قتل صلاح الشبلاوي... هل يعيد العراق إلى دوامة الاغتيالات السياسية؟

اغتيال قيادي في تيار الصدر... هل يبعثر أوراق العراق نحو الإصلاح؟

قتل صلاح الشبلاوي... هل يعيد العراق إلى دوامة الاغتيالات السياسية؟

السياق (خاص)

بينما يحاول العراق لملمة شتاته ومداواة جراح الانقسامات السياسية التي ما زالت تنزف، بتشكيل حكومة جديدة تضع بغداد على خريطة التنمية، ما زال إرث الماضي يطارد البلد الغني بالنفط، ويهدد خطوات حلحلة الملفات الشائكة، التي دفعت مواطنيه إلى الخروج في احتجاجات شعبية.

ذلك الإرث، الذي يتمثل في ورقة الاغتيالات، التي أرقت العراق في الفترة الماضية، أطلت برأسها من جديد، بعد اغتيال القيادي في تيار الصدر صلاح بريش الشبلاوي، في حادث يعد مؤشرًا خطيرًا على احتمال عودة حوادث القتل الانتقامية، لتحقيق أهداف سياسية.

تلك الأهداف، التي تأتي ضمن سلسلة الصراع على السلطة والنفوذ والاستحواذ على الأموال بطرق غير مشروعة، في ظل «نمو ظاهرة الدولة العميقة» الموازية لمؤسسات الدولة، التي تشكل انتهاكـًا للدستور والقانون، وتنشر الفوضى والرعب والخوف والإرهاب في البلاد، جاءت بعد 3 أسابيع فقط من تشكيل حكومة محمد شياع السوداني، ما أثار تساؤلات عن التوقيت والدلالات.

فبينما يعد مراقبون حادث اغتيال القيادي الصدري، محاولة لتأجيج الصراع و«نفخ الرماد المستعر»، ما يجر البلاد نحو الاقتتال واستكمال مسلسل الصدام، طالبوا السوداني بضرورة التحرك السريع، وتنفيذ برنامجه القائم على نزع السلاح، وثورة على الفساد والقيام بعملية إصلاح شاملة وإعادة الإعمار.

إلى ذلك، قال الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي فاضل أبو رغيف، في تصريحات لـ«السياق»، إن حادث اغتيال القيادي البارز في التيار الصدري بالعراق صلاح بريش الشبلاوي، شائك، مشيرًا إلى أنه لا توجد معلومات محددة حتى الآن.

ورغم غياب المعلومات عن المنفذ وأسباب الحادث، فإن أبو رغيف، قال إن أي عملية جنائية إجرامية تحمل طابعًا سياسيًا، ستؤثر بالقطع في الوضع والمشهد السياسي برمته، وستهدد السلم الأهلي في العراق.

وأكد الخبير الأمني والاستراتيجي العراقي، ضرورة الحوار لنزع فتيل أية أزمة محتملة على خلفية الحادث، سواء بين الإطار التنسيقي والتيار الصدري أم بين الكتل المشتركة، لافتًا إلى أن عملية الاغتيال ستؤثر في الوضع السياسي، وستتسبب في إرباك المشهد برمته.

 

حرب شيعية

الأمر نفسه أشار إليه الدكتور غازي فيصل مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، الذي قال في تصريحات لـ«السياق»، إن الحادث مؤشر خطير على احتمال عودة حوادث الاغتيال الانتقامية بين الأطراف السياسية والكتائب التي تشكل «مافيات للجريمة المنظمة»، مشيرًا إلى أنه يأتي ضمن سلسلة الصراع على السلطة والنفوذ والاستحواذ على الأموال بطرق غير مشروعة، في ظل ما سماه «نمو ظاهرة الدولة العميقة» الموازية لمؤسسات الدولة التي تشكل انتهاكـًا للدستور والقانون، وتنشر الفوضى والرعب والخوف والإرهاب في البلاد.

وأكد مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، أن كل الاحتمالات واردة، فإذا ما اتسعت ظاهرة الاغتيالات، لتأخذ بشكل تدريجي أحد أشكال العنف المسلح بين الأطراف السياسية، سيؤدي اتساع رقعتها إلى ما يشبه الحرب الأهلية، محذرًا من تحليلات غربية ومصادر أمريكية، توقعت أن يواجه العراق حربًا شيعية.

وأشار مدير المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية، إلى أن تجنُّب العراق الحرب الأهلية وانتشار أشكال العنف، مشروط بمدى نجاح رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، في المضي بخطوات دقيقة نحو ضمان الأمن والاستقرار واحتواء مظاهر العنف المسلح.

وأوضح الأكاديمي العراقي، أنه حال نجاحه (السوداني) في فرض النظام والقانون، يمكن تفكيك هذه الأزمات والصدامات المتوقعة، وتفكيك التنظيمات غير المشروعة من المليشيات المسلحة والمافيا، وسحب الأسلحة المنفلتة التي تجاوز عددها 20 مليون قطعة سلاح.

وحذر من اتساع دائرة العنف المسلح قائلًا، إنه إذا اتسعت هذه الظاهرة وأخذت شكل الحرب بين المليشيات، فإن العملية السياسية ستكون مهددة برمتها، ما يعيد العراق إلى نقطة الصفر مرة أخرى، ويجعله بحاجة إلى سنوات لإعادة بناء إجراءات الثقة بين كل الأطراف.

 

ورقة الاغتيالات

نقطة أخرى أشار إليها المحلل السياسي العراقي علي الكاتب في تصريحات لـ«السياق»، قائلًا إن اغتيال القيادي الصدري في هذا التوقيت، محاولة لتأجيج الصراع و«نفخ الرماد المستعر»، في مساعٍ جديدة لجر البلاد نحو الاقتتال واستكمال مسلسل الصدام الذي اشتعل بشكل علني، أواخر أغسطس الماضي عند المنطقة الخضراء.

وبينما قال المحلل السياسي العراقي إن ذلك الحادث قد يصعد من حدة التوترات، أكد أن اللعبة قد تكون مكشوفة للجميع بحكم التجارب السابقة، مشيرًا إلى أن تيار مقتدى الصدر المتوقع قد يكون تدريجيًا يبدأ بالمسار الاحتجاجي ومحاولات الضغط بهذه الحادثة على الخصوم، لتحقيق مزيد من المكاسب.

وأشار إلى أن الاغتيالات «ورقة سياسية» تستخدم من القوى المتخاصمة والمتنازعة وحتى من أطراف أخرى تحاول خلط المواقف وتصعيد الأحداث.

 

طوارئ واستنفار

وفي محاولة لتحييد تلك السيناريوهات، قالت مصادر عراقية مقربة من دوائر الأمن في تصريحات لـ«السياق»، إن هناك حالة طوارئ واستنفار نتيجة هذا الحادث، خوفًا من بدء هجمات انتقامية، أو أي استغلال له، لتسوية حسابات سياسية عبر السلاح بذريعة الانتقام.

وأشارت المصادر التي رفضت كشف هويتها، إلى أن السلطات تحاول تتبع منفذي عملية الاغتيال، مؤكدة أن هناك حالة من الترقب لتطورات المشهد على الأرض، خصوصًا مع انتشار مليشيات «سرايا السلام» في حي الجهاد.