كفن الموت وتوك توك.. مشاهد مثيرة في أولى جلسات البرلمان العراقي

عند رفع جلسة مجلس النواب للمداولة، أعلنت وكالة الأنباء العراقية، أن رئيس السن تعرَّض لوعكة صحية، نُقل إثرها إلى المستشفى

كفن الموت وتوك توك.. مشاهد مثيرة في أولى جلسات البرلمان العراقي

السياق

نواب يرتدون الكفن، وآخرون وصلوا بـ«التوك توك» ونقل رئيس السن إلى المستشفى، مشاهد مثيرة شهدتها أولى جلسات البرلمان العراقي، بعد ثلاثة أشهر من إجراء الانتخابات.

وقالت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب: "بدأت مراسم الجلسة الافتتاحية للدورة النيابية الخامسة بحضور جميع نواب الكتل السياسية".

وقالت وكالة الأنباء العراقية إن نواب الكتل السياسية عقدوا اجتماعات منفردة، قبيل جلسة البرلمان الأولى، مشيرة إلى أن نواب ائتلاف دولة القانون، عقدوا اجتماعًا برئاسة النائب عطوان العطواني، بينما اجتمع نواب الحزب الديمقراطي الكردستاني، في فندق الرشيد، برئاسة هوشيار زيباري للتحضير للجلسة الأولى.

وأكدت وكالة الأنباء العراقية، أن نواب الكتلة الصدرية عقدوا اجتماعًا داخل مجلس النواب، قبل انعقاد جلسة البرلمان، وارتدوا الأكفان خلال الاجتماع.

من جانبها، علَّقت عضو مجلس النواب عن الكتلة الصدرية، سهيلة عوفي العجرش، على ارتداء أعضاء الكتلة الكفن، خلال أولى جلسات الدورة البرلمانية الخامسة، قائلة في بيان، اطلعت «السياق» على نسخة منه: «ارتدينا الأكفان وحملنا العلم العراقي، أنا وأخوتي من كتيبه الإصلاح للكتلة الصدرية، ودخلنا قبة البرلمان العراقي، معاهدين الله والقائد مقتدى الصدر والشعب العراقي، على إكمال مشروع الإصلاح والقضاء على الفساد، وإعادة الحق إلى أهله».

وافتتح رئيس السن النائب محمود المشهداني، الجلسة الأولى لمجلس النواب بحضور 325 نائبًا، بينما قالت الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، في بيان مقتضب، إن رئيس السن النائب محمود المشهداني تولى إدارة الجلسة.

وأعلن رئيس السن النائب محمود المشهداني، فتح باب الترشيح لمنصب رئيس مجلس النواب ونائبيه، داعيًا إلى الإسراع باختيار هيئة رئاسة البرلمان.

 

وعكة صحية

وعند رفع جلسة مجلس النواب للمداولة، أعلنت وكالة الأنباء العراقية، أن رئيس السن تعرَّض لوعكة صحية بعد إصابته في تدافع داخل المجلس، نُقل إثرها إلى المستشفى، فيما ترأس النائب خالد الدراجي جلسة البرلمان العراقي بدلاً من محمود المشهداني.

كان مجلس النواب العراقي قال، في بيان، إن جلسة الأحد المنتظرة ستتضمن أداء اليمين الدستورية للنواب الجدد، وفتح باب الترشيح لمنصب رئيس مجلس النواب ونائبيه، إلا أن الوعكة الصحية التي تعرَّض لها رئيس السن، قد تؤدي لإرجاء الجلسة.

من جانبه، قال الكاتب المختص في شؤون الشرق الأوسط وإفريقيا، بوبي غوش، في تصريحات لوكالة بلومبيرغ الأمريكية، إن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وتحالف الفتح، تمكنا من تقاسم المناصب الوزارية المهمة، وإنشاء شبكات محسوبية داخل الوزارات، وتعيين رؤساء وزراء محايدين، لكنهم ضعفاء بعد انتخابات 2018.

