24 ساعة حبس فيها الليبيون أنفاسهم.. إلى أين انتهت التحشيدات العسكرية؟

العاصمة الليبية، شهدت أربعًا وعشرين ساعة من التحشيدات والتحشيدات المضادة، بين رئيسي الحكومتين السابقة عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، بعد أنباء عن عزم الأخير دخول طرابلس مع عدد من وزرائه، تمهيدًا لمباشرة مهامه رئيسًا للحكومة

24 ساعة حبس فيها الليبيون أنفاسهم.. إلى أين انتهت التحشيدات العسكرية؟

السياق

ساعات حبس فيها الليبيون أنفاسهم، بعد تصاعد حدة التوترات في العاصمة طرابلس، التي كادت أن تتحول إلى حرب، لولا تدخل أطراف محلية وإقليمية ودولية، في اللحظات الأخيرة.

فالعاصمة الليبية، شهدت أربعًا وعشرين ساعة من التحشيدات والتحشيدات المضادة، بين رئيسي الحكومتين السابقة عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشاغا، بعد أنباء عن عزم الأخير دخول طرابلس مع عدد من وزرائه، تمهيدًا لمباشرة مهامه رئيسًا للحكومة.

إلا أنه بعد تلك المعلومات، التي تلقفها الدبيبة والمليشيات التابعة له، حاول الأخير منع غريمه من دخول طرابلس، فحشد عددًا من المليشيات على أبواب العاصمة، بحسب مصادر ليبية، أكدت أن رتلا مسلحًا من مدينة مصراتة، التي يتحدر منها الرجلان، تحرك لمساندة باشاغا، ما دق ناقوس الخطر من حدوث اشتباكات بين الطرفين.

تلك القوتان اللتان كانتا على أبواب طرابلس مساء الخميس، دفعت بأعيان وقيادات مصراتة إلى التدخل «العاجل» لنزع فتيل التوتر وتجنيب مدينة مصراتة والمنطقة الغربية برمتها «فتنة» وخطر الصدام المسلح، بحسب المصادر الليبية.

إلا أن القيادات المحلية نجحت في نزع فتيل الأزمة، ما دفع بالقوات التابعة لباشاغا، التي وصفت بأنها «قوة للتأمين وليست للحرب»، لمعاودة أدراجها والعودة إلى مدينة مصراتة، «استجابة لمطالبات الأصدقاء الدوليين والإقليميين»، بحسب بيان المكتب الإعلامي للحكومة الجديدة.

وقالت الحكومة، في بيان اطلعت «السياق» على نسخة منه، إنه «رغم صعوبة الموقف فإن قوة التأمين آثرت حقن الدماء وعدم استخدام السلاح والعودة إلى مقرات تمركزهم السابقة، شرط أن تتوقف الحكومة -منتهية الولاية- عن أي إجراءات تتعلق بقفل الأجواء أو أي عراقيل تخالف القانون».

خرق القانون

وأكدت أنها مستمرة في أداء مهامها، واستكمال الترتيبات بكل ثقة ومسؤولية، لمباشرة عملها من العاصمة طرابلس في القريب العاجل بقوة القانون، مشيرة إلى أن ما تقوم به حكومة الدبيبة من إجراءات وصفها البيان بـ«التعسفية» تشكل «خرقًا ومخالفة» لكل القوانين.

وأدانت الحكومة الليبية الجديدة، قفل الأجواء أمام الرحلات بين الغرب والشرق، مشيرة إلى أنه «يشكل انتهاكًا لقرارات مجلس الأمن واتفاق وقف إطلاق النار واتفاقات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة 5+5».

وبينما أكدت أنها «حريصة» على دماء الليبيين وسلامة المدنيين وأمن البلاد، شددت على أنها «لن تسمح لأي مغامر بأن يجرها إلى إراقة قطرة دم واحدة، وستعمل بكل جدية ومسؤولية لتوحيد البلاد».

تلك البيانات والجهود المحلية، لم يكن المجتمع الدولي بعيدًا عنها، فالأمم المتحدة أكدت -على لسان المتحدث الرسمي باسمها- ستيفان دوجاريك، أن بعثتها للدعم في ليبيا (أونسميل) تتابع بقلق التقارير المتعلقة بحشد قوات وتحركات أرتال كبيرة للمجموعات المسلحة، ما أدى إلى زيادة التوتر في طرابلس وما حولها.

وأكد المسؤول الأممي، في بيان نشرته الأمم المتحدة عبر موقعها الإلكتروني، أهمية الحفاظ على الهدوء والاستقرار في البلاد، مشيرًا إلى أن البعثة تدعو جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي عمل، من شأنه أن يؤدي إلى مواجهات مسلحة.

وحثت البعثة الأممية كل الأطراف، على التعاون مع المستشارة الخاصة للأمين العام، في مساعيها للتوصل إلى سبيل للخروج من الانسداد السياسي الراهن عبر التفاوض.

 

أمريكا تتدخل

وعلى الطريق الأممي، كانت الولايات المتحدة الأمريكية حاضرة، إذ أكدت عبر «تويتر»، أن سفيرها ومبعوثها إلى ليبيا ريتشارد نورلاند، أجرى اتصالين منفصلين برئيسي الحكومة الحالية فتحي باشاغا والسابقة عبدالحميد الدبيبة، لتهدئة التوترات والتفاوض لحل الخلاف السياسي.

وأكد المسؤول الأمريكي، أنه تحدث -ضمن المشاورات الجارية مع جميع الأطراف- مع رئيس الوزراء المكلّف من مجلس النواب فتحي باشاغا، وأشاد باستعداده لتهدئة التوترات والسعي لحل الخلاف السياسي الحالي من خلال المفاوضات وليس القوة.

وأشار إلى أنه هاتف الدبيبة، في اتصال أعرب من خلاله عن تقديره لالتزامه بحماية الأرواح، وكذلك لاستعداده للدخول في مفاوضات لإيجاد حل سياسي، بينما أكد الدبلوماسي الأمريكي أنه لا يمكن الحفاظ على استقرار ليبيا ووحدتها، إلا من خلال الحوار واحترام حق حرية التنقل في جميع أنحاء البلاد.

 

احتمالات مفتوحة

كان المحلل الليبي معتز بلعيد، قال في تصريحات لـ«السياق»، إن كل الاحتمالات والسيناريوهات ورادة، حال استمرار الدبيبة في تعنته بالاستيلاء على السلطة، مشيرًا إلى أن باشاغا لن يكون ملامًا على رد فعله لأنه يمتلك الشرعية.

وعن إمكانية دخول باشاغا العاصمة، أكد بلعيد أن المعطيات التي يملكها الرجل وثقته في تصريحاته الأخيرة، ترجح أنه قادر على دخول طرابلس وممارسة مهامه رئيسًا للحكومة، رغم أن الطريق لن يكون أمامه مفروشًا بالورد.

 

الحل العسكري

من جانبه، قال المحلل السياسي الليبي أيوب الأوجلي، في تصريحات لـ«السياق»، إن الحل العسكري سيكون الأخير في هذه المرحلة، مشيرًا إلى أن باشاغا لن يلجأ إليه إلا بعد استنفاد كل الطرق القانونية والسلمية لدخول طرابلس.

وتوقع المحلل الليبي، ألا يرضخ الدبيبة للأمر الواقع، إلا في حال فتح قضايا وملفات الفساد ضده، وملاحقته قانونيًا لتضييق الخناق عليه.