داعش يطل برأسه مجددًا في لبنان.. ما الأسباب وسر التوقيت؟
أكد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية في تصريحات للسياق أن عددًا من الشباب اللبناني، خاصة في الشمال ومن الفلسطينيين بالمخيمات، انضموا للتنظيم الإرهابي تحت الإغراء المادي، مشيرًا إلى أن داعش يعرض ما بين 3 و5 آلاف دولار شهريًا لمن ينضم إليه.

السياق
انهيار شبه كامل، يشل الحياة اللبانينة ويلقي بثقله على اللبناني، الذي يعاني الفقر والجوع شبه المزمن، وسط مؤشرات دولية تكشف تدهور الأوضاع في البلد العربي.
إلا أن تلك المؤشرات «المخيفة»، جعلت لبنان بلدًا مؤهلًا لظهور تنظيم داعش، الذي يقتات والمنظمات الإرهابية، على البيئات التي تعاني الفقر المدقع والجوع شبه المزمن.
حسب وزارة الداخلية اللبنانية، فإن الشرطة تمكنت من توقيف خلية إرهابية تنتمي إلى تنظيم داعش، تخطط لتنفيذ هجمات انتحارية بأحزمة ناسفة وقذائف صاروخية، مشيرة إلى أن الشبكة ينتمي أعضاؤها إلى الجنسية الفلسطينية.
دلالات ظهور تنظيم داعش مجددًا في لبنان، اختلف مراقبون وسياسيون لبنانيون في تأويلها؛ فبينما أرجعها فريق إلى الانهيار شبه الشامل الذي يعيشه لبنان، أكد آخرون أن ظهور التنظيم محاولة من مليشيات حزب الله، لإظهار أن الوضع الأمني سيئ، ما يوفر له ذريعة للسيطرة على المشهد.
انهيار
إلى ذلك، قال عاصم عبدالرحمن، الكاتب والباحث السياسي اللبناني في تصريحات لـ«السياق» إن الانهيار شبه الشامل الذي يعيشه لبنان، فتح شهية المنظمات الإرهابية، لتشكيل خلايا تنشط في هذه البيئات التي تعاني الفقر المدقع والجوع شبه المزمن.
وأوضح الباحث السياسي اللبناني، أن هناك «عمليات تغرير» بالشباب اللبناني، للانضمام إلى التنظيمات الإرهابية من أجل المال، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية المتردية، مشيرًا إلى أن عددًا من الشباب اللبنانيين، الذين قاتلوا في صفوف التنظيمات بالعراق، تبين أن بعضهم لم يكن يعلم إلى أين يذهب.
وأشار إلى أن نجاح الشرطة في الكشف عن الشبكات الإرهابية، في ظل معاناة قوات الأمن الداخلي من أزمة مالية -مؤسسات الدولة اللبنانية- أكد أن الأمن في لبنان بمعزل عن حالة الجمود السياسي التي تعيشها البلاد، ما يؤكد الحاجة إلى البحث عن وسائل دعم الأجهزة الأمنية، لتأمين بقاء الجنود على أهبة الاستعداد لحماية الأمن الداخلي.
إلا أنه قال إن هناك حالة من «الغليان» في الشارع اللبنان، جراء انعكاسات الوضع السياسي والاقتصادي على الجانب الأمني، مشيرًا إلى مما قد يدفع لظهور هذه التنظيمات، التي تُستخدم لتحقيق أهداف سياسية، والتأثير في عملية التصويت بالانتخابات.
تصريحات عبدالرحمن، وافقه فيها فتحي محمود عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، الذي قال إن تأزم الوضع الاقتصادي والسياسي، عامل حاسم في ظهور داعش مجددًا.
إغراء مادي
وأكد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية -في تصريحات لـ«السياق»- أن عددًا من الشباب اللبناني، خاصة في الشمال ومن الفلسطينيين بالمخيمات، انضموا للتنظيم الإرهابي تحت الإغراء المادي، مشيرًا إلى أن «داعش» يعرض ما بين 3 و5 آلاف دولار شهريًا لمن ينضم إليه.
وشدد عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، على أن الأزمة السياسية التي يعانيها لبنان، تلعب دورًا مهمًا، وتسهم في ظهور أنشطة داعش مرة أخرى.
وأكد أن سيطرة حزب الله على القرار اللبناني واحتكاره للسلاح، يؤديان إلى حالة احتقان كبيرة لدى الطوائف الأخرى، التي تشعر بـ«غبن بالغ» من هذا الوضع، بحسب وصفه، ما يؤدى إلى ظهور مجموعات «سُنية متطرفة» -يسعى داعش إلى اجتذابها- ترى أن العنف هو السبيل الوحيد لمواجهة سيطرة حزب الله على لبنان.
حرب بالوكالة
من جهة أخرى، قال فتحي محمود، إن كشف محاولات لتنفيذ داعش عمليات إرهابية في لبنان، خاصة في المناطق التي تمثل نفوذًا لحزب الله، نتاج لأزمة لبنان الداخلية وحالة الجمود السياسي، وتدخل حزب الله وأنصاره في سوريا والعراق، مشيرًا إلى أن الأحداث قد تصل إلى عمليات عنف بالوكالة في لبنان، نيابة عن قوى إقليمية.
لكن الأخطر، من وجهة نظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، المعلومات التي ترددت شمالي لبنان، عن علاقة حزب الله بتنظيم داعش، مشيرًا إلى أن هناك تقارير تكشف عن وجود شبكات في طرابلس، تعمل على رصد الشباب اللبناني ممّن يتعاطون المخدرات، أو من أسر مفكّكة أو يعانون فقرًا شديدًا، وإغراؤهم بالمال للانضمام إلى داعش.
ويقدر عدد هؤلاء الشباب بأكثر من 150، بحسب محمود الذي قال إن حزب الله التنظيم الوحيد القادر على إدخالهم سوريا، عبر الحدود اللبنانية، وتأمينهم في العمق السوري، وإيصالهم إلى العراق.
استخدام سياسي
من جانبه، ربط المهندس جاد دميان، منسق منطقة طرابلس عضو المجلس المركزي في حزب القوات اللبنانية، بين ظهور خلايا داعش ومحاولة إلغاء الانتخابات النيابية اللبنانية، مشيرًا إلى أن حزب الله يعمل على إظهار التطرف بالشارع السُّني، حينما يكون وضعه الداخلي مأزومًا.
ويرى دميان أن ظهور هذه الخلايا الإرهابية في الجنوب تحديدًا، أداة يستخدمها حزب الله لـ«تضليل» الرأي العام، وإيهامه بأن الوضع الأمني سيئ، ما يوفر ذريعة للمليشيات للتدخل.
ورغم ذلك، فإن عضو المجلس المركزي بحزب القوات اللبنانية، أكد أن الشارع اللبناني ليس بيئة حاضنة للتطرف، محذرًا من أن هناك من يستغل الوضع الاجتماعي السيئ لصالحه، في إشارة إلى حزب الله.