بعد رسائل ملك المغرب إلى الجزائر.. هل البلدان على أعتاب مصالحة جديدة؟
اعتذار وتعهدات ودعوة للتعاون... رسائل ملك المغرب إلى الجزائر

السياق
«الحدود المفتوحة، هي الوضع الطبيعي بين بلدين جارين، وشعبين شقيقين»، كانت جزءًا من كلمة لملك المغرب محمد السادس، التي وجَّهها إلى الجزائر، داعيًا إياها للعمل معه، لإعادة فتح الحدود بين البلدين، المغلقة منذ 27 عامًا.
وجدَّد العاهل المغربي، في كلمته، في الذكرى الـ 22 لعيد العرش، الدعوة للجزائر، للعمل سويًا، من دون شروط، لبناء علاقات ثنائية، أساسها الثقة والحوار وحُسن الجوار، واصفًا الوضع الحالي لهذه العلاقات، بأنها غير مرضية وليست في صالح الشعبين.
معاهدة مراكش
وأكد ملك المغرب، أن إغلاق الحدود يتنافى مع حق طبيعي، ومبدأ قانوني أصیل، تكرِّسه المواثيق الدولية، بما في ذلك معاهدة مراكش التأسيسية لاتحاد المغرب العربي، التي تنص على حرية تنقل الأشخاص، وانتقال الخدمات والسلع ورؤوس الأموال بين دوله.
«إننا والرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، لسنا مسؤولين عن قرار الإغلاق، لكننا مسؤولون سياسيًا وأخلاقيًا، عن استمراره»، بحسب ملك المغرب، الذي أكد أنه ليس هناك أي منطق معقول، يمكن أن يفسِّر الوضع الحالي، خاصة أن أسباب إغلاق الحدود، أصبحت متجاوزة، ولم يعد لها اليوم، أي مبرِّر مقبول.
لا شر ولا مشكلات
ونفى ملك المغرب، التصريحات بأن فتح الحدود لن يجلب للجزائر، أو للمغرب، إلا «الشر والمشكلات»، مؤكدًا أن «هذا الخطاب لا يمكن أن يصدِّقه أحد، خاصة في عصر التواصل والتكنولوجيا».
كما نفى ما تروِّج له وسائل إعلام، بأن المغاربة يعانون الفقر، ويعيشون على التهريب والمخدرات، مشيرًا إلى أن البلدين يعانيان مشكلات الهجرة والتهريب والمخدرات، والاتجار في البشر.
ووجَّه رسالة إلى القيادة في الجزائر، قائلًا: الشر والمشكلات لن تأتيكم من المغرب، كما لن یأتیکم منه أي خطر أو تهديد، لأن ما يمسكم يمسنا، وما يصيبكم يضرنا، مطالبًا بالعمل سويًا بين البلدين، لمحاربة العصابات التي هي عدوهما المشترك، ليتمكنا من الحد من نشاطها، وتجفيف منابعها.
جسد واحد
وأكد الملك المغربي متانة العلاقة، التي يجب أن تكون بين البلدين، فأمن الجزائر واستقرارها، وطمأنينة شعبها، من أمن المغرب واستقراره، مشيرًا إلى أن ما يمس المغرب سيؤثر أيضًا في الجزائر، لأنهما كالجسد الواحد.
وعبَّـر ملك المغرب عن أسفه، للتوترات الإعلامية والدبلوماسية، التي تعرفها العلاقات بين المغرب والجزائر، والتي تسيء لصورة البلدين، وتترك انطباعًا سلبيًا، لا سيما في المحافل الدولية، داعيًا إلى تغليب منطق الحِكمة، والمصالح العليا، من أجل تجاوز هذا الوضع، الذي وصفه بـ«المؤسف»، الذي يضيع طاقات بلدينا، ويتنافى مع روابط المحبة بين الشعبين.
الأزمة الأخيرة
تصريحات ملك المغرب، تأتي كأول رد فعل من الرباط، على الأزمة الدبلوماسية الأخيرة بين البلدين، التي حدثت قبل أسبوعين وأدت إلى سحب السفير الجزائري من المغرب للتشاور.
وكان وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، أثار خلال أعمال اجتماع حركة عدم الانحياز، في 13 و14 يوليو الجاري، قضية الصحراء الغربية، الإقليم المتنازع عليه بين المغرب وجبهة بوليساريو، التي تطالب بالاستقلال.
إثارة القضية الشائكة من الجزائر، قوبل باستنكار مغربي، لم يقف عند هذه النقطة، بل تطور إلى توزيع سفير الرباط في الأمم المتحدة عمر هلال، مذكرة على أعضاء منظمة عدم الانحياز، أثار خلالها موضوع «حق تقرير المصير لشعب القبائل»، معلنًا لأول مرة، دعمه حركة استقلال منطقة القبائل ومقرها باريس، التي تصنِّفها جارتها منظمة إرهابية.
إجراءات تصعيدية
إلا أن الجزائر عبَّـرت -من خلال وزارة الشؤون الخارجية- عن غضبها من الموقف المغربي، لتعلن في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، استدعاء سفيرها بالرباط، فورًا للتشاور، نظرًا لما وصفته بـ «غياب» أي صدى إيجابي ومناسب، من قِبَلِ الجانب المغربي.
عودة العلاقات
وبينما لم يرد المغرب على مطالبات الجزائر، جاء خطاب الملك محمد السادس، ليكون أعلى رد، لم تكن الجزائر تنتظره، بل إنه قد يسهم في إعادة العلاقات بين البلدين إلى ما كانت عليه قبل 27 عامًا.
والحدود بين الجزائر والمغرب مغلقة منذ عام 1994، إثر اتهام المغرب لجزائريين، بتنفيذ عملية إرهابية في فندق بمدينة مراكش المغربية، ناهيك عن فرض المغرب تأشيرة على الجزائريين.
وتشهد العلاقات بين الحين والآخر، توترات بسبب دعم الجزائر لجبهة البوليساريو، التي تتنازع مع المغرب على إقليم الصحراء الغربية، وتسعى إلى انفصاله منذ عام 1976.