ضربات متلاحقة ضد إخوان مصر في تركيا
ألزمت السُّلطات التركية، شباب الإخوان بتوقيع إقرار أمني، يمنعهم من تحويل أي أموال من تركيا إلى مصر، إلا بعد إثبات مصدر هذه الأموال، والجهة التي ستحول إليها، مع التشديد على أن تقتصر التحويلات المادية على أقارب الدرجة الأولى فقط.

السياق
حلقة جديدة، من الممارسات القانونية بدأ النظام التركي، بتنفيذها مستهدفا جماعة الإخوان، إذ أصدرت السُّلطات التركية قبل ساعات، قرارا بإلزام شباب الإخوان الموجودين على أراضيها، بتوقيع إقرار يمنعهم من توجيه أي انتقادات سياسية لمصر، عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.
ليس هذا فحسب، بل ألزمت السُّلطات التركية، شباب الإخوان بتوقيع إقرار أمني، يمنعهم من تحويل أي أموال من تركيا إلى مصر، إلا بعد إثبات مصدر هذه الأموال، والجهة التي ستحول إليها، مع التشديد على أن تقتصر التحويلات المادية على أقارب الدرجة الأولى فقط.
إقامة جبرية
وكانت مصادر مطلعة، قريبة الصلة من أعضاء الإخوان في تركيا، رفضت ذكر اسمها، كشفت لـ"السياق" عن أن السُّلطات التركية تضع 20 من قيادات الصفين الأول والثاني بتنظيم الإخوان، المتهمين في قضية اغتيال النائب العام المصري السابق المستشار هشام بركات، تحت الإقامة الجبرية منذ يناير 2021، أي مع بداية التحرك التركي نحو الجانب المصري، لعودة العلاقات الدبلوماسية.
وذكرت المصادر المقرَّبة من تنظيم الإخوان، أن معظم هؤلاء المتهمين، الذين تضعهم تركيا تحت الإقامة الجبرية، طلبة سابقون، لافتة إلى أن القيادات الكبرى، المطلوبة على ذمة القضية نفسها، تنعم بحياتها بشكل عادي.
ويعيش الـ20 إخوانيًا، المتهمون في قضية النائب العام المصري، داخل "محاضن تربوية"، وهى أسر أو تجمعات صغيرة لتدريس الفِكر الإخواني، يرعاها ويموِّلها يحيى موسى، الذي هو أيضًا تحت الإقامة الجبرية بتركيا، وغير مسموح له بمغادرتها.
وبحسب المصادر، رفضت أنقرة منح الجنسية التركية لعدد من العاملين في القنوات الفضائية، التي كانت تابعة للإخوان، والتي تم وقف برامجها، كما تم تجميد طلبات تجديد الإقامة، لعدد من إخوان مصر في تركيا، لحين الانتهاء من "مراجعات أمنية" لهم.
وأغلقت قيادات إخوانية "من الصف الأول" عدداً من مكاتبها في اسطنبول، خلال الأيام الماضية.
وحذّر الأمن التركي عددًا من قيادات الإخوان من عقد اجتماعات، بعد لقاء بين عدد من القيادات، لمناقشة سبل التعامل مع الأزمة الحالية، التي يواجهها إخوان مصر في تركيا.
واستدعى الأمن التركي عددًا من المتورطين في أعمال عنف في مصر، وأجرى تحقيقات معهم، وحصل على بعض المعلومات، كما طلب منهم عدم تغيير محل إقامتهم في تركيا، إلا بعد الرجوع إليه.
ويقول أحمد بان، المحلل السياسي المصري المتخصص في شؤون الجماعات الإرهابية لـ"السياق": إن الأتراك حسموا أمرهم، ومنحوا عددًا منهم الجنسية التركية، باستثناء مَنْ صدرت بحقهم أحكام نهائية، مثل يحيي موسي وعلاء السماحي.
إطاحة القيادات
من ناحية أخري، كشفت مصادر قريبة الصلة بتنظيم الإخوان في مكتب أنقرة بتركيا، لـ"السياق"، أن الفترة الماضية شهدت انتخابات بمكتب التنظيم في العاصمة التركية أنقرة، والرابطة العامة للإخوان المصريين، في محاولة لعودة التنظيم إلي الواجهة.
وأشارت المصادر، إلى أن المفاجأة التي فجَّرتها تلك الانتخابات، تمثَّلت في تكتل الشباب وجيل الوسط واتفاقهم على إطاحة القيادة التاريخية، الأمين العام السابق محمود حسين وجبهته، وتصعيد موالين لإبراهيم منير القائم بأعمال المرشد العام للتنظيم، إلى جانب تأجيل انتخابات مجلس الشورى.
وذكرت المصادر الموجودة في تركيا، التي طلبت عدم كشف هويتها، لـ"السياق" أن قرار إطاحة محمود حسين، يعد ردًا من الشباب وجيل الوسط، ومعظمهم يعمل في مجال الإعلام، على ما وصفوه بـ"الإدارة السيئة" للملف الإعلامي، وقراراته التي أضعفت قناة وطن، وهي الفضائية الوحيدة المملوكة للإخوان، ما تسبَّب في ضياع فرص عمل كثيرين منهم، بحسب المصادر.
ويعد مدحت الحداد، الذي يعرف بأنه رجل محمود حسين، والرأس الممول للتنظيم، في مقدمة القيادات التي تمت إطاحتها في الانتخابات الأخيرة.
الحداد أحد رجال أعمال تنظيم الإخوان، هرب من مصر إلى تركيا عقب أحداث ثورة 30 يونيو التي أطاحت حكم التنظيم، واستمر في عمله بإدارة أموال التنظيم، تحت غطاء عدد من الواجهات المالية، وسبق أن حُكم عليه في مصر بالسجن 3 سنوات، مع عدد من قيادات التنظيم، بتهمة غسل أموال وتمويل تنظيم محظور.
وبحسب ما ذكره محمود علي، باحث دكتوراه في الجماعات المتطرفة بإسطنبول لـ"السياق"، يواجه التنظيم أزمة كبيرة، في ظل تموضع سياسات المنطقة في الأشهر القليلة الماضية، خاصة مع إخفاقاته المتكررة في تحقيق أي إنجازات ، في الشرق الأوسط بالمطلق، وفي مصر على وجه التحديد.
ويرى محمود علي، أن إجراءات التضييق للنشاط السياسي العلني لتنظيم الإخوان في تركيا، بدأت منذ أشهر وليست وليدة اليوم، إذ أن أنقرة طلبت من التنظيم، التوقُّف عن أي نشاط سياسي معلن له ضد مصر.