قصف روسي وجولة مباحثات جدبدة.. تطورات على طاولة الأزمة الأوكرانية
الأزمة الأوكرانية في يومها الـ21.. إليك ما يجب معرفته

السياق
قصف روسي على العاصمة الأوكرانية وجولة من المباحثات بين موسكو وكييف، إضافة إلى حزمة عقوبات أوروبية جديدة، تطورات «ساخنة» تشهدها الأزمة الأوكرانية في يومها الحادي والعشرين.
فبينما حوصر قرابة 350 ألف شخص في ماريوبول، المدينة الواقعة جنوبي شرق أوكرانيا، كثفت القوات الروسية هجماتها على العاصمة الأوكرانية كييف، بعد ساعات من عقوبات أوروبية وأخرى يابانية استهدفت موسكو.
إلا أن جولة جديدة من المباحثات بين موسكو وكييف تعقد اليوم الثلاثاء، تعلق عليها الآمال في الوصول إلى تفاهمات بشأن الممرات الآمنة، وبعض القضايا الأخرى، بينما يستعد رؤساء وزراء بولندا والتشيك وسلوفينيا للمغادرة إلى العاصمة كييف، لعقد لقاء مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
الوضع الميداني
قالت خدمات الطوارئ الأوكرانية إن شخصين قُتلا في قصف على مناطق سكنية غربي كييف، في ساعة مبكرة من صباح الثلاثاء، مشيرة إلى أن مبنى سكنيًا من 16 طابقًا في منطقة سفياتوشينسكي تضرر بشكل كبير من القصف والحريق.
وقالت خدمات الطوارئ إنه عُثر على قتيلين في مكان الحادث وأنقِذ 46 من المبنى، مشيرة إلى أن غارة منفصلة ألحقت أضرارًا طفيفة بمبنى من تسعة طوابق في المنطقة نفسه.
وتعرض ما لا يقل عن أربعة مبان سكنية، في أنحاء العاصمة الأوكرانية، إلى ضربات في وقت مبكر من الثلاثاء، اثنان منها في سفياتوشينسكي، وفقًا لخدمات الطوارئ.
وتعرضت المناطق السكنية شرقي وشمالي وغربي وسط المدينة للقصف بفارق ساعة واحدة عن بعضها.
وقالت خدمات الطوارئ -في بيان- إن منزلًا خاصًا في أوسوكوركي، التي تقع شرقي وسط المدينة، تعرض للقصف الثلاثاء قبل الساعة 6 صباحًا بالتوقيت المحلي، مشيرًة إلى أن حريقًا شب فى المبنى المكون من طابقين وأخمِد بعد ذلك بوقت قصير.
وأصيب مبنى سكني من 10 طوابق في بوديل -شمال وسط المدينة- في غارة أخرى، ما تسبب في حريق بالطوابق الخمسة الأولى من المبنى.
وقالت السلطات في مدينة ريفني الغربية، إن غارة جوية روسية أضرت ببرج تلفزيوني، بينما قالت وسائل إعلام أوكرانية، إن الهجوم أسفر عن قتل 19 شخصًا.
من جانبها، قالت هيئة الأركان العامة الأوكرانية، إن روسيا تواصل شن ضربات صاروخية وقنابل، على البنية التحتية الحيوية في العديد من المدن عبر أوكرانيا، مشيرة إلى أنها ما زالت تحاول الاستيلاء على ماريوبول، المحاصرة من القوات الروسية.
حصار الآلاف
في غضون ذلك، تقطعت السبل بقافلة تحمل إمدادات عاجلة لماريوبول، خارج المدينة الساحلية المحاصَرة لليوم الثالث، بينما قال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن حشدًا به 100 طن من المساعدات للسكان، الذين عانوا نقصًا حادًا في الغذاء والماء والأدوية، بعد تعرضهم لقصف روسي مكثف، عالق في بيرديانسك، على بعد نحو 80 كيلومترًا غربي وجهته.
وحذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر من أن المدينة عانت –طوال أسابيع- كابوس الحياة والموت، وأنها تواجه أسوأ سيناريو، وقال مسؤولون محليون إن قافلة المساعدات كانت عالقة، لأن القوات الروسية فشلت في الالتزام بوقف إطلاق النار، للسماح للشحنة بدخول المدينة المحاصَرة.
