محاكمة الغنوشي وصهره.. هل تكتب شهادة وفاة إخوان تونس؟

قضية -عقود اللوبيينج- التي بدأ القضاء التونسي التحقيق فيها، قد تضع نهاية وشيكة لتنظيم الإخوان التونسي لأسباب عدة؛ أبرزها تحقيقات أثبتت وأدانت الغنوشي، في التهم الموجهة إليه، مستندة إلى تقرير دائرة المحاسبات الصادر العام الماضي، إضافة إلى أن بيان وزارة العدل الأمريكية، يؤكد تلقي الحركة تمويلات أجنبية

محاكمة الغنوشي وصهره.. هل تكتب شهادة وفاة إخوان تونس؟
راشد الغنوشي

السياق

نهاية وشيكة لتنظيم الإخوان، الذي اقتات على معاناة التونسيين، متخذًا من شعارات «رنانة» وسيلة لاستمراره في التحكم برقاب ومستقبل أبناء البلد الإفريقي، إلا أن ضربة قاضية وجهت له مؤخرًا، جعلته يترنح لدرجة أن شهادة وفاته بدأت تكتب سطورها حاليًا.

تلك الضربة التي كادت أن تجهز على التنظيم الإخواني، تمثلت في قرار للمحكمة الابتدائية بتونس، بإحالة راشد الغنوشي زعيم حركة النهضة وصهره رفيق عبدالسلام، إلى المحاكمة بتهمة الحصول على تمويل أجنبي مشبوه، في حدث مثل حالة من الرضا في الأوساط الشعبية والسياسية التونسية، وأثار حفيظة وقلق التنظيم الدولي.

إلا أن قضية «عقود اللوبيينج» التي بدأ القضاء التونسي التحقيق فيها، قد تضع نهاية وشيكة لتنظيم الإخوان التونسي لأسباب عدة؛ أبرزها تحقيقات أثبتت وأدانت الغنوشي، في التهم الموجهة إليه، مستندة إلى تقرير دائرة المحاسبات الصادر العام الماضي، إضافة إلى أن بيان وزارة العدل الأمريكية، يؤكد تلقي الحركة تمويلات أجنبية لـ"عقود اللوبيينج".

أدلة لن تدع مجالًا للإخواني راشد الغنوشي، للمناورة أو الفكاك من التهم الموجهة إليه، ما يكتب نهاية سياسية محتومة للتنظيم الإخواني، ويثقل كاهله، على وقع الضربات المتلاحقة التي توجه إليه، منذ قرار الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو الماضي، تجميد أعمال البرلمان، الذي يسيطر عليه الإخوان.

تلك القضية، التي أثبتت «تحرر» القضاء في تونس من سطوة التنظيم الإخواني، تباينت حولها آراء المحللين السياسيين؛ فبينما يرى فريق أنها ستجتث جذور الإخوان من البلد الإفريقي، بعد أن تفتح ملفات الفساد المتورط فيها، قلل آخرون من أهميتها، خاصة بعد قضية نور الدين البحيري وزير العدل السابق، نائب رئيس حركة النهضة الإخوانية، الذي رُفعت الإقامة الجبرية عنه قبل أيام.

 

عقود اللوبيينج

قالت ضحى طليق، المحللة السياسية التونسية، في تصريحات لـ«السياق»، إن التحقيقات القضائية بدأت بعد الكشف -عبر وسائل الإعلام الرسمية- عن عقود أبرمتها الحركة مع شركات أجنبية في ما عُرف بقضية «عقود اللوبيينج»، مشيرة إلى أن قرارات الرئيس سعيد في 25 يوليو الماضي، كانت إيذانًا ببدء محاسبة تنظيم الإخوان.

وتنص هذه العقود على حملات لصالح حركة النهضة الإخوانية، لتحسين صورتها والتلاعب بالرأي العام في الانتخابات التشريعية، بحسب التقرير الختامي لدائرة المحاسبات، عن نتائج مراقبة تمويل الانتخابات الرئاسية السابقة لأوانها والانتخابات التشريعية، لعام 2019.

إلا أن هذا التقرير لم يتوقف عنده القضاء التونسي في ذلك الوقت؛ لأن حركة النهضة كانت مهيمنة على الحكم والقضاء، بحسب طليق التي رأت أن قرارات الرئيس سعيد، كانت سببًا في تغير الأوضاع والانتهاء من هيمنة حركة النهضة الإخوانية، والبدء بمحاسبة كل من تجاوز القانون، أو تحايل على مصالح الشعب التونسي.

