بعد الخسائر.. تقييم استخباراتي يكشف استراتيجية روسيا لحسم الحرب
في يومها الثاني والعشرين، تكافح القوات الروسية لإحراز مكاسب بدت للوهلة الأولة أنها سهلة المنال؛ إلا أنها باتت عصية على التحقيق، أمام المقاومة الشرسة للقوات الأوكرانية، دفاعًا عن أراضيها.

السياق
في يومها الثاني والعشرين، تكافح القوات الروسية لإحراز مكاسب بدت للوهلة الأولة أنها سهلة المنال؛ إلا أنها باتت عصية على التحقيق، أمام المقاومة الشرسة للقوات الأوكرانية، دفاعًا عن أراضيها.
تلك المقاومة قد تدفع القوات الروسية -التي عانت خسائر فادحة- إلى تغيير استراتيجيتها في أوكرانيا، بحسب صحيفة إندبندنت البريطانية، التي قالت إن روسيا ستلجأ إلى شن عمليات هجومية، في مواجهة المقاومة الأوكرانية المستمرة.
وأوضحت الصحيفة البريطانية، في تقرير، أن استمرار الخسائر البشرية سيجعل من الصعب على روسيا تأمين الأراضي المحتلة، مشيرة إلى أن موسكو تعيد نشر قوات من مناطق بعيدة مثل منطقتها العسكرية الشرقية، وأسطول المحيط الهادئ وأرمينيا، لتعويض تلك الخسائر.
المرتزقة
وأشارت إلى أن روسيا تسعى -بشكل متزايد- إلى استغلال المصادر غير النظامية، مثل الشركات العسكرية الخاصة والمرتزقة السوريين وغيرهم من المرتزقة، للحد من الخسائر التي تتعرض لها قواتها.
إلا أنه من المرجح أن تحاول روسيا استخدام هذه القوات، للاحتفاظ بالأراضي التي استولت عليها، وتحرير قوتها القتالية لتجديد العمليات الهجومية المتوقفة، بحسب الصحيفة البريطانية.
ونقلت «إندبندنت» عن وزارة الدفاع البريطانية قولها، إن جيش فلاديمير بوتين عانى خسائر فادحة، للدرجة التي جعلت روسيا تسعى إلى تشكيل قوات إضافية، لتعويض خسائرها في صفوف الأفراد بأوكرانيا.
جاء تقييم وزارة الدفاع البريطانية، في الوقت الذي دخل فيه سكان كييف حظر تجول 35 ساعة، بعد أن قتلت الغارات الجوية والقصف الروسي عشرات الأشخاص، بينما واصلت القوات الروسية مهمتها للاستيلاء على العاصمة الأوكرانية.
وأضافت وزارة الدفاع البريطانية، أن روسيا كانت مضطرة إلى سحب قوات إضافية، من جميع أنحاء جيشها، لتعزيز قواتها في أوكرانيا، حيث يبدو أن محاولاتها تعثرت.
أسرى الحرب الروس
لم تقتصر الخسائر البشرية على القتلى والجرحى، بل إن القوات الأوكرانية أسرت العديد من الجيش الروسي، وعرضت تصريحات لبعضهم في مؤتمرات صحفية، طالبوا فيها بوتين بوقف الأعمال «الإرهابية» في أوكرانيا «لأننا عندما نعود سننهض ضده».
وظهر ما يقرب من اثني عشر بين قرابة 600 احتجزتهم السلطات الأوكرانية، في المؤتمرات الصحفية التي عقدتها، بينما قالت شبكة «سي إن إن» إن ظهورهم قد يكون موضع تساؤل بموجب اتفاقيات جنيف، التي تمنع الدول من التسبب في إذلال غير ضروري لأسرى الحرب.
لكن ثلاثة من طياري القوات الجوية الروسية الأسرى، تحدثوا إلى «CNN » لم يشيروا إلى أنهم كانوا يتحدثون تحت الإكراه، ويبدو أن كلماتهم تتناغم مع أسرى الحرب الروس الذين قالوا بعد أسرهم، إن هذه ليست حربًا يريدون خوضها.
وكشفت مقابلة CNN مع الأسرى الروس الثلاثة، قلقهم العميق من مهمتهم ومعاناة المدنيين الأوكرانيين، ووجهوا أيضًا كلمات قاسية لقائدهم العام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
الوضع الميداني
تعرض مبنى سكني من 12 طابقًا بالقرب من وسط كييف، لقصف روسي في وقت مبكر من الأربعاء، أدى إلى اندلاع حرائق في طوابق عدة، وفقًا لبيان خدمات الطوارئ الحكومية الأوكرانية.
