اعتراف روسي نادر وتصعيد ميداني وجولة مفاوضات.. تطورات خامس أيام الحرب

لأول مرة منذ بداية الغزو الروسي على أوكرانيا، قبل 5 أيام، اعترفت موسكو بسقوط عدد من القتلى والجرحى بصفوف قواتها في أوكرانيا، إلا أنها لم تقدِّم أرقامًا دقيقة، بينما خفضت القوات الروسية وتيرة هجومها على العاصمة كييف

اعتراف روسي نادر وتصعيد ميداني وجولة مفاوضات.. تطورات خامس أيام الحرب
فلوديمير زيلينسكي

السياق

اعتراف روسي نادر بالخسائر وليلة هادئة على العاصمة الأوكرانية كييف، وسط اشتراط أوكراني لوقف فوري وسحب القوات الروسية، تطورات جديدة قد تغير المشهد في البلد الأوراسي، خلال الساعات المقبلة.

فلأول مرة منذ بداية الغزو الروسي على أوكرانيا، قبل 5 أيام، اعترفت موسكو بسقوط عدد من القتلى والجرحى بصفوف قواتها في أوكرانيا، إلا أنها لم تقدِّم أرقامًا دقيقة، بينما خفضت القوات الروسية وتيرة هجومها على العاصمة كييف.

ورغم التهدئة الروسية المؤقتة، التي صحبتها محاولات للسيطرة على بعض المدن، فإن العقوبات الغربية ما زالت تتدفق على موسكو، ما دفعها إلى رفع أسعار الفائدة لأكثر من الضعف، وإيقاف التداول في البورصة لساعات.

وفي الجهة المقابلة، ما زالت المساعدات الدولية تتناثر على أوكرانيا، متخذة أشكالًا عدة؛ بين فتح الحدود لمواطنيها للعبور الآمن، وإرسال المزيد من الأسلحة، إضافة إلى التنديد والتشديد على ضرورة عدم ترك كييف وحيدة، في مواجهة الغزو الروسي.

 

رسالة نادرة

إلا أن الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي وجه رسالة «نادرة» إلى الجنود الروس قائلًا: «أنقذوا أرواحكم وارحلوا»، كاشفًا عن مقتل 4500 جندي روسي في المعارك، منذ الخميس الماضي حتى يومها الخامس.

وقال الرئيس الأوكراني في خطاب، إن 16 طفلًا أوكرانًيا لقوا مصرعهم، وأصيب 45 بجروح، في الأيام الأربعة الماضية، مشيرًا إلى أن بلاده ستطلق سراح السجناء ممن لديهم خبرة عسكرية، إذا رغبوا في الانضمام إلى القتال ضد روسيا.

وفي سياق متصل، قال الجيش الأوكراني في بيان، إن هجوم روسيا يتباطأ لكنها ما زالت تتقدم في أوكرانيا، متهمًا موسكو بضرب أهداف مدنية.

 

ضربات صاروخية

وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الأوكرانية: «خلال عملية الهجوم الجوي، واصل العدو الاشتباك مع المطارات العسكرية والمدنية ونقاط القيادة العسكرية وأنظمة الدفاع الجوي والبنية التحتية الحيوية المهمة والمراكز المأهولة بالسكان والوحدات في مجال الدفاع».

وأشار إلى أن القوات الروسية انتهكت قواعد القانون الإنساني الدولي، وشنت -بشكل ماكر- ضربات صاروخية على المباني السكنية في جيتومير وتشرنيهيف، مؤكدًا أن القوات الأوكرانية تصد الهجمات الروسية، ما «أجبر العدو على التخلي عن الهجوم».

وبينما قال الجيش الأوكراني، إن نيران مدفعية -أطلقها أحد الألوية الأوكرانية- دمرت أكثر من خمس قوافل روسية، أكدت أن «العدو محبط ويتكبد خسائر فادحة، ولوحظت حالات متكررة من الفرار والعصيان».

وخفضت القوات الروسية وتيرة هجومها على أوكرانيا، وفقًا لمجلس الوزراء الأوكراني، الذي قال «المحتلون الروس خفضوا وتيرة الهجوم، لكنهم ما زالوا يحاولون تطوير النجاح في بعض المناطق بالهجوم على أوكرانيا».

وقال مجلس مدينة كييف، إن العاصمة الأوكرانية سادتها ليلة هادئة، لكن السلطات حذرت السكان من ضرورة البقاء في منازلهم مع استمرار القتال.

 

ليلة هادئة... ومناوشات

وأوضح المجلس في بيانه: «بشكل عام، كانت الليلة الماضية هادئة، باستثناء بعض المناوشات والمعارك مع مجموعات التخريب والاستطلاع»، مشيرًا إلى أن المدينة كانت مشغولة في الغالب بالتحضير للدفاع عنها، بإعداد التحصينات وفخاخ الدبابات والمنشآت الدفاعية الأخرى، التي ظهرت في شوارع كييف.

