بعد تسريح 11 ألف عامل من ميتا... شتاء قاتم ينتظر وسائل التواصل الاجتماعي

تواجه ميتا أيامًا عصيبة بسبب تراجع الأرباح وهبوط أسهمها بنسبة 20% تقريبًا

بعد تسريح 11 ألف عامل من ميتا... شتاء قاتم ينتظر وسائل التواصل الاجتماعي

ترجمات - السياق

رأت صحيفة سان فرانسيسكو كرونيكل الأمريكية، أن إعلان "ميتا" -الشركة الأم لعملاق الشبكات الاجتماعية- الاستغناء عن 11 ألف عامل أي نحو 13% من قوتها العاملة، من أكبر عمليات تسريح العمال هذا العام، بين شركات التكنولوجيا العملاقة، حيث تكافح الشركة الأم المالكة لـ"فيس بوك" التكاليف المرتفعة وسوق الإعلانات الضعيفة.

وقال مارك زوكربيرج، مؤسس "فيس بوك"، المدير التنفيذي لشركة ميتا، في رسالة إلى الموظفين، الأربعاء: "اليوم أشارك بعض أصعب التغييرات التي أجريناها في تاريخ ميتا... لقد قررت تقليل حجم فريقنا بنحو 13% وترك أكثر من 11 ألف من موظفينا الموهوبين يرحلون... نتخذ أيضًا عددًا من الخطوات الإضافية لنصبح شركة أكثر رشاقة وفعالية، من خلال خفض الإنفاق التقديري، وتمديد تجميد التوظيف لدينا حتى الربع الأول".

وتواجه ميتا (فيس بوك سابقًا) أيامًا عصيبة بسبب تراجع الأرباح وهبوط أسهمها بنسبة 20% تقريبًا.

وقفزت تكاليف ومصاريف "ميتا" 19% على أساس سنوي في الربع الثالث، لتصل إلى 22.1 مليار دولار، وانخفض إجمالي المبيعات 4% على أساس سنوي إلى 27.71 مليار دولار في الربع الثالث، بينما انخفض دخلها التشغيلي 46% عن العام السابق إلى 5.66 مليار دولار.

يذكر أن "ميتا" تضم أكثر من 87000 موظف.

انهيار

وأشارت "سان فرانسيسكو كرونيكل" إلى أنه بعد الانخفاض فترة وجيزة إلى أقل من 150 دولارًا للسهم في مارس 2020، ارتفعت أسهم الشركة الأم لـ "فيس بوك" على مدى الـ 18 شهرًا التالية، مع تجاوز الشركة تقييمًا بتريليون دولار في سبتمبر 2021.

وبينت الصحيفة أنه رغم خسائر الشركة، فإنه حدث نمو هائل في الوظائف خلال الفترة الأخيرة، مشيرة إلى أن "ميتا" كانت تضم -حتى سبتمبر الماضي- أكثر من 87000 موظف، أي ضعف عدد الموظفين مقارنةً ببداية وباء كورونا.

نهاية أكتوبر الماضي، هوى سهم شركة "ميتا" المالكة لشبكة "فيس بوك" بأكثر من 20%، بعد تقارير مالية أظهرت انخفاض إيرادات هذه الشركة الأمريكية.

وأشارت صحيفة فاينانشيال تايمز إلى أن القيمة السوقية للشركة الأمريكية انخفضت بأكثر من 65 مليار دولار، في ظل تراجع السهم.

ومع هبوط سهم "ميتا" تراجعت ثروة مؤسس "فيس بوك"، مارك زوكربيرغ، بـ 2.7 مليار دولار في الجلسة الماضية.

وفشلت شركة ميتا (المحظورة في روسيا) في إقناع المستثمرين بأن رهانها على الذكاء الاصطناعي يؤتي ثماره.

وجاء التراجع بعد نشر بيانات مالية عن أداء الشركة الأمريكية في الربع الثالث من عام 2022، حيث بلغت الإيرادات 27.7 مليار دولار، بانخفاض نسبته 4% عن الفترة نفسها من عام 2021، في الوقت نفسه ارتفعت التكاليف والنفقات 19%، إلى 22 مليار دولار.

