كييف تحت القصف الروسي.. وجولة محادثات تناقش وقف إطلاق النار

أسفرت الحرب، التي اندلعت 24 فبراير، إثر غزو روسي للأراضي الأوكرانية، عن آلاف القتلى في صفوف الجنود وكذلك المدنيين.

كييف تحت القصف الروسي.. وجولة محادثات تناقش وقف إطلاق النار

السياق

مع دخول الغزو الروسي لأوكرانيا يومه التاسع عشر، أسفرت ضربة استهدفت مبنى سكنيًا في كييف الاثنين، عن قتل شخص على الأقلّ وجرح 12، وسط اشتداد المعارك على مشارف العاصمة التي تسعى القوات الروسية إلى محاصرتها، بينما تُعقد جلسة مفاوضات جديدة بين مسؤولين روس وأوكرانيين.

وذكرت أجهزة الطوارئ الأوكرانية -عبر "تلغرام"- أن مبنى مكوّنًا من ثماني طبقات في حيّ أوبولون شمالي كييف، استُهدف فجرًا "بنيران مدفعية" على الأرجح، ما تسبب بحريق تمكن رجال الإطفاء من السيطرة عليه.

ليل الأحد الاثنين، أعلن سلاح الجوّ الأوكراني أن طائرات روسية حاولت قصف مواقع دفاعية أوكرانية في منطقة كييف. وقال مستشار الرئيس الأوكراني إن العاصمة "في حال حصار".

وأسفرت الحرب، التي اندلعت 24 فبراير، إثر غزو روسي للأراضي الأوكرانية، عن آلاف القتلى في صفوف الجنود وكذلك المدنيين.

وأفادت كييف السبت بقتل قرابة 1300 جندي أوكراني. من جهتها، أعلنت موسكو في الثاني من مارس قتل 498 جنديًا ولم تحدّث الحصيلة، بينما تحدث البنتاغون عن ألفين إلى أربعة آلاف قتيل في صفوف الجنود الروس خلال 14 يومًا.

وقُتل ما لا يقلّ عن 596 شخصًا، بحسب حصيلة أعلنتها الأمم المتحدة الأحد، مؤكدة أن عدد القتلى ربما يكون أعلى بكثير من ذلك.

وقُتل أول صحفي في النزاع الأحد، وهو الأميركي برنت رينو، بينما طالبت وكالات أممية -في اليوم نفسه- بوقف الهجمات على الفرق والبنى التحتية الصحية في أوكرانيا.

 

جولة جديدة

في هذا السياق، يُستأنف الحوار بين الطرفين المتحاربين اليوم عبر الفيديو، وفق ما أعلن العضو في الوفد الأوكراني ديفيد أراخاميا مساء الأحد.

إلا أن هذه المرة هناك بارقة أمل، بعدما فشلت الجلسات الثلاث الأولى من المحادثات، التي عُقدت في بيلاروسيا، ثمّ اللقاء بين وزيرَي الخارجية الروسي سيرغي لافروف والأوكراني دميترو كوليبا في تركيا الخميس.

وأعلن أنطون جيراتشينكو مستشار وزير الداخلية الأوكراني أن جولة جديدة انطلقت بين الطرفين.

في حين أكد ميخائيليو بودولياك، مستشار الرئيس الأوكراني، أحد المفاوضين الأوكران، أن المحادثات مع الروس ستكون صعبة، مشددًا على أن موقف بلاده لم يتغير، وأوضح أن المفاوضين سيناقشون وقف إطلاق النار الشامل، وانسحاب القوات الروسية، بخلاف الضمانات الأمنية.

 

هل تساعد بكين موسكو؟

مساء الأحد تحدث مفاوض روسي عن إحراز "تقدّم كبير" في المفاوضات مع أوكرانيا. وقال المفاوض ليونيد سلوتسكي -وفق ما نقلت عنه وكالات الأنباء الروسيّة- "توقّعاتي الشخصيّة أن يتوصل هذا التقدّم قريبًا جدًا إلى موقف مشترك بين الوفدين وإلى وثائق لتوقيعها".

بعد وقت قصير، أشار ميخايلو بودولياك، أحد مستشاري الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، عبر "تويتر" إلى أنّ موسكو توقّفت عن تحديد "مهل نهائيّة" في كييف وبدأت "تُصغي بانتباه إلى اقتراحاتنا".

ويحمل هذان التصريحان الكثير من التفاؤل، ويتوافقان مع تصريحات الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، الذي تحدث الجمعة عن "تقدم إيجابي" في المفاوضات، والأوكراني زيلينسكي الذي أشار في اليوم التالي، إلى تبني روسيا "نهجًا مختلفًا بشكل جوهري" في المحادثات.

وسبق أن أشار زيلينسكي إلى أن وفده لديه "مهمّة واضحة: القيام بكل شيء لعقد لقاء بين الرئيسين، وهو اجتماع ينتظره الناس، أنا متأكد من ذلك".

