بعد 20 يومًا من الغزو الروسي.. 3 سنياريوهات لنهاية الحرب الأوكرانية
مجرد حشد الأسلحة على أراضي الناتو لا يعني أنها محصنة ضد الهجوم

ترجمات-السياق
بعد دخول «الغزو» الروسي لأوكرانيا يومه العشرين، بدأت بعض الدول تتوقع سيناريوهات تتنبأ بموعد وضع الحرب أوزارها، وأخرى كارثية حذرت من مخاوف دخول العالم في حرب عالمية ثالثة.
وبين تلك السيناريوهات وغيرها، اختلفت وجهات النظر، بشأن الطريقة التي سيحسم بها الرئيس فلاديمير بوتين الحرب الأوكرانية؛ فبين من يرى أنه سيلجأ إلى الأسلحة الكيميائية أو النووية، لمعالجة بطء تقدم قواته في البلد الأوراسي، قال آخرون إن القوات الأوكرانية التي تخوض حربًا شرسة ضد الجيش الروسي، لن تصمد أكثر من شهر، مع اقتراب القوات الروسية من الشرق والشمال والجنوب، وانقطاع الإمدادات.
تلك السيناريوهات وغيرها، تحدثت عنها صحيفة نيويورك تايمز، في تقريرها الذي ترجمته «السياق»، مؤكدة فيه أن الولايات المتحدة تنبأت بدقة ببدء الحرب في أوكرانيا، ودقت ناقوس الخطر من أن الغزو كان وشيكًا، رغم نفي موسكو وتشكك أوروبا.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن هناك ثلاثة جهود منفصلة للقنوات الخلفية، لبدء المفاوضات من قادة فرنسا وإسرائيل وتركيا؛ إلا أنها اصطدمت بالحائط الحجري لرفض الرئيس فلاديمير بوتين الدخول في أي مفاوضات جادة.
فبينما يتوقع البنتاغون صراعًا طويل الأمد، يجلب المزيد من الموت والدمار غير الضروريين للديمقراطية الأوروبية الناشئة، يسعى الرئيس الروسي بوتين إلى الاستيلاء على رقعة واسعة من الجنوب والشرق، التي تربط روسيا بشبه جزيرة القرم براً، التي ضمها عام 2014، بحسب «نيويورك تايمز».
السيناريو الأكثر رعبًا
إلا أن هناك نهاية تعد أكثر رعبًا للصراع الأوكراني الروسي؛ تتمثل في انغماس دول "الناتو" بشكل مباشر في الصراع، عن طريق الصدفة أو التصميم، بحسب الصحيفة الأمريكية، التي قالت إن هذا الاحتمال أصبح أكثر بروزًا الأحد، عندما سقطت الصواريخ الروسية في المناطق الغربية لأوكرانيا، وهي لم تتضرر حتى الآن من الصراع المستمر منذ 19 يومًا، على بعد نحو عشرة أميال من الحدود البولندية.
وأشارت إلى أن سقوط الصواريخ الروسية في تلك المنطقة، كشف أن استمرار الجهود لنقل الأسلحة عبر تلك المنطقة إلى القوات الأوكرانية، من شأنه جعل القوافل «أهدافًا مشروعة»، بحسب الرؤية الروسية، التي حذرت من أن مجرد حشد الأسلحة على أراضي "الناتو" لا يعني أنها محصنة ضد الهجوم.
وتقول «نيويورك تايمز»، إن كبار المسؤولين الأمريكيين والأوروبيين أجمعوا في الأيام الأخيرة، على أن الأسبوعين الماضيين كشفا أن الجيش الروسي المتفاخر قد تعثر في خطة الغزو، مشيرين إلى أن الأسبوعين أو الثلاثة التالية ستكشف ما إذا كان بإمكان أوكرانيا البقاء كدولة، والتفاوض على إنهاء الحرب.
