كاتب أمريكي: هكذا يستغل النظام الإيراني مجاهدي خلق لتبرير إرهابه

تشكَّـلت حركة مجاهدي خلق، على خلفية المعارضة المناهضة للشاه في ستينيات القرن الماضي، وتطورت لتصبح مكونًا مهمًا في التحالف الثوري بقيادة الخميني، لكن الأخير انقلب عليها، عندما عزَّز ديكتاتوريته.

كاتب أمريكي: هكذا يستغل النظام الإيراني مجاهدي خلق لتبرير إرهابه

ترجمات - السياق

تشكَّـلت حركة مجاهدي خلق، على خلفية المعارضة المناهضة للشاه في ستينيات القرن الماضي، وتطورت لتصبح مكونًا مهمًا في التحالف الثوري بقيادة الخميني، لكن الأخير انقلب عليها، عندما عزَّز ديكتاتوريته، بحسب الكاتب الأمريكي مايكل روبين.

وأضاف روبين، وهو زميل في معهد "أمريكان إنتربرايز"، في مقال أنه على عكس الآخرين من المعارضة الإيرانية، الذين أُجبروا على ترك السُّلطة، أو اضطُهدوا محليًا، أو أُرسلوا إلى المنفى، قاومت حركة مجاهدي خلق لتستمر حتى الآن، مشيرًا إلى أن الحركة رعت حملات إرهابية عدة، استهدفت مسؤولي النظام، ما أسفر عن مقتل العديد من الأبرياء، كما وافقت على حماية "الديكتاتور" العراقي الراحل صدام حسين، وهي خطوة يَـعُـدُّها الإيرانيون خيانة.

وأوضح روبين، أن النظام الايراني لا يحظى بشعبية في الداخل، إذ وعد الخميني بالديمقراطية الإسلامية، لكنه قدَّم نظامًا ديكتاتوريًا أكثر فسادًا وأقل تسامحًا مما سبقه، مشيرًا إلى أن ذلك جعل الإيرانيين أكثر فضولًا بشأن جماعات المعارضة، إذ يشاهدون قنوات المعارضة التلفزيونية، كما يتابعون المعارضة على Telegram، ويسألون عن شخصيات بارزة مثل رضا بهلوي، نجل الشاه المخلوع، لكن وسط كل ذلك تراهم حينما يتعلَّق الأمر بمنظمة مجاهدي خلق، فإنهم يعبِّـرون عن ازدرائهم الشديد لها.

الصورة المغايرة

وأشار روبين إلى "كراهية" الإيرانيين لحركة مجاهدي خلق، لكنه قال إن النشطاء التابعين لها يتهمون منتقديهم بأنهم عملاء للنظام، وأن سجل نجاحهم في كشف الأسرار الإيرانية، يظهر عمق اختراقهم للنظام الإيراني.

وأضاف الكاتب: "إذا كانت حركة مجاهدي خلق، قادرة على زرع نفسها بعمق في أجهزة إيران الأكثر حساسية، فإن المنطق يشير إلى أن ذلك يعني أنها في وضع جيد، مقارنة بباقي صفوف المعارضة، التي يعيش أكثرهم في الشتات أو المعتقلات".

وأشار روبين، إلى عدد من الأخطاء التاريخية، التي وقعت فيها المنظمة، والتي استغلها النظام الإيراني لصالحه، ومن ذلك ما حدث قبل نحو عقدين، حين أعلنت الجماعة انشقاق أحمد بهبهاني ، وهو ضابط مخابرات إيراني رفيع المستوى، وذلك بعد أن ادعى أن إيران هي التي دبَّرت تفجير لوكيربي عام 1988، وهي القضية التي انتهت باتهام النظام الليبي السابق، برئاسة العقيد الراحل معمر القذافي.

وقال روبين، إن حركة مجاهدي خلق، قد تضطر إلى لفت الانتباه إلى قضيتها الخاصة، لكنها في طريقها نحو ذلك، تقع في أخطاء يستغلها النظام الإيراني لصالحه، وهي أخطاء تؤدي إلى ضياع الوقت وصرف النظر عن المعركة ضد الإرهاب الإيراني والبرنامج النووي.

هراء آخر

عام 2012، زعم موقع إلكتروني لمنظمة مجاهدي خلق، بأنه كان هناك تسرُّب نووي في مفاعل أصفهان، لكن للمرة الثانية كان هذا هراءً جديدًا.

ومع ذلك -يضيف الكاتب- غالبًا ما يمنح الصحفيون الغربيون المنظمة دعاية مجانية، من دون أي مجهود يستحق ذلك.

