الغارديان: أوروبا تعاقب بريطانيا بعد البريكست بطريقة مبتكرة

تُعَدُّ المملكة المتحدة، أكبر منتج لبرامج الأفلام والتلفزيون في أوروبا، وقد تعزَّزت بـ 1.4 مليار جنيه إسترليني من بيع الحقوق الدولية، ولكن تم وصف هيمنتها بأنها تهديد لـ التنوع الثقافي في أوروبا، في وثيقة داخلية للاتحاد الأوروبي.

الغارديان: أوروبا تعاقب بريطانيا بعد البريكست بطريقة مبتكرة

ترجمات - السياق

كشفت صحيفة الغارديان البريطانية، عن استعداد الاتحاد الأوروبي لمعاقبة بريطانيا، بعد خروجها من الاتحاد بطريقة مبتكرة، وذلك عبر خفض كمية البرامج التلفزيونية والأفلام البريطانية، التي يتم عرضها بدول الاتحاد.

وقالت الصحيفة في تقرير: إن الاتحاد الأوروبي يستعد للعمل ضد الكمية "غير المتناسبة" من المحتوى التلفزيوني والأفلام البريطانية المعروضة في أوروبا، في أعقاب خروج لندن من الاتحاد الأوروبي، في ضربة لصناعة الترفيه في المملكة المتحدة و "القوة الناعمة" للبلاد في الخارج.

وتُعَدُّ المملكة المتحدة، أكبر منتج لبرامج الأفلام والتلفزيون في أوروبا، وقد تعزَّزت بـ 1.4 مليار جنيه إسترليني من بيع الحقوق الدولية، ولكن تم وصف هيمنتها بأنها تهديد لـ "التنوع الثقافي" في أوروبا، في وثيقة داخلية للاتحاد الأوروبي، اطلعت عليها صحيفة الغارديان.

ومن المحتمل أن تنضم القضية، إلى قائمة التوتر الشديد في العلاقة، بين الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، منذ أن غادرت السوق الموحدة والاتحاد الجمركي، بما في ذلك النزاعات على بيع السجق البريطاني إلى أيرلندا الشمالية، وإصدار تراخيص الصيد في المياه الإقليمية.

 

أعمال أوروبية

وأوضحت "الغارديان" أن بروكسل –مقر الاتحاد الأوروبي- تهدف هذه المرة إلى وقف استمرار تعريف البرامج والأفلام البريطانية بأنها "أعمال أوروبية".

فبموجب توجيه خدمات الوسائط السمعية والبصرية للاتحاد الأوروبي، يجب منح أغلبية وقت البث، لمثل هذا المحتوى الأوروبي على التلفزيون الأرضي، ويجب أن يمثِّل 30% على الأقل من العناوين على منصات الفيديو حسب الطلب مثل Netflix و Amazon.

ووفقًا لوثيقة الاتحاد الأوروبي، التي تم تقديمها إلى الدبلوماسيين، في "أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي"، يُعتقد أن إدراج محتوى المملكة المتحدة، في مثل هذه الحصص "غير متناسب"، ومن ثم سيتم تقليل عرض البرامج البريطانية في التلفزيون الأوروبي.

الوثيقة الأوروبية، اعتبرت أن منح بعض الامتيازات، لعرض الأفلام البريطانية، قد يؤثِّر في الترويج للأعمال الأوروبية والتنوع الثقافي الأوروبي.

ومن ثم فقد تم تكليف المفوضية الأوروبية، بإعداد دراسة عن المخاطر التي يتعرَّض لها "التنوع الثقافي" في الاتحاد الأوروبي من البرامج البريطانية، التي قالت مصادر دبلوماسية، إنها ستكون خطوة أولى نحو اتخاذ إجراءات، للحد من الامتيازات الممنوحة للمحتوى البريطاني.

وبالفِعل ذهبت دول مثل فرنسا إلى أبعد من ذلك، إذ حدَّدت 60% للأعمال الأوروبية على الفيديو حسب الطلب، وطالبت بإنفاق 15% من مبيعات المنصات، في إنتاج الأعمال السمعية والبصرية والسينمائية الأوروبية.

