فاينانشيال تايمز: أزمة الغاز تزيد مخاطر الركود في منطقة اليورو
توقعات النصف الثاني من العام الحالي تبدو قاتمة

ترجمات-السياق
قالت صحيفة "فاينانشيال تايمز" البريطانية إنه رغم تحقيق منطقة اليورو نمواً طفيفاً، خلال الربع الثاني من العام الحالي، فإن الاقتصاديين يتوقعون استمرار تراجع اقتصاد الكتلة العام المقبل، في الوقت الذي تلوح فيه مخاطر الركود في الأفق.
وأضافت الصحيفة، في تقرير، أنه من المتوقع أن يُظهِر تقرير "يوروستات" الأول للناتج المحلي الإجمالي للربع الثاني من 2022، الذي سيصدر الجمعة، نمواً بنسبة 0.1% عن الربع السابق.
ورأت الصحيفة أن هذه النسبة تمثل تراجعاً حاداً من النمو بنسبة 0.6% على مدى الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي، كما أنها تمثل أضعف أداء منذ زيادة الإصابات والقيود الناجمة عن كورونا التي دفعت الكتلة إلى ركود قصير بداية عام 2021.
وتابعت: "لقد أدى الغزو الروسي لأوكرانيا -في فبراير الماضي- إلى ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء، ما أدى إلى تراجع القدرة الشرائية للمستهلكين وإطلاق العنان لأزمة طاقة، قد تجعل المصانع والأسر يفتقرون إلى الغاز خلال الشتاء المقبل، كما أن عدم الاستقرار السياسي في إيطاليا، قبل الانتخابات المقرر عقدها في سبتمبر المقبل، يزيد المخاوف بشأن مستقبل الكتلة أيضاً".
ونقلت الصحيفة عن كاتارينا أوتيرموهل، وهي كبيرة الاقتصاديين الأوروبيين في شركة التأمين الألمانية "أليانز" قولها: "الأمر أشبه بمشاهدة حادث تحطم سيارة في طور الإعداد، فعلى عكس وباء كورونا، من غير المرجح أن يكون هناك انتعاش ملحوظ العام المقبل."
ورأت الصحيفة أن هناك نقطة مضيئة واحدة، تتمثل في قطاع السياحة، إذ من المرجح أن يحصل اقتصاد منطقة اليورو على دفعة من قبل الذين يرغبون في الاستفادة من تراجع قيود كورونا، من أجل السفر أو حتى تناول الطعام في المطاعم هذا الصيف، حيث سينفقون بعض الأموال الإضافية، التي ادخروها خلال الإغلاق المتعلق بالوباء.
وأضافت: "من المرجح أن يتراجع هذا التعزيز بسبب القلق المتزايد لدى الأسر من ارتفاع تكاليف المعيشة، إذ يشعر معظم المستهلكين في منطقة اليورو بالضيق، لأن رواتبهم لا تتناسب مع ارتفاع معدلات التضخم، التي بلغت مستوى قياسياً عند 8.6%، ما يجعلهم أسوأ حالاً".
وتقول المسؤولة عن اقتصادات أوروبا المتقدمة في بنك كريدي سويس فيرونيكا روهاروفا: "نتوقع فقط دفعة صغيرة للنمو من قبل السياحة والسفر هذا الصيف، بسبب زيادة وتيرة الضغط على الدخل، الأمر الذي يضعف إنفاق المستهلكين".
من جانبها، قالت مجموعة "غازبروم" الروسية للطاقة، هذا الأسبوع، إن التدفقات عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" الرئيس إلى ألمانيا ستتقلص إلى نحو خُمس مستوياتها الطبيعية، من الأربعاء بسبب الصيانة، ما زاد المخاوف من أن موسكو تستخدم إمدادات الطاقة إلى أوروبا كسلاح، حيث قفزت أسعار الغاز الأوروبية 30% في اليومين الأولين من هذا الأسبوع، وارتفعت تسعة أضعاف العام الماضي.
ووفقاً للصحيفة، فإن استمرار انخفاض تدفقات الغاز الروسي إلى أوروبا، سيؤدي إلى جعل المنطقة غير قادرة على ملء منشآتها التخزينية بشكل كافٍ، قبل موسم التدفئة في الشتاء، ما يؤدي إلى تقنين الإمدادات لمستخدمي قطاع الصناعات الثقيلة.
