الإرهاب العالمي في طريقه للعودة... وإفريقيا محطته التالية

العوامل القديمة المتمثلة في الفقر والتهميش، تعد مزيجًا قابلًا للاشتعال في أي لحظة، وينذر بعودة الإرهاب في ظل تخفيف القيود، التي كانت مفروضة بسبب وباء كورونا

الإرهاب العالمي في طريقه للعودة... وإفريقيا محطته التالية

ترجمات - السياق

حذرت مجلة فورين بوليسي الأمريكية من عودة الإرهاب العالمي، قائلة إنه بعد سنوات من التوقف، يبدو أنه ظهر مرة أخرى، مشيرة إلى أنه رغم انخفاض عدد الوفيات الناجمة عن العمليات الإرهابية، فإن هذه الهجمات تتزايد، كما تتفوق السياسة على الدين كدافع لها، على الأقل في الغرب.

وأضافت المجلة، في تقرير، أن العوامل القديمة المتمثلة في الفقر والتهميش والحكم الضعيف، تعد مزيجًا قابلًا للاشتعال في أي لحظة، وينذر بعودة الإرهاب في ظل تخفيف القيود، التي كانت مفروضة بسبب وباء كورونا.

 

بؤرة الإرهاب

سلَّطت المجلة الضوء على أحدث مؤشر للإرهاب العالمي، الذي وضعه معهد الاقتصاد والسلام "GTI"، ومقره أستراليا، قائلة إن النقاط السابقة كانت من النتائج التي ذكرها تقرير المعهد.

ورأى المعهد، في تقريره، أن إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى أصبحت بؤرة للإرهاب العالمي، بعد توسع تنظيم داعش في المنطقة، واستمرار وجود جماعة بوكو حرام، حتى مع استمرار أفغانستان باعتبارها الدولة الأكثر تعرضاً للإرهاب في العالم.

وأشارت المجلة إلى أن ذلك لا يعني أن البقع الساخنة التقليدية -مثل الشرق الأوسط أو شرق إفريقيا- خارج نطاق الهجمات الإرهابية، حيث أكدت الهجمات التي وقعت مؤخراً في إسرائيل والصومال، استمرار التهديدات الإرهابية في هذه المناطق.

ولفتت المجلة إلى أن التغيير الأهم الذي جرى في التقرير الأخير، وقوع المزيد من الهجمات الإرهابية وعدد أقل من القتلى، إذ لقي نحو 7142 شخصاً مصرعهم في الهجمات الإرهابية عام 2021، بانخفاض طفيف عن عام 2020، لكنه يمثل انخفاضاً بمقدار الثلث عن عام 2015، بينما تسارعت وتيرة الهجمات، التي قفزت 17% لتصل إلى 5226 هجوماً العام الماضي، وهو أعلى رقم منذ عام 2007، عندما بدأ معهد الاقتصاد والسلام التسجيل، الأمر الذي أرجعه التقرير إلى العنف في منطقة الساحل الإفريقي، وعدم الاستقرار في بعض الدول مثل أفغانستان وميانمار.

وتابعت: "وكما هو الحال دائماً، فإن انتشار الإرهاب يظل مرتبطًا بالظروف الاجتماعية والاقتصادية، حيث تستغل المنظمات الإرهابية الفقر والتهميش لتجنيد أعضائها الجدد، إذ يعد (داعش)، على سبيل المثال، الشباب الأوروبي الساخط بحياة وفرص جديدة، بينما تقدم بوكو حرام رواتب ضخمة في منطقة الساحل الإفريقي".

 

وحشية متطرفة

وفقاً للمجلة، فإن هذه الجماعات تستخدم الوحشية المتطرفة، وهو ما ظهر في تصرفات "داعش" في العراق، للاحتفاظ بمقاتليها، الذين يخشون عواقب محاولة المغادرة، ولجذب العنيفين، كما توفر هذه الجماعات إحساساً قوياً بالانتماء للمحرومين، لأن الانضمام إلى مجموعة يساعدهم في النجاة، ويوفر لهم الحماية من أي تهديد محتمل.

ورأت المجلة أنه لهذا السبب يمكن أن يؤدي رفع القيود المتعلقة بالوباء، بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية، لزيادة نشاط الجماعات الإرهابية، لأن تخفيف عمليات الإغلاق والقيود التي كانت مفروضة على الحركة، قد يؤدي إلى تصاعد عدد الهجمات، في حال عدم معالجة المشكلات الأساسية التي تؤدي إلى التطرف، إذ ساعدت سنوات من عدم المساواة والمظالم الاقتصادية والاجتماعية، إلى رفع معدلات البطالة بين الشباب، وتزايد احتمال انتشار التطرف.