وقال البيان: «من فضلك لا تغادر منزلك إلا إذا كانت لديك حاجة ماسة؛ مثل شراء البقالة أو الأدوية»، مضيفًا: «معارك الشوارع مستمرة في المدينة».

من جانبها، قالت وزارة الدفاع البريطانية في تغريدة، إن الجزء الأكبر من القوات البرية الروسية لا يزال على بعد أكثر من 30 كيلومترًا (نحو 19 ميلًا) شمالي كييف، مشيرة إلى أن تقدم روسيا "أبطأ من دفاع القوات الأوكرانية عن مطار هوستوميل، وهو هدف روسي رئيس لليوم الأول من الصراع».

وأكدت وزارة الدفاع، أن القتال العنيف مستمر حول تشيرنيهيف وخاركيف، إلا أن المدينتين لا تزالان تحت السيطرة الأوكرانية، مشيرة إلى استمرار المقاومة الأوكرانية القوية في إحباط التقدم الروسي.

يأتي ذلك، بينما اضطرت القوات المسلحة الروسية -لأول مرة- إلى الاعتراف بسقوط عدد من القتلى والجرحى بصفوف قواتها في أوكرانيا، لكنها لم تقدِّم أرقامًا دقيقة، زاعمة أن الخسائر كانت أقل بكثير من تلك التي شهدتها القوات الأوكرانية.

إلا أن وزارة الدفاع الروسية أعلنت أنها سيطرت على المجال الجوي الأوكراني، مشيرة -في بيان مقتضب على لسان المتحدث باسمها، الميجور جنرال إيغور كوناشينكوف- إلى أن «الطائرات الروسية اكتسب تفوقًا جويًا على أراضي أوكرانيا».

 

عقوبات أقوى

الحكومة البريطانية، قالت في بيان، إن المملكة المتحدة ستفرض على الفور المزيد من العقوبات ضد روسيا، مشيرة إلى أنها ستحظر على الكيانات البريطانية، إجراء معاملات مالية تشمل البنك المركزي الروسي وصندوق الثروة الوطني الروسي ووزارة المالية.

وستمنع الإجراءات -التي تم سنها بالتنسيق مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي- البنك المركزي الروسي من نشر احتياطاته من العملات الأجنبية بطرق تقوِّض تأثير العقوبات المفروضة من المملكة المتحدة وحلفائها، وستقوِّض قدرته على إجراء معاملات الصرف الأجنبي لدعم الروبل الروسي.

جاءت الإجراءات العقابية، بعد العقوبات البريطانية السابقة ضد أعضاء البرلمان الروسي، الذين صوتوا لصالح الاعتراف باستقلال جمهوريتين انفصاليتين مواليتين لموسكو شرقي أوكرانيا، ومجموعة من الإجراءات ضد خمسة بنوك روسية وثلاثة أثرياء، أعلنها رئيس وزراء المملكة المتحدة.

وقال البيان البريطاني: «حزمة العقوبات، وهي أقوى الإجراءات الاقتصادية، التي سنتها المملكة المتحدة على الإطلاق ضد روسيا، ستؤدي إلى عواقب وخيمة على الرئيس فلاديمير بوتين وروسيا».

 

سنغافورة وكوريا

وقالت وزيرة خارجية سنغافورة فيفيان بالاكريشنان في البرلمان، إن سنغافورة ستفرض «عقوبات وقيودًا مناسبة» على روسيا.

ووصفت الغزو الروسي لأوكرانيا بأنه «غير مبرر وانتهاك واضح وجسيم للمعايير الدولية»، مضيفة أن سنغافورة تعتزم «العمل بالتنسيق» مع الدول الأخرى لاتخاذ موقف قوي، عبر فرض ضوابط تصدير على المواد التي يمكن استخدامها مباشرة كأسلحة في أوكرانيا لإلحاق الأذى أو إخضاع الأوكرانيين.

وأشارت إلى أن بلادها ستمنع بعض البنوك الروسية والمعاملات المالية المرتبطة بروسيا، مطالبة المواطنين بـ«الاستعداد للتعامل مع عواقب» الدفاع عن المصلحة الوطنية لسنغافورة.

وقالت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية، إن كوريا الجنوبية ستحظر تصدير المواد الاستراتيجية إلى روسيا وتنضم إلى الجهود الدولية لمنع بعض البنوك الروسية من نظام المدفوعات العالمي SWIFT.

ولم تكشف الوزارة المواد الاستراتيجية الرئيسة التي ستخضع لحظر التصدير، لكنها قالت إنها أبلغت الولايات المتحدة بقرارها عبر قناة دبلوماسية.

