ملفات عالقة وتصفير مشكلات... دلالات زيارة رئيس الوزراء العراقي لإيران
يرى رئيس مركز التفكير السياسي بالعراق إحسان الشمري، في تصريحات لـ السياق، أن زيارة السوداني لإيران، لن تدفع باتجاه تصفير المشكلات بين البلدين.

السياق
بينما تشن إيران ضربات جديدة، على معاقل المعارضة الكردية الإيرانية، ووسط غضب عراقي شعبي من تلك الهجمات، كانت بغداد وطهران على موعد مع محطة «فاصلة» في تاريخ علاقات البلدين.
فبعد زيارتين قصيرتين إلى الأردن والكويت، بدأ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، الثلاثاء، زيارة لإيران تستمر يومين، وجَّه خلالها رسائل عدة وُصفت بـ«الحازمة»، بعد ضربات الحرس الثوري الإيراني، على مواقع ومقرات لأحزاب كردية إيرانية ناشطة، في إقليم كردستان العراق.
زيارة تأتي بعد أيام من إعلان العراق استراتيجية لتأمين الحدود مع إيران وتركيا، قالت الحكومة العراقية عنها، إنها تأتي ضمن خطة لإعادة نشرة قوات الحدود العراقية، لمسك الخط الصفري على طول الحدود مع إيران وتركيا، وبعد يوم من إعلان قائد القوات البرية في الحرس الثوري الإيراني، إرسال وحدات مدرعة وقوات خاصة إلى مناطق كردية، لمنع تسلل إرهابيين من العراق.
كما تأتي بعد يومين من لقاء السوداني وفدًا من الكونغرس الأمريكي، لمناقشة الهجمات العسكرية المستمرة، التي تنفذها إيران وتركيا على أراضي العراق، بينما عبَّـر الوفد عن رفضه وإدانته للهجمات التي تشنها إيران، ومساندته العراق في وقوفه ضد الهجمات.
رسالة حازمة
وبينما وجه السوداني رسالة حازمة، خلال لقائه المرشد الإيراني علي خامنئي، قال فيها إن العراق لن يسمح لأي طرف باستخدام الأراضي العراقية لزعزعة أمن إيران، تلقى رسالة -كذلك- من خامنئي، قال فيها: للأسف يحدث هذا الأمر في بعض مناطق العراق، والحل الوحيد يكمن في توسيع سيطرة الحكومة العراقية على تلك المناطق.
وبين الرد والأخذ، توقع مراقبون ألا تفضي زيارة السوداني إلى إيران، إلى «تصفير المشكلات» بين البلدين، بينما قال آخرون إنها تهدف إلى تهدئة طهران، وإقناعها بكف تدخلاتها في مطابخ القرار السياسي وحتى السيادي منها، لأنه يدرك تأثير إيران جيوسياسيًا على العراق.
إلى ذلك، قال رئيس مركز التفكير السياسي بالعراق إحسان الشمري، في تصريحات لـ«السياق»، إن زيارة السوداني لإيران، لن تدفع باتجاه تصفير المشكلات بين البلدين، مشيرًا إلى أنها محاولة لفتح ملفات عالقة بغرض جاد، والاتفاق على خارطة طريق لحلها.
وأكد الشمري، أن الزيارة تتطرق إلى التوجهات الإيرانية الأخيرة وعمليتها للتمدد على الأراضي العراقية، إضافة إلى بعض الملفات الضاغطة مثل المياه والجانبين الأمني والاقتصادي.
وبينما قال الشمري إن حكومة السوداني، تختلف عن سابقتها، كونها مدعومة من أجنحة سياسية للفصائل المسلحة، أكد أن الزيارة لها خصوصياتها، إذ تأتي لتقديم الحلول العراقية والمبررات، التي يمكن من خلالها أن توقف إيران أي توجُّه لها، وتثبيت مبدأ التوازن ووقف الحرج عن هذه الحكومة، إذا تمددت إيران أو شنت عملية قصف بالصواريخ البالستية على المعارضين في إقليم كردستان.
تنسيق مشترك
الأمر نفسه، أشار إليه الكاتب المتخصص في العلاقات الدولية نبيل نجم الدين، الذي قال في تصريحات لـ«السياق»، إن زيارة السوداني إلى طهران تكتسب أهمية كبيرة، كونها تعد المحطة الثالثة لرئيس الوزراء العراقي، بعد زيارته إلى الأردن والكويت، متوقعًا أن تسفر اجتماعات اللجان العراقية الإيرانية المشتركة عن أولويات أمنية.
وانتقد الباحث في العلاقات الدولية، عدم تناول المسؤولين الإيرانيين، خلال اللقاء مع السوداني، ضرورة تحسين العلاقات الإيرانية مع دول الجوار، كأولوية، تسهم في استقرار المنطقة، مطالبًا طهران بضرورة حل الملفات العالقة في سياستها الخارجية، بداية من الانتهاكات المتكررة للسيادة العراقية، والتدخلات في الدول العربية مثل سوريا واليمن ولبنان، عبر طرح إيجابي للتعامل مع الملفات العالقة في دول الجوار.
وبحسب نجم الدين، فإن مصادر رسمية أكدت أن طهران مستعدة لتطوير العلاقات الإيرانية العراقية، مشيرًا إلى أن الزيارة نقطة تحول في هذه العلاقات، خاصة أن طهران أكدت استعدادها لتعزيز العلاقات مع بغداد في شتي المجالات.
إلا أنه يرى التصريحات المتبادلة غير كافية ويجب ترجمتها إلى واقع، خاصة أن مستشار الأمن العراقي أكد عدم قبول أي خرق أو انتهاك للسيادة العراقية، من قبل إيران أو تركيا.
ملف خطير
بدوره، قال المحلل السياسي العراقي علي الكاتب، في تصريحاته لـ«السياق»، إن تلك الزيارة التي تعد الأولى من نوعها منذ تسلم السوداني منصبه، تأتي لتثبيت نية العراق أمام طهران في العديد من المواقف والقضايا الإقليمية والدولية، يتقدمها الملف الداخلي ومحاولات فك الاشتباك، إزاء العديد من القضايا الشائكة، بينها المليشيات المسلحة المدعومة إيرانيًا.
وأوضح أن السوداني يحاول تحقيق الأهداف والمناهج التي وضعها في برنامجه الحكومي، عبر مسارات وممرات مختلفة، مشيرًا إلى أنه يضع قدميه في ملف خطير وحساس، إلا أنه يدرك تأثير إيران جيوسياسيًا في العراق.
وأكد المحلل العراقي، أن السوداني لا يريد أن يقع في اختبار حرج، قد يعطي انطباعًا للداخل الشعبي والأوساط العامة، أن الحكومة تحاول اتباع سياسة غض الطرف عما تحدثه طهران في العراق، مشيرًا إلى أن الرسائل الأساسية من تلك الزيارة تتمثل في شرح توجهات حكومته إزاء التعامل الوطني مع القضايا السياسية والسياسية والمواقف الدولية في العديد من الملفات الدولية، التي قد تتقاطع مع مصالح إيران.