تفاهمات أمريكية لحل أزمة الحكومتين بليبيا... هل تنجح؟

الساعات الماضية، كشفت عن شرط وضعه الدبيبة لتسليم السلطة لخلفه، يتمثل في ترشحه للانتخابات الرئاسية، وهو ما سارعت الحكومة الجديدة إلى نفيه.

تفاهمات أمريكية لحل أزمة الحكومتين بليبيا... هل تنجح؟

السياق

تفاهمات سياسية في ليبيا، تقودها دول غربية وأطراف محلية، في محاولة لنزع فتيل الأزمة، التي كادت أن تشعل جذوة حرب في العاصمة الليبية طرابلس، قبل أيام.

تلك التفاهمات، يقود زمامها السفير الأمريكي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند ومواطنته المبعوثة الأممية إلى ليبيا ستيفاني ويليامز، لتقريب وجهات النظر بين رئيسي الحكومتين الحالية فتحي باشاغا، والسابقة عبدالحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم السلطة لخلفه حتى اللحظة.

وبينما اندلعت توترات بين الرجلين الأسبوع الماضي، بعد محاولة فتحي باشاغا دخول العاصمة طرابلس، مسنودًا بتحشيدات مسلحة من مدينة مصراتة، حيث يتحدر باشاغا والدبيبة، سارعت أطراف محلية لقيادة مفاوضات، أفضت إلى معاودة أدراج القوات التابعة لباشاغا، على أن يدخل الأخير ووزراؤه طرابلس في وقت لاحق.

 

شرط الدبيبة ورد الحكومة

إلا أن الساعات الماضية، كشفت عن شرط وضعه الدبيبة لتسليم السلطة لخلفه، يتمثل في ترشحه للانتخابات الرئاسية، وهو ما سارعت الحكومة الجديدة إلى نفيه، مشيرة إلى أنها لا تملك التفاوض على هذه القضية السيادية، التي تخص السلطة التشريعية، المتمثلة في مجلس النواب، بالتوافق مع مجلس الدولة.

وقال المكتب الإعلامي للحكومة الليبية، في بيان، إن الحكومة نالت الثقة من الجهة الشرعية الممثلة لكل ليبيا، والمعترف بها وفقًا للعملية السياسية السائدة والإجراءات القانونية، مشيرًا إلى أن الحكومة مكلفة باستلام مهامها بقوة القانون، وفقًا لقرارات السلطة التشريعية.

ورحبت الحكومة الليبية بأي مساع من الدول الصديقة، في إطار تسليم سلس للسلطة من الحكومة منتهية الولاية، مؤكدة أنها تتعامل مع أي مساعٍ دولية أو محلية، من منطلق ضرورة احترامها للسيادة الليبية وما يصدر عنها من قرارات.

وختمت الحكومة بيانها، بتأكيد أنه لا سبيل لحل جذري للأزمة الليبية، إلا بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، بآليات وآجال واضحة ومحددة وقاعدة دستورية متوافق عليها.

 

الدبيبة يغرد ونورلاند يعلق

بيان الحكومة الليبية، قوبل بسلسلة تغريدات من رئيس الحكومة السابقة عبدالحميد الدبيبة، أكد فيها «التزامه» بالعمل على إجراء الانتخابات التي تنهي كل الأجسام الحالية وعلى رأسها حكومة الوحدة، مشيرًا إلى أن أي حل غير ذلك، تمديد للأزمة ولن يقبله الشعب الليبي.

وبعد ساعات من بياني رئيسي الحكومتين، نشر السفير الأمريكي في ليبيا ريتشارد نورلاند، سلسلة تغريدات، أشاد فيها بما وصفه بـ«الاهتمام» الذي أبداه رئيس الوزراء المعين من مجلس النواب فتحي باشاغا، للدخول في مفاوضات «عاجلة» تيسرها الأمم المتحدة للتوصل إلى تفاهم سياسي مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة.

وأوضح السفير الأمريكي، أن المفاوضات بين الطرفين ستتضمن كيفية إدارة المراحل النهائية من فترة الحكم المؤقت هذه، والاستعداد لانتخابات برلمانية ورئاسية في أقرب وقت ممكن، مشيرًا إلى أن الدبيبة مستعد للمشاركة في هذه المحادثات.

وأكد الدبلوماسي الأمريكي، أنه سيتم تحديد شكل ومكان المحادثات من الأطراف نفسها، بالتشاور مع الأمم المتحدة والشركاء الدوليين، مشيرًا إلى أن موقف الولايات المتحدة سيظل واضحًا، بأنها «تحترم» حق الليبيين في تقرير مستقبلهم.

ودعا السفير نورلاند رئيسي الحكومتين السابقة والحالية، إلى التفاوض على تسليم السلطة بالطرق السلمية، من دون اللجوء إلى العنف، مؤكدًا أنّ الانتخابات الحرة والنزيهة والشاملة، الصيغة الوحيدة للاستقرار الدائم، خصوصًا في الوضع الحالي.

وأشار إلى أن «مناصرة طرف ضدّ آخر ليس خيارًا مطروحًا»، مؤكدًا أن الموقف الوحيد الذي يمكن اختياره بشكل مبرّر هو المفاوضات السلمية.

 

السلام البارد

من جانبه، قال عضو المجلس الانتقالي المنتهية ولايته وأحد الوزراء السابقين محمود شمام، إن المجتمع الدولي يدفع الدبيبة وفتحي باشاغا، إلى التفاوض لحل الأزمة الحالية، مشيرًا إلى أن المجتمع الدولي يسعى إلى تبريد الأزمة، «فالسلام البارد لن يستمر طويلًا والحياد الدولي الذي ظهر طابعه مؤقت».

وأوضح شمام، عبر «فيسبوك»، أن الدبيبة يلعب لعبة الوقت لفرض الأمر الواقع ويمسك بورقة الانتخابات، مشيرًا إلى أن «التحالف الفضفاض لحكومة باشاغا، يحرمها من المناورة ويثقل حركتها».

وأكد المسؤول الليبي السابق، أن «العامل التركي قد يكون الأكثر أهمية خلال الأيام المقبلة»، ورغم أنه أكد أن أنقرة تقف على مسافة متساوية بين الخصمين، فإنه أشار إلى أن الحقيقة الوحيدة الآن أنه ليس هناك مسار ليبي لحل الأزمة.

 

دعوات للاستقالة

بدوره، دعا عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي علي التكبالي، وزراء حكومة الدبيبة، إلى ضرورة الاستقالة الفورية، قائلًا: «على وزراء الدبيبة لو كانوا يخافون على الوطن، أن يحترموا قرار مجلس النواب، وأن يستقيلوا ويتركوه وحده مادام متشبثًا بمنصبه لعله يفهم».

ورجح مراقبون أن تسفر الساعات المقبلة عن حلول لأزمة الحكومتين في ليبيا، خاصة أن الولايات المتحدة هي التي تقود زمام المفاوضات، مشيرين إلى أن واشنطن لديها أوراق للتفاوض، ولفرض رؤيتها على الدبيبة، ودفعه لتسليم السلطة من دون قتال.