وثائق باندورا.. تحقيق يكشف الملاذات الضريبية السرية لمشاهير العالم
يستند التحقيق، الذي أطلق عليه وثائق باندورا وساهم فيه نحو 600 صحفي، إلى نحو 11.9 مليون وثيقة مصدرها 14 شركة للخدمات المالية، كما سلَّط الضوء على أكثر من 29 ألف شركة أوفشور.

ترجمات-السياق
كشفت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، النقاب عن مجموعة من الوثائق المسرَّبة، التي تتضمن أسرار النخب الثرية، في أكثر من 200 دولة، الذين يستخدمون الملاذات الضريبية السرية، لشراء الممتلكات وإخفاء الأصول، بينهم أكثر من 330 سياسياً وقادة دول و130 مليارديراً، إضافة إلى مشاهير وتجار مخدرات وأفراد من العائلات المالكة، وقادة الجماعات الدينية، في جميع أنحاء العالم.
وقالت الصحيفة، في تقرير، إن الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين (ICIJ) أمضى أكثر من عام، في بحث وتحليل الوثائق التي وصفتها بأنها "أكبر تعاون صحفي في العالم".
ويستند التحقيق، الذي أطلق عليه "وثائق باندورا" وساهم فيه نحو 600 صحفي، إلى نحو 11.9 مليون وثيقة مصدرها 14 شركة للخدمات المالية، كما سلَّط الضوء على أكثر من 29 ألف شركة أوفشور.
قادة دول
وكشف التحقيق، عن مزاعم إنفاق ملك الأردن، الملك عبد الله الثاني، أكثر من 100 مليون دولار، على شراء منازل فاخرة في ماليبو، كاليفورنيا، وأماكن أخرى، كما كشفت عن ملايين الدولارات من الممتلكات والأموال السرية لقادة جمهورية التشيك وكينيا والإكوادور ودول أخرى، ومنزل على الواجهة البحرية في موناكو حصلت عليه روسية اكتسبت ثروة كبيرة، بعدما ورد أنها أنجبت طفلًا من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
لكن الديوان الملكي الأردني، كذَّب المعلومات الواردة في "وثائق باندورا"، مشيراً إلى أن امتلاك الملك عبدالله الثاني عقارات، ليس بأمر جديد وعدم الإعلان عنها، يرجع إلى الخصوصية واعتبارات أمنية.
وقال الديوان الملكي، في بيان: تم توظيف بعض المعلومات، بشكل مغلوط، شوَّه الحقيقة وقدَّم مبالغات وتفسيرات لا صِحة لها، موضحاً أن العاهل الأردني يمتلك عددًا من الشقق والبيوت في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة، وهذا ليس بأمر جديد.
وأشار البيان، إلى أن الملك عبدالله يستخدم بعض هذه الشقق، أثناء زياراته الرسمية، ويلتقي الضيوف الرسميين فيها، كما يستخدم وأفراد أسرته البعض الآخر في الزيارات الخاصة.
وقال الديوان الملكي الأردني، إن هناك اعتبارات أمنية، تحول دون الإعلان عن أماكن إقامة الملك وأفراد أسرته، خاصة في ضوء تنامي المخاطر الأمنية، معتبراً أن ما قامت به بعض وسائل الإعلام من إشهار لعناوين هذه الشقق والبيوت، خرق أمني صارخ وتهديد لأمن وسلامة الملك وأفراد أسرته.
وكشفت التسريبات أيضاً، مسؤولين أمريكيين وغيرهم من القادة الغربيين، الذين كثيراً ما يدينون البلدان الأصغر التي تم استغلال أنظمتها المصرفية المتساهلة على مدى عقود، من خلال نهب الأصول وغسل الأموال القذرة.
ووفقاً لـ"واشنطن بوست" فإن المعلومات المسرَّبة، ذُكرت في أكثر من 11.9 مليون وثيقة مالية، حصل عليها الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين، واطلعت عليها الصحيفة وغيرها من المؤسسات الإعلامية الشريكة، التي تتضمن رسائل البريد الإلكتروني الخاصة، والبيانات والعقود السرية، وغيرها من السجلات التي تفضح المخططات المالية التي لا يمكن اختراقها، وتحدد الأفراد الذين يقفون وراءها.
