بعد 33 عامًا.. قضية الإعدامات الشهيرة تلاحق الرئيس الإيراني الجديد
من المقرَّر أن تبدأ محاكمة حميد نوري، في العاشر من أغسطس الجاري، أي بعد أيام من تنصيب إبراهيم رئيسي في طهران، لكن ما يزيد أهمية هذه المحاكمة هو كشفها تفاصيل جديدة عن دور رئيسي في قضية الإعدامات

ترجمات - السياق
5 آلاف سجين أعدموا قبل 33 عامًا في إيران، قضية ظهرت إلى العلن مجددًا، وباتت تهدِّد الرئيس الإيراني المنتخب إبراهيم رئيسي، الذي أصبح في مرمى النيران، قبل أيام من توليه السلطة بشكل رسمي.
وتقول صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، إن اسم الرئيس الإيراني المنتخب، مرتبط بحملة الإعدامات الكبيرة، التي نفَّذتها السُّلطات الإيرانية بين يوليو وسبتمبر 1988، بعد إعادة فتح القضية أمام المحاكم السويدية.
وتوقَّعت الصحيفة الأمريكية، أن تكشف محاكمة متهم إيراني، يدعى حميد نوري، احتجزته سُلطات ستوكهولم قبل نحو عامين، عن دور للرئيس الإيراني الجديد، في قضية الإعدامات الجماعية الشهيرة، التي جرت على بعد 3 آلاف ميل من العاصمة الإيرانية طهران، عام 1988، ما قد «يعقِّد» حياة الرئيس الإيراني المنتخب.
وكان ممثلو ادِّعاء سويديون وجَّهوا -قبل أيام- اتهامًا للإيراني حميد نوري، بارتكاب عمليات قتل جماعي وجرائم حرب، تتعلَّق بضلوعه في تنفيذ إعدامات جماعية لسجناء في إيران، بعد أن ألقت السُّلطات السويدية القبض عليه، أثناء زيارته لأقارب له في السويد، قبل نحو عامين، بينما لا يزال محتجزًا حتى الآن.
إثارة القضية
«نيويورك تايمز»، نقلت عن عائلة طالب يدعى بيجان بازارغان، قولها إن ابنهم، الذي كان عضوًا في جماعة شيوعية إيرانية، ألقي القبض عليه في عمر 28 عامًا، وحُكم عليه بالسجن 10 سنوات، إلا أنه تم استدعاؤه فجأة أمام لجنة أمنية، ثم جرى إعدامه، من دون محاكمة ولا دفاع.
وقالت عائلة الطالب، إنهم لم يتسلَّموا -حتى الآن- جثة الشاب ولا يعلمون حتى مكان دفنه، موضحين أنهم حصلوا فقط على حقيبة تتضمَّن ساعة يد، وقميصًا، وشهادة وفاة لم تذكر أن الإعدام سبب الوفاة.
وأكدت الصحيفة، أن الطالب بازارغان كان بين نحو 5 آلاف سجين، ينتمون إلى المعارضة والجماعات اليسارية في إيران، جرى إعدامهم في صيف 1988، حسب بيان لمنظمة العفو الدولية.
وأشارت إلى أن المدَّعى عليه حميد نوري (المحتجز بالسويد)، كان مساعد نائب رئيس سجن كوهردشت، حيث تم إرسال بازارغان ومئات السجناء إلى غرفة الإعدام، مؤكدة أنه اتهم قبل أيام بالقتل، طبقًا لما يعرف بمبدأ «الولاية القضائية العالمية»، وهو أحد مبادئ القانون الدولي، التي تسمح نظرياً لأي محكمة محلية، بإصدار حُكم على المتهمين في جرائم مروِّعة، بصرف النظر عن مكان ارتكابها.
ومن المقرَّر أن تبدأ محاكمة حميد نوري، في العاشر من أغسطس الجاري، أي بعد أيام من تنصيب إبراهيم رئيسي في طهران، لكن ما يزيد أهمية هذه المحاكمة -التي من المتوقَّع أن تستمر حتى أبريل 2022- هو كشفها تفاصيل جديدة عن دور (رئيسي) في قضية الإعدامات، وهي القضية التي يسعى الرئيس الإيراني المنتخب، إلى التقليل من شأنها أو تجاهلها.
ما علاقة رئيسي؟
قالت «نيويورك تايمز» إن القضاء السويدي سيبدأ محاكمة رئيسي، باتهامات تتعلَّق بجرائم حرب وقتل، على صِلة بما حدث للطالب بازارغان، باعتباره كان مسؤولًا في القضاء الإيراني، إذ كان نائب المدَّعي العام في طهران، إبان وقوع الإعدامات.
