الحرب في أوكرانيا.. تدفع العالم نحو حافة أزمة غذاء
مع دخول الحرب في أوكرانيا أسبوعها الثالث، ارتفعت أسعار المنتجات الزراعية التي تُنتج في روسيا وأوكرانيا بشكل كبير، لا سيما أن المشكلة الأكبر تتعلق بالقمح، إذ باتت الإمدادات من روسيا وأوكرانيا، اللتين تشكلان نحو 30% من تجارة القمح العالمية، معرَّضة للخطر

ترجمات-السياق
حذرت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، من العواقب الاقتصادية لغزو روسيا لأوكرانيا، مشيرة إلى أن العالم يتجه نحو أزمة غذائية يمكن أن تؤثر في ملايين الأشخاص.
وقالت الشبكة، في تقرير بموقعها الإلكتروني، إنه مع دخول الحرب في أوكرانيا أسبوعها الثالث، ارتفعت أسعار المنتجات الزراعية التي تُنتج في المنطقة بشكل كبير، مشيرة إلى أن المشكلة الأكبر تتعلق بالقمح، إذ باتت الإمدادات من روسيا وأوكرانيا، اللتين تشكلان نحو 30% من تجارة القمح العالمية، معرَّضة للخطر، وسجلت أسعار القمح العالمية أعلى مستوياتها على الإطلاق الأسبوع الماضي.
ارتفاع أسعار الأسمدة
أشارت الشبكة الأمريكية، إلى مشكلة أخرى تتعلق بالأسمدة، التي تعد ضرورية للمزارعين، لتحقيق أهدافهم الإنتاجية من المحاصيل، حيث باتت أسعار هذه الأسمدة أعلى من أي وقت مضى، بعد توقف الصادرات من روسيا، كما انخفض الإنتاج في أوروبا بسبب ارتفاع أسعار الغاز الطبيعي، الذي يعد مكوناً رئيساً في الأسمدة القائمة على النيتروجين مثل اليوريا.
ولفتت الشبكة إلى ارتفاع أسعار الذرة وفول الصويا والزيوت النباتية، قائلة إن بعض البلدان تتجه إلى الداخل، خوفاً من مواجهة نقص الإمدادات، ما قد يترك -في النهاية- كميات أقل من الغذاء متاحة للدول التي تشتد الحاجة فيها لهذه الأغذية.
واستشهدت الشبكة بقرار مصر، حظر تصدير القمح والدقيق والعدس والفول، وسط مخاوف متزايدة بشأن احتياطات الغذاء في أكبر دول العالم العربي من حيث عدد السكان، وكذلك تشديد إندونيسيا قيود التصدير على زيت النخيل، الذي تعد أكبر مُنتج له في العالم، وهو أحد مكونات زيت الطهي ومستحضرات التجميل والكثير من السلع المعبأة.
صدمة الأسعار
ووفقاً للشبكة، فإن الدول الغربية، التي تتمتع بفرص أكبر للوصول إلى المحاصيل الزراعية، ستتضرر أيضاً إذ أصيب المستهلكون هناك بالصدمة بسبب ارتفاع الأسعار، كما أن الوضع مهيأ لمزيد من التدهور.
الإمدادات الغذائية العالمية
وقالت "سي إن إن": "لقد كان نظام الغذاء العالمي متوتراً، حتى قبل أن تشن روسيا حرباً في أوكرانيا، إذ أدت سلاسل التوريد المزدحمة وأنماط الطقس التي لا يمكن التنبؤ بها -غالباً- نتيجة لتغير المناخ، إلى دفع أسعار الغذاء إلى أعلى مستوى لها منذ نحو عقد من الزمان، كما مثلت القدرة على تحمل التكاليف مشكلة أيضاً، بعد أن ترك وباء كورونا الملايين بلا عمل".
ونقلت الشبكة عن برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة قوله: "عدد الذين على حافة المجاعة قفز إلى 44 مليوناً من 27 مليوناً عام 2019".
ورأت "سي إن إن" أن الصراع بين روسيا وأوكرانيا، اللتين تلعبان دوراً حاسماً في إنتاج الغذاء العالمي، سيجعل الوضع أسوأ، مشيرة إلى أنه رغم تراجع أسعار القمح العالمية عن مستوياتها المرتفعة القياسية في الأيام الأخيرة، فإنها تظل مرتفعة، ومن المتوقع أن تظل على هذا النحو بعض الوقت، وفقاً لما نقلته عن محلل أسعار السلع في مؤسسة "Rabobank" كارلوس ميرا.
سلة غذاء
ذكرت الشبكة أن القتال في كييف سيؤدي إلى تعطيل موسم زراعة القمح، الذي يوشك أن يبدأ، ويقول ميرا: "لا أحد يستطيع توقع ما إذا كانت أوكرانيا ستكون قادرة على تصدير أي شيء خلال بقية هذا العام، أو العام المقبل، أو في المستقبل المنظور".
وقد أصبح الحصول على منتجات من روسيا في السوق العالمية أكثر صعوبة أيضاً، لأن الشركات لا تريد المخاطرة بالتعرض للعقوبات أو التعامل مع لوجستيات السفر بالقرب من منطقة حرب، حسب الشبكة.
وتعد روسيا وأوكرانيا سلة غذاء لدول الشرق الأوسط وجنوب آسيا وإفريقيا، كما تمثل كييف نِصف إجمالي صادرات العالم من زيت دوار الشمس، ولذا فإن الكثيرين سيتضررون نتيجة هذه الحرب.
ارتفاع تكاليف الأسمدة
تتجاوز الأزمة الحالية القمح والزيوت، إذ تعد روسيا، إلى جانب حليفتها بيلاروسيا، مصدراً رئيساً للأسمدة اللازمة لزراعة مجموعة من المحاصيل، كما يتسبب ارتفاع سعر الغاز الطبيعي في تفاقم المشكلة، حيث يحتاج منتجو الأسمدة -خارج روسيا وبيلاروسيا- إلى الغاز لصنع منتجات قائمة على النيتروجين مثل اليوريا، التي تُستخدم لزيادة الغلة وتعزيز لونها، وقد تواجه البلدان، التي ليس لديها إنتاج محلي من الأسمدة، صعوبة في الوصول إليها، وهو ما يؤدي لعواقب وخيمة على نظام الغذاء العالمي، حسب "سي إن إن".
عواقب الأزمة
وأشارت الشبكة إلى ما قاله وزراء الزراعة في مجموعة السبع، يوم الجمعة، إنه صحيح أن البلدان ستستفيد من المساعدات الإنسانية حيثما أمكن ذلك لتخفيف تداعيات الحرب، لكنها قد تتعثر أيضاً بسبب ندرة الإمدادات وارتفاع الأسعار.
وأوضحت الشبكة أنه صحيح أن القمح الأوكراني يعد ضرورياً لإطعام السكان في البلدان الأخرى التي تواجه صراعات، بما في ذلك أفغانستان والسودان واليمن، إذ تستخدمه الأغلبية العظمى من السكان هناك ولا يمكن الاستغناء عنه، إلا أنه حتى البلدان المتقدمة ستشعر بآثار أزمة الغذاء الحالية، بعدما باتت القدرة على تحمل تكلفة الغذاء، مشكلة للمتسوقين ذوي الدخل المنخفض في العالم.