محاولات أوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي... من يطلق الرصاصة الأخيرة؟

مرحلة خطيرة وفاصلة... نووي إيران يدخل نفقًا مظلمًا وسط مخاوف من الرصاصة الأخيرة

محاولات أوروبية لإنقاذ الاتفاق النووي... من يطلق الرصاصة الأخيرة؟

ترجمات – السياق

بعد أشهر من الجمود الناجم عن «تعنُّت» إيران، يواجه الملف النووي مرحلة خطيرة وفاصلة، تهدد بإفشال أكثر من عام من الجهود الدبلوماسية الأوروبية، لإبرام صفقة من شأنها أن تؤدي لإعادة ضم أمريكا لاتفاق 2015.

إلا أن الاتحاد الأوروبي يقوم بمحاولة أخيرة، لإنقاذ الاتفاق النووي الإيراني وكسر الجمود الناجم عن مطالبة طهران بأن ترفع واشنطن تصنيفها الإرهابي عن مليشيات الحرس الثوري، ورفع العقوبات عن إيران، مقابل تخفيضها بشكل كبير نشاطها النووي.

من جانبه، قال جوزيب بوريل، منسق السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي لصحيفة فاينانشيال تايمز، إن الاتحاد الأوروبي يسعى إلى «حل وسط» لإنهاء المأزق الحالي.

وأوضح بوريل أنه يريد أن يزور مفاوض الاتحاد الأوروبي إنريكي مورا طهران لمناقشة القضية، لكنه أضاف أن إيران كانت مترددة للغاية، واصفًا الدفعة الدبلوماسية الأوروبية بأنها «الرصاصة الأخيرة».

 

سيناريو أوروبي

ويفكر بوريل في سيناريو يرفه بموجبه التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري، مع الاحتفاظ به في أجزاء أخرى من المنظمة، التي لديها أذرع عدة عبر جهاز الأمن وامبراطورية أعمال مترامية الأطراف.

وقال المحللون إن أحد خيارات التسوية -بالنسبة للولايات المتحدة- رفع التصنيف الإرهابي عن الحرس الثوري وإبقاؤه على قوة القدس، وهي الوحدة المسؤولة عن عمليات الحرس في الخارج، التي تسلح وتدعم الجماعات المسلحة في الشرق الأوسط.

وصُنِّف فيلق القدس منذ عام 2007 منظمة إرهابية، بينما صنف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الحرس بأنه منظمة إرهابية عام 2019، بعد عام من تخليه عن الاتفاق النووي.

وفرض ترامب مئات العقوبات على إيران، في إطار حملة «الضغط الأقصى» عليها، ما دفع الأخيرة لتكثيف نشاطها النووي، لتخصب الآن اليورانيوم بأعلى مستوياتها على الإطلاق، بالقرب من مستوى صُنع الأسلحة.

ووعد الرئيس الأمريكي جو بايدن بالانضمام إلى الاتفاق، إذا عادت إيران إلى الامتثال له، وأمضى الاتحاد الأوروبي شهورًا بالتوسط في محادثات غير مباشرة بين واشنطن وطهران في فيينا.

ويصر المسؤولون الغربيون على أن الاتفاق جاهز للتوقيع، لكن لم تجر أي مفاوضات في فيينا منذ مارس، بينما تقول طهران إنها مستعدة للتوقيع، إذا لبت واشنطن مطالبها.

وقال محللون إن إدارة بايدن كانت مترددة في رفع تصنيف الحرس، لأنها ستواجه رد فعل عنيفًا محليًا، وكذلك من حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط.

نقطة توازن

وقال بوريل: «في لحظة معينة، يجب أن أقول، بصفتي المنسق لمحادثات فيينا، إنني أعرض هذا الاقتراح على الطاولة رسميًا (...) نقطة التوازن الوحيدة الممكنة ستكون هذه النقطة»، مضيفًا: «لا يمكننا الاستمرار على هذا المنوال إلى الأبد، لأنه في هذه الأثناء تواصل إيران تطوير برنامجها النووي».

وأضاف الدبلوماسي الأوروبي، أن «الملف على طاولة الرئيس بايدن نفسه، ومناقشاتي مع أنتوني بلنكين وصلت إلى أقصى حد»، بينما قال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية إن واشنطن لا تتفق مع إيران، في وجوب ربط تصنيف الإرهاب بالمحادثات النووية.

وقال المسؤول: «إذا كان يهم إيران أن نرفعها، فسنحتاج إلى شيء يعالج مخاوفنا غير النووية في المقابل»، مشيرًا إلى أنه إذا أصرت إيران على وجوب رفع التصنيف ورفضت الأفكار التي عرضناها، ستنهار المحادثات.

لكن في إشارة إلى تأثير الهجوم الروسي لأوكرانيا في المحادثات، قال بوريل إن المفاوضين لن يمنحوا إيران إنذارًا.

أزمة منفصلة

ويقول محللون إنهم قلقون بشأن إثارة أزمة منفصلة مع إيران، وحريصون على إبرام صفقة تمكن طهران من زيادة صادراتها النفطية، للمساعدة في وقف ارتفاع أسعار الطاقة واستبدال الخام الروسي.

وقال بوريل إن الولايات المتحدة وإيران تريدان صفقة، يستفيد منها الأوروبيون كثيرًا، مضيفًا: «لقد تغير الوضع الآن، بالنسبة لنا كان شيئًا (...) حسنًا، لسنا بحاجة إليه، الآن سيكون من المثير جدًا أن يكون لدينا مورد خام آخر».

من جانبه، قال علي واعظ، الخبير الإيراني في Crisis Group، وهي مؤسسة فكرية، إن إدارة بايدن عرضت شطب الحرس من قوائمهم في المناقشات مع حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، مقابل الالتزام بمتابعة المفاوضات بشأن صفقة أطول وأقوى.

وأوضح واعظ، أن إدارة بايدن قدَّمت العرض نفسه للرئيس إبراهيم رئيسي المتشدد، الذي فاز في الانتخابات العام الماضي، مقابل التزامه بعدم استهداف الأمريكيين، إلا أن طهران رفضت في الحالتين.

 

إيران تتراجع

وقال: «بعد أن استنفدت خياراتها، تأمل إدارة بايدن أن يرضخ الإيرانيون للصفقة ويعيدوها من دون شطبها، بينما يأمل الإيرانيون أن يبدأ بايدن أولاً»، مشيرًا إلى أن الخطر يتمثل في أن الجهود المبذولة لإحياء الصفقة قد تدخل فترة طويلة من النسيان، إلا أنه ليس هناك خيار مجاني للإدارة.

في سياق متصل، كشف خبير غربي معلومات جديدة، قائلًا، إن إيران التي تمانع بشدة -في الوقت الحالي- قبول هذا العرض، كانت وافقت على مساومة أو تسوية معينة بشأنه.

وأوضح الخبير الغربي أن إيران وافقت أو أبدت استعدادها للنظر في نوع من الالتزام المتبادل، مقابل إزالة الحرس من القائمة السوداء، إلا أنها تراجعت عندما علمت أن التزامها لن يظل سراً.