إذابة جليد العلاقات مع إسرائيل... السيسي يتحرك لجني الثمار الاقتصادية
لأول مرة منذ عقد من الزمان، يزور رئيس وزراء إسرائيلي مصر، إذ حل نفتالي بينيت ضيفًا على الرئيس عبدالفتاح السيسي، في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر، في وقت بدأت فيه القاهرة تلعب دورًا إقليميًا أكثر حزمًا، خاصة في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين

ترجمات – السياق
كشفت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أن مصر تسعى لإذابة السلام البارد، الذي حافظت عليه مع إسرائيل منذ عام 1979، في محاولة من القاهرة لتعزيز اقتصادها، في وقت تؤثر فيه إجراءات التقشف بشدة على المستهلكين.
وقال حسين عبدالحسين، وهو باحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، في مقال بموقع المؤسسة، إنه لأول مرة منذ عقد من الزمان، يزور رئيس وزراء إسرائيلي مصر، إذ حل نفتالي بينيت ضيفًا على الرئيس عبدالفتاح السيسي، في منتجع شرم الشيخ المطل على البحر الأحمر، في وقت بدأت فيه القاهرة تلعب دورًا إقليميًا أكثر حزمًا، خاصة في الوساطة بين إسرائيل والفلسطينيين.
إلا أن الحسين، قال إن الأهم من السياسة، هو تصور القاهرة أن العلاقات الأفضل مع إسرائيل، قد تعزز الاقتصاد المصري، مشيرًا إلى أنه مع ارتفاع التجارة بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة، في أعقاب اتفاقات إبراهيم، قد يرى السيسي «حجة مقنعة» لإذابة السلام البارد، الذي حافظت عليه إسرائيل ومصر منذ عام 1979.
الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، قال إنه بعد 40 عامًا من السلام، بلغت التجارة الثنائية بين البلدين رقمًا وصفه بـ«القليل» هو 267 مليون دولار، إلا أنها بعد عام واحد من السلام بين إسرائيل والإمارات، بلغت 712 مليون دولار.
فوائد اقتصادية
وقال الحسين إن «حوالي 60 من رجال الأعمال الإسرائيليين والمصريين تجمعوا في مارس/آذار الماضي، في شرم الشيخ في أكبر اجتماع ثنائي من نوعه لمناقشة توسيع التعاون الاقتصادي، مضيفًا أن مؤتمر مارس إلى جانب زيارة بينيت، يشيران إلى أن المصريين أدركوا أن معاهدة السلام مع إسرائيل توفر فوائد اقتصادية لم يجنوها بعد.
ورغم أن البلدين تربطهما علاقات دبلوماسية كاملة، إلا أن معاهدة السلام المصرية مع إسرائيل لم تؤد بعد إلى علاقات طبيعية حقيقية، بسبب المعارضة المصرية الشعبية على ما يبدو، فيما يخطو السياسيون المصريون بحذر، بعيدًا عن الأضواء، عند التعامل مع نظرائهم الإسرائيليين، وهو ما أكده اجتماع للسيسي مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك بنيامين نتنياهو في مصر، ظل بعيدًا عن أعين الجمهور، بحسب الحسين.
ويقول الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، إنه مع تولي بينيت منصب رئيس الوزراء الجديد، فإنه يمكن للسيسي استخدام التغيير في القيادة الإسرائيلية ليقول إن مصر لديها فرصة لفتح صفحة جديدة مع تل أبيب والبدء في جمع المكافآت الاقتصادية للتطبيع.
وأشار إلى أنه بينما النجاح الإماراتي في سياستها مع إسرائيل الأكثر وضوحًا، إلا أن المصريين قد يفكرون أيضًا في تركيا، التي تعارض حكومتها إسرائيل سياسيًا، لكنها جنت بفارغ الصبر فوائد التجارة الثنائية التي تبلغ الآن 6.5 مليار دولار سنويًا، بزيادة قدرها 5.1 مليار دولار عن عام 2003، حينما تولى حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم السلطة لأول مرة.
القومية العربية
وأوضح الحسين، أنه إذا كان التطبيع دافع دعوة السيسي الأولى على الإطلاق لرئيس الحكومة الإسرائيلية، فإنها لم تظهر في الخطاب المصري العام، الذي يصوِّر سياسات السيسي الإقليمية، بأنها جزء من خطة لتعزيز القومية العربية، وهي خطة تمنع الشراكة مع الدولة اليهودية.
ووفقًا لكُتّاب الأعمدة المصريين، فإن أهداف السيسي تتمثَّل في المصالحة العربية، والجهود المبذولة لوقف تدخل القوى الإقليمية غير العربية، خاصة إيران وتركيا، في الصراعات الجارية في ليبيا ولبنان وسوريا واليمن والعراق، ما جعله يشارك في قمتين: الأولى في بغداد شهدت مشاركة دول عربية عدة، إضافة إلى تركيا وإيران وفرنسا، والأخرى في القاهرة، باستضافة العاهل الأردني الملك عبدالله ورئيس السُّلطة الفلسطينية محمود عباس.
مهمة صعبة
وأكد الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، أنه إذا كان انفتاح السيسي تجاه إسرائيل، واستضافته لبينيت، خطوة أولى نحو التطبيع والتعاون الاقتصادي، يتعين على الرئيس المصري بذل المزيد من الجهد لترسيخ هذا المفهوم للجمهور، وهي مهمة ليست سهلة، إلا أنها ستكون الشيء الصحيح الذي يجب القيام به، لقيادة بلاده في الاتجاه الصحيح، مشيرًا إلى أنه لا يمكن للتعاون في الكواليس أن يذهب أبعد من ذلك، في تعزيز العلاقات الاقتصادية الثنائية، خاصة تجارة السياحة المربحة.
وأكد الحسين، أنه إذا لم تكن مصر على استعداد للاستفادة من الازدهار الذي يقدِّمه التطبيع مع إسرائيل، فإن الدول العربية الأخرى شرعت في ذلك، بدءًا من الإمارات فالبحرين إلى السودان والمغرب، مشيرًا إلى أن الرئيس المصري بين خيارين، إما اغتنام الفرصة وإما التمسك بأساليب القاهرة القديمة، في الحفاظ على العلاقات مع إسرائيل خلف الأبواب المغلقة، مع إرضاء الرأي العام المصري.
الباحث في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، ختم مقاله، قائلًا: إن المصريين يستحقون أن يُقال لهم الحقيقة بشأن المكافآت الاقتصادية، التي يمكنهم جنيها من تطبيع علاقاتهم بإسرائيل، أو الاستمرار في فعل المزيد من الشيء نفسه، والذي لم يدر -حتى الآن- سوى القليل من الفوائد، إن وُجدت.