وثائق بنما وباندورا
ذكرت الصحيفة، أن أوراق باندورا تتجاوز التسريبات، التي جاءت في تحقيق وثائق بنما قبل خمس سنوات، إذ تم الحصول على هذه البيانات الأخيرة، من شركة محاماة واحدة، لكن المواد الجديدة تشمل سجلات من 14 كياناً منفصلاً للخدمات المالية العاملة في بلدان مختلفة، بما في ذلك سويسرا وسنغافورة وقبرص وجزر فيرجن البريطانية، إذ تكشف الملفات أكثر من 29 ألف حساب خارجي، وهو أكثر من ضِعف العدد الموجود في وثائق بنما.
ومن أصحاب الحسابات هناك، أكثر من 130 شخصاً تم إدراجهم في قائمة المليارديرات الخاصة بمجلة فوربس، وأكثر من 330 موظفاً عاماً في أكثر من 90 دولة، وهو ضِعف الرقم الموجود في وثائق بنما أيضاً.
وعرَّفت الصحيفة الـ"أوفشور" الذي تم استخدامه من قِبَلِ الأسماء الواردة في الوثائق، بأنه نظام شديد الخصوصية، يوفِّر فرصة لإخفاء الأصول عن السلطات والدائنين والمطالبين الآخرين، وكذلك عن التدقيق العام، مشيرة إلى أن هذا النظام يسمى بهذا الاسم، لأن البلدان التي روَّجت لطريقة حماية الثروة هذه، كانت غالباً ما تقع في جزر أو مواقع ساحلية.
وأشارت الصحيفة، إلى أن أوراق باندورا تكشف الوثائق الأكثر شمولاً حتى الآن، لعالم مالي موازٍ يمكن أن تمتد آثاره المدمِّرة لأجيال، ما يؤدي إلى استنزاف مبالغ كبيرة من الخزانات الحكومية، وتفاقم التفاوت في الثروات.
وقد عمل الصحفيون، الذين شاركوا في التحقيق باختراق البيانات السرية، وكشفوا -في نطاق غير مسبوق- كيف حمى بعض المجرمين والسياسيين والأثرياء أصولهم، باستخدام الصناديق الائتمانية والأدوات الأخرى.
بوتين
كشفت صحيفة واشنطن بوست، امتلاك سفيتلانا كريفونوجيك، شقة في إمارة موناكو الثرية، تقدَّر قيمتها بملايين الدولارات، في حين أن لا مؤشرات تشير إلى طريقة امتلاكها الثروة الكافية، لشراء مثل هذه الشقة.
وتظهر السجلات المالية، التي لم يكشف عنها من قبل، إلى جانب وثائق الضرائب المحلية، أن كريفونوجيك، 46 عامًا، أصبحت مالكة الشقة في موناكو، من خلال شركة خارجية أنشئت بعد أسابيع فقط من إنجابها فتاة من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وفقًا لتقرير وسائل الإعلام الروسية العام الماضي.
ولم تكشف الملفات، مصدر الأموال التي حصلت عليها المرأة، لدفع ثمن شقة كلفت 4.1 مليون دولار عام 2003، لكن الصفقة تزامنت مع فترة، يزعم فيها أن كريفونوجيك كانت على علاقة ببوتين، وتمكنت فيها من جمع "محفظة مذهلة من الأصول المالية" في روسيا، وفقًا لمنصة برويكت للتحقيقات الروسية، التي حُظرت بعد نشرها تفاصيل تلك العلاقة.
وكشف بنك روسيا عام 2010 أن كريفونوجيك كانت من أكبر المساهمين، من خلال شركتها OOO Relax وتصف وزارة الخزانة الأميركية هذا البنك، المشمول بالعقوبات، بأنه "بنك شخصي لكبار مسؤولي الاتحاد الروسي".
