هل تعرقل روسيا إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني؟
يهدد الطلب، الذي تقدم به لافروف، بتعطيل المحادثات لاستعادة اتفاق 2015 تمامًا كما كان الدبلوماسيون في فيينا يأملون الانتهاء من اتفاق أوائل الأسبوع المقبل

ترجمات – السياق
رأت صحيفة وول ستريت الأمريكية، أن المطالب الجديدة من روسيا، قد تهدد بعرقلة المحادثات بشأن إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، حيث قالت موسكو إنها تريد ضمانات مكتوبة، بأن العقوبات المتعلقة بأوكرانيا لن تمنعها من التجارة على نطاق واسع مع طهران.
وأوضحت الصحيفة -في تقرير- أن المطالب التي قدمها وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، 5 مارس الجاري، جاءت في الوقت الذي قال فيه مسؤولون غربيون وإيرانيون، إنهم على وشك التوصل إلى اتفاق للعودة مرة أخرى إلى الاتفاق النووي لعام 2015، الذي رفع معظم العقوبات الدولية عن إيران، مقابل قيود مشددة ولكن مؤقتة على برنامج طهران النووي.
وبينّت أن الولايات المتحدة انسحبت من الاتفاقية في مايو 2018، ما دفع إيران، منذ منتصف عام 2019، إلى توسيع نطاق عملها النووي بشكل كبير، وعليه تركز محادثات فيينا على الخطوات الدقيقة التي يتعين على طهران وواشنطن اتخاذها، للعودة إلى الامتثال للاتفاق.
ويهدد الطلب، الذي تقدم به لافروف، بتعطيل المحادثات لاستعادة اتفاق 2015 تمامًا كما كان الدبلوماسيون في فيينا يأملون الانتهاء من اتفاق أوائل الأسبوع المقبل.
وقال لافروف -في مؤتمر صحفي- إن روسيا مستعدة لقبول مسودة وثيقة لإعادة الاتفاق، لكنه أضاف أن هناك "مشكلات ظهرت مؤخرًا من وجهة نظر مصالح روسيا".
متى يوقع الاتفاق؟
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أنه رغم تصريح مسؤولين غربيين، بأنهم يريدون إبرام اتفاق بشأن الملف النووي هذا الأسبوع، فإن كبار المفاوضين من القوى الأوروبية غادروا 4 مارس فيينا للعودة إلى عواصمهم، بينما كانوا ينتظرون إيران والولايات المتحدة الأمريكية، لمحاولة حل الخلافات النهائية بينهما، بما في ذلك تحديد العقوبات التي سترفعها واشنطن.
وأوضحت أن المسؤولين الغربيين حذروا من استمرار إيران في التقدم لإنتاج (سلاح نووي) رغم استئناف المباحثات، ونقلت الصحيفة عنهم، أنه قد يكون من المستحيل استعادة الاتفاق النووي لعام 2015، لأنه ليس من الممكن إعادة إنشاء المنفعة المركزية للولايات المتحدة وأوروبا من هذا الاتفاق، ما يقرب إيران من القدرة على تكديس ما يكفي من الوقود النووي لإنتاج سلاح نووي.
وكشفت الصحيفة الأمريكية، عن أن تقريرًا سريًا للوكالة الدولية للطاقة الذرية، أظهر أن إيران أنتجت حتى الآن 33.2 كيلوغرام من اليورانيوم عالي التخصيب، أي نحو ثلاثة أرباع ما تحتاج إليه للحصول على وقود بنسبة 90% لصُنع سلاح نووي، وبحسب الخبراء فإن إيران بحاجة فقط إلى بضعة أسابيع، لإنتاج ما يكفي من الوقود النووي اللازم لصُنع سلاح نووي.
وذكرت أنه بموجب الاتفاق النووي لعام 2015، كانت روسيا تتسلم من إيران اليورانيوم المخصب، مقابل إعطائها اليورانيوم الطبيعي، كما كان ضمن عمل روسيا، تحويل منشأة فوردو النووية الإيرانية إلى مركز أبحاث، فضلًا عن تسليم مواد نووية أخرى إلى منشآت طهران.
ثغرات كبيرة
لذلك، ترى "وول ستريت جورنال" أن مطالب لافروف بضمانات شاملة، يمكن أن تحدث ثغرات كبيرة في العقوبات المالية والاقتصادية وعقوبات الطاقة الصارمة، التي فرضها الغرب في الأيام الأخيرة؛ بسبب الحرب في أوكرانيا، حيث قال لافروف: "لقد طلبنا ضمانًا مكتوبًا... بأن العملية الحالية التي أطلقتها الولايات المتحدة لا تضر -بأي شكل من الأشكال- بحقنا في التجارة الحرة والتعاون الاقتصادي والاستثماري والتعاون العسكري التقني مع إيران".
وأشارت الصحيفة الأمريكية، إلى أنه بعد مدة وجيزة من تعليقات لافروف، غرد كبير المفاوضين الروس في المحادثات النووية، ميخائيل أوليانوف، بأنه أثار أسئلة تحتاج إلى التعامل مع مسؤول أوروبي كبير "لضمان تعاون نووي مدني سلس مع إيران"، في إشارة إلى أن مطالب روسيا في المحادثات كانت أقل مما اقترحه لافروف.
وفي المقابل، نقلت الصحيفة عن دبلوماسي غربي -رفض ذكر اسمه- قوله: "يمكن إدارة ذلك"، إذا كانت الضمانات تتعلق فقط بالعمل الذي ستفعله روسيا في إيران بموجب الاتفاق النووي، لكنه أضاف: "إذا كان لافروف يستخدم ذلك كلعبة، لمحاولة إحداث فجوة كبيرة في العقوبات الشاملة على أوكرانيا، فهذه قصة مختلفة"، بينما قال مسؤول إيراني إن وفد بلاده ينتظر توضيحًا من موسكو بشأن مطالبها.
كما ذكرت وكالة تسنيم الإيرانية شبه الرسمية للأنباء، أن مسؤولين إيرانيين قالوا إن مطالب روسيا في المحادثات النووية في فيينا "غير بناءة"، ونقلت الوكالة عن مسؤولين إيرانيين لم تسمهم قولهم، إن التدخل الروسي يهدف إلى ضمان مصالح موسكو في مجالات أخرى.
وحسب الصحيفة، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين لشبكة سي بي إس تعليقًا على تصريحات لافروف: إن العقوبات الغربية على روسيا "لا علاقة لها بالاتفاق النووي الإيراني"، وأضاف: "هذه الأشياء مختلفة تمامًا ولا يمكن ربطها بأي شكل، لذلك أعتقد أن هذا الأمر غير ذي صلة".
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أنه منذ بدء المحادثات في أبريل 2021، رفضت إيران التفاوض مباشرة مع الولايات المتحدة الأمريكية بدلًا من ذلك، وعملت الأطراف الأخرى في الاتفاقية -بريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين والاتحاد الأوروبي- كوسطاء.
ونقلت عن دبلوماسيين غربيين، قولهم: إن روسيا قامت بدور بنّاء في المحادثات، حيث أبعدت إيران -في بعض الأحيان- عن المطالب غير المعقولة، وضغطت على طهران علنًا في بعض الأحيان، حتى لا تطيل المحادثات، ومع ذلك، قال مسؤولون غربيون إنه خلال الأيام القليلة الماضية، مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، كان المسؤولون الروس في المحادثات أكثر ترددًا، حيث أخبروا نظراءهم بأنهم بحاجة إلى التحقق من الأفكار الجديدة مع موسكو.