توسع المعركة
إلا أن ما يزعج المسؤولين الأمريكيين، أن بوتين قد يوسع المعركة إلى ما بعد أوكرانيا، معبرين عن قلقهم من أن الرئيس الروسي قد يسعى للاستيلاء على مولدوفا، وهي جمهورية سوفيتية سابقة أخرى لم تنضم إلى "الناتو" وتعد معرضة للخطر بشكل خاص، إضافة إلى مخاوف متجددة بشأن جورجيا، التي خاضت حربًا مع روسيا عام 2008 والتي تبدو اليوم كأنها اختبار تجريبي للصراع الأكبر بكثير.
وبينما حذرت الصحيفة الأمريكية، من أن بوتين الغاضب من بطء هجومه في أوكرانيا، قد يصل إلى أسلحة أخرى: الكيميائية والبيولوجية والنووية والسيبرانية، أشارت إلى أن جيك سوليفان مستشار الأمن القومي لبايدن، قال إن جزءًا من سبب لجوء بوتين إلى تكتيكات متطرفة مثل استخدام الأسلحة الكيماوية، أنه محبط لأن قواته لا تتقدم.
إلا أن سوليفان حذر من أن روسيا ستعاني عواقب وخيمة، إذا استخدمت أسلحة كيميائية، مشيرًا إلى أن الشيء الوحيد الذي سيجلب الولايات المتحدة وحلفاءها مباشرة إلى الحرب، هو شن هجوم على دول "الناتو".
فك رموز شفرة بوتين
وتقول «نيويورك تايمز»: أوائل الأسبوع الماضي، كان هناك بصيص أمل أن تبدأ مفاوضات حقيقية، يمكن أن تنشئ ممرات إنسانية للأوكرانيين، للهروب من رعب القصف المكثف والهجمات الصاروخية، وربما تؤدي إلى محادثات سلام.
وهو ما أشار إليه ديمتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين وأحد المقربين من بوتين، الذي قال إنه إذا غيرت أوكرانيا دستورها لتقبل شكل من أشكال الحياد، بدلاً من التطلع للانضمام إلى "الناتو" واعترفت بأن المناطق الانفصالية في دونيتسك ولوغانسك كانت دولتين مستقلتين، وأن شبه جزيرة القرم كانت جزءًا من روسيا، ستتوقف الضربات العسكرية في لحظة.
إلا أن المثير في الأمر، كان رد فعل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي بدا في مقابلة مع ABC News في اليوم التالي، منفتحًا بشكل مفاجئ على الفكرة، قائلاً إنه من الواضح أن التحالف الغربي «غير مستعد لقبول أوكرانيا»، وبينما لم يقل إنه يمكن أن يقبل اقتطاع جزء من البلاد، أكد أنه «يمكننا مناقشة وإيجاد حل وسط لكيفية عيش هذه المناطق».
لكن من غير الواضح ما إذا كان بوتين نفسه سيقبل هذه الصفقة، فمحادثات منفصلة دارت بين الزعيم الروسي والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، والمستشار الألماني أولاف شولتس، ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، دارت كلها حول القضايا نفسها، لكنها تركت محاوريه يتساءلون عما إذا كان بوتين يلعب بالوقت.
«نفاق» بوتين ومراقبة أمريكية
ووصفت الحكومة الفرنسية اتصالًا لماكرون وشولز ببوتين السبت بأنه «مخيب للآمال بسبب نفاق بوتين، الذي يبدو أنه مصمم على مواصلة الحرب». وقالت ويندي شيرمان، نائبة وزيرة الخارجية، إنه لا دليل من المحادثات -حتى الآن- على أن بوتين غيَّر مساره، فهو لا يزال «عازمًا على تدمير أوكرانيا».
وقالت «نيويورك تايمز»، إن الإدارة الأمريكية التي تواصل معها القادة الذين أجروا محادثات مع بوتين، تحافظ على مسافة، بسبب عدم تواصل مسؤولين روسيين كبار مع نظرائهم الأمريكيين، بما في ذلك نوع المحادثات التي كانت روتينية في المدة التي سبقت الحرب.