وأكد غوش، أن الصدر قد يكون قادرًا على ضمان تحالف مع السُّنة والأكراد واستبعاد تحالف الفتح، مشيرًا إلى أن الرجل الذي لم يتقلَّد مناصب عامة قط، يصوِّر نفسه على أنه زعيم وطني، لا يخضع لإملاءات إيران ولا الولايات المتحدة، وهما القوتان المتنافستان في العراق.

وأشار إلى أن التحدي الأكبر، الذي يواجه الصدر الآن، هو التغلب على مخاوف الأحزاب السُّنية والكردية، وكذلك العداء من حركة الاحتجاج، مؤكدًا أن الصدر قادر على طمأنة هؤلاء جميعًا، عبر ترشيح رئيس وزراء محايد، كالكاظمي مثلًا، ليكون خيار التسوية مرة أخرى.

 

تحالفات عدة

كان تحالف تقدم، بزعامة محمد الحلبوسي، وتحالف عزم بزعامة خميس الخنجر، أعلنا الأسبوع الماضي، تشكيل تحالف سُني يضم 64 نائبًا.

وقال تحالف تقدم، في بيان: «مع قرب انعقاد الجلسة الأولى لمجلس النواب وإيمانًا منا بضرورة توحيد المواقف، لتحقيق وحدة العراق وسيادته وحفظ حقوق جماهيرنا الوفية، فإننا نعبر عن رغبتنا الصادقة في توحيد العمل السياسي بمحافظاتنا العزيزة وتحت راية واحدة».

بيان تحالف تقدم، قوبل ببيان من تحالف عزم، أكد فيه الأخير، أنه ماضٍ مع تحالف تقدم، في خدمة العراق وحماية حقوق أهله، وعدم الاستماع إلى الضغوط التي تحاول إبعاد الأطراف السياسية عن العمل المشترك.

ورغم البيانين التوافقيين، فإنه ما زال هناك خلاف جوهري بين الأطراف الشيعية، فالكتلة الصدرية تصر على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، بينما تريد قوى الإطار التنسيقي، تشكيل حكومة توافقية شبيهة بجميع الحكومات التي تشكلت في العراق بعد عام 2003.

تباين آخر، يقف في وجه أولى جلسات البرلمان، إلا أنه هذه المرة بين الحزبين الكرديين الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني، بشأن تسمية المرشح لشغل منصب الرئيس العراقي للسنوات الأربع المقبلة.

 

خلافات سياسية

وما زالت الأطراف الشيعية بعيدة عن تحقيق تحالف كبير، يضم القوى الشيعية لتشكيل الكتلة الأكبر، بسبب إصرار الكتلة الصدرية على تشكيل حكومة أغلبية وطنية، في حين تصر قوى الإطار التنسيقي، التي تضم أغلبية القوى الشيعية الخاسرة بالانتخابات، على تشكيل حكومة توافقية شبيهة بالحكومات التي تشكلت في العراق بعد عام 2003.

ورغم عدم اتضاح هوية التحالفات، التي سيكون على عاتقها اختيار الرئاسات الثلاث (البرلمان، والجمهورية، والحكومة) خلال المرحلة المقبلة، فإن الساعات الماضية شهدت تصريحات، كشفت عن اثنين من المرشحين يتنافسان على رئاسة البرلمان، هما القيادي في تحالف عزم، رئيس البرلمان الأسبق محمود المشهداني، الذي رأس الجلسة، بينما ينافسه على رئاسة البرلمان زعيم تحالف تقدم محمد الحلبوسي.

 

حكومة أغلبية

كان مقتدى الصدر، الذي تصدرت كتلته نتائج الانتخابات العراقية، دعا مرارًا إلى تشكيل حكومة أغلبية وطنية، كاشفًا عن نيته تسمية رئيس للحكومة من كتلته، إلا أن مراقبين قالوا إن النظام السياسي العراقي، لا يتيح للكتلة الفائزة بأكبر عدد من المقاعد تشكيل الحكومة تلقائيًا.