رئيس كينيا
ينتمي كينياتا، إلى واحدة من أقوى العائلات في إفريقيا، وانتُخب رئيساً عام 2013 وأعيد انتخابه عام 2017، وقالت الصحيفة إن الوثائق تشير إلى ارتباطه بمؤسسة في بنما، إذ أنشأت والدته و6 من إخوته شركات ومؤسسات خارجية على الأقل لإدارة أصولهم.
وتظهر الوثائق، أن معظم شركات العائلة تم إنشاؤها قبل أن يصبح كينياتا رئيساً، حيث تمتلك الشركات أصولاً تزيد قيمتها على 30 مليون دولار، لكنه لم يستجب لطلبات الاتحاد الدولي للصحفيين للتعليق على المعلومات الواردة في التسريبات.
رئيس الإكوادور
كشفت وثائق باندورا، أن لاسو كانت له علاقات بأكثر من 10 شركات خارجية وصناديق ائتمانية، في بنما وولايات ساوث داكوتا وديلاوير الأمريكية، وقد أذن لاسو بنقل الشركات إلى مؤسستين جديدتين، تم إنشاؤهما في ساوث داكوتا عام 2017، لكنه نفى أن تكون لديه "أي علاقة من أي نوع بهذه الممتلكات أو الفوائد".
رئيس تشيلي
تُظهر المستندات، أن تجارة بينيرا موَّلت شركتين مسجَّلتين في جزر فيرجن البريطانية، وأن شركة تعدين يمتلك فيها بينيرا وعائلته حصة قدرها 33.3% استخدمت شركة صورية في الجزر البريطانية، لبيع أسهمها لشركة خاصة بصديق مقرَّب له، وقد أخبر زميل يدير استثمارات العائلة ICIJ أن بينيرا لم يشارك في عملية البيع، ولا يتحكم حالياً في أي شركة مسجلة في الجزر البريطانية.
رئيس أوكرانيا
كما أظهرت وثائق باندورا، أن زيلينسكي يمتلك حصة بشركة في جزر فيرجن البريطانية، وقبل شهر من انتخابه رئيساً، نقل زيلينسكي أسهمه إلى سيرجي شيفير، وهو صديق وشريك في العمل، لكن لم يستجب أي منهما لطلبات الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين للتعليق.
الرئيس التنفيذي السابق لهونج كونج
كشفت سجلات باندور،ا أن ليونج استخدم شركات وهمية، لامتلاك أسهم في شركة تابعة لشركة عقارية بريطانية تعمل في اليابان، وعام 2017، بينما كان لا يزال زعيم هونج كونج، تم إدراجه كمالك لشركتين في جزر فيرجن البريطانية، ولم يستجب ليونج لطلبات الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين للتعليق.
الوزيرة السريلانكية السابقة
نيروباما راجاباكسا، هي ابنة عم رئيس سريلانكا وعضوة سابقة في البرلمان، وقد عمل زوجها، ثيروكومار نادسان، مستشارًا ورجل أعمال، وكانا يسيطران على شركة وهمية، تستخدم لشراء شقق فاخرة في لندن وسيدني والاستثمارات، وذلك وفقاً لملفات باندورا، التي تظهر أيضاً أن ناديسان أنشأت شركات خارجية أخرى، للحصول على عقود استشارية من الشركات الأجنبية، لكن لم ترد راجاباكسا وزوجها على أسئلة الاتحاد الدولي للصحفيين الاستقصائيين بشأن هذه الشركات.
وأشارت الصحيفة، إلى أن الأغلبية العظمى من المستندات، الواردة في تسريبات أوراق باندورا، بتواريخ تشير إلى أن العلميات المذكورة أجريت بين عامي 1996 و2020، رغم أن بعضها يعود إلى السبعينيات، مع وجود العديد من الوثائق المؤرخة العام الماضي، كما يتنوع الذين وردت أسماؤهم في الوثائق، حيث تشمل رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير ونجمة البوب الكولومبية شاكيرا وبعض أعضاء النخبة الصينية.