ويقول المسؤولون الأمريكيون والأوروبيون، إن أفضل أمل أن يستنتج بوتين أنه يجب عليه تقليص أهدافه في مواجهة العقوبات الاقتصادية، لا سيما إعاقة البنك المركزي الروسي واحتمال تقصير الدولة بسرعة في الوفاء بالتزاماتها.
وبحسب الصحيفة الأمريكية، فإنه إذا أبرم زيلينسكي صفقة مع بوتين، فقد يؤدي ذلك إلى اتخاذ قرار صعب بالنسبة للولايات المتحدة، بشأن ما إذا كانت سترفع أيًا من العقوبات التي نسقتها مع دول عدة.
البديل الأسوأ
ورغم المشكلات اللوجستية لجيشه، يبدو أن بوتين عازم على تكثيف حملته وفرض حصار على العاصمة كييف، وخاركيف ثاني أكبر مدينة في البلاد، وغيرها من المراكز الحضرية الأوكرانية، بحسب «نيويورك تايمز».
وقال مسؤولون كبار في البنتاغون والمخابرات الأمريكية، إنه حتى مع استمرار بوتين في استراتيجيته لقصف كييف، فإن القوات الجوية والبرية الروسية تواجه الأوكرانيين المتحمسين للقتال.
من جانبه، توقع وليام جيه بيرنز، مدير وكالة المخابرات المركزية، للمشرعين الأمريكيين -الأسبوع الماضي- أن الأسابيع القليلة المقبلة ستكون «قبيحة»، مشيرًا إلى أن «بوتين غاضب ومحبط ومن المرجح أن يحاول سحق الجيش الأوكراني، من دون اعتبار لسقوط ضحايا من المدنيين».
وتقول «نيويورك تايمز»، إنه حتى في الوقت الذي وسعت فيه روسيا قصفها بالمدفعية والصواريخ والقصف الأحد، كانت القوات الروسية والأوكرانية تستعد في كييف، لما يبدو أنها ذروة المعارك.
وسيلة ضغط
فبينما أكدت الصحيفة الأمريكية أن بوتين أظهر -بالصراعات السابقة في سوريا والشيشان- استعدادًا ليس فقط لقصف المناطق المكتظة بالسكان، لكن أيضًا لاستخدام الضحايا المدنيين وسيلة ضغط ضد أعدائه، قال مسؤولون أميركيون كبار إن الأسابيع المقبلة قد تشهد قتالًا طويلًا يسفر عن آلاف الضحايا من الجانبين.
وتشارك القوات الروسية والأوكرانية بقتال شرس في الشوارع بمدن الضواحي المحيطة بالعاصمة.
ورغم أن عدد القوات الروسية يفوق عدد الجيش الأوكراني بشكل كبير، فإن الأوكرانيين نصبوا كمينًا لهم بصواريخ جافلين المضادة للدبابات، التي قدمها "الناتو" والولايات المتحدة.
وقال اللفتنانت جنرال سكوت دي بيرير، مدير وكالة استخبارات الدفاع، للمشرعين -الأسبوع الماضي- إن هناك حدًا للمدة التي يمكن أن تصمد فيها كييف مع اقتراب القوات الروسية من الشرق والشمال والجنوب، مشيرًا إلى أنه «مع انقطاع الإمدادات، سيصبح الأمر يائسًا إلى حد ما، وستصمد القوات بين 10 أيام وأسبوعين».
وقال مسؤول أمريكي كبير، تحدث شرط عدم كشف هويته لمناقشة تقييمات المخابرات السرية: «الأمر قد يستغرق ما يصل إلى أسبوعين، حتى تطوق القوات الروسية كييف، ثم على الأقل شهرًا آخر للاستيلاء عليها»، مشيرًا إلى أن ذلك يتطلب مزيجًا من القصف المستمر، وما قد يكون أسابيع أو شهورًا من القتال في الشوارع.
