في موقع محلي أوكراني بعد اختراقه، الرئيس الأوكراني نفسه خرج في مقطع فيديو، لينفي الفيديو، ويحث جنوده على القتال.
الهجمات المضادة
في المقابل شهد الأسبوع الأول من الحرب انهيار بعض المواقع الحكومية الروسية، بعد سلسلة من الهجمات الإلكترونية، استهدفت موقع الكرملين ووزارة الدفاع، واخترقت القنوات التلفزيونية الروسية، وفيها عرضت الأغاني الأوكرانية ومقاطع فيديو لمدنيين يبكون، بعدما ضربت أحياءهم ومنازلهم.
الموقع الأمريكي"ناشيونال إنترست" قال إن إحدى مجموعات القرصنة اخترقت شركة" تترادر البيلاروسية" لصناعة الأسلحة، وسرقت بيانات منها.
التطوع السيبراني
وأكد موقع" ناشيونال إنترست" أن القراصنة الأوكرانيين الذين مارسوا أنشطتهم بعيدًا عن أعين الحكومة، حتى لا يتعرضوا للمساءلة القانونية، طلبت منهم كييف "المشاركة في الدفاع عن بلادهم والتجسس على القوات الروسية".
وحسب "ناشيونال إنترست" فإن وزير التحول الرقمي في حكومة كييف، ميخائيلو فيدوروف أعلن عن وظائف لأي شخص، ولو أجنبي، يريد العمل في صفوف أوكرانيا السيبرانية.
حرب عالمية سيبرانية
هذا التصعيد السيبراني بين روسيا وأوكرانيا، يشيع الخوف بين الدول، خشية أن يتحول إلى صراع إلكتروني عالمي.
إلى ذلك حذر مسؤولون أمريكيون وبريطانيون، الشركات من أي نشاط مشبوه روسي على شبكاتهم.
وحسب شبكة "إن بي سي نيوز الإخبارية" فإن دوائر صنع القرار في البيت الأبيض، عرضت دمج الهجمات الإلكترونية على روسيا، كأحد خيارات الولايات المتحدة في ردها على موسكو، وهو ما قوبل بالنفي من الإدارة الأمريكية.
بينما قال المتحدث باسم وزارة الأمن الداخلي الأميركية: رغم عدم وجود أي تهديدات إلكترونية على الولايات المتحدة، فإن الوزارة تشجع جميع المؤسسات -بصرف النظر عن حجمها- على اتخاذ خطوات لتحسين أمنها السيبراني وحماية أصولها الإلكترونية الحيوية.
"ساند وورم"
ويلقى اللوم في معظم الهجمات السيرانية، التي تستهدف أوكرانيا والدول الغربية، على مجموعة القرصنة الروسية "ساند وورم" التي أحدثت نتيجة هجمات نسبت لها عام 2017 في خسائر مالية تزيد على 10 مليارات دولار، إذ أصابت ببرنامج ضار يعرف بـ "نوتبتيا" هيئات أوكرانية ثم انتقل هجموها إلى عدد من الهيئات والشركات في مختلف الدول.
" أنونيموس"
أما الضربات الإلكترونية التي تنفذها أوكرانيا فتنسب إلى مجموعة "أنونيموس" التي تروِّج لنفسها على أنها مجموعة من القراصنة المجهولين من مختلف الدول، يعرفون نشاطهم بأنه يهدف إلى شن هجمات على منظمات متهمة بإساءة استخدام السلطة، لها حساب رسمي في تويتر ويبلغ عدد متابعيه 15.5 مليون شخص.