هل تساعد الصين روسيا في الالتفاف على العقوبات الغربية؟
الصين تُعد أيضًا في طليعة الدول الرائدة تكنولوجيًا في تطوير التكنولوجيا المصممة كبدائل للأنظمة المدعومة من الغرب، مثل خدمة تحويل الأموال المصرفية على غرار النظام المصرفي "سويفت"، وإطلاق نسخة رقمية من عملتها، فضلًا عن روابط الاتصالات السلكية واللاسلكية تحت سطح البحر والاتصال بالأقمار الصناعية

ترجمات - السياق
سلَّطت صحيفة وول ستريت الأمريكية، الضوء على العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، وإمكانية مساعدة الصين لموسكو لتجاوز آثار هذه العقوبات.
واستشهدت الصحيفة -في تقرير- بالعقوبات المفروضة على كوريا الشمالية، مشيرة إلى أنه بموجب الاتفاقيات الدولية، ليس من المفترض أن تكون بيونغيانغ قادرة على تصدير الفحم (كمثال)، إلا أن المهربين يفعلون ذلك تحت أنظار الحكومة الصينية، وهو أحد الأسباب التي تجعل بكين في بؤرة الاهتمام، كونها تستطيع مساعدة روسيا في تجاوز العقوبات الجديدة المفروضة عليها، نتيجة غزوها لجارتها أوكرانيا.
وقالت: رغم أن العقوبات السلاح الأبرز في يد الغرب للضغط على موسكو، يبدو أن روسيا استعدت لها جيدًا، إذ أقامت خلال الأعوام السابقة، علاقات اقتصادية غير مسبوقة مع الصين، لذلك، فإن العلاقة مع بكين، تبدو أولوية بالنسبة إلى روسيا.
التهرب من القيود
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى تهرب شركات صينية عدة من القيود المفروضة على التجارة مع دول مثل كوريا الشمالية وإيران وفنزويلا.
ووفقًا لمحققي العقوبات، من لجان خبراء الأمم المتحدة ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأمريكية ومراقبين، فإن السفن التابعة لكوريا الشمالية أجرت -بشكل غير قانوني- نحو 41 عملية نقل فحم خلال الأشهر الأربعة الماضية، قبالة السواحل القريبة من أكثر الموانئ الصينية ازدحامًا.
وقد تصبح الإجراءات والعقوبات الدولية المفروضة على روسيا، نتيجة غزوها لأوكرانيا، أقل فعالية، حال سماح الصين لموسكو بالوصول إلى الطرق والوسائل التي يُطلق عليها مسارات الدول المارقة، كما ستُقدِم الصين على خرق العقوبات نيابة عن روسيا، ما يتطلب مشاركة روسيا المباشرة في الصفقات مع الشركات الكبرى التي تديرها الحكومة الصينية، أو تطبيق القوانين المصممة لتقويض العقوبات الأجنبية.
وباعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم وأكبر دولة تجارية فيه، تتمتع الصين بالموارد الكافية لتحديد مسارها الخاص بشأن العقوبات، حيث لا تثق الحكومة الصينية بعملية صنع القواعد التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، كما يُمكن أن يُساعد الصين في تجاوز هذه العقوبات حجم السوق الصينية، مع أكثر من 5800 سفينة تجارية، وامتلاك الصين نحو سبعة من أكثر 10 موانئ شحن ازدحامًا في العالم.
بدائل للغرب
لا يتوقف الأمر عند هذا الحد، إذ تؤكد "وول ستريت جورنال" أن الصين تُعد أيضًا في طليعة الدول الرائدة تكنولوجيًا في تطوير التكنولوجيا المصممة كبدائل للأنظمة المدعومة من الغرب، مثل خدمة تحويل الأموال المصرفية على غرار النظام المصرفي "سويفت"، وإطلاق نسخة رقمية من عملتها، فضلًا عن روابط الاتصالات السلكية واللاسلكية تحت سطح البحر والاتصال بالأقمار الصناعية.
ونقلت الصحيفة عن مراقبي العقوبات الدولية قولهم: إن هناك أدلة تشير إلى أن المسؤولين الصينيين يغضون الطرف أحيانًا عن التهرب، متسائلين: "كيف يتمكّن المهربون الكوريون الشماليون من تفادي الضوابط، في واحدة من أكثر دول المراقبة كفاءة في العالم"؟.
وأشارت إلى أن التراخيص التجارية وصور الأقمار الصناعية والوثائق الواردة في تقرير لجنة الأمم المتحدة المكون من 261 صفحة، تدعم استنتاجات المراقبين، بأن السفن التي ترفع علم كوريا الشمالية وتسيطر عليها في المياه، بالقرب من ميناء نينغبو الصيني، بين فبراير ومايو من العام الماضي، أفرغت بشكل غير قانوني 364000 طن فحم في السفن الأخرى، بما في ذلك بعض السفن التي تبحر تحت الأعلام الصينية.
وحسب الصحيفة، قالت وزارة الخارجية الصينية -في بيان- ردًا على تلك الاتهامات: "نفذت الصين بجدية قرارات مجلس الأمن بشأن كوريا الشمالية، ووفت بالتزاماتها الدولية الواجبة"، إلا أن تقرير الأمم المتحدة نقل عن الحكومة الصينية قولها، إن استمرار العقوبات بحق كوريا الشمالية، ستكون له عواقب إنسانية سلبية.
معارضة صينية
وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الصين تعارض العقوبات الاقتصادية جزئيًا، لأن مسؤوليها وشركاتها مستهدفون بشكل متكرر، في إطار الجهود التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، لعرقلة الأبحاث التكنولوجية لشركة هواوي من قِبل مركز الأمن الأمريكي الجديد، وهو مركز أبحاث مقره واشنطن ، يُظهر أن 70 من إجراءات العقوبات الـ 765 التي اعتمدتها إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن عام 2021، بما في ذلك إعادة إصدار عقوبات عهد سلفه دونالد ترامب، كان لها بُعد صيني.
وحسب الصحيفة، فإن الصين تسعى أيضًا إلى إعادة الترتيبات التجارية التي تمتلكها، لتقويض تطبيق العقوبات الغربية، مشيرة إلى أنه في إطار مواجهة هذه العقوبات، عاقبت بكين وزير الخارجية الأمريكي السابق مايك بومبيو العام الماضي، إلى جانب مؤسسات الفكر والرأي والشركات الأمريكية، التي تزعم أن الحكومة الصينية لها تدخلات فادحة في الشؤون الداخلية الأمريكية.
وذكرت أن الصين وروسيا تتمتعان بحجم تبادل تجاري يبلغ 150 مليار دولار أمريكي، فضلًا عن أن قادة البلدين يعارضون سياسات الولايات المتحدة الأمريكية.
قبل عشرين يومًا من الحرب الروسية الأوكرانية، وقَّع الرئيس الصيني شي غين بينغ، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، بيانًا انتقدا فيه ما سموها "سياسات القوة، والبلطجة، والعقوبات من جانب واحد، وتطبيق الولاية القضائية خارج الحدود الإقليمية، وإساءة استخدام سياسات الرقابة على الصادرات".