خليفة ميركل يحذِّر من حرب باردة مع الصين: لدينا الآن عالم متعدِّد الأقطاب
مع بقاء ثلاثة أشهر على الانتخابات، التي ستتنحى فيها ميركل عن منصب المستشارة، تشير استطلاعات الرأي، إلى أن حزب لاشيت على وشك الفوز، رغم أنه يواجه تحديًا قويًا من تحالف المعارضة الخضر، وبذلك فإن الأقرب لخلافتها في المنصب هو لاشيت.

ترجمات -السياق
حذَّر أرمين لاشيت، رئيس حزب الاتحاد المسيحي الديمقراطي الألماني، والمرشَّح لخلافة المستشارة الحالية آنجيلا ميركل، من مخاطر حرب باردة جديدة ضد الصين، واتفق مع ميركل، على أن بكين كانت شريكًا بقدر ما كانت منافسًا منهجيًا.
وفي حوار مطول مع صحيفة الفاينانشيال تايمز، علَّق لاشيت على نتائج أول زيارة رسمية للرئيس الأمريكي جو بايدن إلى أوروبا، التي هيمنت عليها التحذيرات، بشأن التحدي الذي تشكِّله الصين على الغرب، إذ أوضح بايدن خلال الزيارة، أنه يريد العمل مع الحلفاء، لمحاربة طموحات الصين.
وأشار لاشيت، إلى أن الكثيرين في أوروبا، يشككون في موقف بايدن المتشدِّد تجاه الصين، مضيفا: "السؤال هنا هو: هل سيؤدي هذا الأمر إلى صراع جديد، إذا تحدَّثنا عن ضبط النفس مع الصين؟ أم أننا بحاجة لخصم جديد؟ وأجاب عن الأسئلة التي طرحها بنفسه قائلاً: أوروبا بالفِعل تتعامل بحذر مع الصين، فهي منافس منهجي، ولديها نموذج مختلف لشكل مجتمعها الداخلي، لكنها أيضًا شريك أساسي في العديد من المشروعات، مثل مكافحة تغيُّـر المناخ.
الحرب الباردة
"لاشيت"، قال أيضًا عن الحرب الباردة مع روسيا: يجب عدم العودة إليها، وعلى الغرب أن يحاول إقامة علاقة ذات مغزى مع موسكو، كما أثنى على قرار بايدن، بمقابلة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الأسبوع الماضي في جنيف، مضيفاً: "تجاهل روسيا لم يخدمنا، ولم يخدم مصالح الولايات المتحدة".
مع بقاء ثلاثة أشهر على الانتخابات، التي ستتنحى فيها ميركل عن منصب المستشارة، تشير استطلاعات الرأي، إلى أن حزب لاشيت على وشك الفوز، رغم أنه يواجه تحديًا قويًا من تحالف المعارضة "الخضر"، وبذلك فإن الأقرب لخلافتها في المنصب هو لاشيت.
وخلال المقابلة مع "الفاينانشيال تايمز"، شدَّد لاشيت على أهمية استمرار السياسة التي تتبعها ميركل، على المستويين الداخلي والخارجي، قائلاً: "هناك العديد من القضايا الأساسية، التي نتفق عليها".
ويبدو أن منطقة الاتفاق بين لاشيت وميركل هي الصين، فغالبًا ما تُتهم ميركل بتخفيف انتقادها لانتهاكات حقوق الإنسان في الصين، خوفًا من الإضرار بمصالح الشركات الألمانية النشطة فيها.
قضايا حرجة
وقال لاشيت، إن ألمانيا يجب ألا تخجل من "القضايا الحرجة"، في إشارة إلى استمرار العلاقات بشكل جيد مع الصين، رغم الاتهامات الأوروبية في ملف حقوق الإنسان، وأضاف متعجبًا: "لكنني لست متأكدًا من أن حديثي بصوت عالٍ وبقوة في العلن، عن حالة حقوق الإنسان في بلد ما، ستؤدي حقًا إلى تحسينات على أرض الواقع! ففي كثير من الأحيان يفضَّل بحث مثل هذه الأمور الحرجة، في المحادثات الخاصة مع قادة هذه الدول، بدلاً من مناقشتها في المؤتمرات الصحفية".
"الفاينانشيال تايمز"، حذَّرت لاشيت، من أن ما سمته هذا النهج الناعم، قد يتسبَّب في صدام محتمل مع حزب الخضر، كونه الأكثر حرصًا على تحدي الصين علنًا، بشأن سجلها في مجال حقوق الإنسان، فضلاً عن التوترات مع حكومة بايدن.
كان موقف بايدن الصعب من الصين، قد سيطر على رحلته الأوروبية، بينما انتقدت قمة مجموعة السبع بكين، بشأن حقوق الإنسان والتجارة وانعدام الشفافية، في ما يتعلَّق بأصول جائحة كورونا ومركز ظهورها.
حرب باردة جديدة
وبسؤاله عمّا إذا كان يعتقد أن بايدن، يحاول جذب أوروبا إلى حرب باردة جديدة، عارض لاشيت هذه الفكرة، قائلاً: إن بايدن كان محقًا في رؤيته تجاه الصين باعتبارها "من أكبر التحديات بالنسبة للغرب"، على سبيل المثال في ما يتعلَّق بالتكنولوجيات الجديدة، ومحاولته دفع بكين نحو الديمقراطية.
لكنه أكد أن الغرب يجب أن يقاوم الانخراط في عقلية الحرب الباردة، عندما يتعلَّق الأمر باللعبة الجيوسياسية مع الصين، مضيفًا: "القرن الحادي والعشرون مختلف عمّا كان عليه العالم قبل عام 1989… لدينا الآن عالم متعدِّد الأقطاب، مع جهات فاعِلة".
ومع ذلك، أكد لاشيت أنه لن يكون على اتصال ناعم مع الصين، قائلا: "سأحاول تعزيز شراكتنا حيثما أمكن، وفي الوقت نفسه، سأوضح ما نتوقَّعه من الصين، بأن تقبل المعاملة بالمثل، وتقبّل التعددية واحترام حقوق الإنسان".
وفي ما يتعلَّق بروسيا، قال لاشيت إنه يؤكد أن ضم شبه جزيرة القرم، يُعَدُّ انتهاكًا غير مقبول للقانون الدولي، لكنه قال أيضًا إن روسيا، العضو في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا ينبغي تجاهلها ولا التقليل من شأنها.
ودافع لاشيت عن خط أنابيب نورد ستريم 2، وهو مشروع غازبروم الذي يجلب الغاز الطبيعي مباشرة من روسيا، عبر بحر البلطيق إلى ألمانيا، قائلاً إن ألمانيا تحتاج إلى المزيد من الغاز، لأنها تتخلَّص تدريجياً من الطاقة النووية وطاقة الفحم.
لكنه كان لديه أيضًا تحذير لموسكو، قائلاً: "خط الأنابيب قد لا يصبح أداة جيوسياسية ضد أوكرانيا، إذ يجب حماية مصالح أوكرانيا، وإذا لم يلتزم الروس بها، فإن أساس اتفاقية نقل الغاز الروسي، قد تصبح هي والعدم سواء".