الإيكونوميست: 3 عوامل تهدِّد تعافي الاقتصاد العالمي بعد كورونا
وصل التضخم في الولايات المتحدة، إلى مستويات لم تشهدها منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، إذ يتعرَّض سوق العمل هناك للتوتر وعدم الاتزان، وذلك رغم زيادة الوظائف بـ 850.000 خلال يونيو الماضي.

ترجمات - السياق
استبعدت مجلة "الإيكونوميست" البريطانية، تعافي الاقتصاد العالمي قريبًا، حتى بعد انتهاء أزمة كورونا، رغم حالة التعافي النسبي، التي يمر بها الاقتصاد حالياً.
وقالت المجلة في تقرير، إن الوباء تسبَّب في ركود اقتصادي كبير على مستوى العالم، لكن التقرير أشار إلى أن الاقتصاد العالمي، يمر الآن بمرحلة تعافٍ ونمو، بشكل يدعو إلى التفاؤل، مستشهداً، بارتفاع أسعار النفط، وتسابق الشركات لتعيين موظفين، كما أن أرباح الشركات ستصل إلى أعلى مستوياتها هذا العام.
ويشير مؤشر صادر عن (JPMorgan Chase) و(IHS Markit) إلى أن النمو العالمي بلغ أعلى مستوياته، منذ عام 2006، لكن هذا التعافي الاقتصادي تهدِّده ثلاثة عوامل -بحسب المجملة- تتمثَّل في: نقص لقاحات كورونا، وتغيُّـر العرض والطلب في السلع والخدمات العالمية، وعمليات التحفيز.
وأضاف التقرير: "ربما بحلول صيف 2022 يتم تطعيم معظم سكان العالم، وتكون الأعمال التجارية قد تكيَّفت مع أنماط جديدة من الطلب، وتراجع التحفيز بطريقة منظمة، إلا أنه لابد من الحذر من نقاط الخلل الجديدة، التي تهدِّد الاقتصاد العالمي.
مواجهة الفيروس
أوضح التقرير، أن الخلل الأول، يتمثَّل في أن الدول التي تهتم بحصول مواطنيها على التطعيمات، هي فقط التي ستستطيع مواجهة أي تحديات محتملة، خصوصًا -دلتا الهندي المتحور- مشيرة إلى أن إعادة افتتاح المحلات والشركات والمكاتب، مرهونة بوصول التطعيم إلى جميع المواطنين.
وأضاف التقرير: "حتى الآن هناك واحد فقط، من كل أربعة أشخاص في العالم، حصل على جرعة أولى من اللقاح، وواحد من كل ثمانية يتمتع بالحماية، حتى في الولايات المتحدة، فإن بعض الولايات غير الملقحة معرَّضة للإصابة بدلتا المعدي".
وفقاً للتقرير، فإن الخلل الثاني يتمثَّل في نقص الرقائق الدقيقة عالميًا، الذي أدى إلى تعطيل تصنيع الإلكترونيات والسيارات، رغم أنها مطلوبة جماهيريًا على مستوى العالم، بينما تضاعفت تكلفة شحن البضائع، من الصين إلى موانئ الساحل الغربي للولايات المتحدة، أربع مرات عن مستوى ما قبل الوباء.
وأوضح التقرير، أنه حتى إذا تم حل هذه المشكلات، فإن الاقتصادات المفتوحة حديثًا، ستسبِّب اختلالات جديدة.
ففي بعض البلدان، يبدو أن الناس يميلون إلى الخروج لتناول مشروب، أكثر من الخروج للعمل، ما يتسبَّب في نقص هيكلي في العمالة بقطاع الخدمات.
من هذه الاختلالات أيضًا، ارتفاع أسعار المساكن، ما يشير إلى أن الإيجارات ستبدأ قريباً الارتفاع، وذلك يمكن أن يدعم التضخم، ويعمِّق التصور بأن تكلفة الإسكان لا يمكن تحمُّلها.
يتعلَّق الخلل الأخير، الذي يهدِّد تعافي الاقتصاد العالمي بعد أزمة كورونا، بمدى التدخلات الحكومية في أعمال البنوك المركزية، من وقف سعر الفائدة وغيرها من القرارات، إذ اشترت البنوك المركزية في العالم الغني أصولاً بأكثر من 10 مليارات دولار منذ بداية الوباء، والآن تفكر بقلق في كيفية الخروج منه، من دون التسبُّب في انهيار أسواق رأس المال، عن طريق التشديد الائتماني، ويأتي هذا التشديد في الأساس، انعكاساً للخل الذي شهدته الأسهم العالمية، بسبب الكساد الذي أحدثه الوباء، بحسب التقرير.
وذكر التقرير، أن الصين التي لم ينكمش اقتصادها عام 2020، لجأت إلى تشديد سياستها الائتمانية هذا العام، ما أدى إلى تباطؤ نموها.
أخطار الإفلاس
وحذَّر التقرير، من أن تأثير الكساد في المعيشة سيزداد، وسيظهر بشكل أكثر وضوحًا بعد انتهاء الوباء، ما يزيد إعاقة النمو، واتساع رقعة عجز الموازنة.
وأوضح التقرير أن الاقتصادات العالمية تتجنَّب حتى الآن، إلى حد كبير موجة من حالات الإفلاس المدمِّرة، لكن لا أحد يعرف مدى نجاح هذه الدول، في مواجهة ضغوط الديون الخارجية والمحلية، وبذلك من الممكن أن تبدو على السطح، أزمة إعلان بعض الدول أو الشركات إفلاسها، لأنها لن تستطيع حينها، مواجهة أي انفتاح اقتصادي جديد، بعد الوباء.
وأشار التقرير إلى عوامل أخرى، لا تقل عن خطورة الوباء، بينها القلق من العودة إلى التضخم، كما حدث في سبعينيات القرن الماضي، أو الانهيار المالي كالذي حدث عام 2008، بجانب أن الطاقة الأساسية للرأسمالية، يتم استنزافها من خلال مساعدات الدولة للأفراد.
ووصف التقرير هذا التصور بأنه (كأهوال يوم القيامة)، وأشار إلى أن الوصول إلى هذه النتيجة بات ممكنًا، وبذلك بات التفكير في طريقة لخروج الاقتصاد العالمي من هذه الورطة، أمرًا ضروريًا.
ووصل التضخم في الولايات المتحدة، إلى مستويات لم تشهدها منذ أوائل ثمانينيات القرن الماضي، إذ يتعرَّض سوق العمل هناك للتوتر وعدم الاتزان، وذلك رغم زيادة الوظائف بـ 850.000 خلال يونيو الماضي.
لكن ما ساعد في عدم تعافي الاقتصاد الأمريكي، هو تردُّد الكثير من العمال في العودة إلى العمل خوفًا من الفيروس، ما ساعد في ارتفاع الأجور بنحو 8% تقريبًا، لكن المؤكد أن تأثير ذلك في الدول الفقيرة أو المتوسطة أكثر، وهو ما يعوق التعافي العالمي قريبًا.
لكن حتى مع تراجع الإصابات بكورنا وارتفاع التعافي، تواجه الأسواق الناشئة احتمال رفع سعر الفائدة، إذ لا تملك بنوكها المركزية رفاهية تجاهل التضخم، فقد رفعت البرازيل والمكسيك وروسيا، أسعار الفائدة مؤخرًا، وقد تتبعها دول أخرى.