صواريخ إيران على أربيل... ما سر التوقيت؟

محاولات إيرانية، ترجمها خبراء سياسيون عراقيون، بأنها تأتي ضمن مساعيها لإبقاء الوضع الراهن بشكل يضمن نفوذها، ويمنع تغيير قواعد وأعمدة المسرح السياسي في العراق.

صواريخ إيران على أربيل... ما سر التوقيت؟

السياق

بينما العالم منشغل بالأزمة الأوكرانية، التي لم تراوح مكانها، بعد 22 يومًا من اندلاعها، كانت إيران تحاول العبث من جديد في البيت العراقي، موجهة رسائل عدة لجميع الأطراف، بأنها لن تتنازل عن العاصمة بغداد، بديلًا لبسط نفوذها السياسي والمليشياوي.

ذلك العبث الإيراني اخترق مداه حاجز الصوت، بعد أن ضربت عشرات صواريخ مليشيات الحرس الثوري، مدينة أربيل، عاصمة إقليم كردستان، بعد ساعات من التوافق على دفع العملية السياسية المعطلة، بفعل أذرعها المسمومة داخل البيت العراقي.

محاولات إيرانية، ترجمها خبراء سياسيون عراقيون، بأنها تأتي ضمن مساعيها لإبقاء الوضع الراهن بشكل يضمن نفوذها، ويمنع تغيير قواعد وأعمدة المسرح السياسي في العراق.

إلا أن وجهًا آخر حملته الصواريخ الإيرانية العابرة للأراضي العراقية، تمثل في تصعيد البلد الآسيوي المواجهة مع أمريكا وإسرائيل، وبرهنة على أن المصالح الأمريكية، ستكون في مرمى النيران الإيرانية.

 

رسائل داخلية

قال إحسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، في تصريحات لـ«السياق»، إن الهجوم على أربيل يتضمن رسالة إلى الحزب الديمقراطي الكردستاني ورئيسه مسعود برزاني، مفادها عدم تغيير قواعد اللعبة في العراق، والحفاظ على التقسيمات السياسية المتبعة حاليًا في العراق من «سُنة وشيعة وأكراد»، وهو ما يضمن زيادة النفوذ الإيراني.

وأوضح أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، أن الصواريخ الإيرانية، محاولة من طهران لإنقاذ حلفائها أو قواتها بالعراق، من التهميش بعد إصرار زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على أن تكون الحكومة المقبلة، حكومة أغلبية وطنية.

وأشار إلى أن الهجوم الإيراني ما هو إلا رسالة، بأنه إذا استمرت عملية التقارب مع مقتدى الصدر، فإن طهران ستعمل على فوضى أمنية في أربيل، من خلال تكرار هذه الأعمال العدوانية.

 

الملف النووي

إلا أن الهجوم لم تكن بين ثناياه رسائل داخلية فحسب، بل إن طهران سعت للتأثير في المفاوضات النووية الجارية ومحاولة إنقاذ الملف المهدد بالانهيار، بسبب التطورات الأخيرة على هامش الأزمة الأوكرانية الروسية.

وأوضح أن إيران تعمل على إرسال رسالة بأن المصالح الأمريكية ستكون في مرمي النيران الإيرانية، ليس فقط على مستوى وسط وجنوب العراق وإنما أبعد من ذلك.

ولم تقتصر الرسائل الخارجية على أمريكا، بحسب أستاذ العلوم السياسية بجامعة بغداد، الذي قال إنها كانت إيذانًا بإعلان ما سماها «استراتيجية الردع غير المباشر السريع»، الموجهة إلى إسرائيل، بعد مقتل عدد من مليشيا الحرس الثوري الإيراني داخل سوريا.

 

سيادة العراق

تلك الرؤية وافقه فيها المحلل السياسي العراقي علي الكاتب، الذي أكد في تصريحات لـ«السياق»، أن هجوم أربيل الصاروخي له تداعيات وتأثيرات، بعضها يرتبط بالجانب المحلي وآخر بالتزامات العراق أمام المجتمع الدولي.

وأوضح المحلل السياسي العراقي، أن الهجوم الإيراني كشف أن سيادة العراق ما زالت «منتهكة»، إضافة إلى أنه يرسخ ضعف بغداد إقليميًا ودوليًا، وهو ما يتطلب موقفًا من الأخيرة يتجاوز التنديد والاحتجاج.

وعن الموقف الذي يبنغي على بغداد اتخاذه، قال المحلل السياسي: يجب أن يتماثل مع طبيعة هذا الاعتداء والهجمات المحتملة على أربيل، لتأكيد قدرة العراق على الدفاع عن أرضه وشعبه.

من جانبه، توقع حمزة مصطفى الخبير العراقي في تصريحات لـ«السياق»، أن تؤثر هذه العملية العسكرية في مستقبل العملية السياسية، مشيرًا إلى أن ما حدث ضغطٌ على مسعود برزاني رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني، للخروج من التحالف الثلاثي مع تحالف السيادة والتيار الصدري، للحفاظ على نظام المحاصصة وإبقاء العراق ضعيفًا.

وحذر الخبير العراقي من أن هذه الهجمات الصاروخية، ستضع العراق تحت وقع عدد من الإجراءات التي قد تتطور إلى عقوبات دولية، مشيرًا إلى أن بغداد ملزمة -بحسب اتفاقيات جنيف- بحماية البعثات والقنصليات والجهات الأجنبية الرسمية التي تعمل على أرضها، إلا أنها أخلت بهذا الأمر مرات عدة، بسبب هجمات طهران.

وعن توقيت الهجمات الإيرانية، قال الخبير العراقي، إن الضربات الصاروخية كانت محاولة من طهران، لضم العراق بشكل علني إلى ساحة الحرب الروسية الأوكرانية، في رسالة إلى الولايات المتحدة بأن «مصالحها في تلك المنطقة رهينة الاستمرار بطبيعة الدعم الذي تقدمه لكييف»، على حد قوله.