من جانبه، قال مسؤول محلي إن قرابة 350 ألف شخص ما زالوا محاصَرين في ماريوبول، المدينة الواقعة جنوبي شرق أوكرانيا، التي تحاصرها القوات الروسية منذ الأول من مارس.
وقال بيترو أندريوشينكو، مستشار عمدة ماريوبول، في تصريحات للتلفزيون الأوكراني: «بالنظر إلى أن هناك 540 ألف مقيم ونحو 150 ألف شخص، تم إجلاؤهم في الأيام الثلاثة الأولى، عندما كان الأمر آمنًا، فإننا نقدر أن قرابة 350 ألف شخص عالقون في ماريوبول».
ممرات آمنة
وفشلت المحاولات الرسمية المتعددة، لإنشاء ممرات آمنة وإجلاء المدنيين من ماريوبول في الأيام الأخيرة، بينما قال مسؤولون إن «معظم الناس يقيمون في الطوابق السفلية والملاجئ، في ظروف غير إنسانية، بلا طعام ولا ماء ولا كهرباء ولا تدفئة»، مضيفين أن الناس يذوبون الثلج ويفككون نظام التدفئة للحصول على الماء للشرب.
وفي حديثه عن الخسائر في صفوف المدنيين، قال أندريوشينكو إن الأرقام التي حصل عليها من الشرطة، والتي جمعتها المرافق الطبية غير دقيقة على الأرجح، مشيرًا إلى أنه حتى الأحد، تأكد قتل 1800 شخص.
وفي حديثه الاثنين، قال أوليكسي أريستوفيتش، المستشار في مكتب الرئيس فولوديمير زيلينسكي، إن القصف الروسي لماريوبول، تسبب في قتل أكثر من 2500 شخص.
محادثات السلام
في غضون الهجوم الروسي على كييف وحصار ماريوبول، يستعد البلدان لجولة جديدة من محادثات السلام، التي انتهت الاثنين من دون أي انفراجة، بحسب الزعيم الأوكراني.
وقال مستشار الرئيس الأوكراني الاثنين، إن المفاوضين لديهم «وقفة فنية»، من أجل العمل الإضافي في مجموعات العمل الفرعية.
وفي خطابه على "فيسبوك"، أعرب زيلينسكي عن امتنانه للمدنيين الروس، الذين اتخذوا موقفًا ضد الحرب، التي أجبرت 2.8 مليون شخص على الفرار من أوكرانيا وخلفت آلاف القتلى.
وشكر الرئيس الأوكراني موظفة في قناة إخبارية مملوكة للدولة في موسكو، قاطعت البث المباشر ليلة الاثنين، لتعلن معارضتها لغزو الكرملين.
وصاحت مارينا أوفسياننيكوفا، محررة القناة الأولى: «أوقفوا الحرب... لا للحرب»، وحملت لافتة كتب عليها: «لا تصدقوا الدعاية... إنهم يكذبون عليكم».
حزمة عقوبات
وبينما تتعثر مباحثات السلام -حتى الآن- في الوصول لاتفاق، كان وزراء المالية الأوروبيون حاضرين بحزمة رابعة من العقوبات، تستهدف أكثر من 600 روسي، في قرار وصفه وزير المالية الفرنسي برونو لومير بأنه «تاريخي».
وقال الوزراء إنها «حزمة العقوبات الأسرع والأقوى، التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في تاريخه»، بينما لم يكشف عن أسماء الكيانات والأفراد الروس، الذين شملتهم جولة العقوبات الجديدة.
وأوضح الوزير الفرنسي: سيكون لديك حظر جديد على بعض الصادرات مثل السلع الفاخرة وسنسحب من الدولة الروسية، بند الدولة الأكثر تفضيلًا في منظمة التجارة العالمية، التي ستسمح لنا - الدول الأعضاء البالغ عددها 27- بزيادة مستوى التجارة».
