انتخابات أمريكا... ما العامل الوحيد الذي يتحكم في مزاج الناخبين؟

بحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن الجمهوريين يمتلكون فرصة في الفوز بعشرة أو 25 مقعداً إضافياً في مجلس النواب، في نسبة تعد أكثر من كافية لتحصل على الأغلبية.

انتخابات أمريكا... ما العامل الوحيد الذي يتحكم في مزاج الناخبين؟

ترجمات - السياق

بعد عامين على وصول الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى رئاسة الولايات المتحدة، إثر أحد أكثر الانتخابات إثارة للانقسام، تتجه الأنظار إلى الاستحقاق الديمقراطي الذي تجرى وقائعه، الثلاثاء، على مستوى البلاد.

يختار الناخبون الأمريكيون، النواب الذين سيشغلون مقاعد المجلس في واشنطن، وفي جميع المجالس المحلية تقريباً، إضافة إلى حكام 36 ولاية من أصل خمسين.

ستتحول الانتخابات، التي تنظم قبل عامين من الانتخابات الرئاسية، إلى استفتاء وُصف بـ«العقابي» على أداء الرئيس الأمريكي، إذ إنه على مدى 160 عاماً، لم يفلت حزب الرئيس من هذا التصويت إلا نادرًا.

وبحسب استطلاعات الرأي الأخيرة، فإن الجمهوريين يمتلكون فرصة في الفوز بعشرة أو 25 مقعداً إضافياً في مجلس النواب، في نسبة تعد أكثر من كافية لتحصل على الأغلبية، بينما بدت الفرصة مواتية للجمهوريين -كذلك- في اقتناص الأغلبية في مجلس الشيوخ الأمريكي.

 

فما الذي يتحكم في مزاج الناخبين؟

قضايا عدة تتحكم في تصويت الناخبين، في الانتخابات النصفية الأمريكية، بينها: التعليم، الصحة، الطاقة، الجرائم العنيفة، الإجهاض، تفشي كورونا، إلا أن الاقتصاد كان القضية الأولى بالنسبة للناخبين هذا العام، بحسب استطلاعات الرأي.

ويقول مركز بيو للأبحاث بالولايات المتحدة، في تقرير ترجمته «السياق»، إن الاقتصاد القضية الأولى للناخبين، الذين ينظروف للظروف الاقتصادية الحالية نظرة قاتمة، مشيرًا إلى أن ذلك بدا واضحًا في استطلاعات الرأي، التي أشارت إلى أن 17% فقط من الناخبين، قالوا إن إن الاقتصاد في حالة ممتازة أو جيدة.

وتختلف تفضيلات الناخبين على نطاق واسع، اعتمادًا على القضايا التي يضعونها في أولوياتهم، فالأغلبية العريضة التي صنفت الاقتصاد بأنه مهم للغاية، تدعم المرشحين الجمهوريين أكثر من الديمقراطيين بأرقام مزدوجة (47% إلى 34%).

وبحسب استطلاع للرأي، أجراه مركز بيو للأبحاث، فإن التضخم لا يزال مصدر القلق المهيمن على الأمريكيين، مشيرًا إلى أن الاهتمامات الرئيسة انصبت على: أسعار الغذاء والسلع الاستهلاكية (73% قلقون للغاية بشأن ذلك)، والبنزين والطاقة (69%) وتكلفة الإسكان (60%).

وعبَّـر عدد أقل بكثير عن درجة عالية من القلق من نقص المنتجات، أو عدم قدرة أرباب العمل في العثور على عمال، أو أداء سوق الأوراق المالية أو نقص الوظائف للذين يرغبون في العمل.

وفي استطلاع أجراه المركز في أكتوبر الماضي، قال نحو ثمانية من كل عشرة ناخبين مسجلين (79%) إن الاقتصاد مهم للغاية عند اتخاذ قرارهم بشأن من يصوتون في انتخابات الكونغرس لعام 2022.

 

آراء سلبية

آراء الأمريكيين بشأن اقتصاد الولايات المتحدة، كانت سلبية إلى حد كبير في الأشهر الأخيرة، فما يقرب من ثمانية من كل عشرة بالغين (82%) قالوا إن الظروف الاقتصادية سيئة (36%) أو عادلة فقط (46%)، مقابل فقط 17% قالوا إن الظروف إما ممتازة (2%) وإما جيدة (15%).

وتختلف أولويات الناخبين بشكل كبير حسب الحزب، كما حدث في الانتخابات السابقة، فبينما تقول الأغلبية في الحزبين إن الاقتصاد مهم جدًا لتصويتها، فإن الناخبين الذين يدعمون أو يميلون إلى مرشح مجلس النواب الجمهوري في منطقتهم، أكثر احتمالًا لقول ذلك من أولئك الذين يدعمون أو يميلون إلى المرشح الديمقراطي في منطقتهم.

وبحسب أحدث استطلاعات للرأي، أجرتها شبكة سي إن إن الأمريكية، طُلب من الناخبين تصنيف سلسلة من القضايا على مقياس من «بالغة الأهمية» إلى «ليست بهذه الأهمية»، فقال تسعة من كل 10 ناخبين مسجلين، إنهم يعدون الاقتصاد على الأقل مهمًا جدًا لتصويتهم للنواب في الكونغرس، بينما وصفه 59% بـ«بالغ الأهمية».

وفي استطلاع ثان، قال 51% من الناخبين المحتملين، إن الاقتصاد والتضخم سيكونان الأكثر أهمية بالنسبة لهم في تصويتهم بالكونغرس، متجاوزين بكثير أي قضية أخرى.