ولا يتيح النظام العراقي لأحد، القدرة على تشكيل الحكومة، من دون الحصول على 50% +1، من عدد مقاعد برلمان المكون من 329 مقعدًا، بحسب مراقبين أشاروا إلى أن السُّنة والشيعة والكرد ومكونات أخرى، تحتاج إلى التوافق.

ورغم ذلك فإن مراقبين رجحوا أن تتمخض مفاوضات الكتل السياسية العراقية عن حكومة يتوافق عليها تحالف كتلة الصدر، مع تحالف الفتح بزعامة رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي.

وهو ما تأكد، بعد إعلان رئيس تحالف الفتح هادي العامري، في بيان، قبول قرار المحكمة بشأن نتائج الانتخابات التي حصل فيها على 17 مقعدًا من أصل 48 مقعدًا في البرلمان المنتهية ولايته.

 

تحالف أغلبية

بدورها، قالت «فرانس 24» إن رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر قد يتوجه لتشكيل تحالف أغلبية داخل البرلمان، من خلال تحالفات مع أطراف خارج التشكيلات الشيعية، مشيرة إلى احتمال تشكيل ائتلاف مع رئيس البرلمان المنتهية ولايته محمد الحلبوسي والحزب الديمقراطي الكردستاني، الذي يرأسه مسعود بارزاني.

وأكدت الوكالة الفرنسية، أن الأحزاب الشيعية قد تلجأ في النهاية إلى اتفاق مرضٍ لاختيار رئيس للوزراء، بصرف النظر عن عدد المقاعد التي يشغلها كل حزب، إلا أنه رغم تراجع الكتلة السياسية الممثلة لفصائل الحشد الشعبي في الانتخابات، فإن هذه التشكيلات التي يقدر عدد مقاتليها بـ160 ألفًا، ستبقى «لاعبا مهمًا» على الصعيدين الأمني والسياسي.

 

ملامح الحكومة

أما عن ملامح الحكومة المقبلة، فقال مهند الجنابي أستاذ العلاقات الدولية في جامعة جيهان، في تصريحات سابقة لـ«السياق»: من المبكر الحديث عن اسم رئيس الوزراء العراقي الجديد، لكن إذا استطاعت الكتلة الصدرية، أن تشكل الكتلة الأكبر ربما تكون هناك فرصة لرئيس الحكومة الحالي مصطفى الكاظمي في ولاية جديدة.

وأوضح أستاذ العلاقات الدولية، أن الحكومة الحالية، التي لم  يتجاوز عمرها عامًا ونصف العام، بدأت إصلاحات على مستوى السياسة الخارجية العراقية، وأيضًا على مستوى الداخل العراقي، وعليها إكمالها.

 

"فيتو" ضد الكاظمي

وأشار إلى أنه قد يكون اسم رئيس الوزراء الحالي مطروحًا من قِبل الكتلة الصدرية، حتى وإن كانت هناك أسماء أخرى غير الكاظمي، لكن ما أعتقده أن النهج الذي سارت عليه حكومة الكاظمي سيستمر، إذا استطاعت الكتلة الصدرية أن تشكل الكتلة الأكبر وتشكل الحكومة.

وأكد الجنابي، أن الأطراف التي خسرت الانتخابات تضع «فيتو» على شخص الكاظمي، وعلى رئيس البرلمان السابق، إلا أنه في المقابل لا تضع الكتلة الصدرية، وباقي حلفاء الصدر من الكرد والسُّنة «فيتو» على أي جهة سياسية، بل يتبنى الصدر البرنامج الحكومي، الذي طرحه وأكده "برنامج الإصلاح، ومواجهة الفصائل المسلحة، وإصلاح حقيقي في قطاع الأمن".

وشدد أستاذ العلاقات الدولية، على أن هذه التسمية أو هذا التكليف، إذا كان لشخص الكاظمي، سيلقى اعتراضًا كبيرًا من قِبل أطراف اعترضت على الأداء الحكومي، واستعرضت وهددت الدولة، وفي الوقت ذاته بعض الفصائل المسلحة، إلا أن من يتبنى «الفيتو» تجاه الكاظمي، لا يمتلك القدرة التأثيرية على إعاقة تكليفه داخل البرلمان.