وتابع: وسعنا العقوبات لتشمل حكم القلة الرئيسيين وجماعات الضغط والدعاية، الذين يدفعون رواية الكرملين عن الوضع في أوكرانيا وكذلك الشركات الرئيسة في قطاعات الطيران المدني والعسكري والاستخدام المزدوج وبناء السفن والآلات».
وردًا على سؤال عن فرض مزيد من العقوبات، قال لو مير: «يمكنني أن أؤكد لكم ما قاله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الأسبوع الماضي، إن كل الخيارات على الطاولة».
اليابان هي الأخرى كانت حاضرة بحزمة من العقوبات على روسيا، لتعلن وزارة المالية اليابانية تجميد أصول 17 روسيًا إضافيًا.
وتشمل أهداف العقوبات الجديدة، أفراد أسرة الملياردير الروسي يوري كوفالتشوك ومشرِّعين من البرلمان الروسي والقلة الروسية فيكتور فيكسيلبيرج، وفقًا للوزارة، التي قالت إن الخطوة الأخيرة ترفع العدد الإجمالي للروس المستهدفين من قِبل تجميد الأصول الياباني إلى 61 شخصًا.
مساندة أوروبية
وبعد حزمة العقوبات، التي تستهدف ردع روسيا والوقوف إلى جانب أوكرانيا، كانت هناك مساندة أوروبية بشكل خاص للبلد الأوراسي، حيث يتوجه رؤساء وزراء بولندا والتشيك وسلوفينيا، اليوم إلى العاصمة كييف للاجتماع مع زيلينسكي.
وسيسافر زعماء ثلاث دول أوروبية إلى كييف، للقاء الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ورئيس الوزراء الأوكراني دينيس شميهال الثلاثاء، بحسب الحكومة البولندية.
وفي بيان صدر الثلاثاء، قال مكتب رئيس الوزراء البولندي، إن رئيس الوزراء ماتيوز موراويكي ونائب رئيس الوزراء ياروسلاف كاتشينسكي ورئيس الوزراء التشيكي بيتر فيالا ورئيس الوزراء السلوفيني يانيز يانشا، سيزورون العاصمة الأوكرانية ممثلين للمجلس الأوروبي.
وجاء في البيان «نُظمت الزيارة بالتشاور مع رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشيل ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين»، لتأكيد الدعم المطلق من الاتحاد الأوروبي لسيادة أوكرانيا واستقلالها، وتقديم حزمة واسعة من الدعم لأوكرانيا والأوكرانيين.
توترات بين الصين وأمريكا
جاءت هذه التطورات، وسط توترات متصاعدة بين الولايات المتحدة والصين، بشأن موقف بكين من الصراع، الذي قلب نظام ما بعد الحرب في أوروبا، وأثار أكبر أزمة بين روسيا والغرب منذ الحرب الباردة.
وأبلغت واشنطن الحلفاء بأن الصين أبدت استعدادها لتقديم مساعدة عسكرية لموسكو، بما في ذلك صواريخ أرض جو، وفقًا لمسؤولين مطلعين على البرقيات الدبلوماسية الأمريكية بشأن التبادل.
وفي إشارة إلى انزعاج بكين، أخبر وزير الخارجية الصيني الاثنين نظيره الإسباني بأن بلاده «ليست طرفًا في الأزمة، ولا تريد أن توثر العقوبات فيها».
ونفت بكين وموسكو الادعاء بأن روسيا طلبت مساعدة عسكرية من الصين. وقال مسؤول كبير في إدارة بايدن، إن قائمة المعدات التي ذكرت صحيفة فاينانشيال تايمز أن روسيا طلبتها غير دقيقة، من دون تفاصيل.
وضربت سلسلة من العقوبات الصارمة، التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها، أسواق الأسهم في جميع أنحاء العالم، وأدت إلى ارتفاع تكلفة بعض السلع، مثل النفط والقمح.
وتضررت الأسهم الصينية بشدة، حيث تراجعت الأسهم الصينية المدرجة في هونج كونج الاثنين، بأكبر قدر منذ عام 2008 على خلفية تهديد التوترات المتزايدة بين بكين والغرب، فضلًا عن التأثير السلبي المتوقع لتفشي كورونا في اقتصاد الصين.