بعد 16 عامًا.. نهاية حكم أنغيلا ميركل وتحديات أمام خليفتها

حصل شولز، عمدة هامبورغ السابق، وزير المالية في الولاية الأخيرة لميركل، على 21 صوتًا أقل من 416 مقعدًا لأحزاب الائتلاف الثلاثة، رغم غياب العديد من السياسيين عن التصويت بسبب المرض.

بعد 16 عامًا.. نهاية حكم أنغيلا ميركل وتحديات أمام خليفتها

السياق

«ترحيب حار»، هكذا استقبل البرلمان الألماني، المستشارة المنتهية ولايتها، قبل دقائق من وقائع الجلسة التي انتهت باختيار خلف لها، لينهي بذلك مسيرة طويلة دامت 5860 يومًا، قادت فيها أنغيلا ميركل البلد الأوربي إلى العديد من النجاحات.

وشاهدت ميركل، من معرض الزوار وقائع الجلسة، التي انتهت باختيار أولاف شولتز خلفًا لها في منصب المستشار الألماني، بعد حصوله على أغلبية 395 صوتًا من أصل 736 مندوبًا في تصويت برلماني.

وسيشرف شولز على حكومة ائتلافية يسارية ليبرالية، تعد «إشارة مرور» بين حزبه الاشتراكي الديمقراطي، وحزب الخضر والحزب الديمقراطي الحر الليبرالي، في أول اتفاقية لتقاسم السلطة من هذا النوع في ألمانيا، وأول اتفاق يحكم التحالف مع ثلاثة أحزاب منذ عام 1957.

حصل شولز، عمدة هامبورغ السابق، وزير المالية في الولاية الأخيرة لميركل، على 21 صوتًا أقل من 416 مقعدًا لأحزاب الائتلاف الثلاثة في البوندستاغ، رغم غياب العديد من السياسيين عن التصويت بسبب المرض.

من جهة أخرى، ستسلم ميركل، رسميًا مكاتبها في المستشارية بوسط برلين إلى شولتس، ثالث مستشار يحكم من مقر المبنى، الذي يشبه المكعب المقابل للبرلمان، والذي أصبح مقراً للزعماء الألمان منذ عام 2001.

وسيعقد المتحدث الجديد باسم شولز وممثلو الوزراء الفيدراليين الـ14 مؤتمرهم الصحفي الأول يوم الاثنين، تماشياً مع جلسة أسئلة وأجوبة ثلاث مرات أسبوعياً مع وسائل الإعلام.

من جانبه، كشف المتحدث باسم ميركل، ستيفن زايبرت، عن نيتها الانسحاب من السياسة، وأرشفة تغريداتها من المقبض الحكومي الرسمي.

 

تحديات جمة

تتولى حكومة شولز مهامها مع آمال كبيرة في تحديث ألمانيا ومكافحة تغيُّـر المناخ، لكنها تواجه تحديًا مباشرًا بالتعامل مع أصعب مرحلة في البلاد حتى الآن من جائحة كورونا، بحسب وكالة أسوشيتيد برس.

وقالت الوكالة، إن شولز، 63 عامًا، نائب المستشار الألماني ووزير المالية منذ عام 2018، يتولى منصب المستشارية، حاملًا معه ثروة من الخبرة والانضباط، إلى تحالف غير مجرب من الديمقراطيين الاشتراكيين من يسار الوسط، وخضر البيئة، والديمقراطيين الأحرار المؤيدين لقطاع الأعمال، مشيرة إلى أن الأحزاب الثلاثة تتحد في تحالف من شأنه جلب طاقة جديدة إلى البلاد، بعد الفترة التي كانت فيها ميركل شبه قياسية.

وقال شولز: «إننا نمر بمغامرة جديدة، انطلاقة تتصدى للتحديات الرئيسة لهذا العقد وما بعد ذلك بكثير»، مشيرًا إلى أنه إذا نجحت الأحزاب فهذه ولاية يجب إعادة انتخابها معًا في الانتخابات المقبلة.

