بعد الحصار الإقليمي... ما الموطن الجديد لجماعة الإخوان؟

الإخوان تولي وجهها شطر إفريقيا... خطة جديدة أم هروب من الحصار الإقليمي؟

بعد الحصار الإقليمي... ما الموطن الجديد لجماعة الإخوان؟

السياق (خاص)

بعد الضربات الأمنية المتلاحقة لـ«الإخوان»، التي وضعت التنظيم «الإرهابي» بين مطرقة التشديدات التركية وسندان إغلاق السلطات المصرية الباب في وجه أي تصالح مع من تلوثت يداه بدماء المصريين، بات يبحث عن أرض خصبة، لإنبات زرعته «الشيطانية».

تلك الأرض الخصبة، التي اختارها لإعادة التموضع وتنظيم صفوفه من جديد، كانت القارة السمراء، التي للتنظيم الدولي حضور على أراضيها، باعتبار بعض دولها الحدائق الخلفية لاستثمارات التنظيم الدولي، التي ظلت بعيدة عن الملاحقات الأمنية والقضائية.

وبينما يحاول تنظيم الإخوان البحث عن ملاذ آمن، وجَّه قيادات الصف الثاني والثالث، الذين باتوا معرضين لتضييقات أمنية وتنبيهات على ممارساتهم لأنشطة إعلامية وسياسية في تركيا، إلى أن يولوا وجوههم شطر بلدان إفريقيا، لإعادة التموضع هناك.

ذلك القرار جاء بعد القبض على 20 إخوانيًا ممن يعملون في الإعلام، إضافة إلى بعض مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يبثون سمومهم باتجاه مصر متخذين من الأراضي التركية، منبرًا لنشر إرهابهم.

وبحسب مصادر «السياق»، فإن التضييق الأمني الأخير في تركيا، كان حجر الزاوية في اتخاذ قرار «الهجرة الجماعية» والبحث عن ملاذ آمن، إضافة إلى كونه محاولة لاستقطاب أعضاء الجماعة ممن خسروا وظائفهم تحت وطأة الصراع بين جبهتي لندن واسطنبول، وغلق عدد من المنصات الإعلامية التي كانت توفر لهم فرص عمل.

وقالت المصادر المقربة من المكتب الإداري لجماعة الإخوان في اسطنبول، إن إفريقيا هدف «التوطين» الآن، مشيرة إلى أن التنظيم الدولي للإخوان، فتح مسار الرحيل أمام الصفين الثاني والثالث باتجاه عدد من دول شرق إفريقيا وشرقي آسيا.

 

فقدان السيطرة

وأكدت المصادر، أن لتنظيم الإخوان استثمارات «كبيرة» في تلك المناطق تكفل لأعضائه فرص عمل، بعد أن فقد السيطرة على الأمور المالية في تركيا وأوروبا.

تلك الاستثمارات الإخوانية بدأت منذ منتصف التسعينيات، حين اتخذ التنظيم قرارًا بإعداد محفظة استثمارية في إفريقيا، بعد الكشف عما عُرفت إعلاميًا بقضية «سلسبيل»، التي وجَّه خلالها الأمن المصري اتهامات بإعداد خطة للوصول إلى السلطة، إلى خيرت الشاطر نائب المرشد العام للجماعة، وحسن مالك القيادي بالجماعة، بحسب مصادر «السياق».

وعن المجالات التي تتمركز فيها استثمارات الإخوان، قالت مصادر «السياق»، إن التنظيم الدولي تمكن من الدفع باستثمارات الإخوان نحو الزراعة والتجارة والتنقيب عن الذهب، من خلال وجوه غير معروفة إعلاميًا وأمنيًا، لتوفير ملاذات آمنة لأعضاء الجماعة الملاحقين أمنيًا في دول أخرى.

وأوضحت المصادر، أن التنظيم كان «حريصًا» على اكتساب مساحات شعبية واسعة، تضمن استمراره من خلال ممارسة الأنشطة الخدمية والخيرية، مشيرة إلى أن تنظيم الإخوان أسس منتصف تسعينيات القرن الماضي، شركة ضخمة بـ 800 مليون دولار لنقل الحاويات بميناء مومباسا في كينيا، توسعت وأصبحت لها مقار في دول عدة، منها تركيا وبريطانيا وجنوب إفريقيا.

