لمحاربة الاحتكار... الولايات المتحدة تعيد تنظيم شركات التكنولوجيا الرقمية

بدأت الولايات المتحدة في إعادة تنظيم شركات التكنولوجيا الرقمية بهدف محاربة الاحتكار

لمحاربة الاحتكار... الولايات المتحدة تعيد تنظيم شركات التكنولوجيا الرقمية

ترجمات - السياق

كشفت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية، إجراءات جديدة ستتخذها الولايات المتحدة، لتنظيم القطاع التكنولوجي، مشيرة إلى أن التغيير قادم، لكنه يستغرق بعض الوقت، إذ لا يزال من غير الواضح إلى أي مدى تذهب واشنطن لتعطيل أكثر قطاعاتها المحلية نجاحًا.

وأشارت إلى أنه لمحاربة الاحتكار، فإن الولايات المتحدة بدأت إعادة تنظيم شركات التكنولوجيا الرقمية، موضحة أن هذا التغيير يأتي بسبب ما سمته الصحيفة "التهديد الذي يُعتقد أن هذه الشركات تشكله على المجتمع العالمي".

واستشهدت الصحيفة، بالموقف الذي اتخذه الصحفيان، الفلبينية ماريا ريسا والروسي دميتري موراتوف -الفائزان بجائزة نوبل للسلام عام 2021- ومطالبتهما بضرورة معاقبة شركات التكنولوجيا الكبرى في الولايات المتحدة، بسبب "التهديد الذي تشكله على المجتمع".

وتأييدًا لهذه المطالب، أعرب المشرِّعون في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وبريطانيا، عن مخاوف مماثلة.

ومع ذلك -حسب الصحيفة- "لا يزال على التنظيم العالمي تقليل الحصة السوقية لشركات مثل أمازون وآبل وميتا".

 

صعوبات التغيير

وبينت "فايننشال تايمز" أن إحدى الصعوبات -التي تواجه التغيير- تتمثل في تشكيل التنظيم الشامل في اتساع نطاق الاهتمامات، لافتة إلى أنه إضافة إلى المنافسة، فإن السياسيين قلقون بشأن الخصوصية والأمان والتحيز على الإنترنت.

وأشارت إلى أن بعض الدول تحركت بالفعل لتغيير إجراءات التعامل مع شركات التكنولوجيا الكبرى.

واستشهدت بكوريا الجنوبية، قائلة: "لم يعد بإمكان مشغلي متاجر التطبيقات مثل آبل، إجبار المطورين على استخدام أنظمة الشراء داخل التطبيق الخاص بهم ودفع جزء كبير من الإيرادات"، بينما يطالب قانون الخدمات الرقمية في أوروبا الشركات بتحسين الإشراف على المحتوى.

أمام ذلك، شددت الصحيفة على أنه يتعين على الولايات المتحدة فرض قيود على نطاق مماثل، رغم أن العمل جار لتوسيع نطاق التنظيم.

ويدرس الكونغرس العديد من مشاريع قوانين مكافحة الاحتكار، بدءًا من التشريع الذى يقوده السيناتور إيمي كلوبوشار وتشاك غراسلي، الذي يمكن أن يقيد حواجز صارمة بين خطوط أعمال عملاق التكنولوجيا، ويمثل الاقتراح تحديًا مباشرًا لنماذج أعمال كبرى شركات التكنولوجيا، التي تشجع المستهلكين على استخدام خدمات متشابكة متعددة مملوكة للشركة نفسها.

وأشارت الصحيفة، إلى أن قانون كلوبوشار، يهدف إلى منع شركات التكنولوجيا الكبرى من منح الأولوية لمنتجاتها وخدماتها.

وبموجب مشروع القانون -على سبيل المثال- يمكن منع "غوغل" من تصنيف تقييمات المطاعم الخاصة بها أو روابط "يوتيوب" فوق المواقع الأخرى في نتائج البحث، ويمكن منع "أمازون" من بيع سلعها ذات العلامات التجارية في سوق التجارة الإلكترونية.

 

سياسة المنافسة

وأوضحت "فايننشال تايمز" أن سياسة المنافسة في الولايات المتحدة تركز على إبقاء أسعار المستهلك منخفضة، لكن لجنة التجارة الفيدرالية -بقيادة لينا خان- تسعى إلى توسيع تعريفات مكافحة الاحتكار.