تهدف الحكومة الجديدة إلى تكثيف الجهود ضد تغيُّـر المناخ، من خلال توسيع استخدام الطاقة المتجددة، وتقديم خروج ألمانيا من الطاقة التي تعمل بالفحم إلى الأمام، كما أنها تريد بذل المزيد من الجهد لتحديث البلاد، بما في ذلك تحسين شبكات الهاتف المحمول والإنترنت سيئة السمعة.

 

سياسات اجتماعية

وتخطط الحكومة الجديدة لسياسات اجتماعية أكثر ليبرالية، بما في ذلك إضفاء الشرعية على بيع الحشيش لأغراض ترفيهية وتيسير الطريق إلى الجنسية الألمانية، مع التعهد ببذل جهود أكبر لترحيل المهاجرين الذين لم يحصلوا على حق اللجوء، بينما يريد شركاء التحالف خفض سن الاقتراع في الانتخابات الوطنية من 18 إلى 16.

وتخطط الحكومة أيضًا لزيادة الحد الأدنى للأجور في ألمانيا إلى 12 يورو (13.50 دولارًا) في الساعة من 9.60 يورو الحالية، التي قال شولز إنها «تعني زيادة في الأجور بـ 10 ملايين»، بينما تعهد التحالف أيضًا ببناء 400 ألف شقة جديدة سنويًا، في محاولة للحد من ارتفاع أسعار الإيجارات.

وأشار شولز إلى استمرارية السياسة الخارجية، قائلًا إن الحكومة ستدافع عن اتحاد أوروبي قوي، وترعى التحالف عبر الأطلسي.

 

فرص ومخاطر

ويجلب التحالف الثلاثي، الفرص والمخاطر لجميع المشاركين، وربما معظمهم من الخضر، فبعد 16 عامًا في المعارضة، يتعين عليهم إثبات قدرتهم على تحقيق هدفهم بخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، أثناء العمل مع شركاء قدتيكون لديهم أولويات أخرى.

وسيكون روبرت هابيك، القائد المشارك لجرينز، نائب مستشار شولز، ويرأس وزارة الاقتصاد والمناخ بعد تجديدها، وسيكون المسؤول الثالث في الحكومة كريستيان ليندنر، وزير المالية وزعيم الديمقراطيين الأحرار، الذي أصر على أن يرفض الائتلاف الزيادات الضريبية والقيود المتساهلة على تراكم الديون.

وبحسب «أسوشيتيد برس»، فإن الحكومة المقبلة تصور نفسها على أنها خروج في الأسلوب والجوهر عن «الائتلافات الكبيرة» للأحزاب التقليدية في ألمانيا، التي قادتها ميركل طوال فترة ولايتها باستثناء أربع سنوات، مع الاشتراكيين الديمقراطيين كشركاء صغار.

 

صراعات داخلية

وفي تلك التحالفات المتوترة، بدا الشركاء في بعض الأحيان منشغلين في الغالب بعرقلة خطط بعضهم، بينما شهدت الولاية الأخيرة لميركل صراعات داخلية، بعضها داخل كتلة الاتحاد التي تنتمي إلى يمين الوسط، حتى تفشى الوباء.

وأخبر شولز حزبه نهاية الأسبوع الماضي، بأنه كان من الصعب الحكم مع كتلة ميركل، التي هزمها الديمقراطيون الاشتراكيون بفارق ضئيل بانتخابات سبتمبر في ألمانيا، وانتقد كتلة الاتحاد المحافظة إلى هذا الحد.

وأعلن قادة الاتحاد الألماني وقادة الولايات، قيودًا جديدة صارمة، تستهدف غير المحصنين، في خطوة طويلة المدى، سينظر البرلمان الألماني في تفويض عام للقاح، بينما شهدت ألمانيا ارتفاع إصابات كورونا اليومية إلى مستويات قياسية هذا الخريف، رغم أنها قد تستقر.