وقال الأدميرال المتقاعد جيمس جي ستافريديس، القائد الأعلى السابق لقوات الحلفاء في أوروبا: «سيكون الثمن باهظًا للغاية من الدم الروسي»، مشيرًا إلى أن هذه التكلفة الباهظة قد تدفع بوتين إلى تدمير المدينة بهجوم من الصواريخ والمدفعية والقنابل.
تقسيم أوكرانيا
ورغم فشل الهجوم الروسي -حتى الآن- في تحقيق أي من الأهداف الأولية لبوتين، فإن الرئيس الروسي بات في ساحة المعركة أقرب إلى بعض الأهداف من غيرها.
فما وراء كييف، لا تزال مدن خاركيف وتشرنيهيف وسومي الشمالية محاصرة، وما زالت تعاني القصف الروسي العنيف، بينما كان التقدم في الشرق والجنوب بطيئًا، لكنه يشير أيضًا إلى الشكل الذي قد تبدو عليه أوكرانيا المنقسمة.
وبحسب «نيويورك تايمز»، لا تزال القوات الروسية تُخضع ماريوبول للحصار والقصف، لكنها على وشك تأمين تلك المدينة الساحلية الاستراتيجية الجنوبية، ومعها جسر بري من شبه جزيرة القرم في الجنوب إلى منطقة دونباس في الشرق، التي يسيطر عليها الانفصاليون المدعومون من روسيا منذ 2014.
وإذا تمكنت روسيا من الاستيلاء على أوديسا، وهي مدينة ساحلية محورية على البحر الأسود، وربما الساحل الأوكراني المتبقي إلى الجنوب الشرقي، فإنها ستحرم أوكرانيا من الوصول المهم إلى البحر.
قال مسؤولون كبار في البنتاغون إن القضية الآن هي مواصلة الضغط الشديد على روسيا، على أمل أن يخفض بوتين خسائره ويستقر على الجنوب والشرق الناطقين بالروسية.
ومع ذلك، فإن الهجمات الروسية غربي أوكرانيا -خلال اليومين الماضيين- تؤكد عزم بوتين في السيطرة على البلاد، بدءًا من كييف، بينما لا يزال من غير الواضح كيف سيجد القوات التي ستحتلها، الأمر الذي قد يتطلب حرب عصابات دموية تستمر سنوات.
وقال جيمس ستافريديس، وهو أدميرال متقاعد في البحرية الأمريكية ستافريديس: «للأسف، فإن نهاية اللعبة الأكثر احتمالًا تقسيم أوكرانيا (..) سيأخذ بوتين جنوبي شرق البلاد، وسينجذب الروس هناك بقية الأمة، بأغلبية ساحقة من الأوكرانيين، ستستمر كدولة ذات سيادة".
السيناريو الأسوأ
وعبرت «نيويورك تايمز» عن مخاوفها من توسع الحرب الأوكرانية، مشيرة إلى أنه كلما تحرك القتال غربًا، زاد احتمال هبوط صاروخ خاطئ في أراضي "الناتو"، أو أن يسقط الروس طائرة تابعة للحلف.
وقالت الصحيفة الأمريكية، إن بوتين استخدم الأسلحة الكيميائية من قبل، ضد المعارضين السياسيين والمنشقين، وقد يميل إلى فعل ذلك مرة أخرى، مشيرة إلى أن استخدام الأسلحة النووية في ساحة المعركة سيتخطى المسموح به، وهو ما يعتقد معظم المسؤولين الأمريكيين أنه حتى بوتين لن يفعله، ما لم يعتقد أنه يواجه الحاجة إلى سحب قواته.
لكن المسؤولين يقولون إن احتمال حدوث تفجير نووي نوقش الأسبوعين الماضيين، إضافة إلى أن هناك هجمات إلكترونية رجح المسؤولون أنها قد تكون جزءًا من «انتقام» بوتين من الولايات المتحدة بسبب الضرر الجسيم الذي لحق بالاقتصاد الروسي.