بعد موجة التسريحات... انفجار فقاعة شركات التكنولوجيا الكبرى

ينتظر الكثير من شركات التكنولوجيا وموظفيها وعائلاتهم شتاءً أكثر قتامة.

بعد موجة التسريحات... انفجار فقاعة شركات التكنولوجيا الكبرى

ترجمات - السياق

تواجه شركات التكنولوجيا العملاقة في وادي السيليكون -المنطقة الجنوبية من منطقة خليج سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا في الولايات المتحدة، التي تضم أكبر شركات التكنولوجيا في العالم- بعض الانكماش الخطير.

وتحت عنوان "انفجار فقاعة شركات التكنولوجيا الكبرى"، رأت صحيفة غارديان البريطانية في افتتاحيتها، أن شركات التكنولوجيا العملاقة، مثل فيس بوك وإنستغرام وتويتر وأمازون، شكلت عالمنا، لكن العالم جاء دوره ليؤثر فيها، بعد أن كانت هي صاحبة التأثير.

وأشارت إلى أنه في مواجهة الانكماش العالمي، والاقتصاد الأمريكي الذي يبدو أنه يتجه نحو الركود وارتفاع أسعار الفائدة في جميع أنحاء الغرب، فإن شركات التكنولوجيا الكبيرة في ورطة كبيرة.

ففي الأسبوع الحالي، أعلنت "ميتا" -الشركة الأم التي تمتلك فيس بوك وإنستغرام وواتس آب- أنها ستسرح 11 ألف موظف، أو أكثر من 13 في المئة من موظفيها.

الأسبوع الماضي، تخلص مالك "تويتر" الجديد، الملياردير الأمريكي إيلون ماسك -مالك شركة تسلا للسيارات الكهربائية- من نصف القوى العاملة.

وفي أغسطس الماضي، خفضت شركة سناب الأمريكية، الشركة الأم لسناب شات، بتخفيض عدد موظفيها بنسبة 20%.

وبينما أعلنت "أمازون" مؤخرًا، تجميد التوظيف، قررت منصة معالجة المدفوعات سترايب تسريح نحو 14% من عمالها.

 

شتاء قاتم

وحسب افتتاحية "غارديان" ينتظر الكثير من شركات التكنولوجيا وموظفيها وعائلاتهم شتاءً أكثر قتامة، مشيرة إلى أن هذه الشركات وصلت إلى (نقطة الحساب المجتمعي)، في إشارة إلى أن المجتمع يتخلى عن متابعتها رغم أنها كانت الأكثر جذبًا على مدى السنوات القليلة الماضية.

وترى الصحيفة أن الجمع بين ارتفاع أسعار الفائدة وتراجع الاقتصاد قد يؤدي في النهاية إلى تراجع كبير لشركات التكنولوجيا العملاقة.

وبينت أن شركات وادي السيليكون ربحت الكثير من المال خلال العقد الماضي، قبل أن يأتي وباء كورونا، الذي دفع مليارات المستهلكين إلى الشراء عبر الإنترنت.

واعترف الرئيس التنفيذي لشركة "ميتا" مارك زوكربيرج، هذا الأسبوع، بأن ميتا كانت من تلك الشركات التي اعتمدت على هذا المد الهائل من المتابعة المجتمعية، وتصورت أنه سيستمر للأبد إلا أن ذلك لم يحدث.

وقال زوكربيرج في رسالة إلى الموظفين: "لم يقتصر الأمر على عودة التجارة عبر الإنترنت إلى الاتجاهات السابقة، لكن الانكماش الاقتصادي الكلي وزيادة المنافسة وخسارة إشارة الإعلانات تسببت في انخفاض عائداتنا كثيرًا عما كنت أتوقعه"، وتابع: "لقد فهمت هذا الخطأ، وأنا أتحمل المسؤولية عن ذلك".

وشدد على الحاجة إلى أن تصبح أكثر كفاءة في رأس المال وقال إن الشركة ستحول الموارد إلى "مجالات النمو ذات الأولوية العالية"، مثل محرك اكتشاف الذكاء الاصطناعي والإعلانات ومنصات الأعمال، فضلًا عن مشروعها ميتافيرس.

