احتجاجات إيران تشتعل... ومخاوف من انشقاقات الجيش ترعب النظام

تصاعد الأحداث، أدى إلى مخاوف من انشقاقات في الجيش الإيراني، خاصة أن دعوات صدرت مع بداية الاحتجاجات على قتل الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر الماضي، لمطالبة قوات الجيش بالانضمام إلى هذه الانتفاضة الشعبية.

احتجاجات إيران تشتعل... ومخاوف من انشقاقات الجيش ترعب النظام

السياق

إضرابات عامة واحتجاجات عارمة، ومخاوف من انشقاقات داخل الجيش الإيراني والحرس الثوري، ملامح الأسبوع التاسع من التظاهرات في إيران، التي لم تنطفئ جذوتها، رغم «القمع» المستمر من السلطات الأمنية.

فبينما حاولت إيران استخدام سلاح الإعدام، الذي جلعته مقصلة لمن يقع في أيديها من المتظاهرين، أملًا في ترهيب المحتجين وإسكات الأحداث المتزايدة يومًا تلو الآخر، لقيت خطتها المزيد من الفشل، وتحطمت على صخرة الإضرابات والتظاهرات، التي خرجت إلى الشوارع في ذكرى «مجزرة نوفمبر».

في اليوم الرابع والستين من احتجاجات إيران، تحولت التظاهرات إلى ذكرى أليمة للمحتجين وللنظام، فالمتظاهرون الذين أحيوا ذكرى قتلى مجزرة نوفمبر 2019، تذكروا ذويهم الذين ووروا الثرى على يد السلطات الإيرانية وأذرعها الأمنية، بينما كانت الأخيرة على موعد مع يوم «ساخن» من الاحتجاجات، مُنيت فيه بخسائر بشرية ومادية.

 

فما أبرز التطورات؟

تحولت مراسم تشييع الجنازات وإحياء ذكرى قتلى مجزرة نوفمبر 2019 إلى احتجاجات «ساخنة»، فالمتظاهرون الغاضبون أضرموا النار في بيت (متحف) الخميني في مسقط رأسه وجزء من مبنى حوزة «قم» الدينية.

وأظهرت مقاطع الفيديو التي بثها مغردو مواقع التواصل الاجتماعي، أن بعض أهالي بوكان حولوا مراسم تشييع سالار مجاور ومحمد حسن زاده، المقتولين مؤخرًا في بوكان وسنندج، ومراسم ذكرى الأربعين لقتل 4 متظاهرين، إلى ساحة احتجاجات ضد النظام.

تلك الاحتجاجات دفعت قوات الأمن إلى إغلاق الطرق المؤدية إلى مكان دفن أحد ضحايا احتجاجات نوفمبر 2019، ويدعى بجمان قلي بور، واعتقال أشخاص كانوا يخططون للمشاركة في مراسم إحياء الذكرى، بينهم 3 من أمهات ضحايا تلك الاحتجاجات.

وضبطت القوات الأمنية الهواتف المحمولة لأفراد عائلة قلي بور، ونشروا قصصًا نيابة عنهم تفيد بإلغاء المراسم السنوية لإحياء ذكرى نوفمبر 2019.

وليس بعيدًا عن تلك الاحتجاجات، ما وقع في 10 مدن بطهران التي شارك بعضها لأول مرة في الاحتجاجات التي اندلعت قبل قرابة شهرين، بينما هتف جميع المتظاهرين في هذه المدن بشعارات كان محورها المرشد علي خامنئي، مثل: «هذا العام عام الدم سيسقط فيه المرشد والموت للديكتاتور والموت لخامنئي».

 

دعوات واسعة للاحتجاج

من المرتقب، أن تنطلق احتجاجات اليوم، في مختلف المدن الإيرانية، بعد ردود الفعل الواسعة على قتل أطفال وشباب إيرانيين على يد النظام، بينهم كيان بيرفلك وأيلار حقي.

وأعلنت عائلة كيان بيرفلك، الطفل البالغ من العمر 9 سنوات، الذي قُتل بالرصاص في احتجاجات إيذه، أن الجنازة ستنطلق الجمعة من مسقط رأسه، بينما دعت مجموعة «شباب أحياء طهران» إلى الاحتشاد، قائلة: «هذه المرة، قتل النظام الأطفال، بأخذ كيان بيرفلك منا. نطالب البختياريبن الغیاری في محافظة خوزستان بأن يرعبوا الحاکم المستبد بحضورهم الموحد خلال مراسم الدفن».

وفي تبريز، ‏تقام مراسم تشييع الشابة إيلار حقي، التي قُتلت في احتجاجات تبريز، شمال غربي إيران، بينما دعا شباب 20 مدينة إيرانية -في بيان مشترك- إلى احتجاجات وإضرابات من 19 إلى 24 نوفمبر الجاري.

ودعا البيان جميع المدارس والجامعات والصناعات، خاصة النفط والبتروكيماويات وأصحاب المتاجر، باستثناء الصيدليات ومخازن المواد الغذائية، للانضمام إلى الإضراب العام، مشيرًا إلى أن الاحتجاجات والإضرابات ستستمر حتى الإفراج عن المعتقلين السياسيين وإخراج القوى القمعية من المدن والقرى وتسليم السلطة للشعب.

