مقاومة أوكرانية وفزعة أوروبية... الحرب الأوكرانية تدخل يومها الرابع
المقاومة الشرسة من القوات الأوكرانية -مدعومة بالمواطنين ورجال الاحتياط- دفعت روسيا إلى تغيير استراتيجيتها، في اليوم الرابع من الحرب الأوكرانية، لتبدأ سلسلة من الاستهدافات نحو البنية التحتية المدنية الحيوية، وزيادة استخدام MLRS، والمدفعية في مناطق الضواحي، وسط مخاوف من نشر موسكو أسلحة في المناطق المدنية، لسحق المقاومة الأوكرانية

السياق
وسط باب غير موصد للمحادثات السياسية، عاشت أوكرانيا ليلة من الانفجارات الهائلة، حولت ظلمة الدجى إلى نهار، في محاولات يائسة من القوات الروسية للسيطرة على العاصمة كييف.
إلا أن المقاومة الشرسة من القوات الأوكرانية -مدعومة بالمواطنين ورجال الاحتياط- دفعت روسيا إلى تغيير استراتيجيتها، في اليوم الرابع من الحرب الأوكرانية، لتبدأ سلسلة من الاستهدافات نحو البنية التحتية المدنية الحيوية، وزيادة استخدام MLRS، والمدفعية في مناطق الضواحي، وسط مخاوف من نشر موسكو أسلحة في المناطق المدنية، لسحق المقاومة الأوكرانية.
وهو ما أكده مايكل كوفمان، مدير برنامج الأبحاث في برنامج الدراسات الروسية في CNA، وهي مؤسسة فكرية مقرها واشنطن، مشيرًا إلى أن أوكرانيا شهدت تحولًا في الاستهداف الروسي، نحو البنية التحتية المدنية، معبرًا عن قلقه من أن ذلك التحول سيصبح أكثر بشاعة، وسيؤثر في المدنيين.
واستيقظت العاصمة الأوكرانية، التي لم تهنأ بليل هادئ، على انفجارين كبيرين كانا حول فاسيلكيف -مدينة صغيرة بها مطار عسكري كبير وخزانات وقود- على بعد نحو 30 كيلومترًا، أو قرابة 18 ميلاً، جنوب كييف.
مشاهد أولية لحرب شوارع في مدينة #خاركيف شمال شرق #أوكرانيا بعد دخول مدرعات روسية.#السياق #روسيا #Russia #Ukraine #Kharkiv pic.twitter.com/b95VImZS2L
— السياق (@alsyaaq) February 27, 2022
فيلق دفاعي
وفي محاولة لردع القوات الروسية، أعلن مكتب الرئيس الأوكراني، تأسيس ما وصفه بـ«فيلق دفاعي» دولي للأجانب الراغبين في الانضمام لمقاومة المحتلين الروس، ولحماية الأمن العالمي.
وقالت وكالة الأنباء الأوكرانية، إن مرسومًا رئاسيًا صدر بموجب لوائح للخدمة العسكرية، بأنه يحق للأجانب الانضمام إلى القوات المسلحة الأوكرانية بشكل طوعي، وبموجب عقود، مشيرة إلى أنه للتسجيل في الفيلق، يمكن للراغبين الاتصال بالملحقين العسكرين في السفارات الأوكرانية بدولهم.
ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الناس في جميع أنحاء العالم، للانضمام إلى القتال ضد روسيا، متهمًا الجيش الروسي بقتل المدنيين.
وقال الرئيس الأوكراني، في خطاب إلى مواطنيه: «لقد أظهر الأوكرانيون الشجاعة للدفاع عن وطنهم وإنقاذ أوروبا وقيمها من هجوم روسي(..) هذا ليس مجرد غزو روسي لأوكرانيا، إنها بداية حرب ضد أوروبا، وضد الهياكل الأوروبية، وضد الديمقراطية، وضد الإنسان(..) وضد نظام عالمي للقانون والقواعد والتعايش السلمي».
من جانبه، قال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا: «الأجانب المستعدون للدفاع عن أوكرانيا والنظام العالمي كجزء من الفيلق الدولي للدفاع الإقليمي لأوكرانيا، أدعوكم للاتصال بالبعثات الدبلوماسية الأجنبية لأوكرانيا في بلدانكم (..) معًا هزمنا هتلر، وسنهزم بوتين أيضًا».
وبعث وزير الدفاع الأوكراني أوليكسي ريسنيكوف برسالة إلى جنوده، قائلًا إن الأزمة الحالية «غيرت بلدنا والعالم إلى الأبد»، مشيرًا إلى أن موسكو لم تنجح في السيطرة على العاصمة كييف كما كانت تخطط.
وتابع الوزير الأوكراني: «أرى جيشًا بطلًا، وحارًسا منتصرًا، وحرس حدود لا يعرف الخوف، وعمال إنقاذ متفانين، وضباط شرطة يستحقون الثقة، وملائكة في الخدمات الطبية لا يعرفون الكلل»، مشيرًا إلى أن أوكرانيا تتوقع من دول أخرى دعمًا، كان يبدو من المستحيلات قبل ثلاثة أيام.
فزعة أوروبية
وفي استجابة للنداءات الأوكرانية، قال مسؤول بولندي، إن بلاده ستوفر قطارًا خاصًا لنقل الجرحى، من أوكرانيا إلى مستشفيات مختلفة في وارسو، مشيرًا إلى أن «بولندا لا تنسى المساعدة لأوكرانيا(..) نحن نبدأ قطارًا للجرحى الذين عانوا نتيجة العمليات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا».
