اتفاق تاريخي.. خطوة جديدة نحو حلحلة الأزمة الليبية وتوحيد الجيش
اتفاق بين الجيش الليبي وإحدى كتائب مصراتة... هل يسهم في حلحلة الأزمة الليبية؟

السياق
اتفاق وُصف بـ«التاريخي»، واعتبر كإلقاء حجر في المياه الراكدة، قد يمهد طريقًا لحلحة الأزمة الليبية، التي لم تراوح مكانها منذ عشر سنوات.
الاتفاق الذي أبرم، بين اللواء «طارق بن زياد» التابع للجيش الليبي، و«كتيبة 166»، التي يقودها محمد الحصان، التابعة لمدينة مصراتة وقوات ما يعرف بـ«بركان الغضب»، شُكلت بموجبه قوة أمنية مشتركة، من أجل حماية حركة المرور في «طريق النهر» وضمان إيصال الوقود والمواد الأساسية إلى منطقة الجنوب.
وقال مصدر بالقيادة العامة للجيش الليبي، في تصريح لـ«السياق»، إن اللواء طارق بن زياد وكتيبة 166 اتفقا -خلال اجتماع عُقد مؤخرًا- على تشكيل قوة أمنية، يبدأ بموجبها الطرفان تسيير دوريات لتأمين الطريق الرابط بين منطقتي الشويريف (جنوبي غربي ليبيا) والسدادة شمال مدينة بني وليد.
نبذ الخلافات
واعتبر مراقبون ليبيون، أن اللقاء الذي عُقد في مدينة الشويرف، بين آمر وأفراد من الكتيبة 166 مشاة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية، مع آمر قوة طارق بن زياد التابعة للقيادة العامة بالمنطقة الشرقية، يهدف إلى نبذ الخلافات ونسيان الماضي.
وأكد المراقبون، أن الخطوة التي تأتي بعد سنوات من القطيعة، بين الجيش الليبي ومنطقة مصراتة، قد تعبِّد الطريق الملغم بالأشواك، نحو توحيد المؤسسة الأمنية والعسكرية في ليبيا.
من جانبه، قال أيوب الأوجلي، المحلل السياسي الليبي، في تصريحات لـ«السياق»، إن الخطوة التي جاءت بشكل مفاجئ، ضرورية لتأمين الطريق الرابط بين شرق البلاد وغربها، وتجنُّب تداخل الاختصاصات، وأية مشاحنات أو مشكلات قد تؤدي إلى تصرفات فردية، تهدد بانهيار اتفاق وقف إطلاق النار، مشيرًا إلى أن هذه الخطوة ستسهم في المضي قُدمًا في طريق توحيد المؤسسة العسكرية.
انفتاح المليشيات
وأوضح الأوجلي، أن هذه الخطوة إيجابية، وتعكس انفتاح قادة المليشيات على تطبيق اتفاق جنيف، بما في ذلك حل المليشيات ونزع سلاحها وتوزيع قواتها على مؤسسات الدولة الرسمية.
وأكد المحلل السياسي الليبي، أنه في حال نجاح هذه الخطوة، ستتبعها خطوات متسارعة تسهم في دفع المسار العسكري، نحو تنفيذ المزيد من البنود الخاصة باتفاق وقف إطلاق النار.
وعن تأثير تلك الخطوة في ملف الانتخابات، قال الأوجلي، إن التوافق المبدئي العسكري الجديد، لن يكون له تأثير مباشر في ملف الانتخابات، الذي يتعرَّض لضغوط سياسية كبيرة، مشيرًا إلى أن المليشيات المسلحة لا تركز بشكل كبير على عرقلة الانتخابات، كون عملهم منصبًا على الضغط والابتزاز، وهو ما نشاهد تأثيره في عمل كل حكومة تأتي إلى طرابلس.
وكانت وسائل إعلام ليبية، تحدَّثت الأسبوع الماضي على استحياء عن ذلك الاتفاق، إلا أن اللواء أحمد المسماري المتحدِّث باسم القيادة العامة للجيش الليبي، نفى الأسبوع الماضي تلك التقارير، لأن الغرض منها نشر الفتنة وتأجيج خطاب الكراهية، وتعميق الهوة بين الأطراف الليبية، وخلط الأوراق قبل موعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، في 24 ديسمبر المقبل 2021.