ودعا المتحدث باسم أسر ضحايا الطائرة الأوكرانية، حامد إسماعيليون إلى مسيرات عبر العالم غدًا السبت، قائلًا عبر «تويتر»: «لقتلى نوفمبر، لكيان عزيز، لإيذه، لبوكان، لزاهدان، لسنندج وعشرات المدن الأخرى، لمنع إعدام الشباب، للحديث عن الشجاعة، لفضح القاتل».

 

إضراب عام

ومع استمرار الاحتجاجات في إيران، كان سلاح الإضراب العام، الذي دخل يومه الرابع على التوالي، يطوق السلطات بانتشاره في مدن إيرانية عدة، بينها شيراز وشهركرد، وأراك، وقزوين، وكرمان، وسربول ذهاب، وأصفهان، ونجف آباد، وبوجنورد، وإيلام، وصومعه سرا، وسنندج، وبابل، ومروشت، وكركان، وغيرها، بحسب «إيران إنترشيونال»، التي قالت إن أصحاب المتاجر في المدن الإيرانية، أبقوا متاجرهم مغلقة تضامنًا مع التظاهرات.

وأبقى عدد من أصحاب المحلات التجارية والباعة في البازار الكبير بطهران، بما في ذلك بازار كفاشان، متاجرهم مغلقة، وفي شهركرد، مركز محافظة جهارمحال وبختياري، أغلق التجار متاجرهم، وانضموا إلى الإضراب على مستوى البلاد.

بينما رفض تجار أراك فتح متاجرهم، في اليوم الرابع من الإضرابات التي شهدتها البلاد، في ذكرى مجزرة نوفمبر 2019، وانضم تجار قزوين في بعض الشوارع، بما في ذلك فلسطين وخيام، إلى الإضرابات على مستوى البلاد، من خلال إبقاء متاجرهم مغلقة.

 

انشقاقات في الجيش

تصاعد تلك الأحداث، أدى إلى مخاوف من انشقاقات في الجيش الإيراني، خاصة أن دعوات صدرت مع بداية الاحتجاجات على قتل الشابة مهسا أميني في 16 سبتمبر الماضي، على يد ما تعرف بـ«شرطة الأخلاق»، لمطالبة قوات الجيش بالانضمام إلى هذه الانتفاضة الشعبية.

تلك المخاوف، دفعت قائدًا كبيرًا في الجيش الإيراني بمحافظة فارس إلى المطالبة بتقرير يومي عن اعتقال أي من قوات الجيش أو عائلاتهم خلال الاحتجاجات.

وبحسب وثيقة نشرتها «إيران إنترناشيونال»، فإن قائد معسكر التفتيش وإجراءات السلامة، حسين صفر علي زاده، أشار إلى أوامر صادرة من قائده العسكري الأعلى في المحافظات الثلاث، أصفهان ويزد وجهارمحال وبختياري، طالب فيها قادة وحدات الجيش بالإبلاغ عن القضايا المتعلقة باعتقال عائلات أفراد قوات الجيش، وكتابة الشعارات على جدران الثكنات، على أن يكون الإرسال على شكل رسائل نصية باستخدام الهاتف والتقارير المكتوبة.

ونص جزء من هذه الرسالة على: «ينبغي إرسال التقارير المتعلقة بوجود الجيش والمكلفين وأفراد أسر الرسميين في أعمال الشغب واعتقالهم من قِبل الأجهزة الأمنية، وكتابة الشعارات المناهضة للنظام على جدران الثكنات، والضرر المحتمل بالثكنات والأحياء السكنية لقوات الجيش، والإبلاغ يوميًا من الساعة السابعة صباحًا حتى السابعة من صباح اليوم التالي، على شكل رسائل نصية، وإرسال تقارير جديدة لقسم التفتيش والسلامة في هذه القيادة»، بحسب الرسالة.

 

ارتفاع القتلى

يأتي ذلك، بينما أعلنت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، أن عدد قتلى احتجاجات إيران بلغ 342 على الأقل، بينهم 43 طفلًا و26 امرأة، مشيرة إلى أن هذه الإحصائية لا تشمل ضحايا اعتداءات قوات الأمن على المتظاهرين في إيذه خلال احتجاجات الأربعاء والخميس الماضيين.

وقالت منظمة حقوق الإنسان الإيرانية، إن آلافًا اعتُقلوا في إيران خلال الشهرين الماضيين، بعضهم يواجه خطر الحكم بالإعدام في محاكم صورية، بتهم مثل الحرابة والإفساد في الأرض، بينما أكدت وسائل إعلام رسمية أنه حُكم بالإعدام -حتى الآن- على ما لا يقل عن خمسة أشخاص.

من جانبها، أكدت المنظمة الإيرانية لحقوق الإنسان، أن القضاء في إيران ليس مؤسسة مستقلة، بل جزء من جهاز القمع للنظام، مدينة الأحكام الصادرة التي عدتها «تفتقر إلى أي شرعية قضائية».

ودعت هذه المنظمة المجتمع الدولي إلى إيلاء اهتمام خاص بأوضاع المعتقلين في إيران، محذرة نظام طهران «من أن المجتمع الدولي لن يتسامح مع إعدام المحتجين».