ويقع المبنى في منطقة Shevchenkivskyi على بعد بضعة كيلومترات من وسط العاصمة الأوكرانية، بينما أشارت المعلومات الأولية إلى إصابة شخصين في القصف، وإجلاء 37 شخصا من المبنى.
وأضاف البيان الأوكراني، أن مبنى مجاورًا مكونًا من تسعة طوابق أصيب بأضرار في الهجوم، بينما وصلت أكثر من 3000 سيارة من ماريوبول المحاصرة إلى زابوريزهزهيا.
وقال رئيس الإدارة الإقليمية، أولكسندر ستاروخ، إن أكثر من 3000 سيارة تنقل الذين تم إجلاؤهم من مدينة ماريوبول الأوكرانية المحاصَرة وصلت إلى زابوريزهزهيا، مشيرًا إلى أن بين الوافدين الذين تم إيواؤهم في المدينة 772 طفلاً.
وشهد الثلاثاء زيادة كبيرة في عدد السيارات القادرة على الخروج من ماريوبول، التي تعرضت للقصف من القوات الروسية منذ 1 مارس.
ونصح مجلس المدينة، السكان الذين يتطلعون إلى المغادرة للسفر غربًا على طول الساحل إلى مانجوش وبيرديانسك، ثم المتابعة شمالي غرب إلى توكماك وفاسيليفكا وزابوريزهزيا.
وقال ستاروخ إن القوات الروسية استهدفت موقعين في زابوريزهزيا، أحدهما محطة سكة حديد المدينة.
وزعم أسرى المستشفى احتجاز الأطباء والمرضى رغماً عنهم، في مستشفى ماريوبول الإقليمي للعناية المركزة.
وفي سياق متصل، قال بافلو كيريلينكو، رئيس إدارة منطقة دونيتسك، إن أحد موظفي ماريوبول الإقليمي للعناية المركزة أخبره بأن الموظفين والمرضى يقيمون في الطابق السفلي، حيث استمر علاج المرضى والمصابين.
وتابع: «من المستحيل الخروج من المستشفى. يطلقون النار بقوة، نحن نجلس في الطابق السفلي. لم تتمكن السيارات من القيادة إلى المستشفى يومين. المباني الشاهقة من حولنا تحترق... الروس هرعوا بـ400 شخص من المباني المجاورة إلى مستشفانا. لا يمكننا المغادرة(..) ليس لدي أي وصول إليهم»
السكان محاصَرون
ويقدر المسؤولون الأوكرانيون أن نحو 350.000 شخص محاصَرون في ماريوبول، وقُتل ما يصل إلى 2500 مدني، أما الباقون فهم بلا كهرباء ولا ماء ولا تدفئة.
وقالت امرأة تمكنت من الفرار، إنها أمضت أسبوعين في قبو مع قرابة 60 آخرين، ولم تغادر إلا من حين لآخر لاستعادة الأشياء من شقتها، بينما قالت أخرى إنها سمحت لـ17 شخصًا بالاحتماء في منزلها بعد أن دمرت منازلهم، مشيرة إلى أن القذائف تحلق في سماء المنطقة على مدار الساعة.
ماذا تريد أوكرانيا؟
وفي محاولة من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، لحث الكونجرس على اتخاذ المزيد لوقف العنف في بلاده، يلقي الأخير خطابًا افتراضيًا الأربعاء أمام أعضاء الكونجرس، في محاولة للضغط على الرئيس جو بايدن، لفرض مزيد من العقوبات على روسيا، بحسب الشبكة الأمريكية.
وبحسب مصادر تحدثت لـ«سي إن إن»، فإن ما يريده زيلينسكي بذل مزيد من الجهود لقطع روسيا عن التجارة الدولية ومواصلة استهداف النخبة الروسية، حيث واصلت الولايات المتحدة إضافة المزيد من الأوليغارشية وعائلاتهم إلى عقوباتها، إضافة إلى إغلاق وصول روسيا إلى الممرات المائية الدولية أثناء المكالمة.
وقال عضوان ديمقراطيان في الكونغرس: «نتطلع إلى امتياز الترحيب بخطاب الرئيس زيلينسكي أمام مجلس النواب ومجلس الشيوخ، ولنقل دعمنا لشعب أوكرانيا وهو يدافع بشجاعة عن الديمقراطية».