مَنْ هو الجنرال الذي يقود المعارك في إقليم تيغراي؟

الجنرال الإثيوبي، أصبح أحد أكثر قادة العمليات، الذين حظوا بالاحترام، أواخر الثمانينيات، بفضل مهاراته التحليلية والتنظيمية، وقدرته على كسب ثقة المقاتلين.

مَنْ هو الجنرال الذي يقود المعارك في إقليم تيغراي؟

السياق

 حقق تقدما عسكريًا، تمكَّـن خلاله من تدمير فرق من الجيش الإثيوبي، ما حوَّل دفة القتال في إقليم تيغراي الإثيوبي، لصالح قوات التمرد التي يرأسها.

إنه الجنرال السابق في الجيش الإثيوبي تسادكان جبريتنساي، الذي تمكَّـن مقاتلو تيغراي تحت إمرته، من استعادة عاصمة الإقليم ميكيلي، التي كانت تحت سيطرة الحكومة المركزية منذ نوفمبرالماضي.

فمَنْ الجنرال الإثيوبي تسادكان جبريتنساي؟ ولماذا يقف في وجه الجيش؟ وكيف استطاع تحقيق تلك الانتصارات، التي وُصفت بـ«الحاسمة»؟

قلب التمرُّد

المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي، في كلية فليتشر للقانون والدبلوماسية، بجامعة تافتس في أمريكا، يقول إنه للمرة الثانية في حياته، يجد تسادكان جبريتنساي، الجنرال السابق في الجيش الإثيوبي، نفسه في قلب التمرُّد ضد الحكومة الإثيوبية، في إقليم تيغراي الجبلي.

وأوضح أليكس دي فال، في مقال نشرته «بي بي سي»، أن الجنرال البالغ من العمر 68 عاماً، تخلى عام 1976 عن شهادته في عِـلم الأحياء، التي حصل عليها في جامعة أديس أبابا، للانضمام إلى جبهة تحرير شعب تيغراي، التي كانت حينها مجموعة مكوَّنة من بضع مئات من مقاتلي حرب العصابات (الكوريلا) تنتشر في جبال نائية، تقاتل نظام منغستو هيلا مريام.

مهارات استثنائية

وأشار إلى أن الجنرال الإثيوبي، أصبح أحد أكثر قادة العمليات، الذين حظوا بالاحترام، أواخر الثمانينيات، بفضل مهاراته التحليلية والتنظيمية، وقدرته على كسب ثقة المقاتلين.

جهود الجنرال تسادكان، أثمرت تحول جبهة تحرير تيغراي، إلى جيش ضخم عام 1991، يزيد قوامه على 100 ألف مقاتل، يمتلكون آليات ومعدات عسكرية، أهَّـلته لقيادة هجوم في مايو 1991، إلى جانب القوات الإريترية التي كانت متحالفة مع جبهة تحرير تيغراي آنذاك، على العاصمة، وانتهى بسيطرة الجبهة على العاصمة أديس أبابا، وإطاحة نظام منغستو.

بناء الجيش الإثيوبي

وقال الخبير السياسي، إن المتمرِّدين تحت قيادة الجنرال الإثيوبي، أعادوا النظام إلى العاصمة، وتمكَّـنوا من دفع رواتب المتقاعدين والموظفين، بعد مرور ثلاثة أيام فقط من دخول أديس أبابا، مشيرًا إلى أنه قاد -عبر سبع سنوات- عملية إعادة بناء الجيش الإثيوبي، ومُنح رتبة جنرال ومنصب رئيس الأركان.

إلا أن الأمور لم تأتِ بما تشتهي السفن، فبعد بروز أصوات عارضت سيطرة جبهة تحرير تيغراي، على الجيش الإثيوبي، عاد الجنرال تسادكان إلى الدراسة في الجامعة، للحصول على ماجستير إدارة الأعمال، عن طريق المراسلة، في الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة.

وبعد أعوام، وتحديدًا عام 1996، أرسل الجنرال قواته، لمداهمة قاعدة لتنظيم القاعدة في الصومال، كما أرسل سِراً قوات إلى السودان، لدعم مناهضي حُكم الرئيس عمر البشير.

وفي يونيو2000، حطَّم هجوم إثيوبي، خطَّط له الجنرال تسادكان، الدفاعات الإريترية، إثر نزاع اندلع بين البلدين، قُـتل خلاله ما يقارب 80 ألف شخص، وتمكنت القوات الإثيوبية حينها من عبور الحدود.

انشقاقات عنيفة

وللمرة الثانية، لا تسير الأمور على النحو المأمول، بحسب المدير التنفيذي لمؤسسة السلام العالمي، الذي قال إن جبهة تحرير شعب تيغراي، شهدت بعد الحرب مع إريتريا انشقاقات عنيفة، أدت لإقالة الجنرال تسادكان من منصب رئيس الأركان.

إلا أنه، بعد عزله بشكل مفاجئ من منصبه، وإبعاده عن العمل العسكري، كلفته المملكة المتحدة بتقديم المشورة لحكومة جنوب السودان، لإصلاح الأجهزة الأمنية ومؤسسة الجيش، وهو مشروع فشل في إضفاء الطابع المهني على جيش جنوب السودان.

عام 2018، رحَّب الجنرال تسادكان، بتعيين آبي أحمد رئيساً للوزراء، معلناً أنه مستعد للعمل معه، في موقف عرَّضه للكثير من الانتقادات، ليتراجع بعد عام عن موقفه، قائلاً إن آبي أحمد ليس جاداً.

اندلاع الحرب

وعندما اندلعت الحرب في تيغراي في نوفمبر 2020، عاد أدراجه مرة أخرى، للانضمام إلى المقاومة المسلحة، واستطاع جمع الشباب، الذين صُدموا بالفظائع التي ارتُكبت بحق شعبهم، وقدامى المحاربين، وقادتهم إلى حمل السلاح.

الحكومة الإثيوبية علمت بالأمر، فأصدرت مذكرة توقيف بحق الجنرال تسادكان وغيره من قادة تيغراي، متهمة إياهم بالخيانة.

إلا أن الجنرال العسكري الذي تمت ترقيته إلى منصب القيادة المركزية، قاد هجومًا ضد القوات الإثيوبية في يناير، تمكَّـن خلاله من كسر الحصار الذي فرضته عليهم القوات الإثيوبية والإريترية، بهجوم مضاد.

وبعد أربعة أشهر من التدريب، أعلن الجنرال تسادكان والقادة الآخرون، أنهم حقَّـقوا التكافؤ مع خصومهم، ما أهَّـلهم في 17 يونيو المنصرم، لاستعادة سيطرتهم على بعض الأراضي، وتدمير ثماني فرق من الجيش الإثيوبي (أي نِصف قوته القتالية)، في حادث نفاه الجيش الإثيوبي، واصفاً إياه بـ«الكاذب».