 

إعادة التموضع

إلى ذلك، قال الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية محمود علي، في تصريحات لـ«السياق»، إن تنظيم الإخوان له ظهير دعوي واقتصادي «كبير» بعدد من دول شرق إفريقيا، التي اتجه إليها التنظيم بعد سقوطه في مصر ومن بعدها السودان، مشيرًا إلى أنه اتخذ من تلك البلدان أرضًا خصبة، لنقل أعضائه الذين مارسوا أنشطة إعلامية ترى تركيا أنها ستؤثر في مسار التقارب مع مصر.

وأوضح الباحث المتخصص في شؤون الجماعات الإسلامية، أن قيادات الصف الأول للتنظيم الهاربين في أوروبا وتركيا، رتبوا أوراقهم بالفعل في الدول التي يقيمون بها، مشيرًا إلى أن تنظيم الإخوان يحاول إعادة ترتيب أوراقه ومشروعاته الاقتصادية لاستقطاب الشباب، وإعادة التكيف مرة أخرى، في ظل الضربات التي يتلقاها في دول كانت مهمة له مثل مصر والسودان، ومؤخرًا تركيا.

 

اللعب التكتيكي

إلا أن الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية والأصولية أحمد سلطان، كانت له وجهة نظر أخرى، بأن تركيا ستظل -رغم الضربات الأخيرة- الملاذ الآمن الأفضل والأكبر لجماعة الإخوان.

وأوضح في تصريحات لـ«السياق»، أن تركيا ما زالت تجيد مسألة اللعب التكتيكي، بمعنى أنها لا تقدم تنازلات حقيقية في تفاوضها مع مصر، في ما يتعلق بملفي الإخوان وليبيا، مشيرًا إلى أنها تحاول اللعب على الأوضاع الحالية لتحقيق أكبر استفادة ممكنة.

وعن إيقاف تركيا بعض أعضاء جماعة الإخوان، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية والأصولية، إنه عندما تتأزم مفاوضات التقارب بين مصر وتركيا في ما يتعلق بالملف الليبي، خاصة باعتباره «الأخطر»، تلجأ أنقرة لمغازلة القاهرة بملف الإخوان، فتقبض على بعضهم وتحتجز آخرين ثم تفرج عنهم.

وتساءل سلطان: هل سلمت تركيا المطلوبين للعدالة إلى مصر؟ وهل غيرت سياستها تجاه إيواء قيادات وكبار الإخوان؟

وأشار إلى أن تركيا تريد تقاربًا بلا أي تنازلات، بمعني تطبيع مجاني.

 

ملاذات آمنة

وأشار إلى أن تركيا ستظل الملاذ الآمن الذي يتيح للإخوان ما لا يتاح لغيرهم، حتى وإن كانت هناك توجهات في بعض الأحيان من الأجهزة أو السلطات الأمنية ضد أولئك الذين ينتمون للتنظيم، مؤكدًا أن أنقرة لا ترغب في تسليم الإخوان على أراضيها، كونها تراهم ورقة يمكن اللعب بها في أوقات أخرى.

إلا أنه قال إنه حال تقارب حقيقي بين القاهرة وأنقرة، فإن الأخيرة ستلجأ إلى ترحيلهم أو نقلهم إلى دول شرق آسيوية أو إفريقية، لكن -أيضًا- تحت رعاية تركيا.

وعن أسباب اتجاه الإخوان إلى إفريقيا كملاذ آمن، قال الباحث في شؤون الجماعات الإرهابية، إن الإخوان لديهم ملاذات آمنة عدة، سواء في إفريقيا أم أوروبا، إلا أنه قال إن ذلك الملاذ يعتمد على طبيعة الشخص والنشاط الذي يمارسه، فأعضاء التنظيم في الإعلام ستكون بريطانيا أو فرنسا أو إسبانيا ملاذهم الآمن، بينما سيختار بعض الكوادر ماليزيا أو الصومال أو كينيا.