 

خسائر متواصلة

وبينت "غارديان" أن الخسائر المستمرة لشركات التكنولوجيا العملاقة، أثرت بشكل مباشر في كبريات الشركات الأخرى ذات الصلة، ومنها شركة وي وورك الأمريكية للعقارات.

وأشارت إلى أنه -وفقًا لماسك- فإن "تويتر" يخسر 3.5 مليون جنيه استرليني يوميًا.

وفي "ميتا" -حسب الصحيفة البريطانية- استثمر زوكربيرج أكثر من 88 مليار جنيه استرليني في نسخة من الواقع الافتراضي يسميها ميتافيرس، لكنها لم تأتِ بالنتائج المرجوة.

يذكر أن مشروع ميتافيرس، الذي تراهن عليه "ميتا"، ويعتمد على نظارات وسماعات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، كلف الشركة 15 مليار دولار حتى الآن، وتتوقع الشركة أن الخسائر "ستنمو بشكل كبير على أساس سنوي".

ورأت الصحيفة، أن مؤسس منصة العملات المشفرة (إف تي إكس)، ومديرها التنفيذي، سام بانكمان فرايد، الذي يعد من أكثر الشخصيات نفوذًا في مجال التشفير، أصبح ما يشبه بنكًا فرديًا خلال الصيف الماضي، حيث دفع نحو مليار دولار لدعم الشركات المتعثرة مع انخفاض أسعار العملات المشفرة.

ومؤخرًا سجلت عملة منصة FTX تراجعات حادة تجاوزت 80% منذ 5 نوفمبر الجاري، بعد إعلان مؤسس "بينانس" -أكبر منصة لتداول العملات الرقمية من حيث الحجم- تصفية أصوله من عملة إف تي تي التابعة لمنصة إف تي إكس.

وأعلنت "بينانس" في "تويتر" أنها لن تمضي قدمًا في عملية الاستحواذ على عمليات منافستها منصة "إف تي إكس"، مرجعة ذلك إلى عملية الفحص النافي للجهالة والتقارير الصحفية بشأن سوء إدارة أموال العملاء بـ"إف تي إكس".

كانت شركة بينانس لتداول العملات المشفرة قد وقعت خطاب نوايا غير ملزم، للاستحواذ على أغلب عمليات منصة "إف تي إكس" لتغطية أزمة سيولة تمر بها الأخيرة، بحسب ما قاله تشانغبينج تشاو الرئيس التنفيذي لبينانس، الثلاثاء الماضي، في "تويتر".

وقال تشاو: "طلبت منا إف تي إكس المساعدة، هناك أزمة سيولة كبيرة، ولحماية المستخدمين، وقعنا خطاب نوايا غير ملزم، بهدف الاستحواذ على (FTX.com) والمساعدة في تغطية أزمة السيولة... سنقوم بفحص نافٍ للجهالة في الأيام المقبلة".

يذكر أن الفحص النافي للجهالة يُسمى أيضًا "الاستقصاء المستوفي" و"الاسقصاء اللازم"، وهو دراسة شاملة وإجراء أساسي يسبق أي نشاط تجاري أو صفقة تتعلق بمنشأة أخرى مثل عمليات الاندماج بين الشركات أو الشراء أو الاستحواذ أو الاستثمار الجزئي أو المشاركة في المشروعات وتحالفات الأعمال.

أمام ذلك، نقلت وكالة بلومبرغ الأمريكية، عن مصادر قولها: إن مؤسس (إف تي إكس) سام بانكمان فرايد قد يتقدم بطلب للإفلاس حال عدم حصول المنصة على تمويل بنحو 4 مليارات دولار.

ومع كل هذه الخسائر، تحذر "غارديان" من أن هذا الازدهار -الذي شهدته شركات التكنولوجيا الكبرى طوال العقد الماضي- يشهد تراجعًا كبيرًا الآن، وأن "فقاعة شركات التكنولوجيا قد انفجرت"، مشددة على ضرورة أن تتحرك هذه الشركات لتكون أكثر تفاعلًا داخل مجتمعاتها، كمحاولة لوقف نزف الخسائر.