يقول الكاتب، إن مثل هذه المزاعم، ترعاها مؤسسات معارضة، منها: المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية (NCRI) برئاسة مريم رجوي المقيمة في باريس، والمظلة السياسية لمنظمة مجاهدي خلق، وهي مجموعة تقف وراء إقامة حفلات فخمة في فرنسا، يحضرها سياسيون بارزون، مثل رودي جولياني، الحاكم السابق لمدينة نيويورك، ومسؤولون سابقون مثل ميشيل فلورنوي العضوة في الحزب الديمقراطي الأمريكي،والذين يشاركون فيها مقابل الحصول على أتعاب من هذه الجبهات، لكن خلال مثل هذه الحفلات، يتم إعلان أخبار جديدة تمس النظام الإيراني، لكن غالبًا ما يثبت كذبها لاحقًا، حسب قول الكاتب.

في 24 فبراير 2015، قدَّم علي رضا جعفر زاده، نائب مدير المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، عرضًا تقديميًا بنادي الصحافة الوطني في واشنطن العاصمة، زعم فيه الكشف عن منشأة سِرية جديدة لتخصيب اليورانيوم.

وقال جعفر زاده حينها: "رغم مزاعم النظام الإيراني، بأن أنشطة التخصيب الخاصة به شفافة، فقد شارك في البحث والتطوير باستخدام أجهزة طرد مركزي متقدِّمة، في موقع نووي سِري يسمى Lavizan-3 .

واتضح لاحقًا أن الأمر لا يستحق الاهتمام، لأن الصورة التي قدَّمها المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية لـ "قاعة تحت الأرض" من المفترض أنها (مكان لنشاط نووي)، كانت لقطة شاشة من إحدى الشركات الخاصة، كما أن المرفق لا يحتوي على البنية التحتية الكهربائية اللازمة لتشغيل العملية، التي وصفها جعفر زاده.

شبكة تجسس

يواصل روبين رصد المزاعم، التي تلاحق مجاهدي خلق، قائلًا إن حركة مجاهدي خلق، تزعم أنها تستمد استخباراتها من شبكة تجسس ليست فقط في إيران، لكن أيضاً داخل فيلق الحرس الثوري الإسلامي ذاته.

ومع ذلك ، يشير تقرير -صدر عام 2016 عن الفظائع في سوريا- إلى أن منظمة مجاهدي خلق، لا تمتلك الوصول إلى خبايا النظام، بل أكثر من ذلك فإن المنظمة تعيد تدوير التقارير الإعلامية الإسرائيلية والأمريكية والإيرانية، باعتبارها اكتشافات سرية لها، ومن ذلك ما تعلَّق بالكشف عن تدريب فيلق القدس للميليشيات العراقية والأفغانية والباكستانية.

ورغم أن المنظمة أفادت، بأن مؤسسة الشهيد الإيرانية في سوريا، تدفع لمرتزقة سوريين ، فإنه اتضح أن الأمر سبق نشره في تقارير صحفية غربية.

خطأ مؤقَّت

ويعود روبن، ليؤكد أن كل ما فات، لا يعني أن منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة مخطئان دائمًا، فقد كانت المجموعة الأكثر شهرة، هي المسؤولة عن نشر أخبار عن منشأة التخصيب الإيرانية، التي كانت سِرية في ذلك الوقت في نطنز، لكن الحكومة الأمريكية كانت على عِلم بعمل إيران السِّري قبل أشهر.

وبينما تقول منظمة مجاهدي خلق، إن كشفها دليل على درجة تسللها داخل النظام الإيراني، فإن التفسير الأكثر منطقية، هو أن أجهزة الاستخبارات في البلدان الأخرى، تستخدم المجموعة لنشر المعلومات بدلًا منها.

في حالة نطنز ، كان بإمكان العديد من الدول الإقليمية، التي ربما تكون على عِلم بتخصيب إيران النووي السِّر،ي أن تقدِّم المعلومات إلى منظمة مجاهدي خلق، من أجل ضخها في المجال العام بعيدًا عنها، لكن ذلك يطرح سؤالا ملحًا -حسب الكاتب- وهو: إذا كانت منظمة مجاهدي خلق قد اخترقت البرنامج النووي الإيراني، إلى الحد الذي يدَّعونه، فلماذا إذًا لم تكن المنظمة تعلم بالأرشيف النووي السِّري، الذي أخرجه عملاء إسرائيليون من البلاد؟!

وختم روبن بالقول: إن منظمة مجاهدي خلق، محقة في إدانتها للرئيس الإيراني القادم إبراهيم رئيسي، لدوره في الإعدامات الجماعية عام 1988، التي راح ضحيتها آلاف السجناء السياسيين، لكن كونهم ضحايا الاضطهاد منذ حُكم ثورة الخميني، لا يغيِّـر حقيقة أن ميل المنظمة إلى الصراخ والعويل، يعرقل المعارك الحقيقية، ضد النظام والإرهاب الإيراني، والبرنامج النووي السِّري لإيران.