على الصعيد الدبلوماسي أيضًا، من المقرّر أن يلتقي مسؤولون أميركيون وصينيون كبار -الاثنين- في روما، وفق ما أعلن البيت الأبيض، الذي يخشى أن تقدّم بكين مساعدة محتملة لموسكو المستهدفة بعقوبات غربية.

 

تدريب للناتو

مساء الأحد، أعرب الغرب مجدّدًا عن دعمه لكييف، فأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن لنظيره الأوكراني كوليبا "التضامن الثابت للولايات المتحدة مع أوكرانيا للدفاع عنها"، وفق ما أعلن المتحدث باسمه نيد برايس.

وتحدث الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي يتحدث بشكل منتظم مع بوتين، لمحاولة إقناعه بإعلان وقف إطلاق نار، مع نظيره الأميركي جو بايدن، واتفقا على "تشديد العقوبات"، ثمّ مع زيلينسكي، بحسب الرئاسة الفرنسية.

ميدانيًا، شهدت نهاية الأسبوع ضربات روسية شملت أيضًا الجزء الغربي من أوكرانيا، الذي كان -حتى الآن- بمنأى عن النزاع.

ليل السبت الأحد، استهدفت القوّات الروسيّة قاعدة يافوريف العسكريّة، الواقعة على بُعد عشرين كلم من الحدود مع بولندا، العضو في حلف شمال الأطلسي (ناتو) والاتحاد الأوروبي، وعلى مسافة نحو أربعين كلم من مدينة لفيف الكبيرة، حيث يقطن عدد كبير من النازحين. وإلى هذه القاعدة أيضًا يصل جزء من المساعدة العسكريّة، التي ترسلها الدول الغربية لأوكرانيا منذ بدء الغزو.

وحثَّ زيلينسكي –مجدّدًا- "الناتو" على فرض منطقة حظر طيران فوق بلاده، مشيرًا إلى أن التمنّع عن ذلك سيؤدّي إلى سقوط "الصواريخ الروسية على أراضيكم، على أراضي الناتو".

جاءت هذه الضربات قبل يوم من إطلاق "الناتو" في النرويج تمارين Cold Response 2022 المرتقبة منذ وقت طويل، التي يُفترض أن تسمح بتقييم قدرة أعضائه على تقديم المساعدة لبعضهم.

يشارك في تدريبات هذا العام نحو 30 ألف عسكري و200 طائرة وقرابة خمسين بارجة من 27 دولة، في المنطقة القطبية الشمالية.

وصرح وزير الدفاع النروجي أود روجر إينوكسن -لوكالة فرانس برس- بأن التدريب "لا ينظم بسبب الهجوم الذي شنته السلطات الروسية على أوكرانيا، لكنه يكتسب أهمية إضافية بسببه".

وبررت وزارة الدفاع الروسية الضربات على قاعدة يافوريف، بالقول إنها قضت على "ما يصل إلى 180 من المرتزقة الأجانب" إضافة إلى أنها دمّرت "كمّية كبيرة من الأسلحة الأجنبيّة". وقال مسؤول أوكراني إنه لم يُقتل في الضربات سوى أوكرانيين.

في هذه المنطقة، سبق أن استهدفت ضربات مطارًا عسكريًا في لوتسك (شمالي غرب)، ما أسفر عن قتل أربعة عسكريّين أوكرانيّين، كما استهدف مطار إيفانو فرانكيفسك أقصى الغرب، بحسب رئيس البلدية.

 

حصار

جنوبي البلاد، ضيّقت روسيا الخناق -بحسب وزارة الدفاع البريطانية- التي كتبت في تغريدة أن القوات البحرية الروسية فرضت "حصارًا على مسافة من السواحل الأوكرانية المطلة على البحر الأسود، ما يجعل أوكرانيا في الواقع معزولةً عن التجارة البحرية الدولية".

وتعرّضت مدينة ميكولايف الساحلية أيضًا لعمليات قصف الأحد، أسفر عن تسعة قتلى، بحسب السلطات.

جنوبي شرق البلاد، لا يزال الوضع مأساويًا في ماريوبول المدينة المحاصرة، التي لا تزال تنتظر وصول قافلة مساعدات إنسانية. وقال مستشار لرئيس البلدية مساء الأحد لوكالة فرانس برس، إنّ الآليّات عادت أدراجها بسبب الضربات الروسيّة التي لا تتوقف. وستجري محاولة أخرى الاثنين لإيصال المساعدات.

وماريوبول مدينة ساحليّة استراتيجيّة، بين شبه جزيرة القرم ودونباس، تفتقر إلى الطعام وسكّانها محرومون من الماء والغاز والكهرباء والاتصالات. وقُتل فيها أكثر من 2187 شخصًا، منذ بدء الهجوم الروسي، بحسب البلدية.