من جانبه، أعلن قصر الإليزيه، أن فرنسا سترسل إمدادات الوقود إلى أوكرانيا، إلى جانب معدات دفاعية لدعم مقاومة البلاد للغزو الروسي، بينما قال مصدر من الإليزيه، إن ذلك قد يشمل أسلحة مضادة للدبابات.
ووافق مجلس الدفاع الوطني الفرنسي أيضًا، على تجميد الأصول المالية للروس المستهدفين بالعقوبات، معلنًا إجراءات لمكافحة الدعاية من المؤثرين ووسائل الإعلام الروسية على الأراضي الأوروبية.
أستراليا كانت على الموعد؛ فرئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون أعلن أن سيدني ستعمل مع أعضاء "الناتو" لتزويد أوكرانيا بالأسلحة، مشيرًا إلى أنها ستشمل معدات عسكرية وإمدادات طبية غير مميتة.
إغاثة فورية
وقال موريسون، إن أستراليا عجلت بإجراءات التأشيرات للأوكرانيين الذين يسعون لدخول أستراليا، مشيرًا إلى أنها ستقدم المزيد من المساعدات الإنسانية في المستقبل القريب.
وتابع: «ينصب تركيزنا على ما يحدث في أوكرانيا في الوقت الحالي، وتقديم الإغاثة الفورية لأولئك الذين سيعبرون الحدود، حيث يتشرد مئات الآلاف من الأشخاص، وسيعمل المجتمع الدولي في هذه القضايا».
دفة الأحداث على الأرض تغيرت، بعد إعلان الميجر جنرال الأوكراني بوريس كريمينتسكي، أن كييف أسرت نحو 200 جندي روسي كانوا مجهزين تجهيزًا سيئًا، مشيرًا إلى أنه سُمح للجنود بالاتصال بآبائهم ومُنحوا الطعام والماء.
وبينما قال كريمينتسكي إنه يعمل مع البنتاغون، أكد أن أوكرانيا لا تزال بحاجة إلى مزيد من الدعم بالمساعدات العسكرية.
تشريد مئات الآلاف
جانب إنساني بدا جليًا في الأزمة الأوكرانية، التي شردت الآلاف وأجبرت آخرين على الفرار من منازلهم بسبب العنف الروسي، بحسب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي، الذي قال إن أكثر من 150 ألف شخص أجبروا على الفرار.
وأوضح المسؤول الأممي أن أكثر من 150 ألف لاجئ أوكراني عبروا إلى البلدان المجاورة، نِصفهم إلى بولندا، وكثيرون منهم إلى المجر ومولدوفا ورومانيا وخارجها، مشيرًا إلى أن النزوح يتزايد في أوكرانيا، لكن الوضع العسكري يجعل من الصعب تقدير الأعداد وتقديم المساعدة.
وطالب ميخايلو فيدوروف، نائب رئيس الوزراء الأوكراني، من إيلون ماسك الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس، توفير خدمة الإنترنت للبلاد وسط الهجمات الروسية، مشيرًا إلى أن موسكو تحاول احتلال أوكرانيا.
روسيا تنفي وترد
وتواجه روسيا أيضًا صعوبات غير متوقعة في إمداد قواتها، وتعاني خسائر فادحة في الأفراد والدروع والطائرات أكثر مما كان متوقعًا، وفقًا لما قاله اثنان من كبار المسؤولين الأمريكيين في تصريحات لشبكة «سي إن إن».
ووفقًا لتقييم صادر من وزارة الدفاع البريطانية، في وقت متأخر من السبت، فإن القوات الأوكرانية لا تزال لديها دوافع عالية وقادرة على إحداث تأثير.
إلا أن وزارة الدفاع الروسية نفت ما أثير عن تباطؤ قواتها، مشيرة إلى أن الجيش الروسي أعلن إحراز تقدم حول مدينتي خيرسون وبيرديانسك جنوبي أوكرانيا.
وقال الميجور جنرال إيغور كوناشينكوف، المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية، إن خيرسون وبيرديانسك تم تحييدهما من القوات الروسية.
وزعم البيان الروسي، أنه كان هناك رفض جماعي لأفراد الجيش الأوكراني لمواصلة الأعمال العدائية، مشيرًا إلى أن فوج الصواريخ المضاد للطائرات الأوكرانية استسلم في منطقة خاركيف شمالي شرق أوكرانيا وأسِر 471 جنديًا أوكرانيًا.
كما أعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن الجيش الروسي تمكن -منذ بداية عملياته في أوكرانيا- من تدمير 975 منشأة للبنية التحتية العسكرية الأوكرانية، بينما يواصل تقدمه على محاور عدة، مشيرة إلى تدمير 223 دبابة ومركبات قتالية مصفحة أخرى، و28 طائرة عسكرية على أرض مطاراتها، و39 قاذفة صواريخ، و86 قطعة من المدفعية والهاون، و143 وحدة من المركبات العسكرية الخاصة.
محادثات السلام
ورغم تلك الأحداث، فإن باب السلام لم يوصد، حيث قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، إن وفدًا روسيًا وصل إلى بيلاروسيا، وإنه جاهز لإجراء محادثات مع الجانب الأوكراني.
ونقلت وكالة تاس الروسية عن المتحدث قوله، إن الوفد الروسي يضم ممثلين لوزارتي الخارجية والدفاع، وإدارات أخرى، بينها الرئاسة، مضيفًا: سنكون جاهزين لبدء هذه المحادثات في مدينة جوميل جنوبي شرق بيلاروسيا.
إلى ذلك رفض الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عرضًا روسيًا بإجراء محادثات في روسيا البيضاء، قائلًا إن مينسك نفسها متواطئة في الغزو الروسي، لكنه ترك الباب مفتوحًا أمام إجراء مفاوضات في مناطق أخرى.