ومن الناخبين المسجلين في الاستطلاع الأول، رأى 75% من الجمهوريين أن الاقتصاد مهم للغاية بالنسبة لتصويتهم، مقارنة بنحو نصف المستقلين (51%) والديمقراطيين (50%).

أما الاستطلاع الثاني، فأكد 71% من الناخبين الجمهوريين أن الاقتصاد والتضخم القضية الأولى، بينما قال 53% من المستقلين و27% من الديمقراطيين الشيء نفسه.

وفي استطلاع أجرته شبكة فوكس نيوز الأمريكية، قال الناخبون بهامش 13 نقطة، إن الحزب الجمهوري سوف يقوم بعمل أفضل من أداء الحزب الديمقراطي في التعامل مع التضخم وارتفاع الأسعار.

وفي استطلاع أجرته شبكة سي بي إس نيوز منتصف أكتوبر الماضي، قال الناخبون إن سيطرة الحزب الجمهوري على الكونغرس ستساعد الاقتصاد، بينما قال الناخبون، إن السياسات الاقتصادية الديمقراطية -خلال العامين الماضيين في الكونغرس- أضرت ولم تساعد.

 

الاقتصاد... أمر مخيف

وفي تصريحات لـ«صوت أمريكا»، قال ستيف رايان مستثمر ولاعب بوكر محترف، يعيش في لاس فيجاس: «نعم، الاقتصاد أمر مخيف جدًا في الوقت الحالي. أحيانًا أذهب إلى Costco (بائع تجزئة) للحصول على الغاز لأنني لاحظت أنه عادة ما يكون أرخص بنحو 40 سنتًا للغالون الواحد هناك... إنه مجرد شيء محزن... المال شحيح للغاية».

وفي وقت شهد تضخمًا مرتفعًا منذ عقود، وأزمة في قطاع الإسكان، وسوق أسهم متقلب، يشعر الأمريكيون بالقلق بشأن أوضاعهم المالية وحالة الاقتصاد، بحسب «صوت أمريكا»، الذي قال إنه مع انتخابات التجديد النصفي الأمريكية، قد يختار الناخبون التعبير عن قلقهم الاقتصادي عبر صندوق الاقتراع، ويقررون -نهاية المطاف- ما إذا كان الجمهوريون ينتزعون السيطرة على مجلس النواب الأمريكي أو مجلس الشيوخ من الديمقراطيين.

وفي ولاية كونيتيكت، قالت الناخبة المستقلة ريبيكا أوروتيا، التي لديها أربعة أطفال، لإذاعة صوت أمريكا: لقد تكلفنا 40 دولارًا مقابل ربع غالون من الحساء من بانيرا (سلسلة مطاعم)... شراء البقالة أمر صعب بعد أن ارتفعت أسعار بعض المنتجات 30% (...) لم يعد تناول الطعام بالخارج خيارًا لعائلتنا بعد الآن».

وتابعت: «ألوم محافظنا (ديمقراطي). لقد تسبب بمفرده في انهيار اقتصادنا بسبب استجابته للوباء وبسبب سياساته الضريبية التي شلت الشركات الصغيرة والعائلات من الطبقة المتوسطة. سيؤثر الاقتصاد بالتأكيد في كيفية تصويتي».

ووفقًا لاستطلاع أجرته جامعة مونماوث مؤخرًا، قال 82% من الأمريكيين إن التضخم «قضية بالغة الأهمية»، يتعين على الحكومة الفيدرالية حلها.

الشاغل الأكبر

من جانبه، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة جورجيا تشارلز بولوك، في تصريحات لـ«صوت أمريكا»: «الاقتصاد هو الشاغل الأكبر لمعظم الأمريكيين هذا العام. كيف لا يكون الأمر كذلك؟ كل مرة يقودون سياراتهم في الشارع، يرون ارتفاع سعر البنزين».

وأضاف: «كل مرة يسيرون في ممر البقالة، يرون ارتفاع أسعار الحليب. نحن في دورة تضخمية، وهي مقلقة للناس لأن دخلهم لا يتماشى مع الغلاء»، مشيرًا إلى أن أسعار المستهلكين في الولايات المتحدة كانت في أغسطس الماضي أعلى بنسبة 8.3% مما كانت عليه في الشهر نفسه من العام الماضي.

وبالنسبة للعديد من الأمريكيين، فإن أسعار البنزين تعد مقياسًا رئيسًا للضغوط التضخمية، بحسب «صوت أمريكا»، الذي قال إن أسعار البنزين ارتفعت مرة أخرى قبل أيام، بعد أن هدأت في الأشهر الأخيرة.

ولترويض التضخم، عزز البنك المركزي الأمريكي أسعار الفائدة بشكل حاد، ما أدى إلى الضغط على العديد من حاملي بطاقات الائتمان ومشتريي المنازل المحتملين.

وقال كيث موت، ضابط شرطة في لوس أنجلوس بكاليفورنيا: «الاقتصاد يخيفني، لأكون صادقًا. لقد تلقت خطط التقاعد ضربة كبيرة، وتسبب ارتفاع تكلفة كل شيء في تغيير الطريقة التي نقضي بها أوقات فراغنا».

وتابع موت: «أنا لا أسافر كثيرًا، وأتخلى عن الأنشطة اللامنهجية التي أقدرها. إنها تؤثر سلبًا في حياتي الشخصية».

ويعتقد الخبراء مثل بولوك، أن الاقتصاد سيكون له تأثير كبير في الانتخابات، مشيرًا إلى أن «حزب الرئيس يخسر دائمًا مقاعد في انتخابات التجديد النصفي. إن تصنيف موافقة الرئيس والاقتصاد هو الذي يحدد عدد المقاعد التي سيخسرها. هذا العام، أعتقد أن الاقتصاد سيلعب دورًا أكبر من المعتاد».