غزو روسيا لأوكرانيا... ماذا يعني النصر لكييف وأوروبا؟
قالت الكتابة: لن يكون نصر أوكرانيا سهلاً، إلا أن الأوكرانيين يعتقدون أنهم قادرون على تحقيقه، مشددة على أن هذه الثقة، التي بدت كأنها جنون بداية الحرب، جرى إثباتها من خلال النجاح القتالي وتعبئة المجتمع الأوكراني.

ترجمات - السياق
"ماذا يعني الانتصار الآن لأوكرانيا وأوروبا؟"، هكذا تساءلت أوريسيا لوتسفيتش، مديرة منتدى أوكرانيا في مركز أبحاث السياسة الخارجية (تشاتام هاوس)، أوريسا لاتسفيك، عن العوامل التي من المفترض أن تتوافر على الأرض حتى تنتصر أوكرانيا على روسيا، مع اقتراب الحرب من دخول شهرها الرابع، مشيرة إلى أن الصراع طويل الأمد سيكون هزيمة للشعب الأوكراني.
ورأت أن بوتين فشل في إجبار كييف على الاستسلام، مشددة على أن خطط روسيا للقضاء على أوكرانيا وضم المزيد من أراضيها، عززت إرادة الأوكرانيين للقتال والفوز في هذه الحرب، لذا علينا أن نسأل: كيف يبدو النصر في الواقع؟
ماذا يعني النصر؟
وتساءلت لوتسفيتش عن الأشياء التي ينبغي أن نشاهدها، واقعًا ملموسًا حتى نجزم بأن أوكرانيا صمدت أمام "العدوان الروسي" عليها، ورأت أنها تتلخص في المقام الأول بالنسبة للحكومة الأوكرانية، في "أن تتراجع القوات الروسية إلى حيث كانت متمركزة قبل 24 من فبراير الماضي، بعد أن تلقى هزيمة في منطقة دونباس"، وسط استطلاعات رأي، تشير نتائجها إلى أن معظم المشاركين بها، يريدون أن تستكمل القوات الأوكرانية الزحف، حتى تستعيد كييف السيطرة على دونباس، والقرم، ويعارضون فكرة الدخول في هدنة مع روسيا.
ورأت أن المظهر الثاني من مظاهر النصر الأوكراني، انعقاد منتدى دبلوماسي، لإجراء المزيد من المفاوضات، لانسحاب روسيا من دونباس والتوصل إلى اتفاق بشأن مستقبل شبه جزيرة القرم، ودفع روسيا تعويضات مالية، عن الأضرار التي لحقت بالمناطق التي سيطرت عليها، ومحاكمة المتهمين في جرائم حرب، من القوات الروسية.
وأضافت أن المحامي العام الأوكراني، أعلن أن مكتبه سجل نحو 8000 حالة مشتبه في تعرضها لجرائم من هذا النوع، ثم انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الأوروبي، وتشكيل قوات قتالية تابعة لحلف شمال الأطلسي "الناتو" للدفاع عن أوكرانيا.
كيف تبدو الهزيمة؟
للإجابة عن هذا التساؤل، قالت لوتسفيتش إن "هزيمة أوكرانيا تعني أن أي وضع يتضمن استمرار الصراع المحتدم بين موسكو وكييف وقتًا طويلًا، من دون أي ملامح لمستقبل أوكرانيا، ويبقي على البلاد في المنطقة الرمادية للاضطرابات".
وأشارت إلى أن الهزيمة تعني اليد العليا لروسيا واستمرارها في غزو مناطق جديدة وإخضاعها للاتحاد الروسي.
وبينت الكاتبة أن الكرملين يخطط لضم جديد لمنطقة خيرسون تحت اسم شمال تافريا، مشددة على أن اعتراف كييف الرسمي بمكاسب بوتين الإقليمية تحت تهديد السلاح، سيؤدي إلى زوال حكم فولوديمير زيلينسكي سياسيًا، ويزيد تعريض الدولة الأوكرانية للخطر.
وقالت: "لن يكون النصر سهلاً، إلا أن الأوكرانيين يعتقدون أنهم قادرون على تحقيقه"، مشددة على أن هذه الثقة، التي بدت كأنها جنون بداية الحرب، جرى إثباتها من خلال النجاح القتالي وتعبئة المجتمع الأوكراني.
وأوضحت أن ذلك أقنع الحلفاء الغربيين بأن "أوكرانيا يمكنها الفوز"، إذ صرحت وزيرة خارجية المملكة المتحدة، ليز تروس، بحزم: "سنواصل المضي قدمًا وبشكل أسرع لإخراج روسيا من الأراضي الأوكرانية".
