مفاجأة في جريمة ابتزاز إلكتروني بمصر.. تفاصيل أغرب من الخيال
تفاصيل وأسرار في قبضة الفتاة الثلاثينية، مكنتها من نسج خيوطها بإحكام حول ضحاياها، الذين لم يجدوا مفرًا من تقديم الغالي والنفيس، الذي وصل في بعض الحالات إلى مليون جنيه -63.9 ألف دولار- خشية فضح أسرارهم وهدم حياتهم الأسرية، التي أصبحت مرهونة بما لدى الفتاة من أسرار.

السياق
جريمة ابتزاز إلكتروني جديدة في مصر، كانت تفاصيلها حديث الأربع والعشرين ساعة الماضية على مواقع التواصل الاجتماعي، في البلد الإفريقي.
فرغم أن أحداث الجريمة كانت متشابهة إلى حد ما، مع عدد من الجرائم التي تثير الرأي العام في مصر، بعد تسببها بحالات انتحار للضحايا، فإن هذه الجريمة كانت «فريدة» من نوعها؛ كون مرتكبتها فتاة، تمكنت من جمع أموال طائلة، حصيلة ابتزاز ضحاياها على مواقع التواصل الاجتماعي.
إلا أن الفتاة المتهمة بارتكاب الواقعة، التي وقعت في قبضة الأمن قبل شهرين تقريبًا؛ بدأت نسج خيوطها حول ضحاياها قبل أعوام، بإرسالها طلبات صداقة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتبدأ بعدها الاسترسال في الحديث معهم، والحصول منهم على صور ومقاطع صوتية، تهددهم بها، حال امتناعهم عن دفع المقابل الذي تطالبهم به.
ورغم أن الجريمة بدأت تتكشف شيئًا فشيئًا قبل شهرين تقريبًا؛ فإن مثول الفتاة أمام السلطات القضائية مساء الاثنين وتأجيل النظر في القضية إلى 9 مايو المقبل، دفعا بأوراقها «الغربية» نوعًا ما على المجتمع المصري المحافظ، إلى صدارة اهتمام رواد مواقع التواصل الاجتماعي، الذين يبحثون عن تفاصيلها.
بداية القصة
من قرية كفر بدماص بمدينة شربين في محافظة الدقهلية شمالي القاهرة، بدأت علياء البالغة من العمر 36 عامًا، تمارس هوايتها في إرسال طلبات صداقة على "فيسبوك" لرجال وسيدات وأطفال، لتسألهم فيجيبونها، تطلب منهم صورًا ومقاطع فيديو فيعطونها.
تفاصيل وأسرار في قبضة الفتاة الثلاثينية، مكنتها من نسج خيوطها بإحكام حول ضحاياها، الذين لم يجدوا مفرًا من تقديم الغالي والنفيس، الذي وصل في بعض الحالات إلى مليون جنيه (63.9 ألف دولار) خشية فضح أسرارهم وهدم حياتهم الأسرية، التي أصبحت مرهونة بما لدى الفتاة من أسرار.
وبحسب صفحة «قاوم» المتخصصة في فضح جرائم الابتزاز الإلكتروني، فإن الفتاة تسببت في تدمير الحياة الأسرية والاجتماعية لـ20 أسرة مصرية، داخل البلاد وخارجها، بعد أن عجز بعضها عن دفع المبالغ الباهظة التي كانت تطالب بها الفتاة.
انتحار طفلة مصرية تعرضت للابتزاز الإلكتروني.. ما قصتها؟
اختيار الضحايا
كانت علياء تختار ضحاياها بمهارة فائقة؛ لتقع في قبضتها شخصيات مرموقة في المجتمع المصري، لتكون طبية نساء وتوليد إحدى هؤلاء الذين لم يسلموا من حيل وابتزاز تلك الفتاة طوال 4 أعوام متتالية.
وقالت الطبيبة آية السيد، في مقطع فيديو عبر «فيسبوك»، إنها تعرَّضت وزوجها طبيب الأسنان، للابتزاز والتشهير من قِبل الفتاة، ما دفع الأسرة لتقديم البلاغات في مباحث الإنترنت.
وعن أسلوب الفتاة علياء في الإيقاع بضحاياها، قالت الطبيبة المصرية: «لها أسلوب في التشهير تتمكن عبره من تدمير حياة ضحاياها، فقد أرسلت لها رسائل من حسابات مزيفة، تدعي فيها أن الطبيبة تجري عمليات إجهاض وترقيع وتتاجر في المخدرات، وأن زوجها الطبيب يعاني الإيدز».
