بلاتر بعد 12 عامًا: منح قطر استضافة المونديال كان خاطئًا
اتهامات الرشوة والفساد تضرب قطر من جديد قبل كأس العالم... وحقوق العمال تعود إلى الواجهة

السياق
بينما تستعد قطر لاستضافة كأس العالم بعد أيام معدودة، ووسط قلق غربي وانتقادات لملف حقوق الإنسان، فجَّر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق، جدلاً واسعًا بتصريحاته عن لحظة فوز قطر بملف استضافة البطولة.
وفازت قطر في ديسمبر 2010، بتنظيم نهائيات كأس العالم لكرة القدم، بعد أن اختيرت في التصويت الذي جرى بمقر الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) في مدينة زيورخ السويسرية، بمشاركة أعضاء اللجنة التنفيذية للاتحاد.
إلا أن ذلك التصويت أثير بشأنه الجدل، منذ إجرائه قبل 12 عامًا وسط اتهامات بالفساد والرشوة للجنة التنفيذية، ليعود الجدل من جديد بتصريحات رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السابق سيب بلاتر، الذي قال إن منح دولة قطر حق استضافة كأس العالم 2022 كان قراراً خاطئاً.
فـ«كان تسليم كأس العالم إلى قطر خطأ واختيارًا سيئًا»، يقول رئيس الفيفا السابق سيب بلاتر، الذي كرر مزاعم أن القرار جاء نتيجة ضغوط سياسية سرية، مشيرًا إلى أن البطولة منحت للدولة الخليجية، بسبب تصرفات رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم السابق ميشيل بلاتيني، تحت ضغط من الرئيس الفرنسي آنذاك نيكولا ساركوزي.
وفي مقابلة مع صحيفة «تاغيز أنزيغر» السويسرية، قال بلاتر، إن قطر «بلد صغير للغاية» بالنسبة لاستضافة البطولة، مشيرًا إلى أن «كرة القدم وكأس العالم أكبر من أن تستضيفها... الأمر واضح بالنسبة لي: قطر خطأ».
كواليس التصويت
وعن كواليس التصويت، قال بلاتر للصحيفة السويسرية: «في ذلك الوقت، اتفقنا فعليًا في اللجنة التنفيذية على أن روسيا يجب أن تحصل على كأس العالم 2018 والولايات المتحدة لعام 2022. كان يمكن أن تكون بادرة سلام إذا استضاف الخصمان السياسيان منذ فترة طويلة كأس العالم واحدًا تلو الآخر».
ولدى سؤاله عن سبب كون قطر اختيارًا سيئًا، لم يشر بلاتر إلى مخاوف حقوق الإنسان التي سادت البطولة، لكنه قال «إن خطط الفيفا عطلت من قبل بلاتيني»، زاعمًا أن الفرنسي كان له دور فعال في توجيه أربعة أصوات من الدول الأوروبية إلى قطر، بعد ضغوط من ساركوزي.
و«بفضل الأصوات الأربعة لبلاتيني وفريقه (الاتحاد الأوروبي)، ذهبت كأس العالم إلى قطر بدلاً من الولايات المتحدة»، يقول بلاتر عن التصويت ضد استضافة الولايات المتحدة للبطولة، مضيفًا: «أخبرني بلاتيني بأنه تلقى دعوة إلى قصر الإليزيه، حيث تناول الرئيس الفرنسي ساركوزي الغداء مع ولي عهد قطر. قال ساركوزي لبلاتيني: انظر ماذا يمكنك أن تفعل أنت وزملاؤك من الاتحاد الأوروبي لكرة القدم لقطر عندما يتم منح كأس العالم».
حضر الاجتماع ميشيل بلاتيني (لاعب كرة القدم الفرنسي العظيم السابق الذي كان حينها رئيس الاتحاد الأوروبي لكرة القدم، الهيئة الأوروبية لكرة القدم) والشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ولي عهد قطر آنذاك والذي أصبح أميرًا الآن.
ووفقًا لبلاتر، عندما سأل عن هذا، كان رد بلاتيني: «سيب، ماذا ستفعل إذا طلب منك رئيسك شيئًا ما؟» ثم أخبرته بأن السؤال لم يطرح علي لأنه ليس لدينا الرئيس في سويسرا.
كان المسؤولون الفرنسيون قد استجوبوا بلاتيني عام 2019 كجزء من تحقيق في عملية تقديم العطاءات لعام 2022، بينما اعترف لاعب منتخب فرنسا السابق بأن اللقاء مع ساركوزي جرى، لكنه نفى أن تكون أصواته قد تأثرت.
بلاتيني يعترف
عام 2013، قال لصحيفة «الغارديان»: «كنت أعرف أن ساركوزي يريد أن يشتري الناس من قطر باريس سان جيرمان. فهمت أن ساركوزي يؤيد ترشيح قطر، لكنه لم يطلب مني مطلقًا، أو التصويت لروسيا لعام 2018. هو يعرف شخصيتي. أصوت دائماً لما هو جيد لكرة القدم. ليس من أجل نفسي ولا لفرنسا». وسبق أن اختار ساركوزي عدم التعليق على مزاعم كأس العالم.
بلاتر، في أول مقابلة له منذ تبرئته هو وبلاتيني من التزوير في يوليو الماضي، انتقد أيضًا رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم الحالي جياني إنفانتينو لعيشه في قطر في الاستعداد للبطولة.