وأشارت الكاتبة إلى أن أهداف أوكرانيا تتوافق مع أهداف حلفائها، مبينة أن الأهم من ذلك، أن هذه الأهداف مدعومة بقانون الإعارة والدفاع عن الديمقراطية الأوكراني، الذي جرت الموافقة عليه، والذي ستخصص بموجبه الحكومة الأمريكية 33 مليار دولار لكييف، معظمها للدعم العسكري.
نهاية الاستعمار
وأوضحت لوتسفيتش أنه إذا تحقق النصر لأوكرانيا في النهاية، فستعد هذه الحرب صراعًا استعماريًا يكون النصر فيه لصاحب الأرض المحتلة، وهو ما يؤذن بانهيار (البوتينية) -في إشارة إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين- كعقيدة ووضع حد للمطالبات الروسية بالهيمنة الإقليمية في أماكن أخرى بأوروبا الشرقية وآسيا الوسطى.
ورأت أن إفشال مخطط بوتين بضرورة "إعادة تجميع الأراضي الروسية التاريخية" الأساس القوي الوحيد للسلام والأمن المستدامين في أوروبا.
ورأت الكاتبة أن أي نصر محتمل لكييف، من شأنه أن يحول دون نشوب أي حروب أخرى في المنطقة، متوقعة أن تستخدم روسيا المناطق التي تغزوها وتضمها إلى الاتحاد الروسي في صراعات أخرى، مثل شبه جزيرة القرم التي ضمتها عام 2014، وهي المنطقة التي لم يكن هناك غنى عنها بالنسبة للعمليات العسكرية الروسية في سوريا.
واستشهدت باستغلال روسيا، لمنطقة ترانسنيستريا -وهي دولة انفصالية تتبع مولدوفا في الشريط الضيق بين نهر دنيستر والحدود الأوكرانية- مشيرة إلى أن هذا الكيان المنشق، الذي تدعمه روسيا على مدى عقود، يُعد مستودع أسلحة بحكم الأمر الواقع، مع وجود قاعدة عسكرية لموسكو يمكن استخدامها لمهاجمة أوديسا -إحدى المدن الكبرى بأوكرانيا وتقع على ساحل البحر الأسود- بجانب استخدام بيلاروسيا بالفعل لإطلاق صواريخ ضد كييف.
الأمن الغذائي
في ما يخص الأمن الغذائي العالمي، أوضحت لوتسفيتش أن انتهاء الصراع لصالح أوكرانيا، سيسهم بشكل كبير في استعادة توازن الأمن الغذائي العالمي، وسيقلل خطر حدوث مجاعة دولية، لما تقوم به كييف من دور في توفير الكثير من المواد الغذائية لعدد كبير من الدول.
وحسب الكاتبة، فإن رفع العقوبات عن روسيا -ردًا على الانسحاب من أوكرانيا- سيؤدي أيضًا إلى اقتصاد روسي أكثر استقرارًا.
وبينت أن أوكرانيا وروسيا من الموردين المهمين للأغذية في معظم أنحاء جنوب العالم، مشيرة إلى أنهما -بجانب الصومال- يمثلون 100% من واردات القمح عالميًا.
وتتوقع الأمم المتحدة أن ما بين 8 ملايين و20 مليون شخص سيتركون جوعى من الآثار غير المباشرة لارتفاع الأسعار وانهيار سلاسل التوريد للحبوب وزيت الطهي والأسمدة والوقود، جراء استمرار الحرب في أوكرانيا.
وقالت إن تسوية هذه الحرب بطريقة مستدامة، تعني أن ملايين الأوكرانيين سيتمكنون من العودة إلى ديارهم، ورفع عبء الرعاية عن البلدان التي تستضيفهم.
وأشارت الكاتبة إلى أن هناك أكثر من 5 ملايين أوكراني منتشرون في جميع أنحاء المدن الأوروبية، تبلغ فاتورة دعمهم نحو 17 مليار يورو، مبينة أنهم -حال انتهاء الحرب- سيعول عليهم في إعادة بناء بلدهم بعد آلة التدمير الروسية التي لحقت بكل شيء هناك.
وشددت على أن نتيجة هذه الحرب ستؤدي، إما إلى مستقبل أكثر إشراقًا، وإما تعطل الملايين من الناس في الصراع والبؤس، ليس فقط في أوكرانيا، مضيفة: "لهذا السبب يجب أن نمنح أوكرانيا فرصة لتحقيق النصر".