 

ماذا ستفعل ميركل؟

اهتم الكثيرون بحياة ما بعد المستشارية لأنغيلا ميركل، بينما حاولت وسائل إعلام ألمانية الإجابة عن هذا السؤال، بينها موقع «دويتشه فيله»، الذي قال إن المستشارة المنتهية ولايتها، تحب أن تطهو حساء البطاطا وتخبز كعكة البرقوق بالستروسل (خليط من الطحين والزبدة والسكر)، وهي أطباق خريفية ألمانية تقليدية.

ممارسة الهوايات، التي بينها السفر، من تلك الأشياء التي ستفعلها ميركل، بحسب تصريح لها، قالت فيه إنها ستكون قادرة على «أن تعيش حبها لإيطاليا بطريقة مختلفة، عندما تنهي فترة ولايتها مستشارة لألمانيا».

وفي يوليو الماضي، أثناء زيارتها إلى واشنطن، سُئلت ميركل عن تصورها لفترة تقاعدها، قالت إنها ستستمتع بأخذ قسط من الراحة ولن تقبل أي دعوات، مضيفة أنه يجب عليها إدراك أن مهامها السابقة يقوم بها شخص آخر الآن.

وفي وقت فراغها، قالت ميركل، إنها تريد التفكير في ما يثير اهتمامه حقاً، فقد كان لديها القليل من الوقت لذلك خلال السنوات الـ16 الماضية "فبعد ذلك، قد أحاول قراءة شيء ما، ثم أغلق عينيّ لأنني متعبة، ثم أنام قليلاً، لنرى بعد ذلك أين سأظهر".

 

معاش ميركل

ميركل التي بلغت 67 عاماً في 17 يوليو الماضي، تكسب حالياً 25000 يورو شهرياً، بصفتها مستشارة لألمانيا، إضافة إلى ما يزيد قليلاً على 10 آلاف يورو عن عضويتها في البرلمان الألماني (البوندستاغ)، الذي لاتزال تتمتع بعضويته منذ أكثر من 30 عاماً.

وبحسب «دويتشه فيله»، فإن ميركل عندما تترك وظيفتها، ستستمر في تلقي راتبها ثلاثة أشهر، ثم نصفه لمدة أقصاها 21 شهراً كراتب انتقالي.

 وبحسب اتحاد دافعي الضرائب الألماني، فإن ميركل، ستتلقى مزايا تقاعد شهرية تبلغ نحو 15 ألف يورو بعد تركها منصبها، مشيرًا في بيان، إلى أن مستحقات المعاش هذه ناتجة عن عضويتها الطويلة الأمد في البرلمان الألماني، ووقت عملها وزيرة ومستشارة اتحادية.

وأكد أن ميركل ستحصل على هذه الاستحقاقات عن عضويتها في البرلمان الألماني ولقانون مستحقات نواب البرلمان، إضافة إلى أن مستحقات أعضاء الحكومة الاتحادية، ستحصل عليها -كذلك- وفق قانون الوزراء الاتحادي.

كانت البوابة الإلكترونية «الرواد» قد أبلغت عن هذه الحسابات، بينما ينظم القانون في ألمانيا استحقاقات المعاش للبالغين سن التقاعد.

 

حياة ميركل الزوجية

لم تكشف التقارير الألمانية، إذا ما كانت المستشارة الألمانية، ستبحث عن وظيفة جديدة أو عمل تطوعي، وهو ما لم تفصح عنه ميركل حتى اللحظة.

لكن بحسب «دويتشه فيله»، ستبقى ميركل في برلين في الوقت الحالي على الأقل، كون زوجها الكيميائي يواخيم زاور (72 عاماً) لا يفكر في ترك برلين، فرغم تقاعده من العمل أستاذًا في جامعة هومبولت في برلين، فإنه مدد عقده باحثًا أول حتى عام 2022.