دستور تونس الجديد... هل يقضي النظام الرئاسي على أحلام الإخوان في العودة؟

عن ملامح الدستور التونسي الجديد، قال الناشط السياسي التونسي أمين الكشو في تصريحات للسياق، إنه يجب أن يكرس النظام الرئاسي

دستور تونس الجديد... هل يقضي النظام الرئاسي على أحلام الإخوان في العودة؟

السياق

بعد عشرية من الاضطرابات السياسية تسبب فيها تنظيم الإخوان، تتطلع تونس لتضميد جراحها، ولملمة شتات اقتصادها، وإعادة توجيه بوصلتها من جديد نحو محيطيها الإفريقي والعربي.

فالبلد الذي قبض «الإخوان» على مفاصله عشر سنوات وصفت بـ«الأسوأ» في تاريخه، يستعد -خلال الأشهر المقبلة- للاستفتاء على دستور جديد، خال من التنظيم الإرهابي الذي لفظه مواطنوه، بعد أن فشل في إدارة تونس، وألقى بها في غياهب الأزمات السياسية والاقتصادية.

ذلك الحدث الذي تستعد له تونس، قال عنه مراقبون، إنه قد يعيد تغيير شكل النظام السياسي في البلاد، الذي تحول إلى البرلماني الرئاسي بعد عام 2011.

كان الرئيس التونسي قيس سعيد أعلن -في خطاب بمناسبة عيد الفطر بثه التليفزيون الرسمي- تشكيل لجنة لصياغة دستور جديد، ليبدأ بعدها استقبال أساتذة للقانون الدستوري، في إطار مهمة تشكيل الدستور الجديد للبلد الإفريقي.

وبحسب مراقبين، فإن الرئيس سعيد من المتوقع أن يدعو لحوار وطني يشمل 4 منظمات رئيسة في تونس، ساندت قرارات 25 يوليو: الاتحاد العام التونسي للشغل، والهيئة الوطنية للمحامين، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان.

وأكد المراقبون أن تونس ستعلن تشكيل هيئة من الخبراء لكتابة دستور جديد، لعرضه على الاستفتاء الشعبي 25 يوليو المقبل، من المرتقب أن يرأسها الرئيس سعيد كأستاذ للقانون الدستوري.

 

نظام رئاسي

وعن ملامح الدستور التونسي الجديد، قال الناشط السياسي التونسي أمين الكشو في تصريحات لـ«السياق»، إنه يجب أن يكرس النظام الرئاسي.

واستدل الكشو على وجهة نظره، بتصريحات للرئيس سعيد قال فيها، إن الاصلاحات السياسية التي سيعرضها على الاستفتاء في 25 يوليو المقبل، ستكون منسجمة مع نتائج الحوار الوطني الإلكتروني التي أجريت في تونس من 15 يناير إلى 20 مارس2022، التي أوضحت أن أكثر من 86% من المشاركين فيها اختاروا النظام الرئاسي.

أما عن سبب تمسك حركة النهضة بنظام برلماني، فقال الناشط السياسي التونسي إن قاعدتها الانتخابية التي تشهد تراجعًا مستمرًا، لا يمكن أن تمكنها من رئاسة الجمهورية، مشيرًا إلى أن التونسيين الذين ينتمون لمشارب فكرية وسياسية مختلفة، سيعملون على ألا تتمكن النهضة من منصب الرئاسة إذا فكرت في الدفع بمرشح.

وأكد الناشط السياسي التونسي، أن معارضة حركة النهضة الإخوانية لمسار 25 يوليو ودفاعها عن دستور 2014، الذي قال إنه جرى تفصيله، محاولة منها لاستعادة السيطرة على مفاصل الحياة في البلاد، من خلال كتلة برلمانية هي في الظاهر الكتلة الأكبر، لكنها تمثل -في حقيقة الأمر- أقلية من الناخبين التونسيين.

التهديد الأكبر

المحلل السياسي التونسي محمد ذويب وافق الكشو، مشيرًا إلى أن تونس تتجه نحو نظام رئاسي، يعد أكبر تهديد لحركة النهضة التونسية، وقد يقضي عليها.

وأوضح المحلل السياسي التونسي، أن الحركة الإخوانية تفتقد شخصية يمكن أن تحظي بتوافق التونسيين لترشحها في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وليس أدل على ذلك، من فشل مرشحها عبدالفتاح مورو، في الدور الأول للانتخابات الرئاسية عام 2019، رغم وجودها في الحكم خلال تلك الفترة.

 

رقابة على السلطة التنفيذية

من جانبها، قالت الكاتبة والمحللة التونسية ضحي طليق، في تصريحات لـ«السياق»: التونسيون الذين خرجوا قبل 25 يوليو الماضي طالبوا بنهاية منظومة الحكم البرلماني، الذي عرفته تونس خلال العشرية المنقضية، متوقعة أن يؤسس الدستور الجديد لنظام رئاسي مع رقابة على عمل السلطة التنفيذية.

وانتقدت المحللة التونسية، النظام البرلماني مشيرة إلى أنه غير متوائم مع خصوصية المجتمع التونسي، وأنه بدلًا من أن تنطلق الدولة التونسية بعد 2011، نحو بناء اقتصادي واجتماعي يحقق التنمية الشاملة، أغرق النظام البرلماني البلاد في الخلافات السياسية والرؤى المختلفة.

وأشارت إلى أن السلطة التشريعية في النظام البرلماني، باتت مسرحًا للخلافات والرؤى، ما أغرق البلاد في ما وصفته بـ«المناكفات» والصراعات والتحالفات، بدلًا من التخطيط لإعادة البناء والنهوض بالبلاد وإخراجها من مشكلاتها الاقتصادية الخانقة.

هذه الحالة انعكست سلبًا على مصالح التونسيين التي تعطلت، وأدخلت البلاد في أتون الفساد والمحسوبية، بحسب ضحى طليق، التي أكدت أن تونس في حاجة إلى من يعيد للبلاد بوصلتها في كنف القانون واحترام المؤسسات.

 

خلايا نائمة

ورغم أن توقعات اعتماد الدستور الجديد في تونس النظام الرئاسي شبه مؤكدة، فإن مختار اللواتي الكاتب والمحلل السياسي التونسي، أكد في تصريحات لـ«السياق»، أنها تخمينات.

وبينما قال المحلل السياسي التونسي: «لا أحد يعرف ما يدور في عقل الرئيس قيس سعيد»، حذر من توجه حركة النهضة الإخوانية للدفاع عن وجودها ومصالحها، عبر تحريك خلاياها النائمة القيام بأعمال إرهابية.

وأشار إلى أن حركة النهضة قد تدعو إلى عقد جلسة أخرى للبرلمان المنحل عبر تقنية الفيديو، لإصدار ما سماها «لائحة تدعو إلى عزل رئيس الدولة»، بزعم اتجاهه نحو الحكم الفردي التسلطي، مؤكدًا أن هذا السيناريو، قد يدفع البرلمانات الدولية والدول العظمي وفي مقدمتها أمريكا، للتدخل وفرض عقوبات على تونس.