 

خسارة للدراما البريطانية

"الغارديان" أوضحت أن أي خطوة لتعريف المحتوى البريطاني بأنه غير أوروبي، سيؤدي إلى خسارة حصتها في السوق، ما من شأنه أن يلحق الضرر بشكل خاص بالدراما البريطانية، إذ كان البيع المسبق للحقوق الدولية لعروض مثل Downton Abbey و The Crown الحل الأمثل في كثير من الأحيان، بالنسبة للعوائد المادية البريطانية.

ويقول آدم مينز، المدير التنفيذي لجمعية المذيعين التجاريين: "أصبح بيع حقوق الملكية الفِكرية الدولية للبرامج البريطانية، جزءًا مهمًا من تمويل الإنتاج في أنواع معينة، مثل الدراما... ففقدان الوصول إلى جزء كبير من أسواق الاتحاد الأوروبي، سيكون ضربة خطيرة لقطاع التلفزيون في المملكة المتحدة".

كان بيع الحقوق الدولية للقنوات الأوروبية ومنصات الفيديو حسب الطلب، قد حقَّق في المملكة المتحدة مبيعات بـ 490 مليون جنيه إسترليني عامي 2019 و2020، ما جعلها ثاني أكبر سوق للمملكة المتحدة، بعد الولايات المتحدة.

ووفقًا لورقة الاتحاد الأوروبي التي تم تسريبها، بعنوان "الوجود غير المتناسب لمحتوى المملكة المتحدة في حصة الفيديو حسب الطلب الأوروبية والتأثيرات في تداول الأعمال الأوروبية المتنوعة والترويج لها"، يُعتقد أنه من الضروري للكتلة الأوروبية، إعادة تقييم "وجود محتوى المملكة المتحدة، في أعقاب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي".

تتعلَّق المخاوف الأوروبية، بكيفية تأثير خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، في قطاع الإنتاج السمعي البصري داخل دول الاتحاد، ووفقًا للمرصد السمعي البصري الأوروبي، توفِّر المملكة المتحدة، نِصف المحتوى التلفزيوني الأوروبي للفيديو حسب الطلب في أوروبا، وتُـعَـدُّ أعمال المملكة المتحدة الأكثر ترويجًا، ومن ثم فإن وقفها يعني خسارة فادحة لبريطانيا.

ويضيف مينز: "رغم أن المملكة المتحدة الآن خارج الاتحاد الأوروبي، فإن محتواها السمعي البصري، لا يزال مؤهلاً كـ" أعمال أوروبية "وفقًا للتعريف الوارد في توجيه AVMS، إذ يستمر التعريف في الإشارة إلى الاتفاقية الأوروبية بشأن تلفزيون Transfrontier Television  لمجلس أوروبا، الذي تظل المملكة المتحدة طرفًا فيه ".

 

مخاطر جمة

طالما كان يُخشى في الصناعة، أن يسعى الاتحاد الأوروبي إلى تقويض هيمنة المملكة المتحدة، على السوق السمعي البصري، بمجرَّد خروج البلاد من الكتلة الأوروبية.

وقالت مصادر في لجنة الصناعة الأوروبية، إنهم يعتقدون أن الأمر يتعلق بـ "متى" توقف أوروبا الأعمال البريطانية، واعتبارها أعمالا غير أوروبية، إذ يبدو أن الحكومة البريطانية، ليس لديها نفوذ يذكر على بروكسل، بشأن هذه القضية.

من جانبه، قال متحدِّث باسم حكومة المملكة المتحدة: "تفخر المملكة المتحدة باستضافة صناعة السينما والتلفزيون ذات المستوى العالمي، التي تسلي المشاهدين على مستوى العالم، والتي دعمتها الحكومة طوال فترة انتشار وباء كورونا، من خلال مخطط إعادة تشغيل الأفلام والتلفزيون".

وتابع: "سيستمر تطبيق الأعمال الفنية، التي منشؤها المملكة المتحدة داخل السوق الأوروبي، إذ أن المملكة المتحدة طرف في اتفاقية مجلس أوروبا، بشأن التلفزيون عبر الحدود."