لأول مرة منذ 21 عاماً... انهيار كهرباء العراق و3 قرارات حكومية عاجلة
اتخذ رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، الجمعة، 6 قرارات وصفت بالعاجلة، لضمان معالجة سريعة لأزمة الكهرباء.

لأول مرة منذ بداية تسعينات القرن الماضي، تشهد الشبكة الوطنية العراقية لتوزيع الكهرباء، انقطاعًا مفاجئًا في جميع المحافظات، باستثناء محافظات إقليم كردستان، بينما كشف بيان رسمي مقتضب، سببين لفصل الخدمة عن عموم البلاد.
وخيَّم الظلام على العاصمة بغداد وجميع المحافظات العراقية، منذ ليل الخميس، حتى اليوم الجمعة، باستثناء بعض المناطق التي تعمل فيها المولدات الأهلية، غير التابعة للشبكة الوطنية.
من جانبه، قال معاون مدير كهرباء النجف (جنوب غربي بغداد) المهندس علي جنجول، لوكالة الأنباء العراقية، إن الكهرباء انقطعت في عموم البلاد، مشيرًا إلى أن هناك أسباباً عدة لهذا الانقطاع، منها قلة تجهيز الغاز، والاستهدافات المتكرِّرة لخطوط نقل الطاقة.
احتجاجات
انقطاع الكهرباء، في الوقت الذي يسجل فيه العراق حرارة قياسية بلغت 50 درجة، أدى إلى خروج تظاهرات، في محافظات عراقية عدة، احتجاجًا على انقطاع الخدمة المتكرِّر، في البلد الغني بالنفط.
وبحسب وسائل إعلام محلية، فإن احتجاجات اندلعت في محافظة ذي قار، طالب فيها المحتجون بتحسين قطاع الكهرباء، تطوَّرت إلى عصيان مدني في الشوارع.
كما خرجت تظاهرات في محافظة النجف جنوبي العراق، بسبب تردي أوضاع الكهرباء، بينما تكرَّر الأمر نفسه في محافظة ميسان، ورفع المتظاهرون شعارات تندِّد بانقطاع الكهرباء.
عودة تدريجية
ومع أن وكالة الأنباء العراقية، قالت إن بعض المحافظات بدأت تشهد عودة تدريجية للكهرباء، إلا أن بيانًا حكوميًا أكد أن أي محطة حدث فيها إطفاء تام، تحتاج إلى 48 ساعة حتى تعود للعمل بشكل طبيعي.
3 قرارات حكومية
اتخذ رئيس الحكومة العراقية مصطفى الكاظمي، الجمعة، 6 قرارات وصفت بـ"العاجلة"، لضمان معالجة سريعة لأزمة الكهرباء.
وأمر الكاظمي، بتشكيل خلية أزمة، لمواجهة النقص في ساعات تجهيز الكهرباء، في بغداد والمحافظات، برئاسته وعضوية وزارات الكهرباء والنفط والمالية والداخلية.
وتتولى اللجنة 6 مهام هي: اتخاذ الإجراءات الفورية اللازمة لزيادة ساعات توفير الكهرباء في بغداد والمحافظات، بما يلبي حاجة المجتمع والاقتصاد العراقي، والتوفير الطارئ لجميع أشكال الدعم المالي والفني واللوجستي والأمني لوزارة الكهرباء، وإشراك الحكومات المحلية في مجالي الإنتاج والتوزيع، وإزالة التجاوزات على منظومة الكهرباء، ومصادرة الأدوات والمعدات المستخدمة.
كما تتولى اللجنة مهمة تحميل المتجاوزين، أجور قطع التيار الكهربائي والتكلفة الناجمة عن ذلك، وتحريك الشكاوى الجزائية بحقهم، وتسريع الإجراءات العملية لدعم وتشجيع استخدام الطاقات المتجدِّدة في مختلف المجالات، وتوطين صناعتها، وكذلك تنظيم دخول القطاع الخاص للاستثمار في مجال الطاقة، بالشكل الذي يرفع مستوى تزويد الطاقة، مع ضمان الكفاءة والجدوى الاقتصادية.
وبحسب قرار الكاظمي، فإن اللجنة في حالة انعقاد دائم خلال يوليو وأغسطس، على أن تتخذ قراراتها بالأغلبية.
