المغرب... مركز عالمي لصناعة السيارات الكهربائية
كيف ساهم المغرب في حل أزمة الرقائق الإلكترونية للسيارات الكهربائية؟

ترجمات - السياق
تفتتح شركة «إس تي ميكروإلكترونكس»، قريبًا خط إنتاج جديد في المغرب، لتصنيع الرقائق الإلكترونية، لصالح رائدة صناعة السيارات الكهربائية الأمريكية «تسلا».
وقال معهد الشرق الأوسط للأبحاث، إن خط الإنتاج هذا يُعَدُّ أحدث مثال، على اتجاه الشركات الدولية، للنظر إلى المغرب كموقع جذب، من خلال استثمارات البنية التحتية الذكية في الرباط، مشيرًا إلى أن المغرب استغل هذا الاتجاه، ليبرز كصانع سيارات رائد في إفريقيا.
الرقائق الإلكترونية
وأوضح المعهد الأمريكي، أنه مع افتتاح خط إنتاج الرقائق الإلكترونية، المخصَّص للسيارات الكهربائية، يضع المغرب نفسه كمركز لإنتاج المركبات الكهربائية، ومركز استراتيجي لتصدير أشباه الموصلات إلى أوروبا.
وتقول وسائل إعلام مغربية: إن شركة «إس تي ميكروإلكترونكس»، وهي إحدى الشركات الأوروبية الرائدة في تصنيع أشباه الموصلات، ستفتتح قريبًا خط إنتاج الرقائق الإلكترونية، في منشأة الشركة الفرنسية الإيطالية في بوسكورة، وهي مدينة صناعية في ضواحي الدار البيضاء.
مصنع «بوسكورة» التابع للشركة بدأ في يونيو 2021، الإنتاج الأولي لصالح شركة تسلا، بخطوطه الحالية.
نقص حاد
وقال معهد الشرق الأوسط، إن إنتاج الرقائق الإلكترونية في المغرب، سيخفِّف النقص العالمي الحاد في رقائق السيارات، ما يساعد شركات صناعة السيارات الكهربائية، في الحفاظ على جداول إنتاجها في سوق السيارات الكهربائية سريع التقدُّم.
والرقائق الإلكترونية، عبارة عن دائرة متكاملة (IC) مطبوعة على أشباه موصلات صغيرة جدًا، وتشكِّـل هذه الدوائر المتكاملة لأشباه الموصلات، المعروفة بـ «الرقائق»، المكوِّنات الأساسية لجميع الأجهزة الإلكترونية، لاسيما أن السيارة النموذجية المعاصرة تحتاج إلى أكثر من 1400 شريحة من أشباه الموصلات.
وتُعَدُّ شركة «إس تي ميكروإلكترونكس»، أكبر شركة مصنِّعة للرقائق الإلكترونية، في أوروبا، إذ تمثِّل مكوِّنات شرائح السيارات 38% من إيراداتها السنوية، قبل جائحة كورونا.
أزمة العرض
ويقول معهد أبحاث الشرق الأوسط، إن انتشار الجيل الخامس، الذي يتطلَّب أشباه موصلات من أحجام رقائق السيارات نفسها، أدى -إلى جانب الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي- إلى زيادة الطلب على الرقائق الإلكترونية.
وأشار إلى أن أزمة الإمدادات العالمية للرقائق وجائحة كورونا، تسبَّبتا في تباطؤ كبير في إنتاج السيارات، فعلى سبيل المثال، تتوقَّع جنرال موتورز وفورد موتور تراجع الأرباح عام 2021 بما يزيد على 2 إلى 2.5 مليار دولار، بسبب تأخير العرض.
بدائل إفريقية
وسلَّط النقص في الرقائق، الضوء على الاعتماد الخطير لصناعة السيارات، على مصنعي أشباه الموصلات الآسيويين، ما دفع شركات صناعة السيارات، في الولايات المتحدة وأوروبا، إلى زيادة جهودهم، للعثور على مصادر بديلة للإمداد.
ويتفاقم ضغط الطلب على الرقائق، بسبب الشعبية المتزايدة للسيارات الكهربائية، التي تسير على الطريق «الصحيح» لتصبح الشكل المهيمن للتنقل بحلول 2030، بحسب معهد دراسات الشرق الأوسط.
وتتطلَّب السيارات الكهربائية رقائق أكثر، كما تحتاج إلى عدد كبير من أشباه الموصلات، لأنظمة إدارة البطاريات الخاصة بها، لضمان السلامة، من خلال تنظيم قطار الطاقة الكهربائية، وكذلك تحسين كفاءة استخدام الطاقة، لشحن البطاريات واستخدامها.
صناعة السيارات في المغرب
مع قدرته على إنتاج أكثر من 700 ألف سيارة سنويًا، نجح المغرب في أن يصبح مركزًا لتصنيع السيارات في إفريقيا، بحسب معهد الشرق الأوسط، الذي أكد أن صعود صناعة السيارات في المغرب، نتيجة التكامل الاستراتيجي للاستثمار في البنية التحتية، مع سلسلة التصنيع الصناعي، التي تعمل الآن كأساس لممر تجاري بين غرب إفريقيا وأوروبا الغربية ومركزه المغرب.