كذلك تراجعت أرباح الشركة 52% على أساس سنوي، إلى 4.39 مليار دولار، بحسب التقرير المالي.

ومنذ ذلك الحين، انهارت قيمة الشركة 75% تقريبًا، ما أدى إلى محو ما يقرب من 750 مليار دولار من القيمة، مع تباطؤ سوق الإعلانات الرقمية، لدرجة أن سعر سهمها تراجع إلى مستويات 2015.

وحسب الصحيفة الأمريكية، تواجه "ميتا"، التي تضم (فيس بوك، وإنستغرام، وواتس آب) منافسة شرسة لجذب انتباه المستخدمين من "تيك توك" (TikTok) الصينية، الناجحة للغاية، مشيرة إلى أن تغييرات الخصوصية في شركة آبل العملاقة للتكنولوجيا، أدت إلى تقليل قدرة ميتا على عرض الإعلانات المستهدفة.

ميتافيرس

وكشفت "سان فرانسيسكو كرونيكل"، أن مشروع "ميتافيرس"، الذي تراهن عليه "ميتا"، ويعتمد على نظارات وسماعات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، كلف الشركة 15 مليار دولار حتى الآن، وتتوقع الشركة أن الخسائر "ستنمو بشكل كبير على أساس سنوي".

وأوضحت، أن قسم (مختبرات الواقع... ميتا) Meta's Reality Labs ، الذي يركز على الواقع الافتراضي، خسر 3.7 مليار دولار في الربع الثالث، بينما سجلت الشركة انخفاضًا في الإيرادات للربع الثاني على التوالي، بانخفاض 4% عن العام السابق إلى 27.7 مليار دولار.

وأطلقت "ميتا" مشروع "مختبرات الواقع" في أغسطس 2020، وهو ذراع الواقع الافتراضي والمعزز الذي يصمم الأجهزة والبرامج، مثل "أوكولوس".

كما عملت "ميتا" على دعم ودمج ميزات عرض رموز (إن إف تي) على فيس بوك وإنستغرام طوال 2022، وجعلتها متاحة للمستخدمين داخل الولايات المتحدة في سبتمبر الماضي.

تتيح هذه الميزة استخدام رموز NFT كصورة شخصية، وتدعم بلوكتشين إيثريوم وبوليجون وفلو، وتنوي دعم سلسلة سولانا قريبًا.

كما أعلنت "ميتا" أن تطبيق إنستغرام سيدعم إمكانية صناعة وبيع رموز NFT بالشراكة مع بلوكتشين بوليجون.

وقال الرئيس التنفيذي مارك زوكربيرج في بيان: "لسوء الحظ، لم يحدث ذلك بالطريقة التي توقعتها، فلم يقتصر الأمر على عودة التجارة عبر الإنترنت إلى الاتجاهات السابقة، لكن الانكماش الاقتصادي الكلي، وزيادة المنافسة، وخسارة إشارة الإعلانات تسببت في انخفاض عائداتنا أكثر مما كنت أتوقعه، لقد فهمت هذا مؤخرًا وأنا أتحمل مسؤولية ذلك".

وتعليقًا على ذلك، بينت الصحيفة الأمريكية، أن هذه التخفيضات من أكبر التخفيضات في موجة تسريح العمالة التقنية، التي ضربت العديد من شركات التكنولوجيا العملاقة، بما في ذلك "تويتر، وسيلز فورس، ولايفت، وسترايب".

أمام هذه المعضلة، تسعى "ميتا" إلى خفض تكاليف العقارات، ومن المتوقع أن تحاول الشركة تأجير مكاتبها من الباطن في 181 برجًا، وهو ما يعني إخلاء نحو 25% من مكاتبها، وفقًا لمصدر في صناعة العقارات بسان فرانسيسكو.

كما ألغت "ميتا" أيضًا عقد إيجار طويل الأجل، من خلال شركة وي وورك العقارية العملاقة، في ماونتن فيو، كما ورد أن الشركة ألغت خططًا لشراء برج مكاتب رئيس في مدينة أوستن الأسبوع الماضي، وأنهت عقد إيجار في مدينة نيويورك الشهر الماضي.