وصنَّف مؤشر المعهد الأسترالي تنظيم داعش بأنه الأكثر دموية بين المنظمات الإرهابية، مشيراً إلى توسع نطاقه من خلال الجماعات التابعة له في منطقة الساحل الإفريقي، التي جعلت تلك المنطقة مركزاً لعودة الإرهاب.

 

مصدر قلق

حسب ما أفاد التقرير فإن منطقة الساحل، التي تتكون من بوركينا فاسو والكاميرون وتشاد وغامبيا وغينيا وموريتانيا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال، تشكل "مصدر قلق بالغ"، حيث ارتفع عدد الوفيات هناك بسبب الإرهاب بأكثر من 1000% منذ عام 2007، كما كان نصف الوفيات الناجمة عن الهجمات الإرهابية على مستوى العالم -العام الماضي- في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، لاسيما في منطقة الساحل.

وأضافت المجلة أن توسع نطاق الجماعات التابعة لـ"داعش" سبب تصاعد الإرهاب في العديد من دول الساحل الإفريقي، مشيرة إلى أن انتشار الجماعات التابعة لـ"داعش" وتنظيم القاعدة، أدى إلى تحويل إفريقيا إلى ملاذ للإرهابيين.

وذكر تقرير المعهد أن عدد الوفيات بسبب الإرهاب، تضاعف في النيجر عام 2020 ليصل إلى 588 حالة، قائلاً إن 43% من الوفيات المنسوبة إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل "داعش" غربي إفريقيا، وجماعة نصرة الإسلام والمسلمين، و"بوكو حرام"، و"حركة الشباب" حدثت في منطقة الساحل.

ورأت "فورين بوليسي" أن انسحاب قوات الأمن وقوات حفظ السلام الأمريكية وتلك التابعة للاتحاد الإفريقي -العام الماضي- أدى إلى تعزيز حركة الشباب، التابعة لـ"القاعدة" التي تقف وراء معظم الهجمات الإرهابية في الصومال البالغ عددها 308 عام 2021، كما أن عدم الاستقرار السياسي الذي أعقب قرار البرلمان الصومالي تمديد ولاية الحكومة إلى أجل غير مُسمى ساعدها أيضاً، إذ تعمل الحركة، مثل حركة طالبان وفروعها في أفغانستان وباكستان، على ملء الفراغ الذي خلفه انسحاب قوات مكافحة الإرهاب.

 

أفغانستان تتصدر

وفقاً للمؤشر، فإن قائمة الدول المتضررة من الإرهاب ما زالت تتضمن الكثير من الدول المعتادة، حيث تتصدر أفغانستان القائمة منذ عام 2019، يليها العراق في المركز الثاني والصومال في المركز الثالث، بينما تراجعت باكستان في ترتيب العام الماضي من المركز الـ8 إلى الـ10، مشيرة إلى أن هذا الترتيب قد يتغير قريباً بالنظر إلى تصاعد معدل النشاط الإرهابي داخل إسلام أباد، بعد استيلاء طالبان على السلطة بأفغانستان المجاورة في أغسطس الماضي.

ولفتت المجلة إلى أن إحدى المفاجآت التي أظهرها مؤشر هذا العام إدراج ميانمار في القائمة، بعد تصاعد الإرهاب في الدولة الواقعة جنوبي شرق آسيا، منذ أن استعاد الجيش السلطة بعد الانتخابات التي أجريت في فبراير 2021، وسجن القادة الديمقراطيين، بما في ذلك الحائزة جائزة نوبل للسلام أونغ سان سو كي، إذ ارتفعت الهجمات الإرهابية من 25 فقط عام 2020 إلى 750 العام الماضي، الأمر الذي تسبب في قتل أكثر من 500 شخص.

ورأت "فورين بوليسي" أن هناك مؤشرات على استياء واسع النطاق من قيادة المجلس العسكري في ميانمار، لأن أغلبية الهجمات تستهدف موظفي الحكومة وقوات الأمن، لافتة إلى أن الهجوم الأسوأ كان ذلك الذي شنته جماعة قوات الدفاع الشعبي، في أغسطس الماضي، الذي أسفر عن قتل 30 جندياً بعد تفجير قافلتهم.

ويتوقع تقرير المعهد أن "تؤدي التوترات بين الجيش والجماعات المناهضة للمجلس العسكري، إلى مزيد من أعمال العنف، في ظل عدم استعداد أي من الجانبين للتنازل".