تأتي تلك الخطوة، بعد يومين من إطلاق الجيش الليبي 17 محتجزًا من قوات مصراتة، ضمن جهود اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، لإعادة توحيد الجيش الليبي، ولمد جسور الثقة بين الأطراف، شرقي البلد الإفريقي وغربه.
إيقاف الحرب
وتعهدت اللجنة العسكرية الليبية (5+5) أثناء تبادل المحتجزين، بعدم تخليها عن مشروعها الوطني، لإيقاف الحرب وفتح الطريق، وتبادل الأسرى ونزع الألغام، وإخراج المرتزقة وتعميم السلام الليبي.
وكان وفد من اللجنة العسكرية، تفقد مدينتي غات وأوباري، جنوبي ليبيا، وأمر بتسيير دوريات صحراوية من اللواء 128 معزز والكتيبة 628 مشاة، في عدد من مناطق الجنوب.
وقالت شعبة الإعلام الحربي التابعة للجيش الليبي، حينها، إن الدوريات شملت مناطق تراغن وتجرهي وغرنديقة وتبة الصقر، وصولًا إلى مثلث السلفادور، الذي يربط حدود الدولة الليبية بالجزائر والنيجر، ومنها إلى مطار الثوم العسكري، مرورًا بمنطقتي بلي بحر والخرمة.
وأكدت أن الدوريات مستمرة، من أقصى الجنوب الغربي إلى جبال مالك شرقاً، التي تربط ليبيا والسودان ومصر، لتأمين الحدود الجنوبية الليبية من التنظيمات الإرهابية المسلحة، والحد من ظاهرة الهجرة غير المشروعة وتهريب الوقود.
خطوات سياسية
الجهود العسكرية تزامنت مع خطوات أخرى سياسية لتأمين الحدود، حيث التقى نائب رئيس المجلس الرئاسي الليبي موسى الكوني، النائب الأول لرئيس مجلس السيادة قائد قوات الدعم السريع السودانية، الفريق أول محمد حمدان دقلو حميدتي، في مكتبه بالقصر الرئاسي.
وبحسب بيان نشرته وكالة الأنباء السودانية، فإن اللقاء بحث علاقات التعاون بين البلدين في المجالات كافة، إضافة إلى مناقشة تفعيل الاتفاقية الرباعية لحماية الحدود، والحد من الهجرة غير المشروعة، مشيرة إلى أن الكوني قدَّم دعوة للسودان، للمشاركة في مؤتمر وزراء دفاع الجوار الليبي، الذي تستضيفه المغرب الشهر المقبل، لدعم استقرار ليبيا والمنطقة.
الجهود السياسية والعسكرية تسابق الزمن، لإرساء اتفاق وقف إطلاق النار بين الأطراف الليبية، الذي وُقِّع في 23 أكتوبر الماضي في مدينة جنيف بسويسرا.
اتفاق جنيف
«اتفاق جنيف»، يهدف إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العكسرية والمجموعات المسلحة بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، برًا وبحرًا وجوًا، في مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ توقيع وقف إطلاق النار.
كما نص الاتفاق، الذي اطعلت «السياق» على نسخة منه، على تجميد العمل بالاتفاقيات العسكرية، الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي، وخروج فرق التدريب، على أن تكلف الغرفة الأمنية المشكلة بموجب الاتفاق، باقتراح وتنفيذ ترتيبات أمنية خاصة، تكفل تأمين المناطق التي تم إخلاؤها من الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلحة.
الاتفاق نص –كذلك- على بدء عملية حصر وتصنيف المجموعات والكيانات المسلحة، بجميع مسمياتها على التراب الليبي، سواء التي تضمها الدولة، أو التي لم يتم ضمها، ومن ثم إعداد موقف عنها، من حيث قادتها وعدد أفرادها وتسليحها وأماكن وجودها، وتفكيكها، ووضع آلية وشروط إعادة دمج أفرادها بشكل فردي إلى مؤسسات الدولة.
ويينما يحاول الجيش الليبي، الإبقاء على ذلك الاتفاق، من دون أي شروخ، تسعى المليشيات المسلحة في الغرب الليبي إلى نقضه، بتحشيدات عسكرية، في خطوة مخالفة لنصوص ذلك الاتفاق.