وانتقل إنفانتينو من سويسرا إلى الدوحة العام الماضي، بينما قال بلاتر إن هذه الخطوة قد تعرض قرارات إنفانتينو للخطر، مضيفًا: لماذا يعيش رئيس الفيفا الجديد في قطر؟
وأشار إلى أنه يجب أن يتمتع رئيس الفيفا بالإشراف النهائي، فعلى سبيل المثال عليه اقتراح إنشاء صندوق للعمال المتوفين والمفقودين، الذي ترفض الدوحة تنفيذه.
إعادة العمال قسرًا
يأتي ذلك، بينما أُعيد آلاف العمال الذين ساعدوا في بناء البنية التحتية لبطولة كأس العالم في قطر إلى بلادهم في مهلة قصيرة، قبل أن يسددوا الديون التي تكبدوها للحصول على الوظائف في المقام الأول.
وبينما تستعد قطر لتدفق مئات الآلاف من مشجعي كرة القدم هذا الشهر، تقول جماعات حقوق العمال إنه لا يزال من الشائع عدم دفع الدوحة أجور العمال الزهيدة بالفعل.
وتقول صحيفة التايمز البريطانية، إن المشكلة تفاقمت عندما بدأ أصحاب العمل إرسال العمال إلى منازلهم قبل وصول المشجعين، بينما قال أحد العمال: «تم إنهاء وظيفتي مؤخرًا من دون سبب واضح. أخبرني المهندس من قبل بأن الشركة كانت تستعد لإرسال العمال إلى أوطانهم، لكنني لم أتوقع أنهم سيفعلون ذلك».
وبحسب صحيفة التايمز البريطانية، فإن سانتوش دفع لوكيل التوظيف 175 ألف روبية نيبالية (1349 دولارًا أمريكيًا تقريبًا) للحصول على الوظيفة في موقع بناء في استاد لوسيل، الذي سوف يستضيف العديد من المباريات بما فيها المباراة النهائية، إلا أنه جرى إنهاء خدماته بشكل تعسفي، بعد مضي 10 أشهر من العمل الدؤوب.
وأضاف: «إنهاء خدماتي يعني الكثير لعائلتي، لديّ العديد من المشكلات، فلا أملك المال لأدفع ثمن الطعام والأدوية، كيف أستطيع ذلك بعد أن خسرت عملي»، مشيرًا إلى أنه لا حل أمامه سوى التقدم بطلب للحصول على تأشيرة جديدة.
وقال عامل آخر: «عملت 11 شهرًا في قطر، ثم أعادتني شركتي إلى بلادي»، مشيرًا إلى أن شركته رفضت احترام المدة الكاملة لعقده، وتوقفت عن تقديم وجبات مجانية له فور إنهاء وظيفته.
وعن آثار إنهاء عمله بشكل تعسفي، قال إن إنهاء عقده جعله مدينًا بمبالغ كبيرة، كان قد اقترضها حتى يدفعها لشركة توظيف عمال في الخليج، بينما قالت صحيفة التايمز إن الإنهاء المفاجئ لعقود العمال في الأشهر التي سبقت البطولة، يعتقد أنه جزء من محاولة لتقليل عدد العمال المهاجرين في البلاد، خوفًا من احتجاجات عامة.
حقوق الإنسان
قطر أصغر مضيف من حيث الحجم، منذ بطولة 1954 التي أقيمت في سويسرا، وستستضيف الدوحة 32 فريقًا ستلعب 64 مباراة في ثمانية ملاعب داخل وحول الدوحة، بينما من المتوقع أن يزيد عدد الزائرين على مليون زائر، لكن الكثيرين سينتقلون من الدول المجاورة بسبب أماكن الإقامة المحدودة في قطر.
ومنذ فوزها بالملف، تعرضت قطر لانتقادات بسبب قضايا حقوق الإنسان وظروف العمل في مواقع البناء ذات الصلة بالبطولات، وهو أمر لم يتطرق إليه بلاتر بشكل مباشر، بخلاف قوله: «الاعتبارات الاجتماعية وحقوق الإنسان تؤخذ في الاعتبار منذ معايير الفيفا الخاصة بالاستضافة».
وتقول منظمة العفو الدولية إن مئات الآلاف من العمال المهاجرين واجهوا منذ عام 2010، انتهاكات لحقوق الإنسان أثناء توظيفهم بمشاريع في قطر.
اعتقالات ومخاوف
وتقول صحيفة واشنطن بوست، إن هناك قضية أخرى مع اقتراب البطولة هي القلق على السائحين في قطر، مشيرة إلى أنها تلقت معلومات عن اعتقال المسؤولين بشكل تعسفي أفراد مجتمع المثليين.
وعادت هذه القضية إلى الواجهة هذا الأسبوع، عندما وصف خالد سلمان، لاعب المنتخب القطري السابق سفير كأس العالم، المثلية الجنسية بأنها «ضرر في العقل».
وأضاف في مقابلة مع محطة الإذاعة العامة الألمانية ZDF، أن «كونك مثليًا هو حرام، وأن لديه مشكلة في رؤية الأطفال للمثليين».
وتابع: «خلال كأس العالم، سيأتي ضيوف كثيرون إلى البلاد. دعونا نتحدث عن الشواذ. الشيء الأكثر أهمية أن الجميع سيقبل أنهم يأتون إلى هنا، لكن عليهم قبول قواعدنا».
ويخطط بعض اللاعبين لاحتجاجات سلمية في الدوحة، بينما قرر قادة فرق أوروبية ارتداء شارات تحمل عبارة «حب واحد» لتعزيز التنوع والشمول.