بعد الانسحاب الأمريكي.. روسيا تأمل تطبيع العلاقات مع طالبان

بينما تتصارع أمريكا مع تداعيات الانسحاب، تجري مناقشات مماثلة في موسكو عن فشل الولايات المتحدة في أفغانستان

بعد الانسحاب الأمريكي.. روسيا تأمل تطبيع العلاقات مع طالبان

ترجمات - السياق

قالت مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية، إن روسيا تخطِّط للاستفادة من الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، في 31 أغسطس المقبل، عبر تطبيع العلاقات مع طالبان، والاتفاق على بسط الأمن على الحدود.

وأوضحت المجلة الأمريكية -في تقرير- أن إعلان الرئيس الأمريكي جو بايدن، إتمام انسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان، أثار انتقادات الجمهوريين، وبعض حلفاء بايدن في الكونجرس، الذين يرون أن كابل لن تكون قادرة على الصمود، في مواجهة حركة طالبان، وأن الانسحاب قد يؤدي إلى طوفان من العواقب غير المحمودة، التي تتراوح بين التطهير العرقي الواسع النطاق والتدمير المحتمل للدولة الأفغانية.

 

فشل أمريكي

وذكرت المجلة، أنه "بينما تتصارع أمريكا مع تداعيات الانسحاب، تجري مناقشات مماثلة في موسكو عن فشل الولايات المتحدة في أفغانستان".

وأشارت المجلة، إلى أن وسائل الإعلام الروسية، بدأت تبث مواد تروج لفشل أمريكا في أفغانستان، إذ استغلت وسائل الإعلام الروسية، اتهامات المسؤولين الأفغان، بأن القوات الأمريكية غادرت مطار بأغرام في ظلام الليل، من دون إخطار القائد الجديد للقاعدة، الذي يقال إنه علم بالمغادرة، بعد أكثر من ساعتين من الواقعة.

كما عرضت وسائل الإعلام الروسية، لقطات لمخازن الذخيرة والمركبات المدرعة وغيرها من المعدات، التي قيل إنها تُركت في أعقاب انسحاب الجيش الأمريكي، ونهبتها -في ما بعد- طالبان.

ولإظهار الفشل الأمريكي، يجري الروس مقارنة بين التجربة السوفييتية والأمريكية في أفغانستان، مشيرين إلى أن الوجود السوفييتي تحلى بالمبادئ، وأسهم في نجاح الحكومة الأفغانية آنذاك، بحسب المجلة الأمريكية.

وقال السناتور فرانز كلينتسفيتش: "عندما غادرنا أفغانستان، سيطرت الحكومة التي دعمناها في كابل، على معظم أراضي البلاد"، وأضاف أن القوات السوفييتية لم تقم بعمليات عسكرية فحسب، بل نفَّذت مشاريع إنسانية، وبنت الجسور والطرق وأزالت الألغام، كل ذلك ساهم في تنمية أفغانستان".

 

تصدير التطرف

لكن الشعور بالرضا التاريخي، عن الإخفاقات الأمريكية في أفغانستان، سرعان ما طغت عليه المخاوف الجيوسياسية الأكثر إلحاحًا، التي شعر بها الكرملين والساسة الروس.

يبدو أن زعزعة استقرار أنظمة ما بعد الاتحاد السوفييتي، في آسيا الوسطى، أمر مرجَّح للغاية، وفقاً للمجلة.

الخبير العسكري، إيغور كوروتشينكو، قال إنه من غير الواضح كيف ستتطور الأمور لدى الروس، وكيف سنتعامل مع حقيقة أن طالبان، يمكن أن تنتصر في أفغانستان، وتبدأ التوسع وتصدير المتطرفين إلى الدول المجاورة... هذا تحدٍ خطير بالنسبة لنا".

تصنِّف روسيا طالبان، على أنها جماعة إرهابية، لكن ذلك لم يمنع الكرملين من التعامل مع الجماعة، في السنوات الأخيرة.

وكان وفد من طالبان، قد زار موسكو قبل أيام، لمناقشة مستقبل أفغانستان.

من جانبه، بذل وفد طالبان جهودًا كبيرة لطمأنة الكرملين، بأنهم ليس لديهم نوايا عدائية تجاه روسيا، ولا حلفائها في آسيا الوسطى.

وبحسب ما ورد من معلومات، أكد المفاوضون لموسكو أنهم لن "يهاجموا الحدود الطاجيكية"، مضيفين أنهم سيعملون على منع تنظيم داعش، من أن يكون له موطئ قدم في الأراضي الأفغانية.

 

تطبيع العلاقات

بالمقابل، لا تزال موسكو ملتزمة بالدفاع عن وحدة أراضي طاجيكستان، التي تستضيف قاعدة عسكرية روسية، وتعمل كحاجز رئيس ضد تدفقات المسلَّحين، من الشرق الأوسط إلى آسيا الوسطى وما وراءها.

بدوره أعرب السناتور الروسي فلاديمير دشاباروف، عن أمله بتطبيع العلاقات بين روسيا وطالبان، قائلاً: "سوف نتفاعل مع أي حكومة شرعية في أفغانستان. إذا أصبحت طالبان الحكومة الشرعية، سنعمل بالطبع على تحسين علاقاتنا، لكن بشرط ألا يكونوا معادين لبلدنا".

إلى ذلك، قالت منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO)، وهي تحالف عسكري أوروبي آسيوي، مكوَّن من ستة أعضاء برئاسة روسيا، إنها ستحشد جميع الموارد اللازمة للدفاع عن الحدود الطاجيكية الأفغانية، في أعقاب نداء، للحصول على مساعدة خارجية، من دولة عضو في منظمة معاهدة الأمن الجماعي.

ورغم الخطوات العسكرية لتدعيم الحدود، فإن الكرملين كان واضحًا، أنه لا توجد خُطط لنشر قوات روسية في أفغانستان.

وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف: "بالنسبة إلى استمرار العمل العسكري، في غياب العملية السياسية، فإن الأحداث على الأراضي الأفغانية تهمنا حصريًا، من وِجهة نظر احتمال امتداد الاضطرابات إلى أراضي حلفائنا".

وأضاف "حقيقة أن طالبان احتلت مراكز حدودية على الحدود مع إيران، على الحدود مع طاجيكستان، بينما يحدث ذلك على الأراضي الأفغانية، لن نتخذ أي إجراءات باستثناء دعواتنا الملحة للعملية السياسية، التي قال كل الأفغان إنهم يؤيدونها في أقرب وقت ممكن".

بالمقابل، يحجم الكرملين عن تقديم اعتراف دبلوماسي من جانب واحد بطالبان، لكن، كما أشار السيناتور الروسي دشاباروف، قد تتغيَّـر الحسابات السياسية والعسكرية للموقف الحالي لروسيا، إذا ظهر أن طالبان الفائزة بلا منازع، في صراعها المستمر على السُّلطة مع الحكومة الأفغانية، بحسب مجلة ذا ناشيونال إنترست الأمريكية.