يذكر أنه للحد من قوة الشركات، اختار الرئيس الأمريكي جو بايدن جوناثان كانتر لرئاسة وحدة مكافحة الاحتكار في وزارة العدل، ولينا خان لقيادة لجنة التجارة الفيدرالية الأمريكية، وتيم وو لتقديم المشورة للبيت الأبيض بشأن سياسة المنافسة، ما يعني أن أقوى مسؤولي مكافحة الاحتكار في الولايات المتحدة -أعلى منفذ ومنظم ومساعد رئاسي خاص- يشتركون في فلسفات متشابهة بشأن السلوك المناهض للمنافسة.

ومن المقرر أن يختبر هؤلاء قوانين المنافسة لأول مرة منذ عقود، بحثًا عن قراءات أو تفسيرات جديدة للقوانين، التي تمت كتابتها قبل أعوام من ظهور أولى شركات الأسهم الخاصة الأمريكية، عقب الحرب العالمية الثانية.

ونقلت الصحيفة عن خبراء في مكافحة الاحتكار قولهم: إن تعهد كانتر وخان باتخاذ إجراءات صارمة ضد مجموعات الاستحواذ قد يؤدي إلى واحد من أكبر التحولات في تاريخ سياسة المنافسة الأمريكية.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في يوليو الماضي، رُفعت دعوى قضائية ضد (ميتا) -الشركة الأم لفيس بوك- لمنع استحواذها على شركة الواقع الافتراضي في لوس أنجلوس، ما يشير إلى أن أي عمليات استحواذ مستقبلية ستواجه تدقيقًا تنظيميًا كبيرًا.

وتحركت لجنة التجارة الفيدرالية لمنع "ميتا" من الاستحواذ على شركة VR، زاعمة أن عملاق التكنولوجيا يحاول -بشكل غير قانوني- تنمية "امبراطورية الواقع الافتراضي"، وفي حين وصفت "ميتا" الأمر القضائي بأنه "خطأ في الحقائق والقانون"، فإنه يسلط الضوء على العقبات التنظيمية المحتملة التي تواجهها الشركة في تنمية أعمالها بالواقع الافتراضي.

وترى "فايننشال تايمز" أن الواقع الافتراضي لا يزال ناشئًا، وعملًا خاسرًا لشركة ميتا، لكن لجنة التجارة الفيدرالية تشير إلى أن الشركة تهيمن بالفعل على الواقع الافتراضي عبر الأجهزة والتطبيقات.

وأشارت الصحيفة، إلى أنه إذا نجحت القضية، فقد تبطئ عمليات الاندماج والاستحواذ الرأسية عبر القطاع.

مع ذلك -حسب الصحيفة- من غير الواضح إلى أي مدى تذهب الولايات المتحدة لتعطيل أكثر قطاعاتها المحلية نجاحًا، إذ يهتم المستهلكون بالتضخم أكثر من اهتمامهم بقوة التكنولوجيا، بينما تظل الخدمات المجانية ظاهريًا مثل البحث والشبكات الاجتماعية شائعة.

لكن -تضيف الصحيفة البريطانية- "يساعد ذلك جماعات الضغط التقنية"، مبينة أن أحد أكبر التغييرات التي أجراها الكونغرس في السنوات الأخيرة - قانون الرقائق بـ 50 مليار دولار- لم يحد من قطاع التكنولوجيا لكنه يدعمه.

وبالفعل، أعلنت وزارة التجارة الأمريكية -الثلاثاء- خطة استثمارية بـ 50 مليار دولار في صناعة الرقائق.

وتهدف وزارة التجارة الأمريكية إلى تقديم طلبات الحصول على التمويل قبل فبراير، على أن تبدأ إنفاق الأموال بحلول الربيع التالي، وفق ما نقلته "نيويورك تايمز".

قبل أسابيع، وقَّع الرئيس الأمريكي جو بايدن، قانونًا لمنح مساعدات بـ 52 مليار دولار لإعادة تحريك إنتاج أشباه الموصلات في الولايات المتحدة.

وأكد بايدن أن هذا الاستثمار في هذه الأجزاء الرئيسة لصناعة الإلكترونيات الحديثة، من شأنه أن يساعد في تعزيز "موقع بلاده التنافسي بالمجال الاقتصادي في القرن الحادي والعشرين".

كما يخصص القانون -الذي تبناه الكونغرس نهاية يوليو- عشرات المليارات من الدولارات للبحث والتطوير.