وشددت المحللة التونسية، على أن بلادها على الطريق السليم لتصحيح المسار السياسي والديمقراطي، بإرادة سياسية صلبة.

 

عدم كفاية الأدلة

إلا أن القضية التي أصبحت مثار جدل في تونس، توقع مراقبون للشأن التونسي، أن تحفظ مثل سابقتها، التي كانت متهمًا فيها نور الدين البحيري وزير العدل السابق، نائب رئيس حركة النهضة الإخوانية، الذي رُفعت الإقامة الجبرية عنه قبل أيام.

ورغم تلك التوقعات، فإن محمد ذويب المحلل التونسي، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن إحالة راشد الغنوشي إلى القضاء بتهمة الحصول على تمويل خارجي، قضية تختلف في ظروفها، عن تلك التي اتهم فيها نور الدين البحيري.

وأوضح المحلل التونسي، أن نور الدين البحيري، الذي كان يخضع للإقامة الجبرية، لم توجه له أي تهم، إلا أن التحقيقات أثبتت التهم الموجهة للغنوشي، بما لا يدع مجالًا للبس، وفق تقرير دائرة المحاسبات الصادر العام الماضي، وبيان وزارة العدل الأمريكية الذي يؤكد تلقي الحركة تمويلات أجنبية لـ"عقود اللوبيينج".

ويرى المحلل التونسي أن قرار إحالة زعيم حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي للقضاء بتهم ثابتة، دليل على تحرر القضاء في تونس من قبضة حركة النهضة، ويبشر بنهاية مرحلة الإفلات من العقاب، وتوظيف القضاء سياسيًا وحزبيًا.

وتوقع المحلل التونسي، فتح ملفات كبيرة متهم فيها تنظيم الإخوان؛ كالتهريب والإرهاب والاغتيالات السياسية، ما قد يؤدي إلى حل أحزاب ومحاسبة شخصيات سياسية كبيرة ورجال أعمال فاسدين، مشيرًا إلى أن ذلك -حال حدوثه- ستكون له انعكاسات على المشهد السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تونس.

 

إجراءات معقدة

وجهة نظر أخرى كانت حاضرة في السياق، أشار إليها المحلل السياسي التونسي مختار اللواتي، الذي وصف طبيعة القوانين التونسية الحالية بـ«المعقدة»، وتطول فيها الإجراءات للوصول إلى بتٍ نهائي، بين المحاكم الابتدائية والاستئنافية ومحاكم التعقيب.

وأوضح اللواتي، في تصريحات لـ«السياق»، أن محكمة المحاسبات كانت قد أقرت بما توفر لديها من أدلة، بحصول حركة النهضة الإخوانية وحزبي قلب تونس وعيش تونسي، على تمويلات من الخارج لتمويل حملاتهم الانتخابية، بمخالفة صريحة للقانون، إلا أن الأمر استغرق أكثر من شهرين.

ورغم ذلك، فإن المحلل السياسي التونسي، توقع أن تُمنح الأولوية لتعديل هذه القوانين، بما يسمح بالتعجيل باختصار هذا المسار القضائي، وإصدار أحكام نهائية في أقرب الآجال.

 

23 ألف جمعية

وبحسب الإحصائيات التونسية الرسمية، فإن عدد الجمعيات المدنية والحقوقية في تونس يتخطى 23 ألفاً، بينما يشير تقارير لجنة التحاليل المالية في البنك المركزي التونسي -الصادرة عام 2017- إلى وجود جمعيات محسوبة على تنظيم الإخوان، تتلقى أموالاً طائلة من جهات أجنبية تحت غطاء الحملات الخيرية.

وأصدرت السلطات التونسية، عام 2017، قرارًا بتجميد نحو 153 جمعية كانت تنشط تحت غطاء اجتماعي، ولها علاقة بتمويل الإرهاب في تونس.

وتمنع المادة 35 من المرسوم رقم 88، الصادر عام 2011، الجمعيات من "قبول مساعدات أو تبرعات أو هبات صادرة عن دول لا تربطها بتونس علاقات دبلوماسية، أو عن منظمات تدافع عن مصالح وسياسات تلك الدول".