أعمال تخريبية
انقطاع الكهرباء في العراق بشكل مستمر، يعود إلى أسباب عدة، أولها الأعمال التخريبية، وهو ما أكدته وزارة الكهرباء، التي أعلنت انفصال خط ديالى، شرق بغداد بسبب عمليات تخريبية، قرب منطقة خان بني سعد.
كما أعلنت وزارة الكهرباء، استهداف محطة صلاح الدين الحرارية في سامراء بصواريخ كاتيوشا، ما تسبَّب في أضرار جسيمة بأجزاء توليد الكهرباء.
عبث إيرني
وأوقفت إيران إمداداتها الحيوية من الطاقة إلى العراق، بالتزامن مع موجة الصيف القاسية، بعد أن اشتكت من أن الأموال تتدفق ببطء شديد، لاسيما أن العراق مدين بـ 4 مليارات دولار لطهران، ما أثقل كاهل البلد الآسيوي، وزاد المخاوف من تفاقم احتجاجات، وسط حالة من عدم الاستقرار.
تعود مشكلة الكهرباء إلى أمور عدة، بينها الاعتماد على الغاز المستورد من الجانب الإيراني، وإهمال المصافي، واستهداف أبراج الطاقة، وعدم استثمار المصادر الداخلية والاعتماد عليها.
وتنتج وزارة الكهرباء العراقية، ما يقارب 4500 إلى 5000 ميغاواط، بالاعتماد على الغاز الإيراني، إضافة إلى استيراد نحو 1100 إلى 1200 ميغاواط من إيران.
البرلمان يتدخل
طالب النائب الأول لرئيس مجلس النواب العراقي حسن الكعبي، باستجواب أربعة وزراء لبحث مشكلة الكهرباء.
وقال مجلس النواب، في بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية، إن «الكعبي طالب خلال انعقاد جلسة مجلس النواب، باستضافة وزراء الكهرباء والنفط والمالية والتخطيط، لبحث مشكلة الكهرباء في العراق»، داعيًا هيئة النزاهة للكشف عن نتائج 54 ملفاً بشأن تعاقدات وزارة الكهرباء.
البرلماني العراقي رعد الدهلكي، قال في تصريحات صحفية، إن ملف الكهرباء في بلاده، مرهون بيد جهات دولية لا تريد حل هذه الأزمة.
وأضاف، أن قطاع الكهرباء في العراق، صُرفت عليه ملايين الدولارات، إلا أن تلك الأموال، ذهبت إلى جيوب الفاسدين والمتعاونين مع دول إقليمية، لا تريد حل هذه الأزمة.
وأشار إلى أن إيران قطعت خطي ديالى ـ ميرساد 400 كي في وخط خانقين ـ سربيل زهاب 150 كي في، لأسباب مجهولة، مطالباً الحكومة العراقية بتشكيل لجنة لمعرفة الأسباب.
خطوات رسمية
وفي محاولة من وزارة الكهرباء، لتقليل أسباب انقطاع الخدمة، أعلنت إجراءات جديدة لحماية أبراج نقل الطاقة، كاشفة عن تعاون تجريه حاليًا مع شركة سيمنز الألمانية، لتغطية العجز الذي تعانيه البلاد.
وقال المتحدِّث باسم الوزارة، أحمد موسى، في تصريحات نشرتها وكالة الأنباء العراقية، إن الوزارة خاطبت وزارتي الدفاع والداخلية، بضرورة توفير الحماية اللازمة للأبراج الناقلة للطاقة، وربط الكاميرات الحرارية على مسارات الخطوط الناقلة للطاقة.
وأكد المسؤول العراقي، أن «الوزارة اجتمعت مع وجهاء العشائر والمختارين في المناطق التي فيها أبراج، إضافة إلى الدوائر التابعة للمحافظات والأقضية والنواحي، لحثهم على حماية الخطوط والبنى التحتية والاستراتيجية التابعة للكهرباء».
بدائل جديدة
من زاوية أخرى، قال متحدث وزارة الكهرباء العراقية، إن بلاده تعمل بالتعاون مع شركة سيمنز، على استكمال المرحلة الأولى من خُطة تتضمَّن تنفيذ منظومات التبريد الخاصة بمحطات الإنتاج، فضلاً عن تعديل خُطة العمل في المرحلة الثانية، والاعتماد على الطاقة الشمسية، وكذلك على الطاقة النظيفة والمتجدِّدة.