أضرار إثارة القضية
وأكدت الصحيفة الأمريكية، أن القضية قد تضر الرئيس الإيراني المنتخب، خصوصًا أنه يواجه اتهامات، بأنه ساعد في تحديد مَنْ تم إعدامهم حينها.
وأوضحت، أن ما يزيد مخاوف (رئيسي)، أنه كان عضواً في لجنة من 4 أشخاص، استجوبت السجناء وأصدرت أوامر الإعدام، إلا أن رئيسي قال في تصريحات سابقة، محاولًا تبرير موقفه، إنه كان يتصرَّف تحت إشراف مؤسس الثورة الإيرانية، الإمام الخميني، الذي أمر بتشكيل لجنة لتسهيل عمليات الإعدام.
وما يزيد الضغوط على رئيسي، في هذه القضية الحساسة، حسب «نيويورك تايمز»، أن مشاركته في لجنة الإعدامات، ساهمت بشكل كبير في صعوده إلى قِمة الهرم الحاكم في إيران، حيث كان رئيساً للقضاء، ثم جرى انتخابه رئيساً للبلاد، في الانتخابات الرئاسية التي جرت في يونيو الماضي، في الوقت الذي طالبت فيه منظمة العفو الدولية، بالتحقيق في ماضيه، الذي وصفته بـ«المشين والدموي».
ووصفت «نيويورك تايمز»، عمليات الإعدام الجماعية، بأنها من أكثر ممارسات القمع الوحشية والغامضة، التي تشنُّها السُّلطات الإيرانية ضد خصومها، بل إن جماعات حقوقية دولية، اعتبرتها تصل إلى «جرائم ضد الإنسانية».
الولاية القضائية
القضية المرفوعة ضد حميد نوري، تجعله أول متهم إيراني في محاكمة جنائية، تستند إلى مبدأ الولاية القضائية العالمية، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي نقلت عن خبراء قانونيين قولهم: إن المسؤولين والعاملين الإيرانيين، أدينوا في ألمانيا وفرنسا وبلجيكا، بتُهم الاغتيالات والمؤامرات المتعلِّقة بالإرهاب في تلك البلدان، لكن لم تتم إدانتهم بجرائم ارتُكبت داخل إيران.
من جانبها، قالت المدَّعية العامة السويدية، كريستينا ليندهوف كارلسون، في إعلانها عن الاتهامات الموجَّهة إلى حميد نوري: إن التحقيق المكثَّف، الذي أسفر عن لائحة الاتهام هذه، يظهر أنه رغم ارتكاب هذه الأعمال خارج أراضي السويد، قبل أكثر من ثلاثة عقود، فإنها يمكن أن تخضع للإجراءات القانونية فيها.
وكشفت الصحيفة الأمريكية -في تقريرها- أن ما يقرب من 30 مدَّعيًا سيدلون بشهاداتهم أمام المحكمة، خلال محاكمة حميد نوري في السويد، ومن بينهم شقيقة الطالب بيجان بازارغان.
حصانة على المحك
ورغم أن الرئيس الإيراني يتمتع بحصانة دبلوماسية، في حال سفره للخارج، كونه رئيسًا لإيران، فإن ذلك لا يمنع من مواصلة القضية المنظورة في السويد، التي في حالة تأكيد اتهامه، ستضعه أمام مشكلات «مزعجة» قد تعوق تعامله مع العالم الخارجي، بحسب «نيويورك تايمز».
وبينما وضعت الولايات المتحدة، قبل عامين (رئيسي) على قائمة العقوبات، على خلفية انتهاكات حقوق الإنسان، ستكون ملزمة بمنحه تأشيرة كبلد مضيف لدخول الأمم المتحدة، إذا رغب في حضور اجتماعات الجمعية العامة في نيويورك، سبتمبر المقبل.
وهو ما يبدو أن الولايات المتحدة تحسَّبت له، إذ إن 6 نواب جمهوريين في مجلس الشيوخ، طلبوا من الرئيس الأمريكي جو بايدن، رفض منح رئيسي ومسؤولين إيرانيين كبار، تأشيرات لدخول البلاد، بزعم حضور اجتماعات الأمم المتحدة.
من جانبها، رفضت البعثة الدبلوماسية الإيرانية في الولايات المتحدة، التعليق على المحاكمة التي ستتم في السويد، كما رفضت التعليق على حضور (رئيسي) اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، التي ما زال الحديث عنها غامضًا -حتى الآن- في ظل تفشي كورونا.