وأوضحت الطبيبة باكية، أن الفتاة أمطرت أصدقاءها بالرسائل التي كانت ترسلها لها، ما دفع أقارب وأصدقاء الطبيبة إلى مطالبتها بتوضيح صحة تلك الرسائل، التي لم تكن لها أساس من الصحة.
ضحايا علياء لم يقتصروا على الداخل المصري، بل إن الفتاة تمكنت من الوصول إلى حساب رب أسرة قاهرية تعيش في دولة عربية، لتصل من خلاله إلى حساب المدرسة الخاصة بأحد أطفاله، وترسل رسائل وهمية لإدارتها، تدعي فيها أن الطفل مصاب بالإيدز، ما تسبب في أزمة كبيرة للمهندس المصري وأسرته.
ورغم أن علياء حصلت من تلك الأسرة على 600 ألف جنيه (38.3 ألف دولار)، مقابل الصمت عن إرسال تلك الرسائل، التي قد تهدد مصير تلك الأسرة ومصدر رزقها الوحيد؛ فإنها واصلت نشاطها «الخبيث» الذي أوقع الجلاد هذه المرة في قبضة إحدى الضحايا التي أبت الاستسلام وقاومت حتى جعلت قصة تلك الفتاة حديث الشارع في مصر؛ فكيف؟
هزت الشارع المصري.. قصة فتاة انتحرت بسبب صور مفبركة
الجلاد في قبضة الضحية
تلك الضحية كانت سيدة تدعى دينا، تمكنت من التواصل مع محمد اليماني، مؤسس صفحة «قاوم»، لتكشف له تفاصيل ما تعرَّضت له وزوجها من الابتزاز.
إلا أن اليماني، بادر على الفور بالتواصل مع مديرية أمن الدقهلية، التي تمكنت من إلقاء القبض على الفتاة علياء خلال 48 ساعة فقط، لتجد أمامها سيلًا من بلاغات ضحايا سابقين وحاليين.
من جانبه، قال أحمد البكري المحامي عن 8 أسر من الضحايا، الذين وقعوا في قبضة فتاة الدقهلية، إن الفتاة استخدمت وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى ضحاياها ونصب فخ لها.
وأوضح القانوني المصري، أن علياء تجمع معلومات من حسابات ضحاياها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتبدأ تأليف قصص «وهمية» تبتزهم بها، ثم المطالبة بمبالغ مقابل التوقف.
عقوبات منتظرة
من المقرر أن تُحاكم علياء وفقًا للمادتين 18 و327 من قانون العقوبات المصري، الذي حدد عقوبات الابتزاز الإلكتروني.
ووفقًا للمادة 18، فإن التهديد بفضح شخص عن طريق تنفيذ جريمة الاعتداء على أي من المواقع، أو اختراق البريد الإلكتروني تتمثل بالسجن لمدة لا تقل عن شهر واحد، أو يعاقب بدفع غرامة لا تقل عن 50000 جنيه مصري، ولا تزيد هذه الغرامة على 100000 جنيه مصري.
بينما تنص المادة 327 من قانون العقوبات المصري، على أن كل من هدد غيره كتابة بارتكاب جريمة ضد النفس أو المال، يعاقَب عليها بالقتل أو الأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، ومن يهدد بإفشاء أمور تخدش الشرف يعاقَب بالسجن، وتنخفض العقوبة إلى الحبس إذا لم يكن التهديد مصحوبًا بطلب مادي.
أما في حال التهديد الشفهي، أو التهديد عن طريق وسائل التواصل، وكذلك سواء كان هذا التهديد وجهًا لوجه، أو عبر الهاتف، أو عن طريق الرسائل الإلكترونية وكان مصحوبًا بتنفيذ أمر، فإن عقوبة الحبس تفرض على المبتز لمدة لا تتجاوز عامين، أو دفع غرامة لا تتجاوز 500 جنيه مصري.
وبحسب المادة 25 من قانون العقوبات المصري، يعاقَب بدفع غرامة لا تقل عن 100 ألف جنيه مصري، ولا تزيد على 300 ألف جنيه مصري، كل من يتعمد استخدام أي من التقنيات التي تربط المحتوى الخاص بالأشخاص بمحتوى منافٍ للآداب العامة.