كان صندوق النقد الدولي قد حذر -الثلاثاء الماضي- من أن وقف التدفقات "قد يؤدي إلى تقنين الطاقة، ما يؤثر في القطاعات الصناعية الرئيسة، ويقلل -بشكل حاد- من النمو في منطقة اليورو عامي 2022 و2023"، كما خفض البنك توقعاته للنمو في ألمانيا العام المقبل بـ 1.9 نقطة مئوية إلى 0.8%، وهو أكبر تخفيض يشهده بلد.
وحدد الاتحاد الأوروبي هدفاً لمعظم الدول الأعضاء لخفض استخدام الغاز بنسبة 15%، كما حثت الحكومة الألمانية، هذا الأسبوع، الأسر والشركات على توفير المزيد من الطاقة، وتخطط برلين للسماح لشركات الطاقة بتمرير 90% من تكاليفها المرتفعة للعملاء، وقال وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك: "نحن في وضع خطير، وقد حان الوقت لأن يدرك الجميع ذلك."
ومن المرجح أن تؤدي الإجراءات الحكومية في منطقة اليورو لخفض أسعار الوقود والكهرباء والنقل العام، إلى التحكم في معدلات التضخم، لكن لا يزال من المتوقع أن ترتفع أسعار المستهلكين إلى رقم قياسي جديد، حسب الصحيفة.
ولفتت "فاينانشيال تايمز" إلى أنه يتم إلقاء اللوم في ارتفاع الأسعار على مجموعة من البيانات الاقتصادية القاتمة، بما في ذلك استمرار انخفاض النشاط التجاري في منطقة اليورو على مدى 17 شهراً، وانخفاض ثقة الأعمال الألمانية إلى أدنى مستوى لها في عامين، وتراجع ثقة المستهلكين إلى مستوى قياسي منخفض هذا الشهر، وفقاً للاستطلاع الشهري للمفوضية الأوروبية.
من جانبها، تخفض البنوك أيضاً إمداداتها من القروض المُقدَّمة للأسر والشركات في منطقة اليورو، وهو الاتجاه الذي من المرجح أن يتسارع، بعد أن رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة للمرة الأولى منذ أكثر من عقد، الأسبوع الماضي.
وقالت الصحيفة إن الركود الألماني يلوح في الأفق، مع انخفاض ثقة الأعمال إلى أدنى مستوى في عامين، إذ انخفض عائد السندات الألمانية لأجل 10 سنوات، وهو معيار لأسعار الفائدة في منطقة اليورو، إلى أقل من 1% للمرة الأولى منذ مايو الماضي.
ونقلت الصحيفة عن كبير الاقتصاديين الأوروبيين في البنك الفرنسي "بي إن بي باريبا" سبايروس أندريوبولوس قوله: "الفرصة التي كانت متاحة أمام البنك المركزي الأوروبي، لمواصلة رفع أسعار الفائدة تتضاءل مع ضعف الاقتصاد".
ورأت الصحيفة أن السيناريو الكابوس بالنسبة للبنك المركزي الأوروبي والحكومات، هو الركود التضخمي مع انقطاع إمدادات الغاز الروسي، ما يؤدي إلى الركود في منطقة اليورو بينما ستستمر أزمة الطاقة وضعف اليورو في دفع الأسعار إلى الارتفاع بشكل أكبر.
كان بنك جولدمان ساكس قد خفض –الأربعاء- توقعاته للمنطقة، قائلًا: "من المرجح أن يحدث ركود خلال ربعين متتاليين، حتى لو لم تقطع روسيا إمدادات الطاقة".
وتوقعت روهاروفا من "كريدي سويس" أن ينخفض الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة اليورو بين 1% و2% العام المقبل، إذا تم قطع الغاز الروسي، في حين يظل التضخم عند مستوى أعلى بكثير من هدف البنك المركزي الأوروبي البالغ 2% عامًا آخر على الأقل، وقالت: "من الممكن أن يظل التضخم مرتفعاً، أو أن ينخفض بشكل تدريجي."