وأضافت الوزارة أن «القرار بشأن حظر صادرات المواد غير الاستراتيجية، بما في ذلك أشباه الموصلات والإلكترونيات، سيتخذ في أقرب وقت ممكن».

وأكدت الوزارة أن كوريا الجنوبية ستدفع من أجل الإفراج الإضافي عن احتياطات النفط الاستراتيجية، لتحقيق الاستقرار في سوق الطاقة الدولية، قبل مراجعة التدابير الأخرى، مثل إعادة بيع الغاز الطبيعي المسال إلى أوروبا.

وقالت الوزارة إن كوريا الجنوبية ستزيد دعمها الإنساني لأوكرانيا، من خلال التعاون مع المجتمع الدولي وإرسال معدات عسكرية غير مميتة.

 

خطوة روسية

تلك العقوبات، دفعت البنك المركزي الروسي إلى إعلان أن البنك المركزي الروسي سيرفع سعر الفائدة الرئيس من 9.5 بالمئة إلى 20% سنويًا.

وقال البنك في البيان: «الظروف الخارجية للاقتصاد الروسي تغيرت بشكل جذري»، مشيرًا إلى أن زيادة سعر الفائدة الرئيس سيضمن ارتفاع أسعار الفائدة على الودائع إلى المستويات المطلوبة، للتعويض عن مخاطر الاستهلاك والتضخم المتزايدة، ولدعم الاستقرار المالي واستقرار الأسعار وحماية مدخرات المواطنين من الاستهلاك.

وقال البنك المركزي الروسي، إن التداول في بورصة موسكو سيؤجل إلى الساعة 10 صباحًا بالتوقيت المحلي (2 صباحًا بالتوقيت الشرقي) وسيقتصر على بعض الأسواق، مشيرًا إلى أن البنك فرض أيضًا حظرًا مؤقتًا على أوامر البيع من كيانات قانونية وأفراد أجانب.

وقال البيان: «بنك روسيا سيقيم جدوى فتح التداول في أسواق أخرى، اعتمادًا على تطور الوضع»، مضيفًا أن القرار بشأن ما إذا كان سيتم فتح المجال أمام الأسواق الأخرى سيتخذ الساعة الواحدة ظهرًا بالتوقيت المحلي (5 صباحًا بالتوقيت الشرقي)، مع بدء التداول في موعد لا يتجاوز الساعة 3 مساءً.

جاءت تصريحات البنك المركزي، في الوقت الذي انخفضت فيه العملة الروسية بنحو 30%، مع بدء الأسواق في تقييم تأثير العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة وحلفاؤها على روسيا.

 

مفاوضات السلام

وفي محاولة للتقليل من آثار العقوبات، أعلن مساعد الرئاسة الروسية فلاديمير ميدينسكي، الذي يقود وفد الكرملين، أن المحادثات مع أوكرانيا مقررة ظهرًا بتوقيت موسكو، مشيرًا إلى أن فريقه مستعد للمفاوضات، فور وصول الجانب الأوكراني.

ونقلت وكالة الأنباء الروسية الحكومية (ريا-نوفوستي) عن ميدينسكي قوله إن الخدمات اللوجستية للوفد الأوكراني كانت «صعبة للغاية» مع تأجيل موعد وصوله مرات عدة.

وبحسب وكالة «سي إن إن»، فإن الوفدين سيلتقيان بالقرب من نهر بريبيات على الحدود، بينما قال مكتب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، إن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو اتصل بزيلينسكي وعرض ضمانات السلامة، قائلاً إن لوكاشينكو «تحمل مسؤولية ضمان بقاء الطائرات والمروحيات والصواريخ المتمركزة على الأراضي البيلاروسية على الأرض أثناء سفر الوفد الأوكراني».

وطالبت أوكرانيا بوقف فوري لإطلاق النار وسحب القوات الروسية، مع وصول وفد البلاد لإجراء محادثات مع روسيا على الحدود الأوكرانية البيلاروسية، حسبما أفاد بيان الرئاسة الأوكرانية.

ويضم الوفد مسؤولين رفيعي المستوى، لكن ليس الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي نفسه.

 

رسالة لروسيا

إلا أن المفاوضات التي تعتزم روسيا المضي فيها قدمًا، جاءت بالتوازي مع رسالة للجيش الروسي، طالب فيها المدنيين بمغادرة كييف عاصمة أوكرانيا، متهمًا في الوقت ذاته السلطات الأوكرانية باستخدامهم كدروع بشرية.

وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف، في تصريح تلفزيوني: "كل المدنيين في المدينة يمكنهم مغادرة العاصمة الأوكرانية بحرية، عبر الطريق السريع كييف-فاسيلكيف، جنوبي غرب العاصمة الأوكرانية".