"تويتر"

ورأت "سان فرانسيسكو كرونيكل"، أنه بخلاف حجم عمليات التسريح، كان هناك فرق ملحوظ بين كيفية تعامل زوكربيرج مع التخفيضات، وكيف أبلغ مالك "تويتر" الجديد، إيلون ماسك، الموظفين بالتخفيضات في 50% من القوة العاملة للشركة، على الأقل في الأماكن العامة.

وبينت أن زوكربيرج أرسل البيان الموقع إلى الموظفين، متضمنًا حزمة إنهاء الخدمة والرعاية الصحية، قبل إعلانها رسميًا، بينما على النقيض من ذلك، ورد أن ماسك أرسل بريدًا إلكترونيًا على مستوى الشركة إلى الموظفين، لإخطارهم بأن عمليات التسريح ستبدأ في اليوم التالي، من دون تحديد حزمة إنهاء الخدمة أو الرعاية الصحية، وهو ما وضع الشركة في مأزق قانوني، جراء عدم تقديمها ما يؤكد منح العمال حقوقهم قبل التسريح.

ولكن للمضي قدمًا، قال زوكربيرج إن الشركة ستعمل على تبسيط جهودها في المبادرات ذات الأولوية، بما في ذلك التركيز المستمر على ميتافيرس.

ولفت إلى أن هذه التسريحات ستؤثر في مختبر الأبحاث بمجموعة ميتا الذي يركز على "ميتافيرس"، إضافة إلى تطبيقاتها بما فيها "إنستغرام" و"فيس بوك" و"واتس آب".

وفي رسالته إلى الموظفين، أوضح زوكربيرج الأسباب التي أدت إلى وصول الشركة لوضعها الحالي، إذ ركز على الطفرة التي شهدها السوق التقني، منذ بداية تفشي جائحة كورونا، التي تسببت في تزايد كبير في عوائد الشركات، وهو ما أدى إلى توقعات باستمرار معدل النمو المطرد للعوائد، حتى بعد زوال الجائحة، وهو ما انعكس على قرار مارك بضرورة الاستثمار أكثر في زيادة حجم الشركة.

لكن الحال لم يستمر، إذ أوضح زوكربيرج أن الأوضاع الاقتصادية بدأت الانحدار، بالتزامن مع اشتداد حدة المنافسة، إضافة إلى تراجع الإنفاق الإعلاني، كل تلك العوامل أدت إلى انحسار عوائد "ميتا" إلى مستويات أقل مما توقعه مؤسس الشركة.

وحدد زوكربيرج الأهداف التي ستسعى الشركة خلال الفترة المقبلة إلى تحقيقها، وعلى رأسها التحول نحو إنفاق رأس المال بشكل أكثر كفاءة، وتوجيه القوة البشرية داخل الشركة نحو مناطق النمو ذات الأولوية، وأهمها تطوير محرك اكتشاف المحتوى القائم على الذكاء الاصطناعي، وقطاع الإعلانات، وكذلك منصات قطاع الأعمال، إلى جانب رؤية الشركة طويلة الأجل الخاصة بـ"ميتافيرس".

وخفضت الشركة نفقاتها على مستوى قطاعات أعمالها، بحسب رسالة زوكربيرج، مع تقليل الميزانيات المختلفة، وتخفيض الحوافز، وتضييق امتداد مقار الشركة، إلى جانب إعادة هيكلة فرق الشركة لتحقيق كفاءة الأداء المطلوبة، لكنه أكد أيضًا أن موجة الإقالات كانت ضرورية لتحقيق الهدف المنشود.

وقالت شركة ميتا إنها ستدفع 16 أسبوعًا من الراتب الأساسي، إضافة إلى أسبوعين إضافيين لكل سنة من الخدمة، كجزء من حزمة إنهاء الخدمة وجميع الإجازات المتبقية مدفوعة الأجر.

وسيحصل الموظفون أيضًا على تكلفة الرعاية الصحية ستة أشهر، وسيحصل المتأثرون على مستحقاتهم في 15 نوفمبر الجاري، وفقًا للشركة.

ومع نهاية النمو المفرط في صناعة التكنولوجيا، فإنه -حسب الصحيفة الأمريكية- قد يمر اقتصاد منطقة خليج سان فرانسيسكو -الذي يضم أكبر شركات التكنولوجيا في العالم- بشتاء قاتم.