ويقول المعهد الأمريكي، إن خط القطار الفائق السرعة «البراق» في المغرب -الأول من نوعه في إفريقيا– يُعَدُّ العمود الفقري للنقل من إفريقيا إلى أوروبا، مشيرًا إلى أن ميناء طنجة المتوسط، بعد انتهاء ثاني مراحل تطويره في يونيو 2019، أصبح أكبر ميناء في البحر المتوسط، بسعة إجمالية للحاويات تبلغ 9 ملايين وحدة، تعادل عشرين قدمًا، متجاوزًا ميناء ألجيسيراس الإسباني وفالنسيا.
إلى ذلك، أنشأت مجموعة «رينو» مصنعها الثاني في طنجة، للاستفادة من توسيع ميناء طنجة المتوسط وخط السكك الحديدية، وعام 2019، أرسلت ثالث أكبر شركة لصناعة السيارات في أوروبا، ستة قطارات من سيارات رينو يوميًا، من مصنعها في طنجة إلى ميناء طنجة المتوسط، لشحنها إلى الأسواق العالمية.
تصدير السيارات
وفي يونيو 2019، افتتحت مجموعة «بي إس إيه» الفرنسية -ثاني أكبر شركة لتصنيع السيارات في أوروبا- مصنعًا في القنيطرة شمالي الرباط، بسبب السكك الحديدية عالية السرعة في براق إلى ميناء طنجة المتوسط، الذي يسهِّل عملية تصدير السيارات.
وأوائل عام 2019، قبل ظهور جائحة كورونا، شكَّـلت مبيعات قطاع السيارات 27.6% من صادرات المغرب، ويتم دعم إنتاج السيارات الحالي، بقيادة مجموعة «رينو» و«بي سي إيه»، من قبل ما يقرب من 200 من المورِّدين الدوليين، الذين يديرون مصانعهم الخاصة بهم، بما في ذلك الشركات الكبرى في ألمانيا وفرنسا وإيطاليا وإسبانيا وبلجيكا واليابان والولايات المتحدة.
كما تدير شركة «لير» الأمريكية، المصنَّفة 179 على قائمة «فورتشن 500»، 11 موقع إنتاج في المغرب، لمقاعد السيارات وتصنيع الأنظمة الكهربائية.
وقال معهد الشرق الأوط للأبحاث، إن المصنِّعين الصينيين يستغلون فرصة مصنع بيجو في القنيطرة، للاندماج في سلسلة القيمة، مثل ««CITIC Dicastal، التي يمكن لمصنِّعها في القنيطرة، الذي تبلغ تكلفته 400 مليون دولار، إنتاج 6 ملايين قطعة سنويًا لتزويد بيجو.
وأشار إلى أن «قرب الشاطئ» مع الحفاظ على الميزة التنافسية، وفَّـرا في نفقات التشغيل، وعملا كحافز للشركات الدولية، لتحديد مواقع منشآت التصنيع في المغرب، في بيئة ما بعد الوباء، مؤكدًا أن الدافع المتسارع لتقصير سلاسل التوريد، يوفِّر الآن للمغرب طريقًا سريعًا، للدخول في سلسلة القيمة التصنيعية للمركبات الكهربائية.
ريادة
وأكد المعهد الأمريكي، أن اتفاقية شركة «إس تي ميكروإلكترونكس» مع «تسلا»، مجرد طليعة للريادة في موجة إنتاج شرائح EV في المغرب، التي يمكن أن توفِّـر مسارًا لتصنيع المركبات الكهربائية في الدولة الواقعة شمالي إفريقيا.
اتفاقية "تسلا" كانت الأولى، إلا أن مجموعة رينو وقَّعت بدورها، اتفاقية تعاون استراتيجي مع شركة «إس تي ميكروإلكترونكس» لتوريد أشباه موصلات الطاقة المتقدِّمة للمركبات الكهربائية والهجينة، التي ستنتجها الشركة بدءًا من عام 2026.
دور استراتيجي
عام 2021، أطلقت "رينو" سيارتها Dacia Spring EV في أوروبا، التي يتم تصنيعها في الصين، على أنها أرخص سيارة كهربائية، غير أن إنتاج الرقائق في المغرب، يرجَّح احتمال تصنيع موديلات داسيا سبرينج أو الموديلات الكهربائية اللاحقة في مصانع رينو بالمغرب.
وإلى ذلك يقول معهد الشرق الأوسط، إنه من خلال خط إنتاج رقائق EV الجديد ، سيلعب المغرب قريبًا دورًا استراتيجيًا أكبر في تأمين سلاسل توريد أشباه الموصلات إلى أوروبا، ونظرًا لسجلها الحافل كمركز لتصنيع السيارات، يمكن أن يصبح إنتاج الرقائق حافزًا لتصنيع السيارات الكهربائية في المغرب.
وبفضل قدرته على خدمة الأسواق النهائية في أوروبا، وكذلك الأسواق الناشئة في الشرق الأوسط وإفريقيا، يستعد المغرب لأن يصبح دولة رائدة في تصنيع السيارات الكهربائية، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.